المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 11-06-2009, 09:45 AM   #361
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام قال للخليفة :
إن السيدة زبيدة تقبل الأرض بين يديك وتقول لك :
أنت تعرف أنها قد عملت هذا التاج وأنه محتاج إلى جوهرة كبيرة تكون في رأسه وفتشت ذخائرها فلم تجد فيها جوهرة كبيرة على غرضها .
فقال الخليفة للحجاب والنواب :
فتشوا على جوهرة كبيرة على غرض زبيدة .
ففتشوا فلم يجدوا شيئاً يوافقها فاعلموا الخليفة بذلك فضاق صدره وقال :
كيف أكون خليفة وملك ملوك الأرض وأعجز عن جوهرة ? ويلكم اسألوا التجار .
فسألوا التجار فقالوا لهم :
لا يجد مولانا الخليفة إلا عند رجل من البصرة يسمى أبا محمد الكسلان .
فأخبروا الخليفة بذلك فأمر وزيره جعفر أن يرسل بطاقة إلى الأمير محمد الزبيدي المولي على البصرة أن يجهز أبا محمد الكسلان ويحضره بين يدي أمير المؤمنين فكتب الوزير بطاقة بمضمون ذلك وأرسلها مع مسرور ، ثم توجه مسرور بالبطاقة إلى مدينة البصرة ودخل على الأمير محمد الزبيدي ففرح به وأكرمه غاية الإكرام ثم قرأ عليه بطاقة أمير المؤمنين هارون الرشيد فقال :
سمعاً وطاعة .
ثم أرسل مسرور مع جماعة من أتباعه إلى أبي محمد الكسلان فذهبوا إليه وطرقوا عليه الباب فخرج عليهم بعض الغلمان .
فقال له مسرور :
قل لسيدك أن أمير المؤمنين يطلبك .
فدخل الغلام وأخبره بذلك فخرج فوجد مسرور حاجب الخليفة ومعه أتباع الأمير محمد الزبيدي فقبل الأرض بين يديه وقال :
سمعاً وطاعة لأمير المؤمنين ولكن ادخلوا عندنا .
فقالوا له :
ما نقدر على ذلك لأننا على عجل كما أمرنا أمير المؤمنين فإنه ينتظرنا قدومك .
فقال : اصبروا علي يسيراً حتى أجهز أمري .
ثم دخلوا معه إلى الدار بعد استعطاف زائد فرأوا في الدهليز ستاراً من الديباج الأزرق المطرز بالذهب الأحمر ، ثم إن أبا محمد الكسلان أمر بعض غلمانه أن يدخلوا مع مسرور الحمام الذي في الدار ففعلوا فرأوا حيطانه ورخامه من الغرائب وهو مزركش بالذهب والفضة وماؤه ممزوج بماء الورد واحتفل الغلمان بمسرور ومن معه وخدموهم أتم الخدمة ، ولما خرجوا من الحمام ألبسوهم خلعاً من الديباج منسوجة بالذهب .
ثم دخل مسرور وأصحابه فنظروا أبا محمد الكسلان جالساً في قصره وقد علق على رأسه ستور من الديباج المنسوج بالذهب المرصع بالدر والجوهر والقصر مفروش بمساند مزركشة بالذهب الأحمر وهو جالس على مرتبة والمرتبة على سرير مرصع بالجواهر ، فلما دخل عليه مسرور ورحب به تلقاه وأجلسه بجانبه ثم أمر بإحضار السماط ، فلما رأى مسرور ذلك السماط قال :
والله ما رأيت عند أمير المؤمنين مثل هذا السماط أبداً .
وكان في ذلك السماط أنواع الأطعمة وكلها موضوعة في أطباق صينينة مذهبة .
قال مسرور :
فاكلنا وشربنا وفرحنا إلى آخر النهار ثم أعطى كل واحد منا خمسة آلاف دينار ، ولما كان اليوم الثاني ألبسونا خلعاً خضراء مذهبة وأكرمونا غاية الإكرام .
ثم قال مسرور :
لا يمكننا أن نقعد زيادة على تلك المدة خوفاً من الخليفة .
فقال له أبو محمد الكسلان :
يا مولانا اصبر علينا إلى غد حتى نتجهز ونسير معكم .
فقعدوا ذلك اليوم وباتوا إلى الصباح ، ثم إن الغلمان شدوا لأبي محمد الكسلان بغلة بسرج من الذهب مرصع بأنواع الدر والجوهر فقال مسرور في نفسه :
يا ترى إذا حضر أبو محمد بين يدي الخليفة بتلك الصفة هل يسأله عن سبب تلك الأموال ?
ثم بعد ذلك ودعوا محمد الزبيدي وطلعوا من البصرة وساروا ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا إلى مدينة بغداد فلما دخلوا على الخليفة ووقفوا بين يديه أمره بالجلوس فجلس ، ثم تكلم بأدب وقال :
يا أمير المؤمنين إني جئت معي بهدية على وجه الخدمة فهل أحضرها عن إذنك .
قال الرشيد : لا بأس بذلك .
فأمر بصندوق وفتحه وأخرج منه تفاحاً من جملتها أشجار من الذهب وأوراقها من الزمرد الأبيض وثمارها ياقوت أحمر وأصفر ولؤلؤ أبيض فتعجب الخليفة من ذلك ، ثم أحضر صندوقاً ثانياً وأخرج منها خيمة من الديباج مكللة باللؤلؤ واليواقيت والزمرد والزبرجد وأنواع الجوهر وقوائمها من عود هندي رطب وأذيال تلك الخيمة مرصعة بالزمرد الأخضر وفيها تصاوير كل الصور من سائر الحيوانات كالطيور والوحوش وتلك الصور مكللة بالجواهر واليواقيت والزمرد والزبرجد والبلخش وسائر المعادن .
فلما رأى الرشيد ذلك فرح فرحاً شديداً ثم قال أبو محمد الكسلان :
يا أمير المؤمنين لا تظن إني حملت لك هذا فزعاً من شيء ولا طمعاً في شيء وإنما رأيت نفسي رجلاً عامياً ورأيت هذا لا يصلح إلا لأمير المؤمنين وإن أذنت لي فرجتك على بعض ما أقدر عليه .
فقال الرشيد :
افعل ما شئت حتى ننظر .
فقال أبو محمد الكسلان :
سمعاً وطاعة .
ثم حرك شفتيه وأومأ إلى شراريف القصر فمالت إليه ثم أشار إليها فرجعت إلى موضعها ثم أشار بعينه فظهرت إليه مقفل الأبواب ، ثم تكلم عليها وإذا بأصوات طيور تجاوبه فتعجب الرشيد من ذلك غاية العجب وقال له :
من أين لك هذا كله وأنت ما تعرف إلا بأبي محمد الكسلان وأخبروني أن أباك كان حلاقاً يخدم في حمام وما خلف لك شيئاً ?
فقال أبو محمد الكسلان :
يا أمير المؤمنين اسمع حديثي .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:45 AM   #362
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الحادية والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا محمد الكسلان قال للخليفة :
يا أمير المؤمنين اسمع حديثي فإنه عجيب وأمره غريب لو كتب بالإبر على آفاق البصر لكان عبرة لمن اعتبر .
فقال الرشيد :
حدث بما عندك وأخبرني به يا أبا محمد .
فقال أبو محمد الكسلان :
يا أمير المؤمنين أدام الله لك العز والتمكين إن أخبار الناس بأني أعرف بالكسلان وأن أبي لم يخلف لي مالاً صدق لأن أبي لم يكن إلا كما ذكرت فإنه كان حلاقاً في حمام وكنت أنا في صغري أكسل من يوجد على وجه الأرض وقد بلغ من كسلي أني كنت نائماً في أيام الحر وطلعت علي الشمس أكسل عن أن أقوم وانتقل من الشمس إلى الظل .
وأقمت على ذلك خمسة عشر عاماً ، ثم إن أبي توفي إلى رحمة الله تعالى ولم يخلف لي شيئاً ، وكانت أمي تخدم الناس وتطعمني وتسقيني وأنا راقد على جنبي ، فاتفق أن أمي دخلت علي في بعض الأيام ومعها خمسة دراهم من الفضة وقالت لي :
يا ولدي بلغني أن الشيخ أبا المظفر عزم على أن يسافر إلى الصين وكان ذلك الشيخ يحب الفقراء وهو من أهل الخير ، يا ولدي خذ هذه الخمسة دراهم وامض بنا إليه ، واسأله أن يشتري لك بها شيئاً من بلاد الصين لعله يحصل لك فيه ربح من فضل الله تعالى .
فكسلت عن القيام معها فأقسمت بالله إن لم أقم معها لا تطعمني ولا تسقيني ولا تدخل علي بل تتركني أموت جوعاً وعطشاً .
فلما سمعت كلامها يا أمير المؤمنين علمت أنها تفعل ذلك لما تعلم من كسلي فقلت لها :
أقعديني .
فأقعدتني وأنا باكي العين وقلت لها :
ائتيني بمداسي .
فأتتني به .
فقلت لها :
ضعيه في رجلاي .
فوضعته فيهما ، فقلت لها :
احمليني حتى ترفعيني من الأرض .
ففعلت ذلك فقلت لها :
اسنديني حتى أمشي .
فصارت تسندني وما زلت أمشي وأتعثر في أذيالي إلى أن وصلنا إلى ساحل البحر فسلمنا على الشيخ وقلت له :
يا عم أنت أبو المظفر ?
قال الشيخ :
لبيك .
قلت له :
خذ هذه الدراهم واشتر لي بها شيئاً من بلاد الصين عسى الله يربحني فيه .
فقال الشيخ أبو المظفر لأصحابه :
أتعرفون هذا الشاب ?
قالوا أصحابه :
نعم ، هذا يعرف بأبي محمد الكسلان ما رأيناه قط خرج من دار إلا في هذا الوقت .
فقال الشيخ أبو المظفر :
يا ولدي هات الدراهم على بركة الله .
ثم أخذ مني الدراهم وقال :
باسم الله .
ثم رجعت مع أمي إلى البيت وتوجه الشيخ أبو المظفر إلى السفر ومعه جماعة من التجار ولم يزالوا مسافرين حتى وصلوا إلى بلاد الصين ثم إن الشيخ باع واشترى وبعد عزم على الرجوع هو ومن معه بعد قضاء أغراضهم وساروا في البحر ثلاثة أيام فقال الشيخ لأصحابه :
قفوا بالمركب .
فقال التجار له :
ما حاجتك ؟
فقال الشيخ أبو المظفر :
اعلموا أن الرسالة التي معي لأبي محمد الكسلان نسيتها فارجعوا بنا حتى نشتري له شيئاً حتى ينتفع به .
فقالوا التجار له :
سألناك بالله تعالى أن لا تردنا فإننا قطعنا مسافة طويلة زائدة وحصل لنا في ذلك أهوال عظيمة ومشقة زائدة .
فقال الشيخ أبو المظفر :
لابد لنا من الرجوع .
فقالوا التجار له :
خذ منا أضعاف ربح الخمسة دراهم ولا تردنا .
فسمع منهم وجمعوا له مالاً جزيلاً ثم ساروا حتى أشرفوا على جزيرة فيها خلق كثير فأرسوا عليها وطلع التجار يشترون منها متجراً من معادن وجواهر ولؤلؤ وغير ذلك .
ثم رأى أبو المظفر رجلاً جالساً وبين يديه قرود كثيرة وبينهم قرد منتوف الشعر وكانت تلك القرود كلما غفل صاحبهم يمسكون ذلك القرد المنتوف ويضربونه ويرمونه على صاحبهم فيقوم ويضربهم ويقيدهم ويعذبهم على ذلك فتغتاظ القرود كلها من ذلك القرد ويضربونه .
ثم إن الشيخ أبا المظفر لم رأى ذلك القرد حزن عليه ورفق به فقال لصاحبه :
أتبيعني هذا القرد ؟
قال الرجل :
اشتر .
قال الشيخ أبو المظفر :
إن معي لصبي يتيم خمسة دراهم هل تبيعني إياه بها ؟
قال له الرجل :
بعتك بارك الله لك فيه .
ثم تسلمه وأقبضه الدراهم وأخذ عبيد الشيخ القرد وربطوه في المركب .
ثم حلوا وسافروا إلى جزيرة أخرى فارسوا عليها فنزل الغطاسون الذين يغطسون على المعادن واللؤلؤ والجوهر وغير ذلك فأعطاهم التجار دراهم أجرة على الغطاس فغطسوا فرآهم القرد يفعلون ذلك فحل نفسه من رباطه ونط من المركب وغطس معهم ، فقال أبو المظفر :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد عدم القرد منا ببخت هذا المسكين الذي أخذناه له .
ويأسوا على القرد ، ثم طلع جماعة من الغطاسين وإذا بالقرد طالع معهم وفي يده نفائس الجواهر فرماها بين يدي أبي المظفر فتعجب من ذلك وقال :
إن هذا القرد فيه سر عظيم .
ثم حلوا وسافروا إلى أن وصلوا إلى جزيرة الزنوج وهم قوم من السودان يأكلون لحم بني آدم ، فلما رأوهم السودان ركبوا عليهم في المراكب وكتفوهم واتوا بهم إلى الملك فأمر بذبح جماعة من التجار فذبحوهم وأكلوا لحومهم ثم عن بقية التجار باتوا محبوسين وهم في نكد عظيم فلما كان وقت الليل قام القرد إلى أبي المظفر وحل قيده ، فلما رأى التجار أبا المظفر قد انحل قالوا :
عسى الله أن يكون خلاصنا على يديك يا أبا المظفر .
فقال لهم :
اعلموا أنه ما خلصني بإرادة الله تعالى إلا هذا القرد .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:46 AM   #363
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا المظفر قال :
ما خلصني بإرادة الله تعالى إلا هذا القرد ، وقد خرجت له ألف دينار .
فقال التجار :
ونحن كذلك كل واحد منا خرج له ألف دينار إن خلصنا .
فقام القرد إليهم وصار يحل واحد بعد واحد حتى حل الجميع من قيودهم وذهبوا إلى المركب وطلعوا فيها فوجدوها سالمة ولم ينقص منها شيء ثم حلوا وسافروا .
فقال أبو المظفر :
يا تجار أوفوا بالذي قلتم عليه للقرد .
قال التجار :
سمعاً وطاعة .
ودفع كل واحد منهم ألف دينار وأخرج أبو المظفر من ماله ألف دينار فاجتمع للقرد من المال شيء عظيم ، ثم سافروا حتى وصلوا إلى مدينة البصرة فتلقاهم أصحابهم حين طلعوا من المركب .
فقال أبو المظفر :
أين أبو محمد الكسلان .
فبلغ الخبر إلى أمي فبينما أنا نائم إذ أقبلت علي أمي وقالت :
يا ولدي إن الشيخ أبا المظفر قد أتى ووصل إلى المدينة فقم وتوجه إليه وسلم عليه واسأله عن الذي جاء به فلعل الله تعالى يكون قد فتح عليه بشيء .
فقلت لها :
احمليني من الأرض واسنديني حتى أخرج وأمشي إلى ساحل البحر .
ثم مشيت وأنا أتعثر في أذيالي حتى وصلت إلى الشيخ أبا المظفر .
فلما رآني قال لي :
أهلاً بمن كانت دراهمه سبباً لخلاصي وخلاص هؤلاء التجار بإرادة الله تعالى .
ثم قال لي :
خذ هذا القرد فإني اشتريته لك وامض به إلى بيتك حتى أجيء إليك .
فأخذت القرد ين يدي وقلت في نفسي :
والله ما هذا إلا متجر عظيم .
ثم دخلت وقلت لأمي :
كلما أنام تأمريني بالقيام لأتجر فانظري بعينك هذا المتجر .
ثم جلست ، فبينما أنا جالس وإذا بعبيد أبي المظفر قد أقبلوا علي وقالوا لي :
هل أنت أبو محمد الكسلان ?
فقلت لهم :
نعم .
وإذا بأبي المظفر أقبل خلفهم فقمت إليه وقبلت يديه فقال لي :
سر معي إلى داري .
فقلت له :
سمعاً وطاعة .
وسرت معه إلى أن دخلت .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:47 AM   #364
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا محمد الكسلان قال :
ثم سرت معه ودخلت الدار فأمر عبيده أن يحضروا به فقال :
يا ولدي لقد فتح الله عليك بهذا المال من ربح الخمسة دراهم .
ثم حملوه في صناديقه على رؤوسهم وأعطاني مفاتيح تلك الصناديق وقال لي :
امض قدام العبيد إلى دارك فإن هذا المال كله لك .
فمضيت إلى أمي ففرحت بذلك وقالت :
يا ولدي لقد فتح الله عليك بهذا المال الكثير فدع عنك هذا الكسل وانزل إلى السوق وبع واشتر .
فتركت الكسل وفتحت دكاناً في السوق وصار القرد يجلس معي على مرتبتي فإذا أكلت يأكل معي وإذا شربت يشرب معي وصار كل يوم من بكرة النهار يغيب إلى وقت الظهر ثم يأتي ومعه كيس فيه ألف دينار فيضعه في جانبي ويجلس ولم يزل على هذه الحالة مدة من الزمان ، حتى اجتمع عندي مال كثير فاشتريت يا أمير المؤمنين الأملاك والربوع وغرست البساتين ، واشتريت المماليك والعبيد والجوار فاتفق في بعض الأيام أنني كنت جالساً والقرد جالس معي على المرتبة وإذا به تلفت يميناً وشمالاً فقلت في نفسي :
أي شيء خبر هذا .
فأنطق الله القرد بلسان فصيح وقال :
يا أبا محمد .
فلما سمعت كلامه فزعت فزعاً شديداً فقال لي :
لا تفزع أنا أخبرك بحالي إني مارد من الجن ولكن جئت بسبب ضعف حالك ، وأنت اليوم لا تدري قدر مالك وقد وقعت لي عندك حاجة وهي خير لك .
فقلت له :
ما هي ?
قال المارد في صورة القرد :
أريد أن أزوجك بصبية مثل البدر .
فقلت له :
وكيف ذلك ؟
فقال المارد في صورة القرد لي :
في غد ألبسك قماشك الفاخر وأركب بغلتك بالسرج المذهب وامض إلى سوق العلافين واسأل عن دكان الشريف واجلس عنده ، وقل له :
إني جئت خاطباً راغباً في ابنتك .
فإن قال لك :
أنت ليس لك مال ولا حسب ولا نسب .
فادفع له ألف دينار ، فإن قال :
زدني .
فزده ورغبه فقلت له :
سمعاً وطاعة في غد أفعل ذلك إن شاء الله تعالى .
قال أبو محمد :
فلما أصبحت لبست أفخر قماشي وركبت البغلة بالسرج المذهب ثم مضيت إلى سوق العلافين وسألت عن دكان الشريف فوجدته جالساً في دكانه ، فنزلت وسلمت عليه


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:47 AM   #365
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا محمد الكسلان قال :
فنزلت وسلمت عليه وجلست عنده وكان معي عشرة من العبيد والمماليك فقال الشريف :
لعل لك عندنا حاجة نفوز بقضائها .
فقلت له :
نعم لي عندك حاجة .
قال الشريف :
وما هي حاجتك ؟
فقلت له :
جئتك خاطباً راغباً في ابنتك .
فقال الشريف :
لكن أنت ليس لك مال ولا حسب ولا نسب .
فأخرجت له كيساً فيه ألف دينار ذهباً أحمر وقلت له :
هذا حسبي ونسبي وقد قال صلى الله عليه وسلم :
نعم الحسب المال .
وما أحسن قول من قال :
من كان يملك درهمين تعلمـت ........ شفتاه أنواع الكـلام فـقـالا
وتقدم الأخوان فاستمعـوا لـه ........ ورأيته بين الورى مخـتـالا
لولا دراهمه التي يزهـو بهـا ........ لوجدته في الناس أسوأ حـالا
إن الغني إذا تكـلم بالـخـطـأ ........ قالوا صدقت وما نطقت محالا
أما الفقير إذا تكلـم صـادقـا ........ قالوا كذبت وأبطلوا ما قـالا
إن الدراهم في المواطن كلهـا ........ تكسوا الرجال مهابة وجمـالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحة ........ وهي السلاح لمن أراد قتـالا
فلما سمع الشريف مني هذا الكلام وفهم الشعر والنظام أطرق برأسه إلى الأرض ساعة ثم رفع رأسه وقال لي :
إن كان ولابد فإني أريد منك ثلاثة آلاف دينار أخرى .
فقلت :
سمعاً وطاعة .
ثم أرسلت بعض المماليك إلى منزلي فجاءني بالمال الذي طلبه فلما رأى ذلك وصل إليه قام من الدكان وقال لغلمانه :
أقفلوها .
ثم دعا أصحابه من السوق إلى داره وكتب كتابي على ابنته وقال لي :
بعد عشرة أيام أدخلك عليها .
ثم مضيت إلى منزلي وأنا فرحان فخلوت مع القرد وأخبرته بما جرى لي ، فقال :
نعم ما فعلت .
فلما قرب ميعاد الشريف قال القرد :
إن لي عندك حاجة إن قضيتها لي فلك عندي ما شئت .
قلت له :
وما حاجتك ?
قال القرد لي :
إن في صدر القاعة التي تدخل فيها على بنت الشريف خزانة وعلى بابها حلقة من نحاس والمفاتيح تحت الحلقة فخذها وافتح الباب تجد صندوقاً من حديد على أركانه أربع رايات من الطلسم وفي وسط ذلك طشت ملآن من المال وفي جانبه إحدى عشر حية وفي وسط الطشت ديك أفرق أبيض مربوط هناك سكين بجنب الصندوق فخذ السكين واذبح بها الديك واقطع الرايات واقلب الصندوق وبعد ذلك أخرج للعروسة وأزل بكارتها فهذه حاجتي عندك .
فقلت له :
سمعاً وطاعة .
ثم مضيت إلى دار الشريف فدخلت القاعة ونظرت إلى الخزانة التي وصفها لي القرد فلما خلوت بالعروسة تعجبت من حسنها وجمالها وقدها واعتدالها لأنها لا تستطيع الألسن أن تصف حسنها وجمالها ففرحت بها فرحاً شديداً ، فلما كان نصف الليل ونامت العروسة قمت وأخذت المفاتيح وفتحت الخزانة وأخذت السكين وذبحت الديك وقطعت الرايات .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:48 AM   #366
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه أبي محمد الكسلان قال :
لما ذبحت الديك وقطعت الرايات وقلبت الصندوق فاستيقظت الصبية فرأت الخزانة قد فتحت والديك قد ذبح فقالت :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد أخذني المارد .
فما استتمت كلامها إلا وقد أحاط المارد بالدار وخطف العروسة فعند ذلك وقعت الضجة وإذا بالشريف قد أقبل وهو يلطم على وجهه وقال :
يا أبا محمد ما هذا الفعل الذي فعلته معنا هل هذا جزاؤنا منك وأنا قد عملت هذا الطلسم في هذه الخزنة خوفاً على ابنتي من هذا الملعون فإنه كان يقصد أخذ الصبية منذ ست سنين ولا يقدر على ذلك ولكن ما بقي لك عندنا مقام فامض إلى حال سبيلك .
فخرجت من دار الشريف وجئت إلى داري وفتشت على القرد فلم أجده ولم أر له أثراً ، فعلمت أنه هو المارد الذي أخذ زوجتي وتحيل علي حتى فعلت ذلك بالطلسم والديك اللذين كانا يمنعانه من أخذها فندمت وقطعت أثوابي ولطمت على وجهي ولم تسعني الأرض فخرجت من ساعتي وقصدت البرية ، ولم أزل سائراً إلى أن أمسى علي المساء ولم أعلم أين أروح فبينما أنا مشغول الفكر إذ أقبل علي حيتان واحدة سمراء والأخرى بيضاء وهما يقتتلان فأخذت حجراً من الأرض وضربت به الحية السمراء فقتلتها فإنها كانت باغية على البيضاء فغابت ساعة وعادت ومعها عشر حيات بيض فجاؤوا إلى الحية التي ماتت وقطعوها قطعاً حتى لم يبق إلا رأسها ، ثم مضوا إلى حال سبيلهم واضطجعت في مكاني من التعب .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:49 AM   #367
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا محمد الكسلان قال :
ثم اضطجعت من التعب ، فبينما أنا مضطجع متفكر في أمري وإذا بهاتف أسمع صوته ولم أر شخصه وهو يقول هذين البيتين :
دع المقادير تجري في أعنتها ........ ولا تبتن إلا خالي الـبال
ما بين طرفة عين وانتباهتها ........ يغير الله من حال إلى حال
فلما سمعت ذلك لحقني يا أمير المؤمنين أمر شديد وفكر ما عليه من مزيد وإذا بصوت من خلفي أسمعه ينشد هذين البيتين :
يا مسلماً أمامه الـقـرآن ........ أبشر به قد جاءك الأمان
ولا تخف ما سول الشيطان ........ فنحن قوم ديننـا الإيمان
فقلت له :
بحق معبودك أن تعرفني من أنت .
فانقلب ذلك الهاتف في صورة إنسان وقال لي :
لا تخف فإن جميلك قد وصل إلينا ونحن قوم من جن المؤمنين فإن كان لك حاجة أخبرنا بها حتى نفوز بقضائها .
فقلت للعفريت :
إن لي حاجة عظيمة لأني أصبت بمصيبة جسيمة ومن الذي حصل له مثل مصيبتي .
فقال العفريت لي :
لعلك أبو محمد الكسلان .
فقلت للعفريت :
نعم .
فقال العفريت لي :
يا أبا محمد أنا أخو الحية البيضاء التي قتلت أنت عدوها ونحن أربع أخوة من أم وأب وكلنا شاكرون لفضلك واعلم أن الذي كان على صورة القرد وفعل معك المكيدة مارد من مردة الجن ولولا أنه تحيل بهذه الحيلة ما كان يقدر على أخذها أبداً لأن له مدة طويلة وهو يريد أخذها فيمنعه من ذلك الطلسم ولو بقي ذلك الطلسم ما كان يمكنه الوصول إليها ولكن لا تجزع من هذا الأمر فنحن نوصلك إليها ونقتل المارد فإن جميلك لا يضيع عندنا .
ثم إنه صاح صيحة عظيمة .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:50 AM   #368
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العفريت قال :
فإن جميلك لا يضيع عندنا .
ثم إنه صاح صيحة عظيمة بصوت هائل وإذا بجماعة قد أقبلوا عليه فسألهم عن القرد فقال واحد منهم :
أنا أعرف مستقره .
قال العفريت :
أين مستقره ?
قال الأخر :
في مدينة النحاس التي لا تطلع عليها الشمس .
فقال العفريت :
يا أبا محمد خذ عبد من عبيدنا وهو يحملك على ظهره ويعلمك كيف تأخذ الصبية واعلم أن ذلك العبد مارد من المردة فإذا حملك لا تذكر اسم الله وهو حاملك فإنه يهرب منك فتقع وتهلك .
فقلت للعفريت :
سمعاً وطاعة .
فأخذت عبداً من عبيدهم فانحنى وقال :
اركب .
فركبت ثم طار بي في الجو حتى غاب عن الدنيا ورأيت النجوم كالجبال الرواسي وسمعت تسبيح الملائكة في السماء ، كل ذلك والمارد يحدثني ويفرجني ويلهيني عن ذكر الله .
فبينما أنا كذلك وإذا بشخص عليه لباس أخضر وله ذوائب ووجهه منير وفي يده حربة يطير منه الشرر قد أقبل علي وقال لي :
يا أبا محمد قل لا إله إلا الله محمد رسول الله وإلا ضربتك بهذه الحربة .
وكانت مهجتي قد تقطعت من سكوتي عن ذكر الله ، فقلت :
لا إله إلا الله محمد رسول الله .
ثم إن ذلك الشخص ضرب المارد بالحربة فذاب وصار رماداً فسقطت من فوق ظهره وصرت أهوي إلى الأرض حتى وقعت في بحر عجاج متلاطم بالأمواج وإذا بسفينة فيها خمسة أشخاص بحرية ، فلما رأوني أتوا إلي وحملوني في السفينة وصاروا يكلموني بكلام لا أعرفه فأشرت لهم أني لا أعرف كلامكم ، فساروا إلى آخر النهار ثم رموا شبكة واصطادوا حوتاً وشووه وأطعموني .
ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا بي إلى مدينتهم فدخلوا بي إلى ملكهم وأوقعوني بين يديه فقبلت الأرض فخلع علي خلعة ، وكان ذلك الملك يعرف اللغة العربية فقال :
قد جعلتك من أعواني .
فقلت للملك :
ما اسم هذه المدينة ?
قال الملك :
اسمها هناد وهي من بلاد الهند .
ثم إن الملك سلمني إلى وزير المدينة وأمره أن يفرجني في المدينة وكان أهل تلك المدينة في الزمن الأول كفار فمسخهم الله تعالى حجارة ، فتفرجت فيها فلم أر أكثر من أشجارها وأثمارها فأقمت فيها مدة شهر ثم أتيت إلى نهر وجلست على شاطئه .
فبينما أنا جالس وإذا بفارس قد أتى وقال :
هل أنت أبو محمد الكسلان ?
فقلت له :
نعم .
قال الفارس :
لا تخف فإن جميلك وصل إلينا .
فقلت له :
من أنت ?
قال الفارس :
أنا أخو الحية وأنت قريب من مكان الصبية التي تريد الوصول إليها .
ثم خلع أثوابه وألبسني إياها وقال لي :
لا تخف فإن العبد الذي هلك من تحتك بين عبيدنا نائم .
ثم إن ذلك الفارس أردفني خلفه وسار بي إلى البرية وقال :
انزل من خلفي وسر بين هذين الجبلين حتى ترى مدينة النحاس فقف بعيداً عنها ولا تدخلها حتى أعود إليك وأقول لك كيف تصنع .
فقلت له :
سمعاً وطاعة .
ونزلت من خلفه ومشيت حتى وصلت إلى المدينة فرأيت سورها فأخذت أدور حولها وإذا بأخ الحية قد أقبل علي وأعطاني سيفاً مطلسماً حتى لا يراني أحد ، ثم إنه مضى في حال سبيله فلم يغب عني .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:51 AM   #369
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبا محمد الكسلان قال :
لم يغب عني إلا قليلاً فإذا بصياح قد علا ورأيت خلقاً كثيراً وأعينهم في صدورهم ، فلما رأوني قالوا :
من أنت وما الذي في هذا المكان ؟
فأخبرتهم بالواقعة فقالوا :
الصبية التي ذكرتها مع المارد في هذه المدينة وما ندري ما فعل بها ونحن أخوة الحية .
ثم قالوا :
امض إلى تلك العين من أين يدخل الماء وادخل معه فإنه يوصلك إلى المدينة .
ففعلت ذلك ودخلت مع الماء في سرداب تحت الأرض ثم طلعت معه فرأيت نفسي في وسط المدينة ووجدت الصبية جالسة على سرير من ذهب وعليها ستارة ديباج وحول الستارة بستان فيه أشجار من الذهب وأثمارها من نفيس الجواهر كالياقوت والزبرجد واللؤلؤ والمرجان .
فلما رأتني الصبية عرفتني وابتدأتني بالسلام وقالت لي :
يا سيدي من أوصلك إلى هذا المكان ?
فأخبرتها بما جرى فقالت لي :
اعلم أن هذا الملعون من كثرة محبته لي أعلمني بالذي يضره والذي ينفعه وأعلمني أن في هذه المدينة طلسمان إن شاء هلاك جميع من في المدينة أهلكهم به ، ومهما أمر العفاريت فإنهم يمتثلون أمره وذلك الطلسم في عمود .
فقلت لها :
وأين العمود ?
فقالت الصبية :
في المكان الفلاني .
فقلت لها :
وأي شيء يكون ذلك الطلسم ؟
قالت الصبية :
هو صورة عقاب وعليه كتابة لا أعرفها فخذه بين يديك وخذ مجمرة نار وارمِ فيه شيئاً من المسك فيطلع دخان يجذب العفاريت فإذا فعلت ذلك فإنهم يحضرون بين يديك كلهم ولا يغيب منهم احد ويمتثلون أمرك ومهما أمرتهم فإنهم يفعلونه فقم وافعل ذلك على بركة الله تعالى .
فقلت لها :
سمعاً وطاعة .
ثم قمت وذهبت إلى ذلك العمود وفعلت جميع ما أمرتني به فجاءت العفاريت وحضرت بين يدي وقالوا :
لبيك يا سيدي فمهما أمرتنا به فعلناه .
فقلت لهم :
قيدوا المارد الذي جاء بهذه الصبية من مكانها .
فقال العفاريت :
سمعاً وطاعة .
ثم ذهبوا إلى ذلك المارد وقيدوه وشدوا وثاقه ورجعوا إلي وقالوا :
قد فعلنا ما أمرتنا به .
فأمرتهم بالرجوع ثم رجعت إلى الصبية وأخبرتها بما حصل وقلت لها :
يا زوجتي هل تروحين معي ?
فقالت الصبية :
نعم .
ثم إني طلعت بها من السرداب حتى وصلنا إلى القوم الذي كانوا دلوني عليها .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:51 AM   #370
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التاسعة والأربعين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أبي محمد الكسلان قال :
وسرنا حتى وصلنا إلى القوم الذين كانوا دلوني عليها ثم قلت :
دلوني على طريق توصلني إلى بلادي فدلوني ومشوا معي إلى ساحل البحر وأنزلوني في مركب وطاب لنا الريح فسارت بنا تلك المركب حتى وصلنا إلى مدينة البصرة فلما دخلت الصبية دار أبيها رأوها أهلها ففرحوا فرحاً شديداً ثم إني بخرت العقاب بالمسك وإذا بالعفاريت قد أقبلوا من كل مكان وقالوا :
لبيك فما تريد أن تفعل .
فأمرتهم أن ينقلوا كل ما في مدينة النحاس من المال والمعادن والجواهر إلى داري في البصرة ففعلوا ذلك ثم أمرتهم أن يأتوا بالقرد فأتوا به ذليلاً حقيراً ، فقلت له :
يا ملعون لأي شيء غدرت بي .
ثم أمرتهم أن يدخلوه في قمقم نحاس فأدخلوه في قمقم ضيق من نحاس وسدوا عليه بالرصاص وأقمت أنا وزوجتي في هناء وسرور وعندي الآن يا أمير المؤمنين من نفائس الذخائر والجواهر وكثير الأموال ما لا يحيط به عد ولا يحصره حد وإذا طلبت شيئاً من المال وغيره أمرت الجن أن يأتوا لك به في الحال وكل ذلك هو من فضل الله تعالى .
فتعجب أمير المؤمنين من ذلك غاية العجب ثم أعطاه مواهب الخلافة عوضاً عن هديته وأنعم عليه إنعاماً يليق به .

حكاية علي شار مع زمرد الجارية

وحكي أنه كان في ذلك الزمان وسالف العصر والأوان تاجر من التجار في بلاد خراسان اسمه مجد وله مال كثير وعبيد ومماليك وغلمان ، إلا أنه بلغ من العمر ستين سنة ولم يرزق ولداً وبعد ذلك رزقه الله تعالى ولداً فسماه علياً ، فلما نشأ الغلام صار كالبدر ليلة التمام ، ولما بلغ مبلغ الرجال وحاز صفات الكمال ضعف والده بمرض الموت فدعا بولده وقال له :
يا ولدي إنه قد قرب وقت المنية وأريد أن أوصيك بوصية .
فقال له علي :
وما هي يا والدي ؟
فقال له والده :
أوصيك أنك لا تعاشر أحد من الناس وتجنب ما يجلب الضر واليأس وجليس السوء فإنه كالحداد إن لم تحرقك ناره يضره دخانه ومن أحسن قول الشاعر :
ما في زمانك من ترجو مودتـه ........ ولا صديق إذا خان الزمان وفى
فعش فريداً ولا تركن إلى أحـد ........ ها قد نصحتك فيما قلته وكفى
فقال علي :
يا أبي سمعت وأطعت ثم ماذا أفعل ?
فقال والده :
افعل الخير إذا قدرت ودم على صنع الجميل من الناس واغتنم بذل المعروف فما في كل وقت ينجح الطلب وما أحسن قول الشاعر :
ليس في كل ساعة وأوان ........ تأتي صنائع الإحسـان
فإذا أمسكتك بادر إليهـا ........ حذر من تعذر الإمكان
فقال علي :
سمعت وأطعت


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:52 AM   #371
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخمسين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الصبي علي قال لأبيه :
سمعت وأطعت ثم ماذا ?
قال والده :
يا ولدي احفظ الله يحفظك وصن مالك ولا تفرط فيه فإنك إن فرطت فيه تحتاج إلى أقل الناس واعلم أن قيمة المرء ما ملكت يمينه وما أحسن قول الشاعر :
إن قل مالي فلا خل يصاحبنـي ........ وإن زاد مالي فكل الناس خلاني
فكم عدو لأجل المال صاحبنـي ........ وكم صديق لفقد المال عادانـي
فقال علي :
ثم ماذا ؟
قال والده :
يا ولدي شاور من هو أكبر منك سناً ولا تعجل في الأمر الذي تريده وارحم من هو دونك يرحمك من هو فوقك ولا تظلم أحداً فيسلط الله عليك من يظلمك وما أحسن قول الشاعر :
أقرن برأيك غيرك واستشـر ........ فالرأي لا يخفى على الاثنين
فالمرء مرآة تريه وجـهـه ........ ويرى قفاه بجمع مرآتـين
وقول الآخر :
تأن ولا تعجـل لأمـر تـريده ........ و كن راحماً للناس تبلى براحم
فما من يد إلا يد الله فوقـهـا ........ ولا ظالم إلا سيبلى بـظـالـم
وقول الآخر :
ولا تظلمن إذا كنت مقتـدراً ........ إن الظلوم على حدً من النقم
تنام عيناك والمظلوم منتبـه ........ يدعو عليك وعين الله لم تنم
وإياك وشرب الخمر فهو رأس كل شر وشربه مذهب العقول ويزري بصاحبه وما أحسن قول الشاعر :
تالله لا خامرتني الخمر ما علقت ...... روحي بجسمي وأقوالي بإفصاحـي
ولا صبوت إلـى مـشمولة أبداً ...... يوماً ولا اخترت ندماناً سوى الصاحي
فهذه وصيتي لك فاجعلها بين عينيك والله خليفتي عليك .
ثم غشي عليه فسكت ساعة واستفاق فاستغفر الله وتوفي إلى رحمة الله تعالى فبكى عليه ولده وانتحب ثم أخذ في تجهيزه على ما يجب ومشيت في جنازته الأكابر والأصاغر وصار القراء يقرؤن حول تابوته وما ترك من حقه شيئاً إلا وفعله ثم صلوا عليه وواروه التراب وكتبوا على قبره هذين البيتين :
خلقت من التراب فصرت حـياً ........ وعلمت الفصاحة في الخطاب
وعدت إلى التراب فصرت ميتاً ........ كأنك ما برحت من التـراب
حزن عليه ولده علي شار حزناً شديداً وعمل عزاءه على عادة الأعيان واستمر حزيناً على أبيه إلى أن ماتت أمه بعده بمدة يسيرة ففعل بوالدته مثل ما فعل بأبيه ثم بعد ذلك جلس في الدكان يبيع ويشتري ولا يعاشر أحداً من خلق الله تعالى عملاً بوصية أبيه واستمر على ذلك مدة سنة وبعد السنة دخلت عليه النساء الزواني بالحيل وصاحبوه حتى مال معهم إلى الفساد وأعرض عن طريق الرشاد وشرب الراح بالأقداح أو رواح وقال في نفسه :
إن والدي جمع لي هذا المال وأنا إن لم أتصرف فيه فلمن أخليه والله لا أفعل إلا كما قال الشاعر :
إن كنت دهره كله ........ تحوي إليك تجمع
فمتى بما حصلته ........ وحويته تتمـتـع
وما زال علي شار يبذل في المال إناء الليل وأطراف النهار حتى ذهب ماله كله وافتقر حاله وتكدر باله وباع الدكان والأماكن وغيرها ثم بعد ذلك باع ثياب بدنه ولم يترك لنفسه غير بدلة واحدة فلما ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وقع في الحسرة وقعد يوماً من الصبح إلى العصر بغير إفطار فقال في نفسه :
أنا أدور على الذين كنت أنفق مالي عليهم لعل أحداً منهم يطعمني في هذا اليوم .
فدار عليهم جميعاً وكلما طرق باب واحد منهم ينكر نفسه ويتوارى منه حتى أحرقه الجوع ثم ذهب إلى سوق التجار .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:52 AM   #372
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الواحدة والخمسين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن علي شار أحرقه الجوع فذهب إلى سوق التجار فوجد حلقة إزدحام والناس مجتمعون فيها فقال في نفسه :
يا ترى ما سبب اجتماع هؤلاء الناس والله لا أنتقل من هذا المكان حتى أتفرج على هذه الحلقة .
ثم تقدم فوجد جارية خماسية معتدلة القد موردة الخد قاعدة النهد قد فاقت أهل زمانها في الحسن والجمال والبهاء والكمال كما قال بعض واصفيها :
كما اشتهت خلقت حتـى إذا كملـت ........ في قالب الحسن لا طول ولا قصر
و الحسن أصبح مشغوفاً بصورتهـا ........ والصد أبعد لها والتيه والخـفـر
فالبدر طلعتها والغصن قامـتـهـا ........ والمسك نكهتها ما مثلهـا بـشر
كأنها أفرغت مـن مـاء لـؤلـؤة ........ في كل جارحة من حسنها قـمـر
وكانت تلك الجارية اسمها زمرد فلما نظرها علي شار تعجب من حسنها وجمالها وقال والله لا أبرح حتى انظر القدر الذي يبلغه ثمن هذه الجارية وأعرف الذي يشتريها ، ثم وقف بجملة التجار فظنوا أنه يشتري لما يعلمون من غناه بالمال الذي ورثه من والده ثم إن الدلال وقف على رأس الجارية وقال :
يا تجار يا أرباب الأموال من يفتح باب السعر في هذه الجارية سيدة الأقمار الدرة السنية زمرد السنورية بغية الطالب ونزهة الراغب فافتحوا الباب فليس على من فتحه لوم ولا عتاب .
فقال بعض التجار :
علي بخمسمائة دينار .
وقال آخر :
وعشرة .
فقال شيخ يسمى رشيد الدين وكان أزرق العين قبيح المنظر :
ومائة .
وقال آخر :
وعشرة .
قال الشيخ : بألف دينار .
فحبس التجار ألسنتهم وسكتوا فشاور الدلال سيدها فقال :
أنا حالف أني لا أبيعها إلا لمن تختاره فشاورها .
فجاء الدلال إليها وقال :
يا سيدة الأقمار إن هذا التاجر يريد أن يشتريك فنظرت إليه فوجدته كما ذكرنا فقالت للدلال :
ألا أباع لشيخ أوقعته الهموم في أسوأ حال ولله در من قال :
سألتها قبـلة يومـاً وقـد نـظـرت ...... شيبي وقد كنت ذا مال وذا نعم
فأعرضت عن مرامي وهـي قـائلة ...... لا والذي خلق الإنسان من عدم
ما كان لي في بياض الشيب من أرب ...... أفي الحياة يكون القطن حشو فمي
فلما سمع الدلال قولها قال لها :
والله أنك معذورة وقيمتك عشرة آلاف دينار .
ثم أعلم سيدها أنها ما رضيت بذلك الشيخ فقال :
شاورها في غيره .
فتقدم إنسان آخر وقال :
علي بما أعطى فيها الشيخ الذي لم ترض به .
فنظرت إلى ذلك الرجل فوجدته مصبوغ اللحية فقالت :
ما هذا العيب والريب وسواد وجه الشيب وأنشدت هذين البيتين :
قالت أراك خضبت الشيب قلت لها ........ سترته عنك يا سمعي ويا بصري
فقهقهت ثم قالت إن ذا عـجـب ........ تكاثر الغش حتى صار بالشعـر
فلما سمع الدلال شعرها قال لها :
والله إنك صدقت .
فقال التاجر :
ما الذي قالت .
فأعاد عليه الأبيات فعرف أن الحق على نفسه وامتنع من شرائها فتقدم تاجر آخر وقال :
شاورها على الثمن الذي سمعته .
فشاورها فنظرت إليه فوجدته أعور فقالت :
هذا أعور .
فقال لها الدلال :
يا سيدتي انظري من يعجبك من الحاضرين وقولي عليه حتى أبيعك له .
فنظرت إلى حلقة التجار وتفرستهم واحداً بعد واحد فوقع نظرها على علي شار .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:53 AM   #373
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والخمسين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما وقع نظرها على علي شار ، نظرته نظرة أعقبتها ألف حسرة وتعلق قلبها به لأنه كان بديع الجمال وألطف من نسيم الشمال ، فقالت :
يا دلال أنا لا أباع إلا لسيدي صاحب هذا الوجه المليح والقد الرجيح الذي قال فيه بعض واصفيه :
أبرزوا وجهك الجميل ........ ولاموا من افتـتـن
لو أرادوا صيانـتـي ........ ستروا وجهك الحسن
فلا يمكنني إلا هو لأن خده أسيل ورضابه سلسبيل وريقه يشفي العليل ومحاسنه تحير الناظم والناثر كما قال فيه الشاعر :
فريق خمر وأنـفـاسـه ........ مسك وذاك الثغر كافور
أخرجه رضوان من داره ........ مخافة أن تفتن الحـور
يلومه الناس على تيهـه ........ والبدر مهما تاه معذور
صاحب الشعر الأجعد والخد المورد واللحظ الساحر الذي قال فيه الشاعر :
وشادن بوصال منـه واعـدنـي ........ فالقلب في قلـق مـنـتـظـره
أجفانه ضمنت لي صدق موعـده ........ فكيف توفي ضماناً وهي منكسره
فلما سمع الدلال ما أنشدته من الأشعار في محاسن علي شار تعجب من فصاحتها وإشراق بهجتها فقال له صاحبها :
لا تعجب من بهجتها التي تفضح شمس النهار ولا من حفظها لرقائق الأشعار فإنها مع ذلك تقرأ القرآن العظيم بالسبع قراآت وتروي الحديث بصحيح الروايات وتكتب بالسبعة أقلام وتعرف العلوم ما لا يعرفه العالم العلام ويداها أحسن من الذهب والفضة فإنها تعمل الستور الحرير وتبيعها فتكسب في كل واحدة خمسين ديناراً أو تشتغل الستر في ثمانية أيام .
فقال الدلال :
يا سعادة من تكون هذه في داره ويجمعها من ذخائر أسراره .
ثم قال له سيدها :
بعها لكل من أرادته .
فرجع الدلال إلى علي شار وقبل يديه وقال :
يا سيدي اشتر هذه الجارية فإنها اختارتك .
وذكر له صفاتها وما تعرفه وقال له :
هنيئاً لك إذا اشتريتها فإنه قد أعطاك من لا يبخل بالعطاء .
فأطرق علي شار برأسه ساعة إلى الأرض وهو يضحك على نفسه ويقول في سره :
أنا لي هذا الوقت من غير إفطار ولكن أختشي من التجار أن أقول ما عندي مال أشتريها .
فنظرت الجارية إلى إطراقه وقالت للدلال :
خذ بيدي وامض بي إليه حتى أعرض نفسي عليه وأرغبه في أخذي فإني لا أباع إلا له .
فأخذها الدلال ، وأوقفها قدام علي شار وقال له :
ما رأيك يا سيدي ؟
فلم يرد له جواباً ، فقالت الجارية :
يا سيدي وحبيب قلبي مالك لا تشتريني ، فاشترني بما شئت وأكون سبب سعادتك .
فرفع رأسه إليها وقال :
هل الشراء بالغصب فأنت غالية بألف دينار .
فقالت له الجارية :
يا سيدي اشترني بتسعمائة .
قال علي شار :
لا .
قالت زمرد الجارية :
بثمانمائة .
قال علي شار :
لا .
فما زالت تنقص من الثمن إلى أن قالت له :
بمائة دينار .
قال علي شار :
ما معي مائة كاملة .
فضحكت زمرد وقالت له :
كم تنقص مائتك ?
قال علي شار :
ما معي لا مائة ولا غيرها والله ما أملك لا أبيض ولا أحمر من درهم ، ولا دينار فانظري لك زبوناً غيري .
فلما علمت أنه ما معه شيء قالت له :
خذ بيدي على أنك تقبلني في عطفة .
ففعل ذلك فأخرجت من جيبها كيساً فيه ألف دينار وقالت :
زن منه تسعمائة في ثمني وابق المائة معك تنفعنا .
ففعل ما أمرته به واشتراها بتسعمائة ودفع ثمنها من ذلك الكيس ومضى بها إلى الدار فلما وصلت إلى الدار وجدتها قاعاً صفصفاً لا فرش بها ولا أواني فأعطته ألف دينار وقالت له :
امض إلى السوق واشتر لنا بثلثمائة دينار فرشاً وأواني للبيت .
ففعل ، ثم قالت له :
اشتر لنا مأكلاً ومشروباً .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:54 AM   #374
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والخمسين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت له :
اشتر لنا مأكولاً ومشروباً بثلاثة دنانير .
ففعل ثم قالت له :
اشتر لنا خرقة حرير قدر ستر واشتر قصباً أصفر وأبيض وحريراً ملوناً سبعة ألوان .
ففعل ، ثم إنها فرشت البيت وأوقدت الشمع وجلست تأكل وتشرب هي وإياه وبعد ذلك قاموا إلى الفراش وقضوا الغرض من بعضهما ثم باتا متعانقين خلف الستائر وكان كما قال الشاعر :
زر منتحب ودع كلام الحـاسـد ........ ليس الحسود على الهوى بمساعد
إني نظرتك في المنام مضاجعـي ........ ولثمت من شفتيك أحلـى بـارد
حق صحيح كـل مـا عـينـته ........ ولسوف أبلغه برغم الحـاسـد
لم تنظر العينان أحسن منـظـراً ........ من عاشقين على فـراش واحـد
متعانقين عليهما حللي بالـرضـا ........ متوسدين بمعصـم وبـسـاعـد
وإذا تألفت القلوب على الـهـوى ........ فالناس تضرب في حـديد بـارد
يا من يلوم على الهوى أهل الهوى ........ فهو المراد وعش بذاك الواحـد
واستمرا متعانقين إلى الصباح وقد سكنت محبة كل واحد منهما في قلب صاحبه ثم أخذت الستر وطرزته بالحرير الملون وزركشته بالقصب وجعلت فيه منطقة بصور طيور وصورت في دائرها صور الوحوش ولم تترك وحشاً في الدنيا إلا وصورت صورته فيه ومكثت تشتغل فيه ثمانية أيام فلما فرغ صقلته وطوته ثم أعطته لسيدها وقالت له :
اذهب به إلى السوق وبعه بخمسين ديناراً للتاجر واحذر أن تبيعه لأحد عابر طريق ، فإن ذلك يكون سبباً للفراق بيني وبينك أن لنا أعداء لا يغفلون عنا .
فقال لها :
سمعاً وطاعة ثم ذهب إلى السوق وباعه لتاجر كما أمرته وبعد ذلك اشترى الخرقة والحرير والقصب على العادة وما يحتاجان إليه من الطعام وحضر لها ذلك وأعطاها بقية الدراهم ، فصارت كل ثمانية أيام تعطيه ستراً يبيعه بخمسين دينار ومكثت على ذلك سنة كاملة وبعد سنة راح إلى السوق بالستر على العادة وأعطاه للدلال فعرض له نصراني فدفع له ستين ديناراً ، فامتنع فما زال يزيده حتى عمله بمائة دينار وبرطل الدلال بعشرة دنانير فرجع الدلال على علي شار وأخبره بالثمن وتحيل عليه في أن يبيع الستر للنصراني بذلك المبلغ وقال له سيدي :
لا تخف من هذا النصراني وما عليك منه بأس .
وقامت التجار عليه فباعه للنصراني وقلبه مرعوب ثم قبض المال ومضى إلى البيت فوجد النصراني ماشياً خلفه .
فقال له علي شار :
يا نصراني مالك ماشياً خلفي ?
فقال له النصراني :
يا سيدي إن لي حاجة في صدر الزقاق الله لا يحوجك .
فما وصل علي شار إلى منزله إلا والنصراني لاحقه فقال له علي :
يا ملعون ما لك تتبعني أينما أسير ?
فقال النصراني :
يا سيدي اسقني شربة ماء فإني عطشان وأجرك على الله تعالى .
فقال علي شار في نفسه :
هذا رجل ذمي وقصدني في شربة ماء والله لا أخيبه .


 

رد مع اقتباس
قديم 11-06-2009, 09:54 AM   #375
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والخمسين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن علي شار قال في نفسه :
هذا رجل ذمي وقصدني في شربة ماء والله لا أخيبه .
ثم دخل البيت وأخذ كوز ماء فرأته جاريته زمرد فقالت :
يا حبيبي هل بعت الستر ?
قال علي شار :
نعم .
قالت زمرد :
لتاجر أو لعابر سبيل قد أحس قلبي بالفراق .
قال علي شار :
ما بعته إلا لتاجر .
قالت زمرد :
أخبرني بحقيقة الأمر حتى أتدارك شأني وما بالك أخذت كوز الماء .
قال علي شار :
لأسقي الدلال .
فقالت زمرد :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم أنشدت هذين البيتين :
يا طالباً للفراق مهـلاً ........ فلا يغرنك العـنـاق
مهلاً فطبع الزمان غدر ........ وآخر الصحبة الفراق
ثم خرج بالكوز فوجد النصراني داخلاً في دهليز البيت فقال له :
هل وصلت إلى هنا يا كلب ? كيف تدخل بلا أذني ?
فقال النصراني :
يا سيدي لا فرق بين الباب والدهليز وما بقيت أنتقل من مكاني هذا إلا للخروج وأنت لك الفضل والإحسان والجود والإمتنان .
ثم إنه تناول كوز الماء وشرب منه وبعد ذلك ناوله إلى علي شار فأخذه وانتظره أن يقوم فما قام فقال له :
لأي شيء لم تقم وتذهب في حال سبيلك ?
فقال النصراني :
يا مولاي إني قد شربت ولكن أريد منك تطعمني مهما كان في البيت حتى إذا كان كسرة قرقوشة وبصلة .
فقال له علي شار :
قم بلا مماحكة ما في البيت شيء .
فقال النصراني :
يا مولاي إن لم يكن في البيت شيء فخذ هذه المائة دينار وائتني بشيء من السوق ولو برغيف واحد ليصير بيني وبينك خبز وملح .
فقال علي شار في سره :
إن هذا النصراني مجنون فأنا آخذ منه المائة دينار آتي له يساوي درهمين وأضحك عليه .
فقال النصراني :
يا سيدي إنما أريد شيئاً يطرد الجوع ولو رغيفاً واحداً وبصلة فخير الزاد ما دفع الجوع .
فقال علي شار :
اصبر هنا حتى أقفل القاعة وآتيك بشيء من السوق .
فقال النصراني :
سمعاً وطاعة .
ثم خرج وقفل القاعة وحط على الباب كيلو وأخذ المفتاح معه وذهب إلى السوق واشترى جبناً مقلياً وعسلاً أبيض وموزاً وخبزاً وأتى به إليه فلما نظر النصراني إلى ذلك قال :
يا مولاي هذا شيء كثير يكفي عشرة رجال وأنا وحدي فلعلك تأكل معي .
فقال له علي شار :
كل وحدك فإني شبعان .
فقال له النصراني :
يا مولاي قال الحكماء :
من لم يأكل مع ضيفه فهو ولد زنا .
فلما سمع علي شار من النصراني هذا الكلام جلس وأكل معه شيئاً قليلاً وأراد أن يرفع يده .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:36 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا