قصتي مع الوسواس القهري ..

قصتي مع الوسواس القهري ..

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..


أحببت أن أسرد قصتي مع الوسواس القهري الذي داهمني في سن المراهقة في أوج تفاؤلي و انطلاقي عبر بوابة الحياة علها أن تكون ملهمة لمن اكتووا بنار الاكتئاب و أنهكهم تسلط الأفكار .

بدأت الأفكار تقتحم ذهني بلا توقف أثناء وقوفي بين يدي الله في صلاة التراويح من ذلك العام الذي لم أكمل فيه السابعة عشر ربيعا بعد ..

كانت تقف بجانبي جدتي رحمها الله كدت أن أتشبث بتلابيبها هاربة من هلع تلك الافكار الجامحة و التي تسببت في ضخ شلال الدم في دهاليز خافقي لدرجة الإغماء و بدأ الجسد بالارتعاش و الجبين يتفصد العرق البارد و ألم المعدة يزداد لدرجة الغثيان المفضي الى الاستفراغ بالاضافة إلى تقطع الأحشاء من شدة الالم .

شبهت تلك الأحاسيس و الآلام بذلك الشعور الذي يصاحبنا قبل الدخول للجنة الامتحان و لكن بأضعاف مضاعفة .

أتوقع حتى الأم قبيل الولادة لم يصادفها ربع ذلك الشعور .

الغريب في الموضوع توقيت المرض ، الذي أبى إلا أن يداهمني في أكثر الشهور روحانية في شهر رمضان المبارك و أكثر الاوقات قربا من الخالق أثناء صلاة القيام

لي عودة بإذن الله للتكملة

أعتذر لضيق الوقت لإني مضطرة للخروج الان

الحمد لله كثيرا ,سَارَة معجبون بهذا

المصدر: نفساني

الشاعر يقول :

و إني لتعروني لذكراك رعدة .... كما انتفض العصفور بلله القطر

و في رواية أخرى

و إني لتعروني لذكراك هزة ..... لها بين جلدي و العظام دبيب

و أنا و الحمدلله على كل حال كل نوبة من تلك النوبات كانت تعروني ألف رعدة و رعدة لا بسبب الذكريات و لا برودة القطر ، و إنما بسبب الوسواس الذي يخلف وراءه الرعب و الهلع .



كنت في تلك السن بسبب قلة الإحاطة و الإدراك عن الامراض لا أجد تفسيرا لما أمر به .

فجأة و بلا مقدمات بعد الإقبال على الحياة حل الزهد بديلا عنه ، و اختفت لذة الرقاد و حل محلها الشحوب و النحول .

كأنني أصبحت إنسانة أخرى كل شي تبدل ، الخوف بديلا عن الأمن و الموت قد سلب الحياة .

لم أجد امامي سوى كتاب الله ، أحطت نفسي به إحاطة كاملة قراءة و رقية و تعبدا في الصلاة ، تقريبا عبادة واحدة استطعت المواظبة عليها و هي قيام الليل و تضمينها الدعاء في حال السجود لدرجة اتجاوز النصف الساعة في السجدة الواحدة و الحمدلله .

هذا التصرف لم يرض الشيطان فقام بإرسال جنوده أن كثفوا الوسواس ، و كأنني و إياه في سجال ، لدرجة و العياذ بالله استبطات الفرج و كنت على حافة القنوط أستغفر الله العظيم و لكن الحمد لله لم ينطق لساني بذلك ، لأن الذنب موكل بالقول و العمل ، أما الخطرات العارضة من رحمة ديننا و رب ديننا العظيم أننا لا نؤاخذ عليها .

لي عودة بإذن الله تعبت من الكتابة

الحمد لله كثيرا ,سَارَة ,سائل الراحة معجبون بهذا

و سبحان الله الادهى و الأمر من المرض الجهل به ، لأن الجاهل به يصيبه الهلع اكثر و يظن أن ما يمر به لا نهاية له و لا ينفك عنه و ليس له علاج لأنه ليس مرضا من وجهة نظره فيضطرب أكثر و يكتنفه الإحباط و تحاصره الهموم و كل ما يفعله هو انتظار الموت لأنه المخلص الوحيد له من وجهة نظره .

ظللت اكابد تلك النوبات التي لا تهدأ و الأفكار التي تأبى الا أن تنغص علي صفو حياتي ، و المشكلة الأكبر أن الفكرة الواحدة تنتج فتتئم عشرات من الأفكار حتى أصبحت أتحرك بربع تركيز إن لم يكن عشره ، فأهملت نفسي و هواياتي حتى عنايتي الشخصية .

يقولون أن القلق عدو التركيز فما بال الوسواس و الرعب و فوق ذلك ملازمته للعقل و سيطرته على القلب المتمثل في اضطرابه و خفقانه المستمر و لم تسلم حتى باقي الجوارح من نهش المرض ، بداية بالخفقان مرورا بالغثيان لدرجة تشنج المعدة و الامها فبالتالي الرغبة في التقيؤ و الشعور المستمر بالبرودة و خاصة برودة الأطراف المؤدية إلى عدم الاستطاعة على الحركة ، فأدمنت المكوث في مكان واحد و كأنني قطعة لوح خشبي ملقى بين قطع الاثاث المتناثرة طيلة اليوم و الظلام يلفني .

لا أدري لماذا كنت أرتاح للظلام ، لا يقوى جهازي البصري و العصبي على تحمل نور النهار او إضاءة المكان مسببا لي الإزعاج و ازدياد القلق و الخوف ، مع أن الإنسان الطبيعي يشعر بالوحشة و انعدام الأمن في أجواء الضوء الخافت .


فعلا على رأي الشاعر :

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ..... و لا الصبابة إلا من يعانيها

هي معاناة و أي معاناة و لكنها ليست بفعل عافية الشوق إنما بفعل مرض الوسواس و الحمدلله على كل حال .


ظللت على تلك الحالة لعدة سنوات بين مد و جزر في الأعراض حتى الهمني سبحانه الإطلاع بشأن تلك الحالة و من ثم التوجه لأقرب طبيبة نفسية أبثها هموم السنوات الطوال و أتضح لي أن ما أمر به هو الوسواس القهري .


في الفقرة القادمة سأعرض بإذن الله إيجابيات المرض بعد أن فصلت في سلبياته .

الحمد لله كثيرا ,سَارَة معجبون بهذا

أختي لدي سؤال لك ماهي الأفكار أو الأفعال المتسلطة عليك ...

الله يكون بعونك

بالنسبة للأفكار يا أبا امل أفكار عامة في غاية التفاهة و انا أعلم علم اليقين بتفاهتها لكنها تظل تسيطر و لا تنفك ، من شدة تفاهتها لا استطيع البوح بها بصوت عال امام نفسي فما بال امام أحد .


حتى تطورت مع الوقت إلى أفكار تخص الطهارة و الصلاة ما يغيض في الوسواس القهري أيضا و يجلب الجنون أن المبتلى به لا يستطيع الهروب من تسلط تلك الأفكار

و الحمدلله على كل حال ، شاكرة مرورك سارة و ربي يعين الجميع و يكتب اجرنا و أجرهم

الحمد لله كثيرا ,أبوأمل معجبون بهذا

اختي انا نفس الافكار تاتيني لكن معي حزن شديد ويأس ,عدم بالاحساس بالمتعة الطبيب قال اكتئاب لكن لا أعرف حقا التشخيص الصحيح لي بالضبط
المهم انتظر ردك بإجابيات المرض التي ذكرت
صراحة أعجبني أسلوبك المميز في التعبير عن ما مر بك بالنسبة لي هذه أكبر مشكلة حتى الطبيب لا أستطيع الحديث معه بكل التفاصيل حتى يتسنى له التشخيص الصحيح وبالتالي العلاج الانسب

أبوأمل معجب بهذا

أسأل الله لك الشفاء العاجل أخوي الفاضل و لجميع مرضى المسلمين


قال الشاعر :

و قد يجمع الله الشتيتين بعد ما ...... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

فعلا تم اجتماعي مع الشتيت أخيرا و الحمدلله ..

اجتمعت بأعظم شي كنت افتقده في حياتي ، أهم شيء ، الذي من أجله خلقت ، و هي لذة العبادة .

هذا المرض سبحان الله و أي مرض يدفعك انكسارك الى التقوي بالقوي و ليس هناك أقوى من الله ليخلصك مما أنت فيه .

تعرفت إلى عبادة الدعاء بعمق ، و صيام النوافل و الأنس به في آخر الليل بعد أن ينام البشر و يسكن الكون ، كنت أنتظر ذلك الوقت بفارغ الصبر و انشغل بإعداد نفسي و تهيئة المكان لاستقبال أعظم زائر و أي زائر ، أستغفر الله هو ليس زائر لأنه معنا يرانا يلازمنا يستمع إلى شكوانا ،

من شدة استحضار قربه مني كان يهيا لي لو رفعت رأسي من السجود كنت ساراه في سقف الغرفة .

سبحان من جعل المرض بوابة القرب و الفرج .

سبحان الله وجدت ان الانشغال بعبادته يلهي عن الوساوس و الأمراض تدريجيا .

في البداية تشتد الأعراض لأن وضع المطهر على الجرح النازف يزيد الألم ثم بعد ذلك تقل الأعراض تدريجيا حتى نصل لمرحلة الشفاء .

للحديث بقية

أنا الآن أيقنت و بعد مرور تلك السنوات أن هذا الابتلاء كان أكبر نعمة لولاه لما عرفت لذة القرب و نعيم الأنس به .

كيف لي أن افزع إليه و أنا في قمة العافية و الطمأنينة ، لا يذيب الحديد إلا النار .

الرسول صلى الله عليه و سلم الذي غفر له ذنبه ما تقدم و ما تأخر إذا حزبه أمر فزع الى الصلاة .

عند الشدائد تظهر المعادن و يمحص العباد ،

لأن قربه عزيز ، من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام .

و المقصود في الآية ليس دين الإسلام إنما الاستسلام لأوامره و اجتناب نواهيه .

و الجنة مهرها غال ، و قربه أغلى ،

(213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)

الحمد لله كثيرا معجب بهذا