المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > ملتقيات التجارب الشخصية والأبحاث > ملتقى التجارب الشخصية للحالات الأخرى
 

ملتقى التجارب الشخصية للحالات الأخرى في حياة كل منا لحظات ومواقف تنقله إما إلى الأحسن و إما إلى الأسوأ، شارك معنا بنقاط التحول في حياتك فقد تكون نقاط تحول للأخرين

قصــة اليتيــم ( ومعاناته في الحيــاة)!!!!!

بسم الله الرحمن الحيم هـم أطفال شاء الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوجدوا في الحياة مجهولي النسب دون أن يعرفوا من هم آباؤهم. أي أنهم ولدوا أو

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 19-11-2002, 01:05 PM   #1
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue
قصــة اليتيــم ( ومعاناته في الحيــاة)!!!!!



بسم الله الرحمن الحيم


هـم أطفال شاء الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوجدوا في الحياة مجهولي النسب دون أن يعرفوا من هم آباؤهم. أي أنهم ولدوا أو وجدوا في ظروف غامضة وغير معروفة تعذر معها معرفة إلى من ينتسبون.

ومجهول النسب الذي لا يعرف له أما ً ولا أباً وحرم من عطفهما وحنانهما ودفء الأسرة الطبيعية يعد يتيما أيضاً، بل حالته من أشد حالات اليتم لأن اليتيم في اللغة والاصطلاح هو من فقد أباه. أما مجهول النسب فهو الذي لا أب له ولا أم ولا أخ ولا أخت ولا قريب . وبالتالي لا حقوق نسب ولا نفقة ولا ميراث ...

هؤلاء المجهولون حرموا حرماناً عاماً ، وحاجتهم إلى الرعاية والعناية شديدة جداً بصفتهم أيتاما، والأجر في ذلك عظيم كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله في الفتوى رقم (20711) بتاريخ 24/12/1419هـ وجاء فيها : (إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة. وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:[ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا] رواه البخاري ).

__________________________________________________ ____________________



مـفـــاهــيـــم

اليتـيم : معنى اليتم في اللغة: الانفراد، واليتيم تعني : الفرد، واليتم : فقدان الأب.

قال ابن السكيت : اليتم في الناس من قبل الأب ( لأن النفقة منه )، وفي البهائم من قبل الأم ( لأن اللبن منها ). ولا يقال لمن فقد الأم من الناس يتيم ولكن منقطع.

قال ابن بري : اليتيم الذي فقد الأب، والعجي الذي فقد الأم، واللطيم الذي فقد كلا أبويه.

قال المفضل: أصل اليتم الغفلة، وسمي اليتيم يتيما لأنه يتغافل عن بره .

قال أبو عمر : اليتم الإبطاء، ومنه أخذ اليتيم لأن البر يتباطأ عنه .

نستفيد مما ذكر بأن اليتيم سواء من البنين أو البنات، هو من فقد أباه بأي صورة كانت وليس بالوفاة فقط.

ومرحلة اليتم في الشريعة الإسلامية تتوقف ببلوغ اليتيم سن الاحتلام. في الحديث [ لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلام ]ٍ أبو داود. ويجوز إطلاق لفظ اليتيم بعد ذلك مجازا كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير: يتيم أبي طالب، وذلك لأنه رباه.

هذا وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : [ فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الْأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا . فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ ] مسلم. ووجه التوفيق أن الحديث السابق ينفي اسم اليتيم بعد البلوغ. أما قول ابن عباس فيثبت حكم اليتيم الذي يظل ساريا إلى ما بعد البلوغ وذلك فيما يتعلق بالمصالح المادية .

اللقيط : بمعنى الملقوط من اللقطة: ولفظة لقيط تدل على معناها أي الملقوط من قبل شخص ما؛ عندما عثر عليه في مكان ما؛ لسبب ما مجهول. ولذا يسمى نبي الله موسى عليه السلام لقيطا؛ لأن أمه ألقت به في النهر خوفا عليه من آل فرعون، وعندما وجد التقط من قبلهم مجهولا لا يعرفون عنه شيئا قال تعالى }فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا { طه .

ويعرّف الفقهاء اللقيط بأنه الطفل المنبوذ المطروح المرمى به مجهول الأبوين والنسب.

وعرفه ابن الحاجب : بأنه طفل ضائع لا كافل له .

وعرفه صاحب درر الأحكام : بأنه مولود طرحه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من التهمة به.

ويبدو لكثير من الناس لأول وهلة أن اللقيط هو ابن الزنا وأنه لا أهل له ولا عشيرة، وهذا خطأ لاحتمالات كثيرة . وكما ذكر في التعريفات السابقة أن اللقيط هو مولود طرحه أهله خوفا من العيلة والفقر أو فرارا من التهمة. فقد يكون له أبوان ولكن دفعتهما أسباب قاهرة إلى إلقائه عسى أن تمتد إليه يد رحيمة تتولى أمره. وقد يكون من ضمن هذه الأسباب ما يلي :

· أن يكون الولد ثمرة زواج عجزت الأم عن إثباته، وخشي الطرفان من التهمة لعدم توفر بعض شروط العقد الصحيح وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بـ (النكاح الفاسد). كأن لم يرض به ولي المرأة أو تم بدون شاهدين أو غير ذلك من صور العقد الفاسد، أو تم الزواج مخالفا لنظام البلد بدون مستند يثبت هذا الزواج.

· أو يكون من إفرازات ما يسمى زواج المسيار الذي يتم بالسر ويشترط الطرفان أو أحدهما عدم الإنجاب ، فإذا حدث الحمل حدثت المشكلة ثم السعي لحلها بالتخلص من الولد خشية التهمة، وتبعات إفشاء سر الزواج التي ستنعكس على الطرفين دون التفكير في مصير هذا الطفل.

· قد يكون الولد مسروقا وهو في المهد في غفلة من أهله؛ بقصد الإيذاء أو لغرض الاستغلال أو لعدم إنجاب الأطفال، ثم ندم الفاعل وخشي أن يكشف أمره فيتورط، فألقاه في مكان ما تخلصا منه.

· قد يكون الأب مصابا بمرض الشك تجاه زوجته مما يجعله يتهمها في طفلها ويخشى أن ينسب إليه ظانا أنه من غيره، فيتخلص منه بتركه في مكان ما، ثم يدعي موته وهو في الحقيقة ابنه الشرعي.

· قد تكره الزوجة زوجها كرها شديدا بسبب فساده وانحراف أخلاقه أو إيذائه لها فتفارقه وهو لا يعلم بحملها. وعندما تلد فإنها لا تتقبل الطفل وتكرهه امتدادا لكره الأب، فتتخلى الأم عن طفلها في حالة لا تشعر فيها بمغبة تصرفها عندما تسلمه للأب وهو لا يعترف به فينكره ويتخلص منه بتركه لا سيما وهو منحرف ولا يبالي بما يفعل.

· قد تمرض الأم مرضا مزمنا مع عدم وجود العائل وضيق الحال وكثرة الأطفال فتتركه في المستشفى.

· أن يكون الطفل ثمرة شيخ طاعن في السن من امرأة صغيرة، وهذا مستحيل في نظر أبنائه فيتهمون زوجة أبيهم بهتانا بينهم وبين أنفسهم ويخشون أن ينتسب المولود إليهم ويقاسمهم الإرث، فيتخلصون منه بطريقة مدبرة بإلقائه في مكان ما ويدعون موته.

·أو أن يترك الطفل لسبب آخر غير الأسباب التي ذكرت كأمثلة فقط ، وغيرها كثير وغامض وفي غاية التعقيد حيث يصعب حصره.

الابن غير الشرعي : هو المولود نتيجة لقاء محرم بين رجل وامرأة لا يربطهما عقد نكاح شرعي، وفي هذه الحالة لا يحكم على المولود من هذا اللقاء إلا إذا أثبت ذلك شرعا ، وتكون أمه معروفة، أما والده في الغالب فغير معروف .

الطفل المحروم: هو الطفل الذي حرم من الرعاية المناسبة لإشباع حاجاته الفردية. ويحدد معجم مصطلحات التنمية الاجتماعية الطفل المحروم في الطفل اللقيط أو المتخلى عنه، الذي ولد لأب وأم غير معروفين وتركاه، أو تركه المسؤولون عنه قانونا.

نخلص من هذا إلى أن اللقيط يعد يتيما من الناحية اللغوية والشرعية والاجتماعية. كما لا يجوز أن نحكم على لقيط بعينه أنه ابن غير شرعي للاحتمالات الكثيرة التي ذكرت والتي لم تذكر



(مجهـــول الهـــويــــة)
الهوية : نسبة إلى الهو. وهو – كما في التعريفات للجرجاني - الغيب الذي لا يصح شهوده للغير. فالهوية كل ما اختص بشخص وغاب عن غيره.

أو هي نسبة إلى الضمير الغائب هو. فكأن الهوية جواب عن السؤال المطروح : من هو هذا الشيء؟ وما حقيقته؟ . فهي بهذا في معنى التعريف .

وجاء في التعريفات أيضا : الهوية : الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة . فالهوية حقيقة موضوعية مدارها في عالم الانسان على معرفة نسب الشخص واسمه . ويدل على أن هذين أساس الهوية الأمر الشرعي بتخير المرأة الصالحة عند الزواج وانتقاء أفضل الأسماء لدى الولادة .

نفهم مما سبق أن الهوية هي جملة الحقائق والمعرفات التي تثبت للشخص بالميلاد وتنمو معه إلى آخر العمر كالاسم والجنسية والانتساب إلى أم وأب وعائلة ... فإذا غابت عنه أو فقدت منه هذه الأشياء صح أن يطلق عليه مجهول الهوية. ونستدل لهذه التسمية بقوله تعالى في سورة الأحزاب : { فإن لم تعلموا آباءهم } . أي : في حال جهلتم من هم آباؤهم ...

والجهل بالهوية لا يعني أنها غير موجودة، بل هي حقيقة واقعة ولكنها غائبة عن إدراكنا فقط . لهذا السبب قد نظفر بها إذا بحثنا عنها. إن هوية كل شخص وحقيقته كامنة فيه كالنواة التي تشتمل على الشجرة لا تلبث أن تنشق عنها إذا اعتنى شخص ما بزرعها وسقيها .

إن عبارة مجهول الهوية ليست ذما بقدر ما هي بيان لحقيقة واقعية غابت عن حسنا. كما أنها أدق في التعبير من مسلوب الهوية وبينهما فرق . فكم من شخص قد عرف نسبه وقومه ولكنه لا ينتمي إلى شيء من هذا. وفي المقابل تجد شخصا لا يعرف له أبا ولا أما ولا أخا ولا أختا ولكنه يشعر بالانتماء إلى أمته والاندماج في مجتمعه. وهذا يقودنا إلى الحديث عن التفريق بين الهوية الخاصة وهي موضوع حديثنا والهوية العامة ذات الأبعاد الدينية واللغوية والتاريخية ... فعندما نقول عن شخص إنه مجهول الهوية فالمقصود ما يميزه عن غيره وله علاقة بشخصه كجهله والديه وتاريخ ومكان ولادته.

ونختم هذه الصفحة بالقول : إن هوية المسلم الحقيقية هي عقيدته، سواء عرف نسبه أم لم يعرفه. وهي أقوى ما عرف من عرى الانتساب لدرجة أنها تقدم على آصرة القرابة عند التعارض معها . ولهذا اعتبر القرآن الكريم أن بنوة نوح عليه السلام لابنه انقطعت عندما أصر الإبن على الكفر. قال تعالى : { ونادى نوح ربه فقال: رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال : يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح } هود.

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 19-11-2002, 01:06 PM   #2
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


معاناتهم داخل المؤسسات الايوائية


هي دار رعاية جماعية أو جمعية خيرية، لها لوائح وأنظمة تحكم وتوجه العاملين فيها والمستفيدين منها. وتختلف طبيعة هذه الدور والجمعيات من دولة لأخرى في طريقة عملها لرعاية الأطفال والمراهقين المحرومين من الرعاية الأسرية الطبيعية، مع محاولة تنمية جوانب النمو لإشباع حاجاتهم الضرورية لتكوين شخصياتهم، ولسد جانب النقص الذي يعانون منه.

إن وجود هؤلاء المجهولين داخل مؤسسات إيوائية، معناه حرمانهم من بيئة الأسرة الطبيعية ومعطياتها ـ التي رغم الجهود المادية والمعنوية التي تبذل من أجلهم داخل هذه المؤسسات من قبل القائمين عليها ـ إلا أنها لا يمكن أن تعوضهم عما افتقدوه وحرموا منه ولو بقدر يسير، لعيشهم في بيئة جافة بعيدة عن بيئة الأسرة الطبيعية والجو الأسري المنشود، الذي تسوده الألفة والمحبة، خاصة وهم لم يخوضوا تجربة الاندماج في المجتمع ، بل هم معزولون عنه داخل أسوار المؤسسات ليس لهم الخيار فيها، موكل أمرهم إلى موظفين يعاملونهم جملة لا فرادى، في رعاية جماعية تتسم بالتقييد والإلزام بالنظام الذي لابد منه في تلك البيئات، مما يجعل اليتيم يبدو عليه الشعور بالوحشة والعزلة مفتقدا الاحتياجات الطبيعية مثل : الحب والحنان، والتقدير، والأمن، والاستقرار النفسي، والانتماء، والحرية، والاستقلال الفردي، والخصوصية، واكتساب الخبرات الجديدة وغيرها من الاحتياجات المكونة للشخصية السوية . وهذا انعكس سلبياً على توافق المجهولين الشخصي، واستقرارهم الاجتماعي، فإذا لم يتعهدوا بتربية متكاملة الجوانب فإنهم سينتقمون من واقعهم ومجتمعهم بصور شتى، أدناها العزلة وعدم التفاعل، وأعلاها الجريمة بأنماطها المختلفة، معبرين بذلك عن شعورهم نحو أنفسهم وبيئتهم . والجريمة في مفهومها النفسي والاجتماعي، ما هي إلا سوء تكيف الفرد مع ظروف البيئة التي يعيش فيها . فالمجرم شخص اخفق في تكيفه الاجتماعي المطلوب .

معاناة فقد الهوية
كل فرد له هويته التي يستمد منها تقديره لذاته، ولا يستطيع العيش بدونها بين الآخرين، وإذا كانت مجهولة لديه أو اضطربت في ذهنه؛ فإنه – تبعا لذلك - يدخل في حالة اضطراب وعدم استقرار لا يخرج منها ما دام فاقدا لهويته. ولذا يعيش مجهولو الهوية داخل المؤسسات الإيوائية في حيرة وقلق من حقيقة واقعهم، لأنهم لا يعرفون من أين أتوا وأين أسرهم وكيف فقدوا وما أصل وجودهم في هذه الحياة ؟ وماذا عن صحة أسمائهم؟ … أسئلة كثيرة يسألونها ويكررونها وهي: ..أين أهلي؟ ما هو لقب عائلتي ؟ من أين اتيت؟ كيف فقدت؟ كيف وضعت في هذا المكان؟ لا يجدون لهذه الأسئلة جواباً شافيا، إلى أن يكبروا وتكبر معهم هذه الأسئلة المحيرة، فينجرفون نحو دائرة الشكوك والأوهام تجاه وجودهم، فيلجأون إلى ما يعبرون به عما في نفوسهم من الحسرة والحيرة، بالانطواء والسرحان والحزن العميق، واختلاق القصص الكاذبة عن أنفسهم فيظلون على حالة غير مستقرة من الناحية النفسية والاجتماعية والسلوكية التي تنعكس سلبا على مستقبل حياتهم .

معاناتهم من الناحية لاجتماعية
إن طبيعة البيئة ومقوماتها ومدى ما تحققه للفرد الذي يعيش بداخلها، من إشباع لحاجاته الاجتماعية والنفسية والتربوية ، ينعكس بلا شك على سلوكه وانفعالاته. ومجهول الأبوين الذي يعيش داخل المؤسسة الإيوائية بصفته إنسانا كأي إنسان، يحتاج ولو بقدر قليل إلى الضروريات الطبيعية المكونة للشخصية السوية ، فبقدر افتقاره لهذه الاحتياجات الفطرية، بسبب حرمانه من بيئة الأسرة الطبيعية، يحدث الخلل في تكيفه واستقرار شخصيته، والذي يتضح في سلوكه وتفاعله الاجتماعي. وهذا يدل على ضرورة وجوده داخل بيئة أسرية طبيعية تحتضنه، والمقصود بالطبيعية التي تتحقق فيها المقومات التي تشتمل على عوامل تكوين الأسرة ، كوجود المنزل مع وجود الأب والأم والأخوة الذين يحققون هذه المعاني في بيئة اجتماعية مستقرة ومتآلفة، بغض النظر عن أن يكون الأبوين حقيقيين من ناحية النسب أو غير حقيقيين. فقد يوجد أحيانا أبناء يعيشون في كنف أبوين حقيقيين، ولكنهم يفتقرون إلى الاحتياجات الطبيعية أكثر من غيرهم من المحرومين منها، ويحدث أيضا العكس فقد وجد أبناء محتضنون عاشوا لدى أبوين غير حقيقيين أشبعوا احتياجاتهم الطبيعية، فأصبحوا في حالة أفضل من الذين يعيشون في أسرهم الحقيقية.

وتتجلى حاجة اليتيم ( مجهول الأبوين ) في أن يكون داخل أسرة حاضنة في إشباع بعض الاحتياجات الطبيعية اللازمة لكل إنسان ، واكتساب القيم والمفاهيم الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تسود البيئة العامة للمجتمع الذي يعيش فيه، وإكمال جانب النقص في شخصيته التي لا يمكن أن يكتسبها مادام يعيش داخل مؤسسة إيوائية في رعاية جماعية، بعيدة عن بيئة الأسرة الطبيعية ويتضح ذلك مما يلي:

لا يمكنه أن يتعلم الاشتراك في أحاديث الأسرة بما فيها من كبار وصغار. ولا أن يتعلم التفاعل الاجتماعي في جو طبيعي، إنما ينظر إلى زملائه الذين يكبرونه نظرة تهيب ورهبة ويعاملهم بحذر، ليكسب ودهم ويتقي أذاهم له، وينظر إلى العاملين على أنهم موظفون متسلطون يأخذون المقابل على تسلطهم.

لا يشعر بالانتماء إلى أسرة كغيرة من أبناء الأسر الذين يراهم في واقع الحياة، ويشعر بأنه لا يماثل الآخرين في الوضع الاجتماعي عندما يسمع زملاء الدراسة يتحدثون عن إخوانهم وآبائهم وأمهاتهم وأقاربهم، وهو لا يعرف عن نفسه إلا أنه وحده.

تنقصه المعرفة عن الواقع وما يدور فيه مثل استعمال التكنولوجيا، أو مما يزوده بخبرة عملية نافعة.

في المؤسسة الإيوائية لا يرى الطعام ولا يعرف عنه إلا عند تناوله، فلا يسمع لرأيه فيما يحب ويكره، كما انه محروم من تناوله حسب الطريقة أو الوقت الذي يناسبه، بعكس الأم داخل الأسرة تستشير أطفالها في أنواع الطعام، وتستأنس برأيهم في صنع أنواع الأغذية مما يشبع جانبا مهما في نفوسهم، بتحقيق رغباتهم.

عندما يسمع الطفل الذي يعيش داخل المؤسسة عن بعض المظاهر الاجتماعية المختلفة؛ فإنه يستغربها ولا يعرف عنها إلا الاسم، مثل : مناسبات الزواج، وولادة مولود في الأسرة، والاجتماعات العائلية في الأعياد، وحضور الولائم، وحالة الوفاة والعزاء، وغيرها من المظاهر والمناسبات.

من خلال التفاعل الاجتماعي مع الأقارب والجيران وأبنائهم؛ يكتسب الطفل الأسلوب المناسب للتعامل مع الآخرين، أما في المؤسسة فإنه مسير حسب نظام داخلي يحكم سلوكه الاجتماعي، لا تظهر فيه ملامح شخصيته الحقيقية.

في الأسرة يقوم الابن بإنجاز الأعمال وقضاء بعض الاحتياجات للأسرة، بتوجيه من أفرادها. وهذا يكسبه الخبرة في الحياة والاعتماد على النفس، أما في المؤسسة لا يستطيع الاعتماد على نفسه حتى في أبسط الأشياء، لأن جميع احتياجاته تقضى له.

معاناتهم من الناحية النفسية
رغم الخدمات التي تقدم وتبذل من أجل مجهولي الأبوين، داخل المؤسسات الايوائية، من قبل القائمين عليها والتي تقدم لهم أحيانا في بعض البيئات على أعلى المستويات، إلا أنهم يعانون من تدهور صحتهم النفسية بسبب طبيعة البيئة التي يعيشون فيها - سبق ذكرها- دون إشباع حاجاتهم الضرورية، مقاسين في ذلك أنواع الحرمان والضغوط والتناقض. إضافة إلى طبيعة ظروفهم الاجتماعية القاهرة.

ومن الأعراض التي تدل على سوء صحتهم النفسية، والتي لوحظت عليهم كما ذكر من خلال الدراسات والبحوث في بيئات مختلفة ما يلي:

يشعرون بالحرمان من الدفء العاطفي، ويحسون بالكبت.

يشعرون بعدم الأمن والخوف من المستقبل.

يشعرون بالقلق والاكتئاب، ويعانون من توتر متزايد.

يعانون من الشرود الذهني والسرحان وصعوبة التركيز.

يشعرون بالنقص ( الدونية )، بشعورهم أنهم مختلفون عن الآخرين.

يعانون من الشعور بالظلم والاضطهاد.

يميل أغلبهم إلى العزلة والانسحاب.

ليس لديهم الثقة في أنفسهم، ولا القدرة على تحمل المسئولية.

يبحث الواحد منهم دائما عن تأكيد ذاته بين أقرانه، بحب التعدي والميل للتخريب.

يمارسون الكذب كثيراً.

يلاحظ عليهم سرعة الانفعال.

يشعرون بالضيق الشديد لوجودهم في المؤسسات الإيوائية.

يظهر عليهم الخجل عند التعامل مع الآخرين.

تتقلب حالتهم المزاجية والوجدانية بين السعادة والحزن، دون سبب ظاهر.

يميل غالبيتهم للعناد والعمل على عكس ما يطلب منهم.

يعاني كثير منهم من الاضطرابات اثناء النوم، والاهتزازات السريرية، والتبول اللاإرادي.

يكثر فيهم التعثر في الدراسة وعدم الرغبة فيها وتركها بدون هدف، مع انعدام الطموح لديهم.

إن هذه المعاناة التي عرضنا جزاء منها هي بسبب عيش هؤلاء الأيتام داخل مؤسسات إيوائية وحرمانهم من بيئة الأسرة التي ينعم بها غيرهم، والتي يمكن أن تتحقق لهم من خلال كفالتهم واحتضانهم، داخل أسر بديلة.

أيها الأخوة الأفاضل لكي تساهموا في التخفيف من معاناة هؤلاء المحرومين، تقدموا إلى أقرب مكتب اجتماعي واطلبوا حضانة أحدهم في منزلكم إذا كان وضعكم الاجتماعي يسمح بذلك، لتصبح أسرتكم بديلة لأسرته التي حرم منها، فقد ثبت علميا بأن الأسرة البديلة هي أفضل الوسائل لرعايتهم والتخفيف من معاناتهم. وفي حالات كثيرة يكونون أفضل من الأبناء الحقيقيين إذا أحسنت رعايتهم ، فقد اعتمدت حاضنات على أبنائهن المحتضنين لإعالتهن بعد أن تقدمت بهن السن وبعد أن اصبحوا يشغلون مراكز اجتماعية محترمة، ولا يخفى فضل كفالة اليتيم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا } وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا، وكافل اليتيم هو الذي يقوم بأمره ويعوله ويربيه، وفي رواية أخرى أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال: { كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة } قال مالك ابن انس رضى الله عنه: بإصبعيه السبابة والوسطى. وكلمة لغيره في الحديث ترجع إلى كافل اليتيم؛ وتعني أن اليتيم يكون أجنبياً لغيره، وليس من قرابته فتكفل به؛ فإن اجره يكون واحداً. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من ضم يتيما من بين المسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله عز وجل، غفرت له ذنوبه البتة إلا أن يعمل عملاً لا يغفر }



 

رد مع اقتباس
قديم 19-11-2002, 01:08 PM   #3
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


معاناتهم في المجتمــــــــــع


بعد أن يمضى هؤلاء المحرومون مرحلة الطفولة والمراهقة، داخل المؤسسات الإيوائية، فإنهم ينتقلون بعد ذلك إلى مرحلة من أكثر المراحل في حياتهم حساسية وهي: مرحلة الانتقال إلى العيش والاندماج في المجتمع خارج أسوار المؤسسة الايوائية، معتمدين في ذلك على أنفسهم في جميع شئون حياتهم. وقبل ذلك كانوا في رعاية تتكفل بجميع متطلباتهم، وبسبب طبيعة الظروف التي أمضوها داخل المؤسسات الإيوائية التي بيناها، فإنهم لم يتمكنوا من الاستعداد لتلك المرحلة، حيث تواجههم خلالها صعوبات وعقبات، تكون سببا في عدم استـقرارهم واندماجهم الاجتماعي داخل المجتـمع بشكل سليم، ومن الظواهر والعقبات التي توضح ذلك ما يلي:

اصطدامهم بالواقع، الذي لم يتعرفوا عليه بالقدر الكافي، وهم في مرحله غضة، أحوج ما يكونوا فيها إلى من يرشدهم ويأخذ بأيديهم. خاصة وأن الواحد منهم يواجه هذه المرحلة لوحده.

إن شعور مجهول الهوية بأن ليس لديه أسرة، ومحروم من والديه، يخلق لديه شعورا بعدم الاكتراث والتقدير لأحد، مما يؤدي إلى العديد من الاضطرابات السلوكية الناتجة عن شعوره بالضياع الاجتماعي والضياع النفسي، ويترتب على ذلك اصطدامه بالبيئة الاجتماعية، في محاولة لإثبات وجوده، وقد يلجأ بعضهم إلى الجريمة كالسرقة أو تعاطي الممنوعات، والانحرافات الأخلاقية، للانتقام من الذات أحيانا أو من المجتمع، عندما لم يجدوا من أفراده التكافل الاجتماعي السليم والوقوف بجانبهم معنويا وماديا.

منهم من يتمنى الموت من شدة البؤس، وضغوط الحياة والحيرة التي يعيشون فيها.

يعانون من صعوبة تأمين المستلزمات والاحتياجات الشخصـية، مثل إيجار السكن وأمور الزواج والسيارة.

الحرج من الاندماج مع الآخرين بسبب الأسئلة الحرجة من الفضوليين عن الانتماء العائلي والمكاني.

الشعور بالوحدة فجأة بعد أن كانوا يعيشون في بيئة جماعية، وهذا يدفع أحدهم إلى كثرة الهواجس والتفكير في الذات، وممارس عادة التدخين بشراهة، وارتياد المقاهي الليلية والمكوث فيها الأوقات الطويلة، هروبا من الوحدة.

تدني المستوى التعليمي في الغالب، وهذا يكون سببا في صعوبة الحصول على الوظيفة المناسبة للاستقرار الاجتماعي، وهذا يدفع بعضهم إلى البطالة، ثم إلى الانحراف.

أغلبهم يفشل في الزواج والاستقرار الاجتماعي والأسري، لنقص خبرتهم في الحياة، وعدم وجود من يقف بجانبهم من أفراد المجتمع، ليكونوا لهم سندا في ظروف الحياة وتقلباتها.

أغلبهم يظهر عليه ضعف الشخصية، ويكون سهل الانقياد للقرناء والميل للانحراف.

الشعور بالدونية والنقمة على الذات ومحاولة مضاهاة الآخرين في كل شيء دون جدوى.

التعلق بالمظاهر والشكليات، التي تظهر في المجتمع، والغرق في أحلام اليقظة.

تتضح عليهم سلبيات العيش داخل المؤسسات الإيوائية في مرحلة الطفولة والمراهقة؛ مثل جهلهم بالواقع، وضعف الثقة في النفس، والاستمرار في الاتكالية على الآخرين وعدم الاعتماد على أنفسهم في تأمين احتياجاتهم المادية والاجتماعية.

حتى نعمل معا من أجل هؤلاء المحرومين في المجتمع،علينا أن نتكافل معهم اجتماعيا ونقف بجوارهم ونكون لهم سندا في هذه الحياة، حتى يتسنى لهم أن يشقوا طريقهم بسلام.


 

رد مع اقتباس
قديم 19-11-2002, 01:10 PM   #4
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


معاناتهم داخل الاســر البديلـــة


مفهوم الأسرة البديلة : هي ما يسمى بالأسرة الحاضنة التي تقوم باحتضان الطفل المجهول والمحروم من الأبوين، بدلا من العيش داخل مؤسسة إيوائية ـ رغبة في الثواب من الله تعالى ـ لتعويضه عن أسرته الطبيعية التي حرم منها، ليكتسب منها ما ينقصه من الاحتياجات الفردية والضرورية في تكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الدينية والأسرية، والمفاهيم الاجتماعية العامة، التي لا يمكن أن يحصل عليها في المؤسسة الإيوائية.

تعد الأسر البديلة من أهم الوسائل لرعاية اليتيم من ( مجهولي الهوية ) لتعويضه عن أسرته الطبيعية وبيئتها التي حرم منها، ليكتسب منها ما ينقصه من الاحتياجات الفردية، الضرورية لتكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الأسرية، والمفاهيم العامة للمجتمع، لتصبح شخصيته مستقرة وصالحة من جميع النواحي. وما إيداع اليتـيم الذي فقد أسرته في دار للحضانة، إلا كحل بديل، لابد منه في حالة عدم تيسر الأسرة المناسبة لاحتضانه، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن المؤسسات الإيوائية يمكنها أن تشبع حاجاته الضرورية، ولو جـزءاً يسيراً منها، فـي مقابـل وجوده داخـل أسرة بديلة، تكون بمثابة أسرته الطبيعية، التي يمكن أن توفر له أغلب الاحتياجات.
وفي ذات الوقت الذي تعد فيه الأسر البديلة من أهم برامج رعاية الأيتام (مجهولي الأبوين) فإنها لن تستطيع تحقيق النتائج الإيجابية والأهداف المرجوة لمن تحتضنهم، والاستفادة من معطياتها؛ إلا بقدر وعيها بما يواجهها من عقبـات ومنعطفات حادة تعترض طريقها مع المحتضن ومحاولة تخطيها، فالأمر لا يتوقف على مجرد ضم الطفل المحتضن للعيش بداخلها، بل الأمر من أكثر الأمور تعقيداً، بالنسبة للمحتضن لا للأسرة الحاضنة فقط، حيث تواجه الأسر البديلة في فترة الاحتضان كثير من الإشكاليات الصعبة، والعقبات، التي تحتاج إلى أن تتعامل معها الأسر بعناية فائقة وبحكمة بالغة، حيث فشلت حالات احتضان؛ بسبب هذه المشاكل والعقبات التي تقع فيها الأسر البديلة، عندما لم تحسب أبعادها وحساسيتها؛ ومن هذه الإشكاليات التي تعاني منها هذه الأسر والمحتضنين ما يلي :

كثيراً ما يشعر االمحتضن في الأسرة البديلة بحاجته إلى من يفهمه ويقدر شعوره، ويقدر موقفه الحرج؛ الناتج عن حرمانه الأصلي من الأسرة الطبيعية، لذلك هو بحاجة إلى العطف المغدق المنضبط، الذي يعوضهالحرمان العاطفي الناتج من عدم وجود أبوين حقيقيين في حياته، ويحدث العكس عندما يكون سبب إقدام الأسرة على الحضانة أنها لم ترزق بأطفال، فتغدق العطف والحنان غير الموجه على المحتضن، وتدلـله وتلبي له كل طلباته، ولا تعاقبه على أخطائه وسوء تصرفاته، بدون نظر لعواقب هذا التدليل، أو يكون هذا التدليل والتغاضي بسبب الرحمة والشفقة عليه نظراً لوضعه الاجتماعي، فتسئ إليه من حيث تظن أنها تحسن، وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة تسوء أخلاقه وتصرفاته، ولا تعلم أنها السبب في ذلك، فتتخلى عنه في فترة هو أحوج ما يكون إليها.

بعض الأسر تحتضن طفلاً لأسباب مختلفة، فتتفاعل معه في مرحلة الطفولة البريئة وتتقبله، وتشبع شيئاً في نفسها، وعندما يكبر ويصل إلى مرحلة المراهقة ويدخل مرحلة الإدراك، وتتغير نفسيته وتضطرب مشاعره وتضعف، تتخلى عنه بمبررات واهية، أو لاعتراضات من بعض أفراد العائلة، دون أن تدرك عواقب هذا الترك وأثره عليه، عندما يودع في المؤسسة الإيوائية. أو إنها تهمله بدون متابعة ولا مسئولية ضابطة، لعدم وجود ما يربطها به من أواصر النسب أو المشاعر القوية، وكان يجب أن تعلم أهمية دورها العظيم، وأثره في حاضر اليتيم ومستقبله، وخطورة التخلي عنه في الفترة التي هو أشد ما يحتاجها فيها.

كثيراً ما يفسر سلوك هذه الفئة من الأيتام، على أساس آخر غير الأساس الذي تفسر عليه تصرفات الآخرين من الأطفال والمراهقين في بيوتهم الطبيعية، وكثيراً ما يشوب تصرف الأسر الخوف وتوقع الشر لأن الطفل ليس طفلهم، ويخشون تورطه في سلوك مضطرب، أو غير مشرف ضد نفسه أو ضد المجتمع، وذلك بسبب الفكرة السيئة غير الحقيقية عن نشأته، وعن استعداده لهدم القيم الخلقية - هذا من وجهة نظر الأسرة- كما فعل أبويه من قبل.
فتتجه الأسرة نتيجة لأفكارها وآرائها الخاصة إلى شدة الحرص على الناشئ، فيضيقون عليه الخناق، ويقيدون حريته، مما يجعله يصطدم معهم في مرحلة المراهقة، فيتأكد في ذهنهم أن ما توقعوه حدث فعلاً، ولم تعلم الأسرة الحاضنة وخاصة منها من لم ترزق بأبناء، بأن مرحلة المراهقة من أصعب المراحل تربوياً وأكثرها تعقيدا، وهناك من الأسر الطبيعية التي تعاني من أبنائها الحقيقيين، وهم يعيشون في كنفها ودفئها في أفضل الحالات الأسرية والاجتماعية، تعاني هذه الأسر من أبنائها أضعاف ما تعاني الأسر البديلة من الذين تحتضنهم في وضع اجتماعي غير طبيعي، الذين مهما منحوا من رعاية لا يمكن أن تعوضهم هذه الأسر البديلة ما فقـدوه من أسرهم الحقيقية.

تعاني بعض الأسر من تصرفات من تحتضنهم فتتحملها على مضض وتخفيها عن الجهات المسئولة عن متابعة المحتضن، لانتمائه لها عاطفيا، إلى أن تظهر تلك التصرفات في الوقت غير المناسب، بعد أن وصلوا إلى حالة سيئة لا ينفـع فيها العلاج بعد فوات الأوان، وذلك بسبب سوء فهم الأسرة الحاضنة وتهيبها من أن يسحب الناشئ منها في أي وقت من الأوقات، من قبل الجهات المسئولة.

قد تفسد بعض الأسر علاقة الناشئ بالشئون الاجتماعية، عندما يهددونه من آن لآخر إذا تصرف بما يغضبهم؛ بأنهم سيقومون بتسليمه لإيداعه في المؤسسة الإيوائية، ليرهبوه بذلك، مما يشعره بعدم الأمن والاستقرار، و‘يضعف مشاعره تجاه الأسرة، وأيضاً يجعله هذا لا يتقبل أي طرف من الجهات المعنية به لمتابعته في المستقبل.

في حالات كثيرة يعير الناشئ بأهله ونشأته مما يؤلم مشاعره ويجعله ينطوي على نفس منكسرة تشعره بالنقص والذنب والنقمة على الذات، مما يشعره بعظم الفارق بينه وبين الآخرين، فينقم على الحياة وعلى الناس، بتصرفات عدوانيـة، والأسرة لا تعـرف عن هذا السبب.

عندما يصل الناشئ إلى درجة كافية من الوعي والتفكير في المستقبل، فإن تفكيره ينصرف إلى التفكير في نشأته وأهله وتاريخهم وتخليهم عنه، وما إلى ذلك مما يحيط بموقفه في الحياة، ويصطحب هذا التفكير قلق زائد ومخاوف متنوعة، وتزداد هذه المشاعر كلما كان هذا اليتيم غير آمن ولا مستقر، أوكان يفتقر إلى الشعور بالانتماء إلى الأسرة الحاضنة. والأسرة لم تحسب لهذه المرحلة حسابها.

من حق الناشئ أن يعرف تاريخ حياته وأصله ونشأته وهذه هي القاعدة، وإنما لابد من اختيار الوقت المناسب لإخباره بحقائق حياته بصورة مبسطة، وبفكرة مقبولة أدبياً وتربوياً، وأنسب الأوقات ما كان توازنه العاطفي فيها غزيراً، وكان في مرحلة من الحياة لا يدرك فيها المعاني بعمق، أي في مرحلة الكمون قبل أن يكتمل نموه العقلي، ويجب إخباره بطريقة طبيعية، ولا يجب حجب هذه الحقائق عنه فإنه لابد سيكتشفها، وقد يكون هذا الاكتشاف في وقت غير مناسب، وغير معلوم، وفي حالة نفسية غير مستقرة، مما يتسبب عنه فقد الاتزان الوجداني ومواجهة صراع عنيف يؤثر في حياته تأثيراً سيئاً في حاضره ومستقبله. وليست الأسـر في معظمها قادرة على القيام بعملية الإخبار بالأسلوب المناسب والصحيح، وبعضها يجتهد خطأً، فيحرص على إخفاء حقيقة وضع المحتضن عنه منذ أخذها له، رغبة منها في عدم إيذاء مشاعره أومن شدة حبها وتعلقها به، أو تعتقد بأنه إذا عرف الحقيقة ستكون سبباً في عدم تقبلها والبعد عنها والنفور منها، والمشكلة تزداد إذا أوحت له بأنها أسرته الحقيقية، ويعلم فيما بعد كذب ذلك.

إن هذه الإشكاليات والعقبات، التي تتعرض لها الأسر مع الذين تحتضنهم، كانت سبباً رئيساً في انهيار عملية الاحتضان لدى كثير من المحتضنين، في الوقت الذي لم يوجد من يتابعها ويعمل على علاجها واستئصالها بالأسلوب الصحيح قبل أن تستشري، فكانت النتيجة: إما التخلي عن المحتضن أو تدهور حالته النفسية والسلوكية أو فشل في دراسته أو إهمال الأسرة له مما يدفعه إلى الانحراف.

من أجل أن تنجح الأسر البديلة في تحقيق رسالتها تجاه هؤلاء الأيتام، يجب عليها عندما تواجهها أي مشكلة أو صعوبة مع المحتضن أن تتصل بالمختصين في الجهات المسئولة عن الاحتضان لطلب المساعدة في علاجها، فهم أكثر معرفة وخبرة للتعامل مع الموقف أو المشكلة.



تقبلوا احترامي


البتار


 

رد مع اقتباس
قديم 20-11-2002, 06:08 PM   #5
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


سبحان الله


هم يعيشون لا عائل لهم


يعانونمن فقدان الا او الام اوكليهما


الحمد لله على وجود الوالدين معي



البتار


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا