المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

}{ .. دورة حفظ الأربعين النووية .. }{

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله ,,

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22-01-2010, 10:20 PM   #1
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue
}{ .. دورة حفظ الأربعين النووية .. }{




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله ,,


إخواني وأخواتي الفضلاء ستكون هذه الدورة عبارة عن وضع حديث من أحاديث الأربعين النووية يومياً مع شرح كل حديث ,, وشرح الأحاديث ستكون من كتاب للشيخ صالح آل الشيخ شرح فيها الأربعين النووية ,,

وبعد كل خمس أيام سيتم بإذن الله التسميع كتابتاً للأخوان والأخوات المشاركين في هذه الدورة ,,

وسبب وضع مثل هذه الدورة لحفظ الأربعين النووية هو ماذكره الشيخ صالح آل الشيخ :
" فهذه الأحاديث الأربعون، وما يزيد عليها أيضًا، فيها علم الدين كله، فما من مسألة من مسائل الدين إلا وهي موجودة في هذه الأحاديث من العقيدة، أو من الفقه، وهذا يتبين لمن طالع "الشرح العجاب" شرح ابن رجب -رحمه الله- على الأربعين النووية، وعلى الأحاديث التي زادها ثم شرحها.
فالعناية بها مهمة؛ لأن في فهمها فهم أصول الشريعة بعامة، وقواعد الدين، فإن منها الأحاديث التي تدور عليها الأحكام كما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى- مفصلًا. "


فمن أراد/ت الإنضمام معنا فحيهلا بهـ/ـا ,,

ونسأل الله عز وجل أن ينفعنا بها ,,

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 22-01-2010, 10:37 PM   #2
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

قبل البدء في وضع الحديث الأول سنضع مقدمة لشارح الأربعين النووية الشيخ صالح والتي ذكر فيه نبذة يسيرة عن كاتب الأربعين النووية للإمام النووي رحمه الله ,,


.. مقدمة الشارح ..

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لمجده، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، أن يجعلني وإياكم ممن يتحرك لله، ويعمل لله، ويطلب العلم لله، ويتكلم ويعمل لله -جل جلاله- فـ " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وما من شك أن " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" كما ثبت ذلك عن " المصطفى- صلى الله عليه وسلم-.
وطلب العلم له أصوله، وله رتبه، فمن فاته طلب العلم على رتبه وأصوله، فإنه يحرم الوصول، وهذه مسألة كثيرًا ما نكررها رغبة في أن تقر في قلوب طلبة العلم ومحبي العلم، ألا وهي أن يطلب العلم شيئًا فشيئًا على مر الأيام والليالي، كما قال ذلك ابن شهاب الزهري -الإمام المعروف- إذ قال: "من رام العلم جملة ذهب عنه جملة، وإنما يطلب العلم على مر الأيام والليالي".
وهذا كما تدرس صغيرًا أصول الكتابة، أو أصول نطق الكلمات، فإنه لا بد أن يأخذه شيئًا فشيئًا، ثم إذا استمر على ذلك أحكم الكتابة، وأحكم النطق حتى تمكن من ذلك، والعلم كذلك، فالعلم منه صغار، ومنه كبار باعتبار الفهم كبار العمل.
وباعتبار كون العلم من الله -جل جلاله- وعن رسوله  فإنه ليس في العلم شيء سهل، كما قال مالك -رحمه الله تعالى- إذ قيل له: هذا من العلم السهل، قال: ليس في علم القرآن والسنة شيء سهل، وإنما كما قال الله -جل وعلا-: {
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } فالعلم من أخذه على أنه ثقيل صعب أدركه، وأما من أخذ المسائل على أنها سهلة، وهذه سهلة، وهذه متصورة، وهذه مفهومة، ويمر عليها مرور السريع، فإن هذا يفوته شيء كثير.
فإذًا لا بد لنا في طلب العلم من تدرج فيه على أصوله، وعلى منهجية واضحة ،ولا بد لنا أن نأخذ العلم على أنه ليس فيه شيء سهل؛ بل كله ثقيل من حيث فهمه، ومن حيث تثبيته، ومن حيث استمراره مع طالب العلم، فهو ثقيل لا بد له من مواصلة ومتابعة، فالعلم ينسى إذا ترك، وإذا تواصل معه طالب العلم فإنه يبقى، وهذا يعظم التبعة على طالب العلم في ألا يتساهل في طلبه للعلم.
فلا يقولن قائل مثلا: هذا الكتاب سهل، وهذا المتن لم يشرح؛ لأنه سهل واضح، أحاديث معروفة، فإن هذا يؤتى من هذه الجهة، حيث استسهل الأصول وعقد العلم، وقد قال طائفة من أهل العلم: "العلم عقد وملح، فمن أحكم العقد سهل عليه العلم، ومن فاته حل العقد فاته العلم" وهذا إنما يكون بإحكام أصول العلوم.
وإذا ضبط طالب العلم المتون المعروفة في الحديث، وفي العلوم المختلفة، فإنه يكون مهيئًا للانتقال إلى درجات أعلى بفهم وتأسيس لما سبق؛ فلهذا أحض جميع الإخوة، وجميع طلاب العلم ممن يسمعون كلامي هذا أحضهم على أن يأخذوا العلم بحزم، وألا يأخذوه على أن هذه المسألة مفهومة، وهذه سهلة، وهذه واضحة؛ بل إنه يكرر الواضح ليزداد وضوحًا، ويكرر المعلوم ليزداد به علما وهكذا.
ونسأل الله -جل وعلا- أن يجعل هذا الشرح الذي نبتدئه هذه الليلة، أسأله -جل وعلا- أن يجعله شرحًا تامًّا مكملًا، وأن ينفع به الملقي والسامع، وأن يجعلنا فيه من المبتصرين، والذين يقولون بعلم لا برأي أو هوى.
ثم إن هذا الكتاب الذي سنعاني شرحه هو الأحاديث المختارة المعروفة بـالأربعين النووية جمعها العلامة يحيى بن شرف النووي، ويقال: النواوي أيضًا، وهو من علماء الشافعية البارزين، وممن شرح كتبًا في الحديث، وكتبًا في الفقه، وأيضًا في لغة الفقهاء، وغير ذلك من العلوم.
وأصل كتابه "الأربعون النووية" أن ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- جمع في مجلس من مجالس تدريسه للحديث، جمع الأحاديث الكلية التي يدور عليها علم الشريعة، فجعلها ستة وعشرين حديثًا، فنظر فيها العلامة النووي -رحمه الله- فزادها ستة عشر حديثًا، فصارت الأحاديث التي اختارها النووي ثنتين أو اثنين وأربعين حديثًا، فسميت بالأربعين النووية تجوزًا.
ثم زاد عليها الحافظ الإمام عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي ثمانية أحاديث كلية أيضًا، وعليها مدار فهم بعض الشريعة، فصارت خمسين حديثًا، وهي التي شرحها في كتابه المسمى "جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم".
وأصل هذه الأحاديث في اختيارها على أنها جوامع كلم تدور عليها أمور الدين، فمنها ما يتصل بالإخلاص، ومنها ما هو في بيان الإسلام وأركانه، والإيمان وأركانه، ومنها ما هو في بيان الحلال والحرام، ومنها ما هو في بيان الآداب العامة، ومنها ما هو في بيان بعض صفات الله -جل وعلا- وهكذا في موضوعات الشريعة جميعًا.
فهذه الأحاديث الأربعون، وما يزيد عليها أيضًا، فيها علم الدين كله، فما من مسألة من مسائل الدين إلا وهي موجودة في هذه الأحاديث من العقيدة، أو من الفقه، وهذا يتبين لمن طالع "الشرح العجاب" شرح ابن رجب -رحمه الله- على الأربعين النووية، وعلى الأحاديث التي زادها ثم شرحها.
فالعناية بها مهمة؛ لأن في فهمها فهم أصول الشريعة بعامة، وقواعد الدين، فإن منها الأحاديث التي تدور عليها الأحكام كما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى- مفصلًا.





 

رد مع اقتباس
قديم 24-01-2010, 06:51 AM   #3
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.


{ .. الحديث الأول .. }


حديث : إنما الأعمال بالنيات

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: { إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه } .

رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردذبه البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما الذين هما أصح الكتب المصنفة.


هذا هو الحديث الأول؛ حديث عمر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى وهذا الحديث حديث عظيم حتى قال طائفة من السلف، ومن علماء الملة: ينبغي أن يكون هذا الحديث في أول كل كتاب من كتب العلم؛ ولهذا بدأ به البخاري -رحمه الله- صحيحه، فجعله أول حديث فيه حديث إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى بحسب اللفظ الذي أورده في أوله.

وهذا الحديث أصل من أصول الدين، وقد قال الإمام أحمد: ثلاثة أحاديث يدور عليها الإسلام:

حديث عمر: إنما الأعمال بالنيات .

وحديث عائشة: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد .

وحديث النعمان بن بشير: الحلال بين والحرام بين .

وهذا الكلام من إمام أهل السنة متين للغاية؛ ولذلك أن عمل المكلف دائر على امتثال الأمر، واجتناب النهي، وامتثال الأمر، واجتناب النهي هذا هو الحلال والحرام، وهناك بين الحلال والحرام مشبهات، وهو القسم الثالث.

وهذه الثلاث هي التي وردت في حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات وفي رواية: "مشبهات" والعمل لمن أراد أن يعمل، أو فعل الأمر واجتناب النهي لا بد أن يكون بنية حتى يكون صالحًا.

فرجع تصحيح ذلك العمل، وهو الإتيان بما فرض الله، أو الانتهاء عما حرم الله إلى وجود النية التي تجعل هذا العمل صالحًا مقبولًا، ثم إن ما فرض الله -جل وعلا- من الواجبات، أو من المستحبات، وما فرض الله -جل وعلا- من الواجبات، أو ما شرع من المستحبات، لا بد فيه من ميزان ظاهر حتى يصلح العمل، وهذا يحكمه حديث من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد كما في رواية مسلم للحديث.

فإذًا هذا الحديث؛ حديث الأعمال إنما الأعمال بالنيات يحتاج إليه في كل شيء؛ يحتاج إليه في امتثال الأوامر، وفي اجتناب النواهي، وفي ترك المشتبهات، وبهذا يعظم وقع هذا الحديث؛ لأن المرء المكلف في أي حالة يكون عليها ما بين أمر يأتيه؛ إما أمر إيجاب، أو استحباب، وما بين نهي ينتهي عنه؛ نهي تحريم، أو نهي كراهة، أو يكون الأمر مشتبهًا، فيتركه، وكل ذلك لا يكون صالحًا إلا بإرادة وجه الله -جل وعلا- به وهي النية.

قوله -عليه الصلاة والسلام-: إنما الأعمال بالنيات روي أيضًا، في الصحيح إنما العمل بالنية وروي إنما الأعمال بالنية بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، فإنه إذا أفرد العمل أو النية أريد بها الجنس، فتتفق رواية الإفراد مع رواية الجمع.

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى هذا فيه حصر؛ لأن لفظ "إنما" من ألفاظ الحصر عند علماء المعاني، والحصر يقتضي أن تكون الأعمال محصورة في النيات، ولهذا نظر العلماء ما المقصود بقوله: إنما الأعمال بالنيات ؟ لأنه حصر الأعمال بالنيات، فقال طائفة من أهل العلم وهو القول الأول: إن قوله -عليه الصلاة والسلام-: إنما الأعمال بالنيات يعني: إنما الأعمال، وقوعها مقبولة، أو صحيحة بالنية.

قال: وإنما لكل امرئ ما نوى اللام هذه لام الملكية، يعني: مثل التي جاءت في قوله -تعالى-: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وإنما لكل امرئ ما نوى يعني: من ثواب عمله ما نواه، هذا قول طائفة من أهل العلم.

والقول الثاني: أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: إنما الأعمال بالنيات هذا راجع إلى أن الباء سببية أيضًا، والمقصود بها سبب العمل لا سبب قبوله، قالوا: لأننا لا نحتاج مع هذا إلى تقدير، فقوله: إنما الأعمال بالنيات يعني: إنما الأعمال بسبب النيات، فما من عمل يعمله أحد إلا وله إرادة وقصد فيه وهي النية.

فمنشأ الأعمال؛ سواء كانت صالحة أو فاسدة، طاعة أو غير طاعة، إنما منشؤها إرادة القلب لهذا العمل، وإذا أراد القلب عملًا، وكانت القدرة على إنفاذه تامة، فإن العمل يقع فيكون قوله -عليه الصلاة والسلام- على هذا: إنما الأعمال بالنيات يعني: إنما الأعمال صدورها وحصولها بسبب نية من أصدرها، بسبب إرادة قلبه وقصده لهذا العمل.

وإنما لكل امرئ ما نوى هذا فيه أن ما يحصل للمرء من عمله ما نواه نية صحيحة، يعني: إذا كانت النية صالحة صار ذلك العمل صالحًا، فصار له ذلك العمل.

والقول الأول أصح؛ وذلك لأن تقريب مبعث الأعمال، وأنها راجعة لعمل القلب، هذا ليس هو المراد بالحديث، كما هو ظاهر من سياقه، وإنما المراد اشتراط النية للعمل، وأن النية هي المصححة للعمل، وهذا فيه وضوح؛ لأن قوله -عليه الصلاة والسلام- إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى بيان لما تطلبه الشريعة، لا لما هو موجود في الواقع.


يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 25-01-2010, 09:35 PM   #4
رياانة
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية رياانة
رياانة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21605
 تاريخ التسجيل :  10 2007
 أخر زيارة : 17-04-2010 (02:05 PM)
 المشاركات : 1,477 [ + ]
 التقييم :  90
لوني المفضل : Cadetblue


جزاك ربي خيرا غاليتي نور

وأنا أول المنضمين إليك ,,

تحياتي ومودتي ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 25-01-2010, 11:35 PM   #5
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

فلهذا نقول: الراجح من التفسيرين أن قوله -عليه الصلاة والسلام- إنما الأعمال بالنيات يعني: إنما الأعمال صحة وقبولًا أو فسادًا بسبب النيات، وإنما لامرئ من عمله ثوابًا وأجرًا ما نواه.

إذا تقرر هذا فالأعمال ما هي؟

الأعمال جمع عمل، والمقصود به هنا ما يصدر عن المكلف، ويدخل فيه الأقوال فليس المقصود بالعمل قسيم القول، القول والعمل والاعتقاد قسيم القول والاعتقاد، وإنما الأعمال هنا كل ما يصدر عن المكلف من أقوال وأعمال، قول القلب، وعمل القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح.

فيدخل في قوله: إنما الأعمال بالنيات كل ما يتعلق بالإيمان؛ لأن الإيمان قول وعمل، قول اللسان، وقول القلب وعمل القلب وعمل الجوارح، فقوله: إنما الأعمال بالنيات يدخل فيها جميع أنواع ما يصدر من المكلف.

طبعًا هذا العموم عموم مراد به إلى الخصوص؛ لأن العموم عند الأصوليين على ثلاثة أقسام: عام باق على عمومه، وعام دخله التخصيص، وعام مراد به إلى الخصوص، يعني: أن يكون اللفظ عامًا، ويراد به بعض الأفراد.

وهنا لا يدخل في الأعمال في قوله: إنما الأعمال بالنيات لا يدخل فيها الأعمال التي لا تشترط لها النية مثل أنواع التروك، وإرجاع المظالم، وأشباه ذلك، تطهير النجاسة، وأمثال ذلك، يعني: مما لا يشترط له النية؛ لأنه ترك ونحوه، والنية التي عليها مدار هذا الحديث، النية: قصد القلب وإرادته.

وإذا قلنا: النية قصد القلب وإرادته علقناها بالقلب، فالنية إذًا ليس محلها اللسان ولا الجوارح، وإنما محلها القلب نوى يعني: قصد بقلبه وأراد بقلبه هذا الشيء.

فالأعمال مشروطة بإرادة القلب وقصده، فأي إرادة وقصد هذه المقصود بها إرادة وجه الله -جل وعلا- بذلك؛ ولهذا في القرآن يأتي معنى النية بلفظ الإرادة والابتغاء وأشباه ذلك، كما في قوله: { يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ } وكما في قوله: { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } ونحو ذلك { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } يريد يعني: ينوي يطلب ويقصد، هذه هي النية { وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا } هذه النية.

أو لفظ الابتغاء كقوله -جل وعلا-: { إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى وكما في قوله -جل وعلا-: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } .

فإذًا في النصوص يكثر ورود النية بلفظ أولًا: الإرادة إرادة القلب، ثانيًا: بلفظ الابتغاء، أو بلفظ الإسلام؛ إسلام القلب والوجه لله -جل وعلا- والنية في كلام الله -جل وعلا- أو في الشريعة بعامة يراد بها أحد معنيين: المعنى الأول: نية متجهة للعبادة، والمعنى الثانى: نية متجهة للمعبود.

فالنية قسمان:

نية متعلقة بالعبادة، ونية متعلقة بالمعبود، فأما المتعلقة بالعبادة فهي التي يستعملها الفقهاء في الأحكام حين يأتون إلى الشروط، الشرط الأول: النية، يقصدون بذلك النية المتوجهة للعبادة، وهي تمييز العبادات بعضها عن بعض.

تمييز الصلاة عن الصيام، تمييز الصلاة المفروضة عن النفل، يعني: أن يميز القلب فيما يأتي ما بين عبادة وعبادة، أتى المسجد وأراد أن يركع ركعتين، ميز قلبه هاتين الركعتين هل هي ركعتا تحية المسجد، أو هي ركعتا راتبة؟ أو هل هي ركعتا استخارة؟ إلى آخره... فتمييز القلب ما بين عبادة وعبادة هذه هي النية التي يتكلم عنها الفقهاء في الكتب الفقهية وهي النية المتوجهة للعبادة.

القسم الثانى: النية المتوجهة للمعبود، وهذه هي التي يتحدث عنها باسم الإخلاص: إخلاص القلب، إخلاص النية، إخلاص العمل لله -جل وعلا- وهي التي تستعمل كثيرًا بلفظ النية والإخلاص والقصد.

فإذًا هذا الحديث شمل نوعي النية: النية التي توجهت للمعبود، والنية التي توجهت للعبادة، فـ إنما الأعمال بالنيات يعني: إنما العبادات تقع صحيحة، أو مقبولة بسبب النية، يعني: النية التي تميز العبادة بعضها عن بعض أولا.

والنية التي هي إخلاص العبادة للمعبود، وهو الله -جل جلاله- فلهذا لا يصلح أن نقول: النية هنا هي النية التي بمعنى الإخلاص، ونقول: إن كلام الفقهاء في النيات لم يدخل فيه الإخلاص، ولا القسم الثاني، فإن تحقيق المقام انقسام النية إلى هذين النوعين -كما أوضحت لكم-.

قال -عليه الصلاة والسلام-: وإنما لكل امرئ ما نوى يعني: هذا حصر أيضًا، وإنما لكل امرئ من عمله ثوابًا وأجرًا لما نواه بعمله، فإن كان نوى بعمله الله والدار الآخرة، يعني: أخلص لله -جل وعلا- مريدا وجه الله -جل وعلا- فعمله صالح، وإن كان عمله للدنيا فعمله فاسد؛ لأنه للدنيا.

وهذا كما جاء في آيات كثيرة إخلاص الدين لله -جل علا-: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } يعني: الدين يقع على نية الإخلاص، كما في قوله -جل وعلا-: { أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } .

وقد جاء في أحاديث كثيرة بيان إخلاص العمل لله -جل وعلا- كقوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه وفي لفظ آخر قال -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث القدسي: فهو للذي أشرك، وأنا منه بريء .

وهذا يدل على أن العمل لا بد أن يكون خالصًا لله -جل وعلا- حتى يكون مقبولًا، ويؤجر عليه العبد، إذا وصلنا إلى هذا فمعناه أن من عمل عملًا، ودخل في ذلك العمل نية غير الله -جل وعلا- بذلك العمل، فإن العمل باطل لقوله: "من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" .. "فهو للذي أشرك" " .. إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " .

وهذه يحتمل أن يكون المراد بذلك العملِ العملَ الذي يكون في أصل العبادة، أو في أثناء العبادة، أو غيَّر نيته بعد العبادة، يحتمل هذا، أو تكون العبادة أيضا في بعضها لله، وفي بعضها لغير الله، فما المراد؟

قال العلماء: تحقيق هذا المقام أن العمل إذا خالتطه نية فاسدة، يعني: رياء نوى للخلق، أو سمعة، فإنه إن أنشأ العبادة للخلق فهي باطلة، يعني: صلى دخل في الصلاة، لا لإرادة الصلاة؛ ولكن يريد أن يراه فلان، فهذه الصلاة باطلة.

وهو مشرك كما جاء في الحديث: من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك يعني: حين أنشأ الصلاة الواحدة أنشأها يرائي، وإلا فإن إنشاء المسلم عباداته جميعًا على الرياء هذا غير متصور، وإنما يقع الرياء ربما في بعض عبادات المسلم؛ إما في أولها، وإما في أثنائها.

وأما الرياء التام في جميع الأعمال فإن هذا لا يتصور من مسلم، وإنما يكون من الكفار والمنافقين، كما قال -جل وعلا- في وصفهم: { يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا } وقوله في وصف الكفار: { رِئَاءَ النَّاسِ } يعني: بهذا أن القسم الأول نية ابتدأ بها العبادة لغير الله، فهذه العبادة تكون باطلة: صلاته باطلة، صيامه باطل، وصدقته باطلة، نوى بالعمل غير وجه الله -جل وعلا-.

القسم الثاني: أن يحدث تغيير النية في أثناء العبادة، وهذا له حالان: الحال الأولى: أن يبطل نيته الأصلية، ويجعل العبادة لهذا المخلوق، فهذا حكمه كالأول من أن العبادة فسدت؛ لأنه أبطل نيتها، وجعلها للمخلوق، فنوى في أثناء الصلاة أن الصلاة هذه لفلان، فتبطل الصلاة.

الحال الثانية: من هذا القسم أن يزيد في الصلاة من لأجل رؤية أحد الناس، يعني: يراه أحد طلبة العلم، أو يراه والده، أو يراه كبير القوم، أو يراه إمام المسجد، فبدل أن يسبح ثلاث تسبيحات أطال في الركوع، والركوع عبادة لله -جل وعلا- فأطال على خلاف عادته لأجل رؤية هذا الرائي.

فهذا العمل الزائد الذي نوى به المخلوق يبطل؛ لأن نيته فيه لغير الله، و إنما الأعمال بالنيات لكن أصل العمل صالح؛ لأن هذه النية ما عرضت لأصل العمل، وإنما عرضت لزيادة في بعضه أطال الصلاة، أو إمام أطال القراءة؛ لأن حسن صوته لرؤية إلى الخلق، أو لأن وراءه فلان، أو نحو ذلك من الأعمال، فلا يبطل أصل العمل، وإنما ما زاد فيه لأجل الخلق يكون فيه مشركًا الشرك الأصغر، وهو الرياء -والعياذ بالله-، هذه الحالة الثانية من القسم الثاني.

والحالة الثالثة: أن يعرض له حب الثناء، وحب الذكر بعد تمام العبادة، عمل العبادة لله، صلى لله، حفظ القرآن لله، وصام لله، صام النوافل لله -جل وعلا- مخلصًا، وبعد ذلك رأى من يثني عليه، فسره ذلك، ورغب في المزيد في داخله، فهذا لا يخرم أصل العمل؛ لأنه نواه لله، ولم يكن في أثنائه فيكون شركا، إنما وقع بعد تمامه، فهذا كما جاء في الحديث تلك عاجل بشرى المؤمن أن يسمع ثناء الناس عليه لعبادته وهو لم يقصد في العمل الذي عمله أن يثني عليه الناس هذه ثلاثة أحوال.

وإذا تقرر هذا فالأعمال التي يتعلق بها نية مع نيتها لله -جل وعلا- على قسمين أيضا، الأول: أعمال يجب ألا يريد بها، وألا يعرض لقلبه فيها ثواب الدنيا أصلا، وهذه أكثر العبادات، وأكثر الأعمال الشرعية.

والقسم الثاني: عبادات حض عليها الشارع بذكر ثوابها في الدنيا، مثل صلة الرحم حض عليها الشارع بذكر ثواب الدنيا، فقال -عليه الصلاة والسلام-: من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه فحض على صلة الرحم بذكر ثواب الدنيا: النسأ في الأثر، والبسط في الرزق.

يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 25-01-2010, 11:36 PM   #6
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

أو كقوله في الجهاد: من قتل قتيلا فله سلبه يعني: ما عليه من السلاح، وما معه من المال أو كذا، يسلبه ويكون لهذا القاتل، فهذا حض على القتل بذكر ثواب دنيوي، فمن أراد الثواب الدنيوي هنا -في هذا القسم- مستحضرا ما حض الشارع من العمل، يعني: من هذه العبادة، وذكر فيه الثواب الدنيوي فإنه جائز له ذلك؛ لأن الشارع ما حض بذكر الدنيا إلا إذن منه بأن يكون ذلك مطلوبا.

فإذًا من وصل الرحم يريد وجه الله -جل وعلا- ولكن يريد أيضا أن يثاب في الدنيا بكثرة الأرزاق، وبالنسأ في الأثر، يعني: طول العمر، فهذا له ذلك، ولأجل أن الشارع حض على ذلك.

جاهد في سبيل الله يريد أيضا مغنما، ونيته خالصة لله -جل وعلا- لتكون كلمة الله هي العليا؛ ولكن يريد شيئا حض عليه، أو ذكره الشارع في ذلك، هذا قصده ليس من الشرك في النية؛ لأن الشارع هو الذي ذكر الثواب الدنيوي في ذلك.

فإذًا تنقسم الأعمال إلى عبادات ذكر الشارع الثواب الدنيوي عليها، وإلى عبادات لم يذكر الشارع الثواب الدنيوي عليها، وهذا كما جاء في قول الله -جل وعلا-: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} الآية.

فهذه المسألة مهمة، فإذا تقرر أنه لا يكون مشركًا بذلك، فهل من نوى الدنيا بصلة الرحم مثلا مع نيته لله مساوٍ لمن لم ينو الدنيا، وإنما جعلها خالصة لله لا يختلف الأجر؛ لكن لا يكون مرائيًا، ولا مشركًا بذلك.

فمن كانت نيته خالصة لله -جل وعلا- فأجره أعظم، لهذا لما سئل عدد من الأئمة من السلف والإمام أحمد وجماعة عمن جاهد للمغنم ونيته خالصة لله؟ قال: أجره على قدر نيته، لم يبطل عمله أصلًا، لم يبطل السلف العمل أصلًا، وإنما جعلوا التفاوت بقدر النيات.

فكلما عظمت النية لله في الأعمال التي فيها ذكر الدنيا، وذكر الشارع عليه ثواب الدنيا فإنه كلما عظمت النية الخالصة كلما عظم أجره، وكلما نوى الدنيا مع صحة أصل نيته قل أجره يعني: عن غيره.

هنا قال -عليه الصلاة والسلام-: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله طبعًا الحديث تفاصيل الكلام في النية، ودخول النية في أبواب كثيرة من العبادات، هذا يطول عليه الكلام جدًّا، وصنفت مصنفات في هذا، وشروح كتب الأحاديث أطالت في شرح هذا الحديث، وإنما نذكر في شرحنا لهذه الأربعين النووية قواعد وتأصيلات متعلقة بشرح الحديث، كما هي العادة في مثل هذه الشروح المختصرة لهذه الكتب المهمة.

قال: فمن كانت هجرته الفاء هذه تفصيلية، تفصيل لمثال من الأعمال التي تكون لله وتكون لغير الله، ذكر مثالا للهجرة قال: من كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه .

الهجرة معناها: الترك، هجر يعني: ترك، وأصل الهجرة هجرة إلى الله -جل وعلا- وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- هجرة إلى الله -جل وعلا- بالإخلاص، وابتغاء ما عنده، والهجرة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- باتباعه -عليه الصلاة والسلام- والرغبة فيما جاء به -عليه الصلاة والسلام-.

ومن آثار ذلك، الهجرة إلى الخاصة التي هي ترك بلد الشرك إلى بلد الإسلام، فقال -عليه الصلاة والسلام-: فمن كانت هجرته يعني: من كان تركه لبلد الشرك إلى بلد الإسلام لله ورسوله إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، هذا فيه تكرير للجملة. من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته لله ورسوله.

والمتقرر في علوم العربية أن الجمل إذا تكررت في ترتب الفعل والجزاء فإن شرط الفعل يختلف عن شرط الجزاء؛ فلهذا نقول: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدا فهجرته إلى الله ورسوله ثوابًا وأجرًا، فما تعلق بالفعل النية والقصد، وما تعلق بالجواب الأجر والثواب.

وهذا فيه نوع من أنواع البلاغة، وهو أن عمله جليل عظيم بحيث يستغنى لبيان جلالته وعظمه يستغنى عن ذكره؛ لأنه من الوضوح والبيان بحيث لا يحتاج إلى ذكره، فقال -عليه الصلاة والسلام-: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله هذا تعظيم، ورفع لهذا العمل، وهو أن تكون الهجرة إلى الله ورسوله، يعني: نية وقصدًا وتعظيما للثواب والأجر بقوله: فهجرته إلى الله ورسوله ثوابًا وأجرًا، يعني: حدث عن ثوابه وعظم ذلك.

ثم بين الصنف الثاني فقال: ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها .. لدنيا يصيبها هذا حال التاجر الذي هاجر لكي يكسب مالًا، أو هاجر ليكسب زوجة أو امرأة، فهذا هجرته إلى ما هاجر إليه.

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: فمن كانت هجرته لدنيا هذه النية يعني: هاجر العمل الظاهر يشارك فيه، من هاجر إلى الله ورسوله؛ لكن نيته أنه في هجرته يريد التجارة، أو يريد أن يتزوج امرأة فنيته فاسدة، قال: فهجرته إلى ما هاجر إليه يعني: من حيث أنه لا ثواب له فيها ولا أجر، وقد يكون عليه فيها وزر.

والهجرة هي ترك -كما ذكرت لك ترك- بلد الشرك إلى بلد الإسلام، أو ترك بلد تظهر فيه البدعة إلى بلد لا تظهر فيه البدعة، وإنما تظهر فيه السنة، أو القسم الثالث: ترك بلد تظهر فيه الفواحش والمنكرات إلى بلد تقل فيه الفواحش والمنكرات ظهورًا، وهذه كل واحدة منها لها أحكام مذكورة في كتب الفقه بالتفصيل.

إنتهى شرح الحديث الأول ,,
.


 

رد مع اقتباس
قديم 25-01-2010, 11:40 PM   #7
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رياانة مشاهدة المشاركة
جزاك ربي خيرا غاليتي نور
وأنا أول المنضمين إليك ,,
تحياتي ومودتي ,,


آمين وإياكِ ,,

ويسعدني جداً إنضمامكِ أختي الفاضلة ريانة ,,

بارك الباري بكِ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 30-01-2010, 08:09 AM   #8
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

{ .. الحديث الثاني .. }


حديث: مجىء جبريل ليعلم المسلمين أمر دينهم


وعن عمر -رضي الله عنه- أيضا قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه.

فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه!

فقال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت.

قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل.

قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان.

ثم انطلق فلبثت مليًّا، ثم قال: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم رواه مسلم.



هذا الحديث حديث عظيم أيضًا، سماه بعض أهل العلم أم السنة، سمى هذا الحديث أم السنة، يعني: كما في القرآن أم القرآن، فهذا الحديث أم السنة؛ لأن جميع السنة تعود إلى هذا الحديث.

فإن الحديث فيه بيان العقيدة، والعقيدة مبنية على أركان الإيمان الستة، وفيه بيان الشريعة، وذلك بذكر أركان الإسلام الخمسة، وفيه ذكر الغيبيات والأمارات؛ بل قبل ذلك فيه ذكر آداب السلوك، والعبادة، وصلاح توجيه القلب، والوجه إلى الله -جل وعلا- بذكر الإحسان، وفيه ذكر الساعة وأمارتها، وهذا نوع من ذكر الأمور الغيبية ودلالات ذلك.

فهذا الحديث يعود إليه جل السنة، كما أن قول الله -جل وعلا- في آية النحل: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } .

قال طائفة من مفسري السلف: دخل في هذه الآية جميع أحكام الدين، جميع الدين في هذه الآية، وجميع أصول الأحاديث النبوية في هذا الحديث، وهذا الحديث معروف بحديث جبريل، وروايته على هذا الطول عن عمر -رضي الله عنه- وروي أيضًا، مقطعًا ببعض الاختصار في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

وهذا الحديث فيه ذكر الإسلام والإيمان والإحسان، وفيه أن هذه الثلاثة هي الدين؛ لأنه في آخرها قال -عليه الصلاة والسلام-: أتاكم يعلمكم دينكم فإذًا الدين الذي هو الإسلام منقسم إلى ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان.

وهذا نخلص منه إلى قاعدة مهمة وهي أن الاسم العام قد يندرج عنه، قد يندرج فيه أنواع منها الاسم العام؛ لأن الإسلام هو الدين فجمع هذه الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان؛ فالإسلام منه الإسلام، وهذا مهم في فهم الشريعة بعامة؛ لأن من الألفاظ ما يكون القسم هو اللفظ ذاته، يعني: أحد الأقسام هو اللفظ ذاته، وله نظائر إذا وجد هذا، فالاسم العام غير الاسم الخاص.

ولهذا نقول: الاسم العام للإسلام يشمل الإسلام والإيمان والإحسان، وليس هو الاسم الخاص إذا جاء مع الإيمان ومع الإحسان؛ لهذا لم يلحظ هذا الأمر طائفة من أهل العلم، فجعلوا الإسلام والإيمان واحدا، ولم يفرقوا بين الإسلام والإيمان حتى عزا بعضهم هذا القول لجمهور السلف، وهذا ليس بصحيح، فإن السلف فرقوا ما بين الإسلام والإيمان إذا كان هذا في مورد وهذا في مورد، إذا كان الإسلام والإيمان في مورد واحد.

وأما إذا كان الإسلام في مورد والإيمان في مورد، يعني: هذا في سياق وهذا في سياق، هذا في حديث وهذا في حديث، فالإسلام يشمل الدين جميعًا، والإيمان يشمل الدين جميعًا، فإذًا هذا الحديث فيه بيان الإسلام بمراتبه الثلاث.

إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر في هذا مدح لهذه الصفة وإحداهما مكتسبة والأخرى جبلية، أما شدة سواد الشعر، فهذه جبلية لا تكتسب، ولا يجوز أن يصبغ بالسواد لمن ليس بذي سواد، وأما شدة بياض الثياب، فسياق هذا الحديث يقتضي مدح من كان على هذه الصفة، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الثياب البيض، وكان يلبسها، وأمر بتكفين الموتى فيها -عليه الصلاة والسلام-.

قال: ولا يرى عليه أثر السفر يعني: أنه لا يعرفونه في المدينة، وأتى بهذه الصفة الجميلة شدة سواد الشعر "ليس عليه" يعني: فيه أثر غبار أو تراب، وعادة المسافر أن يكون كذلك، وأيضا شديد بياض الثياب كأنه خرج من بيته في نظافة أهله الساعة، فكيف يكون ذلك؟

فإذًا في قوله: ولا يرى عليه أثر السفر إشعار بأنه مستغرب أن يكون على هذه الصفة؛ لهذا قال بعدها: ولا يعرفه منا أحد وقد جاء في بعض الروايات أن جبريل -عليه السلام- كان ربما أتاهم على صورة دحية الكلبي أحد الصحابة، فيسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فيجيب، وهذا غير مراد هنا؛ لأنه لا يتوافق مع قوله: ولا يعرفه منا أحد خلافًا لمن قال غير ذلك.

وهذا فيه التعليم، فإن جبريل -عليه السلام- أتى متعلمًا ومعلمًا، متعلمًا من جهة الهيئة والسؤال والأدب، ومعلمًا حيث سأل لأجل أن يستفيد الصحابة -رضوان الله عليهم- وتستفيد الأمة من بعدهم.

قال: فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه أسند ركبتيه إلى ركبتيه الضمير الأول يرجع إلى جبريل، والثاني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا فيه القرب من العالم، القرب من المسئول حتى يكون أبلغ في أداء السؤال بدون رعونة صوت ولا إيذاء، وأفهم للجواب.

ووضع كفيه على فخذيه هذه قيل: فيها تفسيران: ووضع كفيه يعني: جبريل على فخذيه، يعني: على فخذي النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا ذلك لأجل أن تكون الضمائر راجعة على نحو ما رجعت عليه الجملة الأولى؛ لأن توافق الرجوع أولى من تعارضه بلا قرينة.

وقال آخرون: لا، وضع كفيه على فخذيه هذه على فخذي جبريل أيضًا، يعني: وضع كفي نفسه على فخذي نفسه، وهذا أدب منه أمام مقام النبي -صلى الله عليه وسلم-.

في هذا أن طالب العلم ينبغي له أن يكون مهيئا نفسه، ومهيئا المسئول للإجابة على سؤاله في حسن الجلسة، وفي حسن وضع الجوارح، وفي القرب منه، وهذا نوع من الأدب المهم، فإن سؤال طالب العلم للعالم، أو سؤال المتعلم لطالب العلم له أثر في قبول العالم للسؤال، وفي انفتاحه للجواب.

قد ذكر في آداب طلب العلم، وفي الكلام عليه أن بعض العلماء من علماء السلف كانوا ينشطون لبعض تلاميذهم فيعطونه، وبعضهم لا ينشطون له فيعطونه بعض الكلام الذي يكون عامًّا، أو لا يكون مكتملًا من كل جهاته، وذلك راجع إلى حسن أدب طالب العلم أو المتعلم.

فإنه كلما كان المتعلم أكثر أدبًا في جلسته، وأكثر أدبًا في لفظه، وفي سؤاله كان أوقع في نفس المسئول؛ فيحرص ويتهيأ نفسيًّا لجوابه؛ لأنه مَن احْتَرَم احْتُرِم، ومن أقبل أقبل عليه فهذا فيه أن نتأدب جميعًا بهذا الأدب.

فمثلًا: ألحظ على بعض طلاب العلم، أو بعض المتعلمين أنه إذا أتى يسأل العالم يسأله بِنِدِّية لا يسأله على أنه يستفيد، فيجلس جلسة العالم نفسه، أو يجلس جلسة المستغني، ويداه في وضع ليس في وضع أدب، واحدة هنا، والأخرى هناك، وجسمه أيضًا يعني: في استرخاء تام، ليس فيه الاستجماع ونحو ذلك، مما يدل على أنه غير متأدب مع العالم، أو طالب العلم الذي سيستفيد منه.

وهذه الآداب لها أثر على نفسية العالم أو المجيب، فإنك تريد أن تأخذ منه العلم، وكلما كنت أذل على الوجه الشرعي في أخذ العلم كلما كان العالم أكثر إقبالًا عليك؛ ولهذا تجد أن من... بل أكثر أهل العلم لهم خواص، هذا من خاصته، هذه الخصوصية راجعة إلى إيه؟ راجعة إلى أن هذا المتعلم كان متأدبًا في لفظه، وفي تعامله، وفي كلامه، وفي حركته مع شيخه مما جعل شيخه يثق فيه، ويقبل عليه في العلم، ويعطيه من العلم ما لا يعطيه غيره، ويعطيه من تجاربه في الحياة، وتجاربه مع العلم ومع العلماء، وفي الأمور، وفي الواقع بما لا يفيده غير المتأدب معه.

فهذه نأخذها من حديث جبريل -عليه السلام- هذا، ونأخذها أيضًا، من قصة إلى الخضر مع موسى في سورة الكهف، وهي حرية بالتأمل في آداب طلب العلم.


يتيعـ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 30-01-2010, 08:17 AM   #9
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

قال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام أخبرني عن الإسلام هذا سؤال عن نوع من أنواع الدين ألا وهو الإسلام المتعلق بالأعمال الظاهرة، فسأل عن الإسلام، ثم سأل عن الإيمان، ثم سأل عن الإحسان... إلى آخره.

فقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام وفي قوله: "أخبرني" فيه دلالة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مخبر، يعني: أنه ينقل أيضًا الخبر عن الإسلام، وهذا موافق لما هو متواتر في الشريعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هو مبلغ للدين عن الله -جل وعلا-.

قال: أخبرني يعني: اجعل كلامك لي خبرا، فأخبرني بذلك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا مخبر عن ربه -جل وعلا- في ذلك، كما جاء في بعض الأحاديث القدسية، قد قال -عليه الصلاة والسلام- فيما يخبر به عن ربه -جل وعلا-.

قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلى آخره، هذا التفسير للإسلام تفسير للأركان الخمسة المعروفة التي سيأتي -إن شاء الله- بعض بيانها في حديث ابن عمر الثالث الذي نشرحه غدا -إن شاء الله- فـ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وهذا ركن واحد وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. فقال: صدقت .

الإسلام هنا فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأعمال الظاهرة، ولم يجعل فيه الأعمال الباطنة، أو بعض الأعمال الباطنة، ومعنى هذا أن الإسلام استسلام ظاهر، وهذا الاستسلام الظاهر يخبر عنه بالشهادتين، وبإقامة الأركان العملية الأربعة، والشهادة في نفسها لفظ فيه الاعتقاد، والتحدث، والإخبار الذي هو الإعلام.

وعلى هذا فسر السلف كلمة شهد، فقوله -جل وعلا-: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } شهد الله ما معناه هل الله يشهد بمعنى أي شيء؟ يشهد بمعنى يعلم ويخبر.

فإذًا شهادة المسلم بأن لا إله إلا الله لا تستقيم مع كتمانه هذه الشهادة، فمن شهد ذلك بقلبه ولم يظهر هذه الشهادة دون عذر شرعي فإنه لا شهادة له؛ بل لا بد في الشهادة من حيث اللفظ الذي دلت عليه اللغة، وأيضًا من حيث الدليل الشرعي لا بد فيها من الإظهار، وهو الموافق لمعنى الإسلام الذي هو الأعمال الظاهرة.

فإذًا دخول الشهادتين في الإسلام الذي هو الأعمال الظاهرة راجع لمعنى الشهادة، وهو أن معنى الشهادة الإظهار، يعني: بعد الاعتقاد الإظهار والإعلام والإخبار، وهنا يأتي الاعتقاد؛ اعتقاد الشهادتين يرجع إليه؛ لأنه في معنى شهد، يرجع إليه أركان الإيمان جميعًا.

ولهذا نقول: الإسلام هو الأعمال الظاهرة، ولا يصح إلا بقدر مصحح له من الإيمان، وهو الإيمان الواجب بالأركان الستة؛ فالإيمان الواجب يعني: أقل قدر من الإيمان به يصبح المرء مسلمًا، هذا مشمول في قوله: أن تشهد أن لا إله إلا الله لأن الشهادة معناها الاعتقاد والنطق والإخبار والإعلام، فتشمل هذه الأمور الثلاثة، فالاعتقاد يرجع إليه أركان الإيمان الستة.

فنخلص من هذا إلى أن الإسلام، وإن قال أهل العلم فيه: إن المراد به هنا الأعمال الظاهرة، فإنه لا يصح الإسلام إلا بقدر من الإيمان مصحح له، وهذا القدر من الإيمان دلنا على اشتراطه لفظ أن تشهد؛ لأن لفظ الشهادة في اللغة والشرع متعلق بالباطن والظاهر.

والاعتقاد في الشهادتين بأن لا إله إلا الله، هذا هو الإيمان بالله، وبأن محمدًا رسول الله، يرجع إليه الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وبما أخبر به -عليه الصلاة والسلام- من الإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، والإيمان باليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

الإيمان فسره النبي -صلى الله عليه وسلم- لجبريل بالاعتقادات الباطنة، وهذا الفرق بين المقامين لأجل وردوهما في حديث واحد، فالإسلام إذا اقترن مع الإيمان رجع الإسلام إلى الأعمال الظاهرة ومنها الشهادتان، ورجع الإيمان إلى الأعمال الباطنة، وإذا أفرد الإسلام فإنه يراد به الدين كله، وهو الذي منه قسم الإسلام هذا، وإذا أفرد الإيمان فإنه يراد به الدين كله بما فيه الأعمال.

ولهذا أجمع السلف والأئمة على أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وعلى أن الإيمان قول وعمل يعني: قول وعمل واعتقاد، يعني: إذا أفرد، وهذا هو الذي عليه عامة أهل العلم من أهل السنة والجماعة في أن الإسلام غير الإيمان، وأن الإيمان إذا جاء مستقلًا عن الإسلام فإنه يعنى به الدين كله؛ يعنى به الإسلام والإيمان والإحسان، وإذا أتى الإسلام في سياق مستقل عن الإيمان يعنى به الدين كله، وأن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا من حيث الدلالة، فجعل الإسلام للأعمال الظاهرة، وجعل الإيمان للاعتقادات الباطنة.

من أهل العلم من السلف أيضًا، من رأى أن الإسلام والإيمان واحد، وهذا -كما ذكرت لك- غير صحيح، ومنهم أيضًا رأى أن الإسلام والإيمان يختلفان، ولو تفرقا أيضًا، ولكن الصحيح أن الإسلام إذا اجتمع مع الإيمان صار الإسلام -كما ذكرت لكم- للأعمال الظاهرة والإيمان للاعتقادات الباطنة، كما دل عليه حديث جبريل هذا.

نقول: الإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص مع أنه متعلق بالاعتقادات، والإسلام عند أهل السنة والجماعة لا يطلقون العبارة أنه يزيد وينقص مع أنه متعلق بالعمل الظاهر، فكيف يكون هذا؟ وضح الإشكال؟

الإيمان يعلقونه بالاعتقادات الباطنة، ويقولون: يزيد وينقص، والإسلام في الأعمال الظاهرة ولا يقولون فيه: إنه يزيد وينقص.

والجواب عند هذا الإشكال أن الإيمان إذا أريد به عامة أمور الدين، كما جاء في حديث -مثلا- وفد عبد القيس حيث قال لهم -عليه الصلاة والسلام-: آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ ثم ذكر أمور الإيمان، وقال: أن تؤدوا الخُمُس من المغنم وهذا نوع من الأعمال.

فإذًا الأعمال باتفاق السلف داخلة -يعني: من أهل السنة داخلة- في مسمى الإيمان، وإذا كان كذلك، فإذا قالوا: الإيمان يزيد وينقص، فإنه يرجع في هذه الزيادة إلى الاعتقاد، ويرجع إلى الأعمال الظاهرة، وهذا يعني: أن الإسلام يزيد وينقص؛ لأن الإيمان الذي يزيد وينقص إيمان القلب وإيمان الجوارح.

وإيمان القلب اعتقاده بقوة إيمانك بالله وملائكته وكتبه ورسله، هذا الناس ليسوا فيه سواء بل يختلفون: منهم من إيمانه كأمثال الجبال، ومنهم من هو أقل من ذلك، وهو يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والأعمال الظاهرة التي هي من الإيمان تزيد أيضًا وتنقص، فكلما زادت زاد إيمان العبد، وكلما نقصت نقص إيمان العبد، وينقص الإيمان بالمعصية أيضًا، ويزيد بترك المعصية.

بعض أهل العلم أيضا يقول: الإسلام أيضًا يزيد وينقص، على اعتبار أن الإسلام هو الإيمان في دلالته على الاعتقاد والعمل، أو في دلالته على الأعمال الظاهرة، فإن الأعمال الظاهرة أيضًا، يزيد معها الإسلام ويزيد معها الإيمان، كيف يزيد معها الإسلام؟ لأن الإسلام استسلام.

ما الإسلام؟ الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، فالإسلام فيه استسلام لله بالتوحيد، وهذا داخل في الشهادتين، أو تدخل فيه الشهادتان، فهذا إذًا يزيد الناس فيه وينقص استسلامهم لله بالتوحيد مختلف يتفاوتون فيه، والانقياد بالطاعة أيضًا يتفاوتون فيه.

إذًا من أطلق هذا القول فلا يغلط، وقد أطلقه مرة شيخ الإسلام ابن تيمية؛ ولكن القول المعتمد عند السلف أنهم يعبرون في الزيادة والنقصان عن الإيمان دون الإسلام؛ لأن في ذلك مخالفة للمرجئة الذين يجعلون الإيمان الناس في أصله سواء، يعني: في اعتقاده القلب، وإنما يتفاوت الناس عندهم في الأعمال الظاهرة.

فتقيد السلف بلفظ الإيمان يزيد وينقص، خلافًا للمرجئة الذين جعلوا الزيادة والنقصان في الأعمال الظاهرة دون اعتقاد القلب، وعندهم اعتقاد القلب الناس فيه سواء، كما يعبرون عنه بقولهم وأهله في أصله سواء.

فيعبرون عن الإيمان بأنه هو الذي يزيد وينقص دون الإسلام، لهذا فتأخذ بتعبيرهم، ولا تطلق العبارة الأخرى؛ لأنها غير مستعملة عندهم مع أنها إن أطلقت فهي صحيحة إن احتيج إليها.

يتبعــ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 31-01-2010, 06:15 AM   #10
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.


قال: صدقت يعني: في جوابه عن مسألة الإسلام، وهذا فيه عجب أن يسأل ويصدق، وهذا فيه لفت الانتباه؛ انتباه الصحابة إلى هذه المسائل، كيف يسأل ويصدق؟ فالمتعلم إذا أتى بأسلوب في السؤال يلفت النظر ليستفيد البقية مع علم المسئول فإن هذا حسن ليستفيد منه الآخرون؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف أن هذا جبريل، وتصديقه له دال على هذا بوضوح.

ففي هذا أن المتعلم يأتي للعالم بمعرفته بما يسأل لإفادة غيره، وأن هذا أسلوب حسن من أساليب التعليم الشرعية، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه! قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ذكر أركان الإيمان الستة.

وهذه الأركان جاءت في القرآن أيضًا، منها خمسة متتابعة جاءت في قول الله -جل وعلا- { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } هذه أربعة.

وقوله: { وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وكما في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } وفي القدر جاء قوله -جل وعلا-: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } يعني: أن أصول هذه الأركان هذه جاءت أيضًا في القرآن.

وهذه الأركان الستة هي التي عبر عنها بأركان الإيمان، والخمسة التي قبلها بأركان الإسلام، أركان الإيمان ما معنى كونها أركانا؟.

نلحظ مسألة مهمة ينبغي لكم أن تنتبهوا لها أن لفظ أركان الإسلام، ولفظ أركان الإيمان لم يرد في شيء من النصوص، لم يرد أن للإيمان أركانا، ولا أن للإسلام أركانا، وإنما عبر العلماء بلفظ الركن اجتهادًا من عندهم، وإذا كان كذلك فينبغي أن تفهم النصوص على ضوء هذا الأصل، وهو أن التعبير عن هذه بالأركان إنما هو فهم لأهل العلم في أن هذه هي الأركان، وفهمهم صحيح بلا شك؛ لأن الركن هو ما تقوم عليه ماهية الشيء.

فالشيء لا يتصور قيامه إلا بوجود أركانه، فمعنى ذلك أنه إذا تخلف ركن من الأركان ما قام البناء، فإذا اختلف الإيمان بالقدر ما قام بناء الإيمان أصلًا، إذا تخلف ركن الإيمان باليوم الآخر ما قام البناء؛ لأن الركن في التعريف الاصطلاحي هو ما تقوم عليه ماهية الشيء، فإذا تخلف ركن لم يقم الشيء أصلًا، يعني: لم يقم الشيء وجودا شرعيًّا؛ لأن قيامه مبني على تكامل أركانه.

وهذا يورد علينا إشكالا وهو أنه في الإسلام قيل: هذه هي أركان الإسلام الخمسة، والعلماء لم يتفقوا على أن من ترك الحج والصيام جميعًا من أركان الإسلام أنه ليس بمسلم، واتفقوا على أنه من ترك ركنًا من أركان الإيمان فإنه ليس بمؤمن أصلًا، وهذا يرجع إلى أن اصطلاح الركن اصطلاح حاجز.

فينبغي أن تفهم -خاصة في مسائل الإيمان والإسلام والتكفير وما يتعلق به، وما يتعلق بها- أن العلماء أتوا بألفاظ للإفهام، فهذه الألفاظ التي للإفهام لا تحكم على النصوص، وإنما النصوص التي تحكم على ما أتى العلماء به من اصطلاحات، يعني: أن نفهم الاصطلاحات على ضوء النصوص، وأن نفهم النصوص على ضوء الاصطلاحات.

فإذا صار الاصطلاح صحيحًا من جهة الدليل الشرعي رجعنا في فهم الدليل الشرعي للاصطلاح ففهمنا ذلك، وهذا يتضح ببيان أركان الإسلام، فإنه لو تخلف ركنان من أركان الإسلام، تخلف الحج -مثلا- والصيام، فإن أهل السنة والجماعة ما اتفقوا على أن من لم يأت بالحج والصيام فإنه ليس بمسلم؛ بل قالوا: هو مسلم؛ لأنه شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؛ ولأنه أقام الصلاة -مثلا- واختلفوا فيما عدا ذلك من الأركان فيما إذا تركها، يعني: ولم يأت بها دون جهد لها مع أنه تخلف عنه ركن أو أكثر.

وهذا يعني: أنه في فهم أركان الإسلام، نجعل هذه الأركان تختلف في تعريف الركن عن فهم أركان الإيمان، فنقول في أركان الإسلام: يكتفى في الإسلام بوجود الشهادتين والصلاة، وفي غيرهما خلاف، وأما في أركان الإيمان فمن تخلف منه ركن من هذه الأركان فإنه ليس بمؤمن هذا من حيث التأصيل.

فإذًا نقول: يمكن أن يسمى مسلمًا ولو تخلف عنه بعض أركان الإسلام، ولا يصح أن يسمى مؤمنًا إن تخلف عنه ركن من أركان الإيمان، إذا تقرر هذا فأركان الإيمان الستة هذه فيها قدر واجب لا يصح إسلام بدونه، قدر واجب على كل مكلف، من لم يأت به فليس بمؤمن، وهناك قدر زائد على هذا تبعا للعلم، أو تبعا لما يصله من الدليل.

فما هو القدر المجزئ وهو الذي من لم يأت به صار كافرًا؟ فهذا هناك قدر مجزئ في الإيمان بالله، قدر مجزئ في الإيمان بالرسل، قدر مجزئ في الإيمان بالكتب، وقدر مجزئ في الإيمان باليوم الآخر والقدر... إلى آخره.

أما الإيمان بالله فهو ثلاثة أقسام: إيمان بالله بأنه واحد في ربوبيته، وإيمان بالله بأنه واحد في ألوهيته، يعني: في استحقاقه العبادة، وإيمان بالله يعني: بأنه واحد في أسمائه وصفاته لا مثيل له -سبحانه وتعالى- { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } .

القدر المجزئ من الأول أن يعتقد أن الله -جل جلاله- هو رب هذا الوجود، يعني: أنه هو إلى الخالق له، المدبر له، المتصرف فيه، خالق له، مدبر له، ومتصرف فيه كيف يشاء، هذه الربوبية، بالإلهية بأنه لا أحد يستحق العبادة، أو شيئا من أنواع العبادة، لا أحد يستحق شيئا من أنواع العبادة من الخلق؛ بل الذي يستحق هو الله -جل جلاله- وحده.

والثالث: أن يؤمن بأن الله -جل وعلا- له الأسماء الحسنى والصفات العلا دون تمثيل لها بصفات المخلوقين، ودون تعطيل له عن أسمائه وصفاته بالكلية، أو جحد لشيء من أسمائه وصفاته بعد وضوح الحجة فيها له، هذا القدر المجزئ من الإيمان بالله.

الإيمان بالملائكة القدر المجزئ أن يؤمن بأن الله -جل وعلا- له خلق من خلقه اسمهم الملائكة، عباد يأتمرون بأمر الله -جل وعلا- مربوبون لا يستحقون شيئًا، وأن منهم من يأت بالوحي للأنبياء، هذا القدر هو الواجب.

فإذا قال: لا أنا أنكر وجود ملائكة -ما شفت أحد- فهذا انتفى عنه أصل، انتفى عنه هذا الركن وهو الإيمان بالملائكة؛ لكن لو قال: أنا ما أعلم ميكال هذا، فإنه لا يقدح في إيمانه بالملائكة؛ لأنه يقول: أنا مؤمن بوجود هذا الخلق من خلق الله -جل وعلا- ملائكة؛ لكن ميكال ما أعرف هذا ميكال، فيبلغ بالحجة فيه في آية البقرة { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ } الآية التي فيها ذكر ميكال، ويبلغ بما جاء فيه، فإن علم أنها آية ثم لم يؤمن كان جاحدًا لهذا الركن من الأركان.



{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ} … الآية التي فيها ذكر "مِيكَالَ" ويُبَلِّغُ بما جاء فيه، فإن علم أنها آية ثم لم يؤمن، كان جاحداً لهذا الركن من الأركان.

فإذًا فيه قدر مجزئ: وهو الذي يجب على كل أحد، وقدر يتفاضل فيه الناس واجب -أيضاً- مع العلم.

فكلما علم شيئاً من ذلك وجب عليه الإيمان به. .. إلخ، وهذا واسع وكلما علم شيئاً واجب من ذلك زاد أجره وثوابه وإيمانه ويقينه.

الإيمان بالكتب: القدر المجزئ منها أن يعلم … أن يعتقد الاعتقاد الجازم الذي لا شك فيه بأن الله -جل وعلا- أنزل على من شاء من رسله كتباً هي كلامه -جل وعلا- وأن منها القرآن الذي هو كلامه -جل وعلا- وهذا هو القدر المجزئ من ذلك.

وما بعد ذلك أن يؤمن بالتوراة، قد يقول: أنا لا أعرف التوراة، فإذا عُرِّف وجب عليه، وهكذا في تفاصيل ذلك.

فمن علِم شيئا بدليله، بنصه وجب عليه أن يؤمن به، لكن أول ما يدخل في الدين يجب عليه أن يؤمن بهذا القدر المجزئ، وهو الذي يصح معه إيمان المسلم.

وكتبه ورسله الإيمان : وهو الاعتقاد الجازم الذي لا ريب فيه، ولا تردد بأن الله -جل وعلا- أرسل رسلاً لخلقه، وأن هؤلاء الرسل موحى إليهم من الله -جل وعلا-، وأن خاتمهم محمد -عليه الصلاة والسلام- فيؤمن به -عليه الصلاة والسلام- ويتبعه، فهذا هو القدر المجزئ، وما بعد ذلك -أيضا- يكون واجبا بقدر ما يصله من العلم، وفيها أشياء -أيضاً- مستحبة في تفاصيله.

طبعاً هذا الحديث قد نُدخل فيه العقيدة كلها، ويطول الكلام، لكن ننبهك على أصول في فهم هذه الأحاديث.

واليوم الآخر : القدر المجزئ منه، الذي يتحقق به قيام الركن -أن يؤمن بأن الله -جل وعلا- جعل يوماً يحاسب فيه الناس، يعودون إليه ويبعثهم من قبورهم ويلقون ربهم ويجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، وأن المحسن يدخل الجنة وأن المسيء- يعني: الكفار- يدخل النار، وأن المسلم يدخل الجنة، هذا القدر واجب، ركن، وما بعد ذلك يكون بحسب العلم.

والقَدَر: يؤمن بالقدر: خيره وشره من الله -تعالى- بأن يؤمن … هذا هو القدْر المجزئ، بأنه ما من شيء يكون إلا وقد قدَّره الله -جل وعلا.

بمعنى: أنه -سبحانه- علِم هذا الشيء قبل وقوعه، وعِلْمُه بذلك أوَّل، وأنه كتب ذلك عنده -سبحانه وتعالى-.

ويغني عن اعتقاده الكتابة قبل العلم بدليلها أن يؤمن بالقدَر السابق، يعني: أن القدَر سابق، فيشمل ذلك … يشمل اعتقاده أن القدر سابق العلم: علم الله -جل وعلا-، والكتابة؛ لأن الأقسام الآتية مقارَنة أو لاحقة، وليست سابقة.

ويؤمن -أيضاً- بأن ما شاء الله -جل وعلا- كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما من شيء إلا والله -جل وعلا- هو الذي يخلقه -سبحانه- فيخلق -جل وعلا- جميع الأشياء كما قال: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ }.

فإذًا الإيمان بالقدر … إيمانٌ بالقدَر السابق وبمشيئة الله وقدرته وخلقه؛ لإنفاذ القدَر السابق.

هذا قدر واجب لا يصح الإيمان بدونه، وهو الركن فيه أن يؤمن بسبق القدر.

وفيما يتعلق بالمقدور الواقع، يعني: بالقضاء الواقع، يعتقد أنه بمشيئة الله وخلقه لهذا الفعل يعلم مراتب القدر الأربعة، وتفاصيل ذلك، هذا بحسب ما يصل إليه من العلم فمنه واجب، ومنه مستحب.


يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 31-01-2010, 06:34 AM   #11
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

إذا تقرر هذا فالإيمان الشرعي المراد به في هذا الموطن: الذي يكون قريناً للإسلام -كما فسرت لك-، يراد به: الاعتقاد الباطن.

فإذا قرن بين الإسلام والإيمان انصرف الإسلام إلى عمل اللسان وعمل الجوارح، والإيمان إلى الاعتقادات الباطنة؛ فلهذا نقول إذًا: لا يُتصور أن يوجد إسلام بلا إيمان، ولا أن يوجد إيمان بلا إسلام.

فكل مسلم لا بد أن يكون معه من الإيمان قدرٌ هو الذي ذكرنا صحَّح به إسلامه، ولو لم يكن عنده ذلك القدر ما سُمي مسلماً أصلاً، فلا يُتصور مسلم بلا إيمان، فكل مسلم عنده قدر من الإيمان، وهذا القدر هو القدر المجزئ الذي ذكرت لك.

وكل مؤمن عنده قدر من الإسلام مصحِّح لإيمانه، فإنه لا يُقبل من أحد إيمان بلا إسلام، كما أنه لا يقبل من أحد إسلام بلا إيمان.

فإذا قلنا: هذا مسلم، فمعناه: أنه وجد إسلامه الظاهر مع أصل الإيمان الباطن، وهو القدر المجزئ.

إذا تقرر هذا فنقول: الإيمان يتفاوت أهله فيه، ولتفاوت أهله فيه صار الإيمان أعلى مرتبة من الإسلام، وصار المؤمن أعلى مرتبة من المسلم؛ لأن الإيمان في المرتبة التي هي أعلى من مرتبة الإسلام قد حقق فيها الإسلام، وما معه من القدر المجزئ من الإيمان، وزاد على ذلك فيكون إذًا إيمانه أرفع رتبة من إسلامه؛ لأنه اشتمل على الإسلام وزيادة.

ولهذا قال العلماء: كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له أحد الصحابة: أعطِ فلانا فإنه -يا رسول الله- مؤمن، فقال -عليه الصلاة والسلام-: أو مسلم، فأعادها عليه الصحابي، فقال -علية الصلاة والسلام-: أو مسلم .

فهذا قوله: "أو مسلم" فيها دليل على تفريق ما بين المسلم والمؤمن، فإن مرتبة المؤمن أعلى من مرتبة المسلم، كما دلت عليها آية الحجرات: { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } فدل على أنهم لم يبلغوا مرتبة الإيمان الذي هي أعلى من مرتبة الإسلام.

فإذًا نخلص من هذا إلى أن الإيمان الذي هو تحقيق هذه الأركان الستة بالقدر المجزئ منه، ليس هو المراد بذكر هذه المراتب؛ لأنه داخل في قوله: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

فتحقيق مرتبة الإيمان يكون بالقدر المجزئ، وما هو أعلى من ذلك؛ لأن الإيمان أعلى رتبة من الإسلام، والمؤمن أعلى رتبة من المسلم.

السَّلفُ تنوعت عباراتهم في الإيمان وأنواعه، فقالت طائفة منهم: الإيمان قول وعمل، وقالت طائفة: الإيمان قول وعمل واعتقاد، وقال آخرون: الإيمان قول وعمل ونِيّة.

وهذا مَصِير منهم إلى شيء واحد وهو أن الإيمان إذا أُطلق، أو جاء على صفة المدح لأهله في النصوص أو في الاستعمال فإنه يراد به الإيمان الذي يشمل الإسلام.

الْحَظْ هذا! إذا أُطلق … قلنا: الإيمان ولم نذكر الإسلام، أو جاء في مورد فيه المدح له، ولو كان مع الإسلام؛ فإنه يشمل الإسلام -أيضاً- لدخول العمل فيه، فنقول: هنا تنوعت عباراتهم، فقال بعضهم: الإيمان قول وعمل، من قال هذا فإنه يعني بالقول: قول القلب وقول اللسان، والعمل عمل القلب وعمل الجوارح.

وقول القلب: هو اعتقاده، وعمل القلب وعمل الجوارح: هذا هو العمل، وقول اللسان: هو القول رجع إلى أنه قول وعمل واعتقاد؛ لأن الاعتقاد داخل في قول من قال: قول وعمل، فالاعتقاد داخل في القول؛ لأن المراد به قول القلب، وقول اللسان، وقول القلب: هو اعتقاده.

من قال -وهم كثير- من السلف: قول وعمل ونية، يريد بالنية: ما يصح به الإيمان، فزاد هذا القيد تنبيها على أهميته، لقول الله -جل وعلا-: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } مَنْ عمِل وهو مؤمن صار القول والعمل مع النية، يعني: النية في القول والعمل، وهذا راجع أيضاً إلى الاعتقاد؛ لأن النية هي توجه القلب وإرادة القلب وقصد القلب.

فإذًا إذا اختلفت العبارات فالمعنى واحد، والإيمان عندهم -كما ذكرت لك- يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعة وينقص بشيئين؛ بنقص الطاعات الواجبة أو ارتكاب المحرمات.

قوله هنا: "بالقدَرِ خيره وشرِّه" الشر هنا من باب إضافة القدر إلى العامل، أما فعل الله -جل وعلا- فليس فيه شر كما جاء في الحديث: والشر ليس إليك .

قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .

قال العلماء: الإحسان هنا ركن واحد، والإحسان جاء في القرآن مقرونًا بأشياء أيضًا، مقرونًا بالتقوى: { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } ومقرونا -أيضاً- بالعمل الصالح، ومقرونا بأشياء.

وأيضاً أتى الإحسان مستقلاً كقوله -جل وعلا-: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ويراد بالإحسان: إحسان العمل.

وقوله هنا في بيان ركنه: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك هذا ركن به يحصل الإحسان؛ لأن الإحسان مِن أحسن العمل إذا جعله حسنًا.

وإحسان العمل يتفاوت فيه الناس، ومنه قدر مجزئ يصح معه أن يكون العمل حسنًا، وأن يكون فاعله حسنًا، فكل مسلم عنده قدر -أيضاً- من الإحسان لا يصح عمله بدونه، ثم هناك القدر الواجب أو المستحب الآخر ليتفاوت الناس فيه بحسب الحال الذي يتحقق به هذه المرتبة.

فأما القدر المجزئ فأن يكون العمل حسنًا، بمعنى: أن يكون خالصاً ثوابه، يعني: أن تكون النية فيه صحيحة، وأن يكون على وفق السنة، وأما القدر المستحب فأن يكون قائماً في عمله على مقام المراقبة، أو مقام المشاهدة.

فمقام المراقبة هذا أقل، ومقام المشاهدة هذا أعظم المراتب التي يصير إليها العبد المؤمن، وهو أن يكون عنده الأشياء حق اليقين.

فأما المرتبة الأولى مرتبة المراقبة: فهي في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ذكر مقام المراقبة في قوله: فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهي مقام أكثر الناس، فإنهم إذا وصلوا لهذه المرتبة فإنهم يعبدونه -جل وعلا- على مقام المراقبة.

فإذا راقب الله دخل في الصلاة بمراقبته لله، يعلم أن الله -جل وعلا- مطَّلع عليه، وأنه بين يدي الله -جل وعلا- كما قال -سبحانه- في سورة يونس: { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } .

فهذا مقام الإحسان بمراقبة الله -جل وعلا- للعبد، صلِّ صلاة مُوَدِّع لتعلم أن الله -جل وعلا- مراقبك، وأنه -جل وعلا- مطلع عليك، وما تفيض في شيء إلا وهو يعلمه -سبحانه- يعلم ذلك ويراه ويبصره منك -سبحانه وتعالى-.

فهذا مقام المراقبة، وكلما عظمت هذه رجعت إلى إحسان العمل. فإذا -مثلاً- المرء تحرك في صلاته فاستحضر مقام مراقبة الله -جل وعلا- له واطلاعه عليه فإنه مباشرة سيخشع لاستحضاره هذا المقام.

مقام المراقبة أعلى منه لأهل العلم مقام المشاهدة، وهو الذي أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: أن تعبد الله كأنك تراه وهذه المشاهدة المقصود بها مشاهدة الصفات لا مشاهدة الذات؛ لأن الصوفية والضُّلال هم الذين جعلوا ذلك مدخلا لمشاهدة الذات كما يزعمون، وهذا من أعظم الباطل والبهتان، وإنما يمكن مشاهدة الصفات، ويُعْنَى بها مشاهدة آثار صفات الله -جل وعلا- في خلقه.

فإن العبد المؤمن كلما عظم عِلمه وعظم يقينه بصفات الله -جل وعلا- وبأسمائه أرجعَ كل شيء يحصل في ملكوت الله إلى اسم من أسماء الله -جل وعلا- أو إلى صفة من صفاته.

فإذا رأى حسنًا أمامه أرجعه إلى صفة من صفات الله وإلى أثر من آثار أسمائه الحسنى في ملكوته، وإذا رأى سيئًا أرجعه إلى صفة من صفات الله، وإذا رأى خلقا فيه كذا أرجعه إلى صفة من صفات الله، وإذا رأى طاعة أرجعها إلى صفة، وإذا رأى معصية، وإذا رأى مصيبة، وإذا رأى حربًا، وإذا رأى قتالا، وإذا رأى علمًا، أي حالة من الحالات يراها في السماء أو في الأرض فإن مقام مشاهدته لصفات الله تقتضي أنه يرجع كل شيء يراه إلى آثار أسماء الله -جل وعلا- وصفاته في خلقه.

وبهذا يحصل هذا المقام لمن عظم علمه بأسماء الله -عز وجل- وبصفاته وبأثرها في ملكوته، فيأتي لعظم علمه بذلك حتى يشهد صفة إحاطة الله -جل وعلا- بالعبد، وأن الله -جل وعلا- رقيب عليه وأنه محيط به، وأنه شاهد عليه فيعظم ذلك في نفسه حتى يستحيي أن يكشف عورته في خلوة لا يراه إلا هو كما جاء في الحديث، قال في كشف العورة: إن الله أحق أن يستحيى منه ؛ هذا لأجل مقام المشاهدة العظيم.

فإذًا أهل السنة الذين يتكلمون في الزهد وفى إصلاح أعمال القلوب على منهج أهل السنة يجعلون هذا على مقامين: مقام المشاهدة والمراقبة.

والمشاهدة -كما ذكرت لك- في وصفها، وكل هذا راجع إلى الإحسان، إحسان العمل: { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } وكلما عظم مقام المشاهدة أو المراقبة زاد إحسان العمل.


يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 31-01-2010, 06:35 AM   #12
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


.

قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ؛ لأن علم الساعة عند الله -جل وعلا-: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً } كما في آية الأعراف.

قال: فأخبرني عن أماراتها الساعة لها أمارات، وهي الدلائل والعلامات، والأمارات يعني: الأشراط كما جاء في آية سورة محمد قال -جل وعلا-: { فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا } يعني: أشراط الساعة، وهي علاماتها، جمع شرط وهو العلامة البيِّنة الواضحة التي تدل على الشيء

قال: فأخبرني عن أماراتها .

أمارات الساعة قسمها العلماء إلى قسمين: أشراط وأمارات صغرى، وأشراط وأمارات كبرى، وهذا المذكور هنا هي الأمارات الصغرى، ذكر منها: أن تلد الأمَةُ ربَّتها .

والمقصود بالأشراط الصغرى أو الأمارات الصغرى: هي التي تحصل قبل خروج المسيح الدجال، فما كان قبل خروج المسيح الدجال مما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه من علامات الساعة، فإن هذا من الأشراط الصغرى.

ثم ما بعد ذلك من الأشراط الكبرى، وهي عشر تحصل تباعا في ذلك فمثلا قوله: لا تقوم الساعة حتى تقاتلون قوما كذا هذا من الأشراط الصغرى، لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من المدينة تضيء لها أعناق الإبل بالبصرة هذا من الأمارات الصغرى، لا تقوم الساعة حتى يفتح بيت المقدس أو اعْدُدْ سِتًّا كما في حديث عون بن مالك المعروف: اعْدُدْ سِتًّا بين يدي الساعة: موتي، وفتحُ بيت المقدس، ثم مُوتَانٌ يخرج فيكم كقُعَاصِ الغنم، ثم استفاضة المال … إلخ، هذه جميعاً أشراط صغرى.

وهذه الأشراط الصغرى ذِكْرُها لا يدل على مدح أو على ذم، فقد يذكر الشيء على أنه علامة من علامات الساعة وليس هذا دليلاً على أنه محمود أو مذموم، أو على أنه منهي عنه في الشريعة.

فقد يكون الشيء من الأشراط وهو من الأمور المحمودة في الشريعة، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي ذكرتُ لك حديث عوف بن مالك قال: اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس وهو من الأمور المحمودة، وقد يكون من الأمور المذمومة.

فإذًا وصف الشيء بأنه من أشراط الساعة الصغرى أو الكبرى لا يدل بنفسه، يعني: بكونه شرطاً لا يدل على مدحه أو ذمه بل هذا له اعتبار آخر.

قال هنا: فأخبرني عن أماراتها يعني: الأمارات الصغرى، قال: أن تلد الأمة ربتها ربتها يعني: سيدتها، فالأمة إذا ولَدت فإن مولودها الذكر أو الأنثى هو سيد كمالك الأمَة.

فإذًا الأمة هذه التي وَلدت هذا الولد أصبحت مَسُودَة له فهو سيِّد على أمِّه، والبنت سيدة على الأَمَة باعتبار أن الأب سيد؛ لهذا تعتق أم الولد بعد موت السيد؛ ولا تعتق بمجرد ولادتها منه بل بعد موته لأجل الولادة؛ فلذلك قال هنا: أن تلد الأمة ربتها .

الربة هنا بمعنى: السيدة تلد سيدتها؛ لأن البنت المولودة حرة وسيدة، وقال أهل العلم في هذا: هذا كناية أو إخبار عن كثرة الرقيق حيث يكثر هذا، وإلا فإنه موجود في العصور الأولى، في عهد الإسلام الأول، موجود فيما قبله وُلود الأمة لسيدها أو لسيدتها، وهذا غير المقصود به هذا الخبر بأنه من أمارات الساعة.

لكن المقصود به: أن يكثر ذلك بحيث يكون ظاهراً فيكون علامة، وقد حصل هذا، فقد حصل لما كثرت الفتوح صار الرجل يأخذ إماء كثيرة ويصير له عشر أو عشرون من الإماء، فيطأ هذه ويطأ هذه، فكل واحدة تنجب فيصبح الأولاد أسيادا على الأمهات لكثرة الرقيق.

قال: وأن ترى الحُفَاة العُراة العالة رِعَاءَ الشاة يتطاولون في البنيان يعني: أن ترى الفقراء الذين ليسوا بأهل للغنى، وليسوا بأهل للتطاول لِما جعلهم الله -جل وعلا- عليه مِن رعي للشاة أو تتبع للجِمال أو نحو ذلك، جعلهم الله -جل وعلا- على هذا، فمن العلامات أنهم يتركون هذا الذي هو لهم، ويتجهون للتطاول في البنيان.

والتطاول في البنيان جاء في ذمِّه أحاديث كثيرة معروفة، فقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- لا يتطاولون في البنيان، بل كانت منازلهم قصيرة -رضوان الله عليهم- ففي هذا ذمٌّ للذين يتطاولون في البنيان، وهم ليسوا أصلاً بأهل لذلك.

وهذا فيه تغير الناس وكثرة المال، وأن يكون المال في أيدي مَن ليس له بأهل.

قال: ثم انطلق، فلبثت مليًّا انطلق يعني: جبريل، "فلبثتُ": ذلك عمر -رضي الله عنه- مليًّا: جاءت في بعض الروايات أنها ثلاثة أيام، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا عمرُ أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم .

أخبره -عليه الصلاة والسلام- بذلك مع علمه -عليه الصلاة والسلام- به، أخبره حتى يعظم وقع هذه الأسئلة، وجواب هذه الأسئلة.

هذا الحديث -أيضًا- يطول الكلام عليه، وطال بنا الوقت أيضًا، فعذرًا لأجل طول هذا الحديث والكلام على تفاريعه … تفاريع الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله يطول أيضا، وتفاريع الكلام عن الإحسان، وإخلاص العمل، وكيف يكون ذلك يطول الكلام عليه.

وإنما نقصد من هذا الشرح إلى ذكر أصول عامة في فهم هذه الأحاديث ينبني عليها، أي: على تلك الأصول فهم العلم في فروعه، فهم الحديث والسنة والفقه والعقيدة فيما نرجو، ونسأل الله -جل وعلا- أن ييسره لي ولكم، وأستغفر الله العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فأسأل الله -جل وعلا- لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح والقلب الخاشع والدعاء المسموع، ربنا لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، وخذ بأيدينا إلى ما تحب وترضى.

ثم إننا -إن شاء الله تعالى- سننتهي من هذا الدرس تقريباً في كل ليلة حوالي الساعة العاشرة قد تزيد دقائق أو نحو ذلك، ونروم -إن شاء الله- أن ننهي هذا الجمع من الأحاديث، يعني: هذا المتن المبارك أن ننهيه -إن شاء الله تعالى- في هذه الدورة.

ولا شك أن إنهاءه في هذه المدة الوجيزة يتطلب أن يكون العرض مختصراً، وأن يكون البحث في الأحاديث وذكر ما فيها من الفوائد والشرع والأحكام على وجه الاقتضاب والتنبيه، لا على وجه الاستيعاب.

ومعلوم أن هذا الكتاب وهو "الأربعون النووية" شُرِح شروحاً كثيرة، فننبه في شرح هذه الأحاديث إلى أصول المعاني، وما يمكن أن يكون: كالضوابط والقواعد في فهم تلك الأحاديث وما دلت عليه.

ونسأل الله الإعانة والسلامة في القول والعمل.


إنتهى شرح الحديث الثاني ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 01-02-2010, 10:11 PM   #13
رياانة
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية رياانة
رياانة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21605
 تاريخ التسجيل :  10 2007
 أخر زيارة : 17-04-2010 (02:05 PM)
 المشاركات : 1,477 [ + ]
 التقييم :  90
لوني المفضل : Cadetblue


أسأل الله لك الأجر والثواب غاليتي نووور
جهد كبير تستحقين عليه الشكر

تحياتي لك ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 02-02-2010, 07:14 AM   #14
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رياانة مشاهدة المشاركة
أسأل الله لك الأجر والثواب غاليتي نووور
جهد كبير تستحقين عليه الشكر
تحياتي لك ,,
آمين وإياكِ أختي الكريمة ريانة ,,

لس بالجهد الكبير وإنما جهد بسيط وجداً نسأل الله الإخلاص والأجر ,, فالشرح متوفر على الأنترنت والذي نتمناه هو إنضمام باقي الأعضاء لحفظ الأحاديث وقرأة الشرح لها حتى يتم حفظها بفهم لمعناها ,,

وأتمنى منكِ الإستمرار ,, بارك الباري بكِ و وفقكِ لكل خير ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 02-02-2010, 11:48 AM   #15
أم عبدالله
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية أم عبدالله
أم عبدالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 20381
 تاريخ التسجيل :  06 2007
 أخر زيارة : 30-10-2014 (10:48 PM)
 المشاركات : 9,725 [ + ]
 التقييم :  167
لوني المفضل : Cadetblue


جزاك الله خيرا نوور خطوه رائعه ومباركه باذن الله ,,

سأكون متابعه باذن الله وزادك الله علما وجعل الفردوس مثوانا ومثواكم ...


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:12 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا