المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 16-05-2009, 01:51 PM   #226
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة الثالثة والتسعين بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شمس النهار قالت للجواهرجي :
لا تحصل راحة إلا من بعد تعب ولا يظهر نجاح إلا من ذوي مروءة ، وقد أطلعتك الآن على أمرنا وصار بيدك هتكناً ولا زيادة لما أنت عليه من المروءة ، فأنت قد علمت إن جاريتي هذه كاتمة لسري وبسبب ذلك لها رتبة عظيمة عندي وقد اختصصتها بمهمات أموري فلا يكن عندك أعز منها وأطلعها على أمرك وطب نفساً فأنت آمن مما تخافه من جهتنا ومما يسد عليك موضع إلا وتفتحه لك وهي تأتيك من عندي بأخبار علي بن بكار وتكون أنت الواسطة في التبليغ بيني وبينه .
ثم إن شمس النهار قامت وهي لا تستطيع القيام ومشت فتمشى بين يديها الجواهرجي حتى وصلت إلى باب الدار ، ثم رجع وقعد في موضعه بعد أن نظر من حسنها ما بهره وسمع من كلامها ما حير عقله وشاهد من ظرفها وأدبها ما أدهشه ، ثم استمر يتفكر في شمائلها حتى سكنت نفسه وطلب الطعام فأكل ما يمسك رمقه ، ثم غير ثيابه وخرج من داره وتوجه إلى علي بن بكار غلمانه ومشوا بين يديه إلى أن وصلوا إلى سيدهم فوجدوه ملقى على فراشه .
فلما رأى الجواهرجي قال له :
أبطأت علي فزدتني هماً على همي .
ثم صرف غلمانه وأمر بغلق أبوابه وقال له :
والله ما غمضت عيني من يوم ما فارقتني فإن الجارية جاءتني بالأمس ومعها رقعة مختومة من عند سيدتها شمس النهار .
وحكى له علي بن بكار على جميع ما وقع له معها وقال :
لقد تحيرت في أمري وقل صبري وكان لي أبو الحسن أنيساً لأنه يعرف الجارية .
فلما سمع الجواهرجي كلام ابن بكار ضحك فقال له :
تضحك من كلامي وقد استبشرت بك واتخذتك عدة للنائبات ؟
ثم بكى وأنشد هذه الأبيات :
وضاح من بكائي حين أبصرنـي ........ لو كان قاسى الذي قاسيت أبكاه
لم يرث للمبتلي ممـا يكـابـده ........ إلا شبح منه قد طـال بـلـواه
وجدي حنيني أنيني فكرتي ولهي ........ إلى حبيب زوايا القلب مـأواه
حل الفؤاد مقيمـاً لا يفـارقـه ........ وقتاً ولكنه ضعيف قد عز لقياه
ما لي سواه خليل أرتضي بـدلاً ........ وما اصطفيت حبيباً قط إلا هو
فلما سمع الجواهرجي منه هذا الكلام وفهم الشعر والنظام بكى لبكائه وأخبره بما جرى مع الجارية من حين فارقه فصار ابن بكار يصغي إلى كلامه وكلما سمع منه كلمة يتغير لون وجهه من صفرة إلى احمرار ويقوى جسمه مرة ويضعف أخرى ، فلما انتهى إلى آخر الكلام بكى ابن بكار وقال له :
يا أخي أنا على كل حال هالك فليت أجلي قريب وأسألك من فضلك أن تكون ملاطفي في جميع أموري إلى أن يقضي الله ما يريد وأنا لا أخالف لك قولاً .
فقال الجواهرجي : لا يطفئ عنك هذه النار إلا الإجتماع بمن شغفت بها ولكن في غير هذا المكان وإنما يكون ذلك عندي في بيت جنب بيتي الذي جاءتني فيه الجارية هي وسيدتها وهو الموضع الذي اختارته لنفسها والمقصود اجتماعكما ببعضكما وفيه تشكوان لبعضكما ما قاسيتما .
فقال علي بن بكار :
افعل ما تريد والذي تراه هو الصواب .
فأقام الجواهرجي عنده تلك الليلة يسامره إلى أن أصبح الصباح ، ثم صلى الصبح وخرج من عنده وذهب إلى منزله فما استقر إلا قليلاً وجاءت الجارية وسلمت عليه فرد عليها السلام وحدثها بما كان بينه وبين علي بن بكار ، فقالت الجارية :
اعلم أن الخليفة توجه من عندنا وإن مجلسنا لا أحد فيه وهو أستر لنا وأحسن .
فقال لها الجواهرجي :
كلامك صحيح ولكنه ليس كمنزلي هذا .
فقالت الجارية :
إن الرأي ما تراه أنت ، وأنا ذاهبة إلى سيدتي لأخبرها بما ذكرت وأعرض عليها ما قلت .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:52 PM   #227
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والتسعين بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية قالت للجواهرجي :
إن الرأي ما تراه أنت ، وأنا ذاهبة إلى سيدتي لأخبرها بما ذكرت وأعرض عليها ما قلت .
ثم إن الجارية توجهت إلى سيدتها وعرضت عليها الكلام وعادت إلى منزل الجواهرجي وقالت له :
إن سيدتي رضيت بما قلته .
ثم إن الجارية أخرجت من جيبها كيساً فيه دنانير وقالت له :
إن سيدتي تسلم عليك وتقول لك : خذ هذا واقض لنا ما نحتاج إليه .
فأقسم الجواهرجي أنه لا يصرف شيئاً منه فأخذته الجارية وعادت إلى سيدتها وقالت لها :
إنه ما قبل الدنانير بل دفعها إلي .
وبعد رواح الجارية ذهب الجواهرجي إلى داره الثانية وحول إليها من الآلات والفرش ما يحتاج إليه الحال ونقل إليها أواني الفضة والصيني وهيأ جميع ما يحتاجوا إليه من المآكل والمشرب .
فلما حضرت الجارية ونظرت ما فعله أعجبها وأمرته بإحضار علي بن بكار فقال لها :
ما يحضر به إلا أنت .
فذهبت إليه وأحضرته على أتم حال وقد راقت محاسنه فلما جاء قابله الجواهرجي ورحب به وأجلسه على مرتبة تصلح له ووضع بين يديه شيئاً من المشموم في بعض الأواني الصيني والبلور وصار يتحدث معه ساعة من الزمان ، ثم إن الجارية مضت وغابت إلى بعد صلاة المغرب ثم عادت ومعها شمس النهار ووصيفتان لا غير فلما رأت علي بن بكار ورآها سقطا على الأرض مغشياً عليهما واستمرا ساعة زمنية فلما أفاقا أقبلا على بعضهما ثم جلسا يتحدثان بكلام رقيق وبعد استعملا شيئاً من الطيب ثم إنهما صارا يشكران الجواهرجي على صنيعه معهما ، فقال لهما :
هل لكما في شيء من الطعام ؟
فقالا :
نعم .
فأحضر شيئاً من الطعام فأكلا حتى اكتفيا ثم غسلا أيديهما ثم نقلهما إلى مجلس آخر وأحضر لهما الشراب فشربا وسكرا ومالا على بعضهما ، ثم إن شمس النهار قالت له :
يا سيدي كمل جميلك واحضر لنا عوداً أو شيئاً من آلات الملاهي حتى أننا نكمل حظنا في هذه الساعة .
فقال الجواهرجي :
على رأسي وعيني .
ثم إنه قام وأحضر عوداً فأخذته وأصلحته ثم إنها وضعته في حجرها وضربت عليه جميلاً ثم أنشدت هذين البيتين :
أرقت حتى كأني أعشق الأرقـا ........ وذبت حتى تراءى السقم لي خلقا
وفاض دمعي على خدي فأحرقه ........ يا ليت شعري هل بعد الفراق لقا
ثم إنها أخذت في غناء الأشعار حتى حيرت الأفكار بأصوات مختلفات وإشارات رائقات وكاد المجلس أن يصح من شدة الطرب لما أتت فيه من مغانيها بالعجب ،
ولما استقر بهم الجلوس ودارت بينهم الكؤوس أطربت الجارية بالنغمات وأنشدت هذه الأبيات :
وعد الحبيب بوصله ووفى لـي ........ في ليلة ساعدها بـلـيالـي
يا ليلة سمح الزمان لنا بـهـا ........ في غفلة الواشين والعـذال
بات الحبيب يضمـني بيمينـه ........ فضممته من فرحي بشمالي
عانقته ورشفت خـمرة ريقـه ........ وحظيت بالمعسول والعسال
ثم إن الجواهرجي تركهما في تلك الدار وانصرف إلى دار سكناه وبات فيها إلى الصباح ، ولما أصبح الصبح صلى فرضه وشرب القهوة وجلس يفكر في المسير إليهما في داره الثانية ، فبينما هو جالس إذ دخل عليه جاره وهو مرعوب وقال :
يا أخي ما هان علي الذي جرى لك الليلة في دارك الثانية .
فقال الجواهرجي :
يا أخي وأي شيء جرى في داري ؟
فقال له :
إن اللصوص قد رأوك بالأمس وأنت تنقل حوائجك إلى دارك الثانية فجاؤا إليها ليلاً وأخذوا ما عندك .
وقد حضر الجواهرجي لداره تلك فوجدها خالية من الأثاث ، ولا أثر لعلي بن بكار وشمس النهار ولا لوصيفتيها ، فدهش لذلك وبعد فترة وجيزة جاءه شخص لا يعرفه فقال له :
إذا كنت تريد إعادة أغراضك إليك فسر معي ولا تتكلم بشيء .
فسار معه فأخذه لعند رفاقه الذين قالوا له :
أطلعنا على خبرك ولا تكذب في شيء .
فقال لهم :
اعلموا إن حالي عجيب وأمري غريب فهل عندكم شيء من خبري ؟
فقالوا :
نعم نحن الذين أخذنا أمتعتك في الليلة الماضية وأخذنا صديقك والتي كانت تغني .
فقال لهم :
أسبل الله عليكم ستره ، أين صديقي هو والتي كانت تغني ؟
فأشاروا إليه بأيديهم إلى ناحية وقالوا :
هاهنا ولكن يا أخي ما ظهر على سرهما أحد منا ومن حين أتينا بهما لم نجتمع عليهما ولم نسألهما عن حالهما لما رأينا عليهما من الهيبة والوقار وهذا هو الذي منعنا عن قتلهما فأخبرنا عن حقيقة أمرهما وأنت في أمان على نفسك وعليهما .
فلما سمع الجواهرجي هذا الكلام .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:52 PM   #228
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والتسعين بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجواهرجي لما سمع هذا الكلام كاد يهلك من الخوف والفزع وقال لهم :
اعلموا أن المروءة إذا ضاعت لا توجد إلا عندكم وإذا كان عندي سر أخاف إفشاءه فلا يخفيه إلا صدوركم .
وصار يبالغ في هذا المعنى ، ثم إنه وجد المبادرة لهم بالحديث أنفع من كتمانه ، فأخبرهم بجميع ما وقع له حتى انتهى آخر الحديث ، فلما سمعوا حكايته قالوا :
وهل هذا الفتى علي بن بكار وهذه شمس النهار ؟
فقال لهم :
نعم .
فذهبوا إليهما واعتذروا لهما ثم قالوا :
إن الذي أخذناه من دارك ذهب بعضه وهذا ما بقي منه .
ثم ردوا إليه أكثر الأمتعة والتزموا أنهم يعيدوها إلى محلها في داره ويردون إليه الباقي .
هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر علي بن بكار وشمس النهار فإنهما قد أشرفا على الهلاك من الخوف ، ثم تقدم الجواهرجي إلى علي بن بكار وشمس النهار وسلم عليهما وقال لهما :
يا ترى ما جرى للجارية والوصيفتين وأين ذهبتا ؟
فقالا :
لا علم لنا بهن .
ولم يزالوا سائرين إلى أن انتهوا إلى المكان الذي فيه الزورق فطلعوا فيه وإذا هو الزورق الذي عدا بهم بالأمس فقذف بهم الملاح حتى أوصلهم إلى البر الثاني فأنزلوهم فما استقر بهم الجلوس على جانب البر حتى جاءت خيالة وأحاطوا بهم من كل جانب فوثب الذين معهم عاجلاً كالعقبان فرجع لهم الزورق فنزلوا فيه وسار بهم في البحر وبقي الجواهرجي وعلي بن بكار وشمس النهار على شاطيء البحر لا يستطيعوا حركة ولا سكوناً فقال لهم الخيالة :
من أين انتم ؟
فتحيروا في الجواب .
فقال الجواهرجي لهم :
إن الذين رأيتموهم لا نعرفهم وإنما رأيناهم هنا وأما نحن فمغنون .
فأرادوا أخذهم ليغنوا لهم فما تخلوا منهم إلا بالحيلة ولين الكلام فأفرجوا عنهم في هذه الساعة وقد كان منهم ما رأيتم من أمرهم فنظر الخيالة إلى شمس النهار وإلى علي بن بكار ثم قالوا للجواهرجي :
لست صادقاً فأخبرنا من أنتم ومن أين أتيتم وما موضعكم وفي أي الحارات انتم ساكنون ؟
فلم يدر الجواهرجي ماذا يقول ، فوثبت شمس النهار وتقدمت إلى مقدم الخيالة وتحدثت معه سراً فنزل من فوق جواده واركبها عليه وأخذ بزمامها وصار يقودها وكذلك فعل بعلي بن بكار وبالجواهرجي أيضاً .
ثم إن مقدم الخيالة لم يزل سائراً بهم إلى موضع على جانب البحر وصاح بالرطانة فأقبل له جماعة من البرية فأطلعهم المقدم في زورق وأطلع أصحابه في زورق آخر فقذفوا بهم إلى أن انتهوا إلى دار الخلافة وهم يكابدوا الموت من شدة الخوف فدخلت شمس النهار وأما الجواهرجي وعلى بن بكار فرجعوا ولم يزالوا سائرين إلى أن انتهوا إلى المحل الذي يتوصلوا منه إلى موضعهم فنزلوا على البر ومشوا ومعهم جماعة من خيالة يؤانسونهم إلى أن دخلوا الدار ، وحين دخلوها ودعوا من كان معهم من الخيالة ومضوا في حال سبيلهم ، وأما على بن بكار والجواهرجي فقد دخلوا مكانهم وهم لا يقدروا أن يتحركوا من مكانهم ولا يدروا الصباح من المساء ، ولم يزالوا على هذه الحالة إلى أن أصبح الصباح .
فلما جاء آخر النهار سقط علي بن بكار مغشياً عليه وبكت عليه النساء والرجال وهو مطروح لم يتحرك فجاء للجواهرجي بعض أهله وقالوا :
حدثنا بما جرى لولدنا وأخبرنا بسبب الحال الذي هو فيه ؟
فقال الجواهرجي :
يا قوم اسمعوا كلامي


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:53 PM   #229
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والتسعين بعد المئة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجواهرجي قال :
لا تفعلوا به مكروهاً واصبروا وهو يفيق ويخبركم بقصته بنفسه .
ثم شدد عليهم وخوفهم من الفضيحة بينه وبينهم ، فبينما هم كذلك وإذا بعلي بن بكار تحرك من فراشه ففرح أهله وانصرف الناس عنه ومنع أهله الجواهرجي من الخروج من عنده ثم رشوا ماء الورد على وجهه ، فلما أفاق وشم الهواء صاروا يسألونه عن حاله فصار يخبرهم ولسانه لا يرد جواباً بسرعة ، ثم أشار إليهم أن يطلقوا الجواهرجي ليذهب إلى منزله فأطلقوه فخرج ، فلما أراد المسير رأى امرأة واقفة فتأملتها وإذا هي جارية شمس النهار فلما عرفها سار وهرول في سيره فتبعته فداخله منها الفزع وصار كلما ينظرها يأخذه الرعب منها وهي تقول له :
قف حتى أحدثك بشيء .
وهو لم يلتفت إليها ولم يزل سائراً إلى مسجد في موضع خال من الناس فقالت له :
ادخل المسجد لأقول لك كلمة ولا تخف من شيء .
فدخل المسجد ودخلت خلفه فصلى ركعتين ثم تقدم إليها وهو يتأوه وقال لها :
ما بالك ؟
فسألته عن حاله فحدثها بما وقع له وأخبرها بما جرى لعلي بن بكار وقال لها :
ما خبرك ؟
فقالت الجارية :
اعلم أني لما رأيت الرجال كسروا باب دارك ودخلوا خفت منهم وخشيت أن يكونوا من عند الخليفة فيأخذوني أنا وسيدتي فنهلك من وقتنا فهربت من السطوح أنا والوصيفتان ورمينا أنفسنا من مكان عال ودخلنا على قوم فهربنا عندهم حتى وصلنا إلى قصر الخلافة ونحن على أقبح صفة ثم أخفينا أمرنا وصرنا نتقلب على الجمر إلى أن جن الليل ففتحت باب البحر واستدعيت الملاح الذي أخرجنا تلك الليلة وقلت له :
إن سيدتي لم نعلم لها خبراً احملني في الزورق حتى أفتش عليها في البحر لعلي أقع على خبرها فحملني في الزورق وسار بي ولم أزل سائرة في البحر حتى انتصف الليل فرأيت زورقاً أقبل لإلى جهة الباب وفيه رجلاً يقذف ومعه رجل آخر وامرأة مطروحة بينهما وما زال يقذف حتى وصل إلى البر فلما نزلت المرأة تأملتها فإذا هي شمس النهار فنزلت إليها وقد اندهشت من الفرحة لما رأيتها بعدما قطعت الرجاء منها .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:56 PM   #230
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الأولى بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان ملك يسمى شهرمان صاحب عسكر وخدم وأعوان إلا أنه كبر سنه ورق عظمه لم يرزق بولد فتفكر في نفسه وحزن وقلق وشكا ذلك لبعض وزرائه وقال :
إني أخاف إذا مت أن يضيع الملك لأنه ليس لي ولد يتولاه بعدي .
فقال له الوزير :
لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً فتوكل على الله أيها الملك وتوضأ وصل ركعتين ثم جامع زوجتك لعلك تبلغ مطلوبك .
فجامع زوجته فحملت في تلك الساعة فعلقت منه ولما كملت أشهرها وضعت ولداً ذكراً كأنه البدر السافر في الليل العاكر فسماه قمر الزمان وفرح غاية الفرح وزينوا المدينة سبعة أيام ودقت الطبول وأقبلت العشائر وحملته المراضع والدايات وتربى في العز والدلال حتى صار له من العمر خمس عشر سنة وكان فائقاً في الحسن والجمال والقد والإعتدال وكان أبوه يحبه ولا يقدر أن يفارقه ليلاً ولا نهاراً فشكا الملك شهرمان لأحد وزرائه فرط محبته لولده وقال :
أيها الوزير لأني خائف على ولدي قمر الزمان من طوارق الدهر والحدثان وأريد أن أزوجه في حياتي .
فقال له الوزير :
اعلم أيها الملك إن الزواج من مكارم الأخلاق ولا بأس إن تزوج ولدك في حياتك .
فعند ذلك قال الملك شهرمان :
علي بولدي قمر الزمان .
فحضر وأطرق رأسه إلى الأرض حياء من أبيه فقال له أبوه :
يا قمر الزمان اعلم أني أريد أن أزوجك وأفرح بك في حياتي .
فقال له :
اعلم يا أبي أنني ليس لي في الزواج وليست نفسي تميل إلى النساء لأني وجدت في مكرهن كتباً بالروايات وبكيدهن وردت الآيات وقال الشاعر :
فإن تسألوني بالنساء فإنـنـي ........ خبير بأحوال النسـاء طـيب
إذا شاب رأس المرء وقل ماله ........ فليس له في ودهن نصـيب
و لما فرغ من شعره قال :
يا أبي إن الزواج شيء لا أفعله أبداً .
فلما سمع السلطان شهرمان من ولده هذا الكلام اغتم غماً شديداً إلى عدم مطاوعة ولده قمر الزمان له .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:57 PM   #231
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك شهرمان لما سمع من ولده هذا الكلام صار الضياء في وجهه ظلاماً واغتم على عدم مطاوعة ولده قمر الزمان له ومن محبته له لم يكرر عليه الكلام في ذلك ولم يغضبه بل أقبل عليه وأكرمه ولاطفه بكل ما يجلب المحبة إلى القلب .
كل ذلك وقمر الزمان يزداد في كل يوم حسناً وجمالاً وظرفاً ودلالاً فصبر الملك شهرمان على ولده سنة كاملة حتى صار كامل الفصاحة والملاحة وتهتكت في حسنه الوري وصار فتنة للعشاق وروضة للمشتاق عذب الكلام يخجل في وجهه بدر التمام صاحب قد واعتدال وظرف ودلال كأنه غصن بان أو قضيب خيزران ينوب خده عن شقائق النعمان وقده عن غصن البان ظريف الشمائل كما قال فيه القائل :
بدا فقالوا تـبـارك الـلـه ........ جل الذي صاغـه وسـواه
مليك كل الملاح قـاطـبة ........ فكلهم أصبحـوا رعـاياه
في ريقه شـهـدة مـذوبة ........ وانعقد الدار فـي ثـنـاياه
مكملاً بالجمال مـنـفـرداً ........ كل الورى في جماله تاهوا
قد كتب الحسن فوق وجنته ........ أشهد أن لا ملـيح إلا هـو
فلما تكاملت سنة أخرى لقمر الزمان ابن الملك شهرمان دعاه والده إليه وقال له :
يا ولدي أما تسمع مني ?
فوقع قمر الزمان على الأرض بين يدي أبيه هيبة واستحى منه وقال له :
يا أبي كيف لا أسمع منك وقد أمرني الله بطاعتك وعدم مخالفتك .
فقال له الملك شهرمان :
اعلم يا ولدي إني أريد أن أزوجك وأفرح بك في حياتي وأسلطنك في مملكتي قبل مماتي .
فلما سمع قمر الزمان من أبيه هذا الكلام أطرق رأسه وقال :
يا أبي هذا شيء لا أفعله أبداً ولو سقيت كأس الردى وأنا أعلم أن الله فرض علي طاعتك فبحق الله عليك لا تكلفني أمر الزواج ولا تظن أني أتزوج طول عمري لأنني قرأت في كتب المتقدمين والمتأخرين وعرفت ما جرى لهم من المصائب والآفات بسبب فتن النساء ومكرهن غير المتناهي وما يحدث عنهن من الدواهي وما أحسن قول الشاعر :
إن النساء وإن ادعين العـفة ........ رمم تقلبها النسور الـحـوم
في الليل عندك سرها وحديثها ........ وغداً لغيرك ساقها والمعصم
كالخان تسكنه وتصبح راحلاً ........ فيحل بعدك فيه من لا تعلـم
فلما سمع شهرمان من ولده قمر الزمان هذا الكلام وفهم الشعر والنظام لم يرد عليه جواباً من فرط محبته وزاد في إنعامه وإكرامه وانفض ذلك المجلس من تلك الساعة ، وبعد انفضاض المجلس طلب شهرمان وزيره واختلى به وقال له :
أيها الوزير .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:57 PM   #232
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة بعد المئتين

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الملك شهرمان قال لوزيره :
قل لي ما الذي أفعله في قضية ولدي قمر الزمان ? فإني استشرتك في زواجه قبل أن أسلطنه فأشرت علي بذلك وأشرت علي أيضاً أن أذكر له أمر الزواج فذكرته له فخالفني فأشر علي الآن بما تراه حسناً ?
فقال الوزير :
الذي أشير به عليك الآن أيها الملك أن تصبر عليه سنة أخرى فإذا أردت أن تكلمه بعدها في أمر الزواج فلا تكلمه سراً ولكن حدثه في يوم حكومة يكون جميع الأمراء والوزراء حاضرين وجميع العساكر واقفين فإذا اجتمع هؤلاء فأرسل إلى ولدك قمر الزمان في تلك الساعة وأحضره فإذا حضر فخاطبه في أمر الزواج بحضرة جميع الأمراء والوزراء والحجاب والنواب وأرباب الدولة والعساكر وأصحاب الصولة فإنه يستحي منهم وما يقدر أن يخالفك بحضرتهم .
فلما سمع الملك شهرمان من وزيره هذا الكلام فرح فرحاً شديداً واستصوب رأي الوزير في ذلك وخلع عليه خلعة سنية فصبر الملك شهرمان على ولده قمر الزمان سنة كاملة وكلما مضى عليه يوماً من الأيام يزداد حسناً وجمالاً وبهجةً وكمالاً حتى بلغ من العمر قريباً عشرين عاماً وألبسه الله حلل الجمال وتوجه بتاج الكمال وأشرقت خدوده بالإحمرار وبياض غرته حاكى القمر الزاهر وسواد شعره كأنه الليل العاكر وخصره أرق من خيط هميان وردفه أثقل من الكثبان تهيج البلابل على أعطافه ويشتكي خصره من ثقل أردافه ومحاسنه حبرت الورى كما قال فيه بعض الشعراء :
قسماً بوجنته وبـاسـم ثـغـره ........ وبأسهم قد راشها من سـحـره
وبلين عطفه ومرهف لحـظـه ........ وبياض غرته وأسود شـعـره
وبحاجب حجب الـكـرى عـن ........ صبه وسطا عليه بنهيه وبأمـره
وعقارب قد أرسلت من صدغـه ........ وسمعت لقتل العاشقين بهجـره
وبـورد خـديه وآس عــذاره ........ وعقيق مبسمه ولؤلـؤ ثـغـره
وبطيب نكهتـه وسـال جـرى ........ في فيه يزري بالرحيق وعصره
وبردفه المرتج في حـركـاتـه ........ وسكونه وبرقة في خـصـره
وبجود راحته وصدق لـسـانـه ........ وبطيب عنصره وعالي قـدره
ما المسك إلا من فضالة خـالـه ........ والطيب يروي ريحه عن شعره
وكذلك الشمس المـنـيرة دونـه ........ ورأى الهلال قلامة من ظفـره
إن الملك شهرمان سمع كلام الوزير وصبر سنة أخرى حتى حصل يوم موسم .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:58 PM   #233
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك شهرمان دعى الأمراء والوزراء والحجاب وأرباب الدولة والعساكر وأصحاب الصولة ، ثم أرسل خلف ولده قمر الزمان فلما حضر قبل الأرض بين يديه ثلاث مرات ووقف مكتفاً يديه وراء ظهره قدام أبيه فقال له أبوه :
يا ولدي إنني ما أحضرتك هذه المرة قدام هذا المجلس وجميع العساكر حاضرون بين أيدينا إلا لأجل أن أمرتك بأمر فلا تخالفني فيه وذلك أن تتزوج لأنني أشتهي أن أزوجك بنت ملك الملوك وأفرح بك قبل موتي .
فلما سمع قمر الزمان من أبيه هذا الكلام أطرق برأسه إلى الأرض ساعة ثم رفع رأسه إلى أبيه ولحقه في تلك الساعة جنون الصبا وجهل الشبيبة فقال له :
أما أنا فلا أتزوج أبداً ولو سقيت كأس الردى وأما أنت فرجل كبير السن صغير العقل ، إنك سألتني قبل هذا اليوم مرتين غير هذه المرة في شأن الزواج وأنا لا أجيبك إلى ذلك .
ثم إن قمر الزمان فك كتاف يديه وشمر عن زراعيه قدام أبيه وهو في غيظه فخجل أبوه واستحى حيث حصل ذلك قدام أرباب دولته والعساكر الحاضرين في الموسم .
ثم إن الملك شهرمان لحقته شهامة الملك فصرخ على ولده فأرعبه وصرخ على المماليك وأمرهم بإمساكه فأمسكوه وأمرهم أن يكتفوه فكتفوه وقدموه بين يدي الملك وهو مطرق في رأسه من الخوف والوجل وتكلل وجهه وجبينه بالعرق واشتد به الحياء والخجل ، فعند ذلك شتمه أبوه وسبه وقال له :
ويلك يا ولد الزنا وتربية الخنا كيف يكون هذا جوابك لي بين عساكري وجيوشي ? ولكن إلى الآن ما أدبك أحد


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:58 PM   #234
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة بعد المئتين

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الملك شهرمان قال لولده قمر الزمان :
أما تعلم أن هذا الأمر الذي صدر منك لو صدر عن عامي من العوام لكان ذلك قبيحاً منه .
ثم إن الملك أمر المماليك أن يحلوا أكتافه ويحبسوه في برج من أبراج القلعة ، فعند ذلك دخل الفراشون القاعة التي فيها البرج فكنسوها ومسحوا بلاطها ونصبوا فيها سرير قمر الزمان وفرشوا له على السرير طراحة ونطعاً ووضعوا له مخدة وفانوساً كبيراً وشمعة لأن ذلك المكان كان مظلماً في النهار ، ثم إن المماليك أدخلوا قمر الزمان في تلك القاعة وجعلوا على باب القاعة خادماً ، فعند ذلك طلع قمر الزمان فوق ذلك السرير وهو منكسر الخاطر حزين الفؤاد وقد عاتب نفسه وندم على ما جرى منه في حق أبيه حيث لا ينفعه الندم وقال :
خيب الله الزواج والبنات والنساء الخائنات ، فيا ليتني سمعت من والدي وتزوجت فلو فعلت ذلك كان أحسن لي من هذا السجن .
هذا ما كان من أمر قمر الزمان .
وأما ما كان من أمر أبيه فإنه أقام على كرسي مملكته بقية اليوم إلى وقت الغروب ، ثم خلا بالوزير وقال له :
اعلم أيها الوزير أنك كنت السبب في الذي جرى بيني وبين ولدي كله حيث أشرت علي بما أشرت فما الذي تشير به علي الآن ?
فقال له الوزير :
أيها الملك دع ولدك في السجن مدة خمسة عشر يوماً ثم احضره بين يديك وأمره بالزواج فإنه لا يخالفك أبداً .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 01:59 PM   #235
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك شهرمان قبل رأي الوزير في ذلك اليوم ونام تلك الليلة وهو مشتغل القلب على ولده لأنه كان يحبه محبة عظيمة حيث لم يكن له سواه ، وكان الملك شهرمان كل ليلة لا يأتيه نوم حتى يجعل ذراعه تحت رقبة قمر الزمان وينام ، فبات الملك الليلة وهو متشوش الخاطر من أجله وصار يتقلب من جنب إلى جنب كأنه نائم على جمر اللظى ولحقه الوسواس ولم يأخذه نوم في تلك الليلة بطولها وذرغت عيناه بالدموع وأنشد قول الشاعر :
لقد طال ليلي والوشاة هجـوع ........ وناهيك قلباً بالفـراق مـروع
أقول وليلي زاد بالهم طـولـه ........ أما لك يا ضوء الصباح رجوع
وقال آخر :
لما رأيت النجم سـاه طـرفـه ........ والقلب قد ألقى عليه سباتـا
وبنات نعش في الحداد سوافرا ........ أيقنت أن صباحه قد مـاتـا
هذا ما كان من أمر الملك شهرمان .
وأما ما كان من أمر قمر الزمان فإنه لما قدم عليه الليل قدم له الخادم الفانوس وأوقدوا له شمعة وجعلها في شمعدان وقدم له شيئاً من المأكل فأكل قليلاً وصار يعاتب نفسه حيث أساء الأدب في حق أبيه الملك شهرمان وقال في نفسه :
ألم تعلم أن ابن آدم رهين لسانه وأن لسان الآدمي هو الذي يوقعه في المهالك ?
ولم يزل يعاتب نفسه ويلومها حتى غلبت عليه الدموع واحترق قلبه المصدوع وندم على ما خرج من لسانه في حق الملك غاية الندم وأنشد هذين البيتين :
يموت الفتى من عثرة في لسانه ........ وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فعثرته من فيه تقضي بحتـفـه ........ وعثرته بالرجل تبرأ على مـهـل
ثم إن قمر الزمان لما فرغ من الأكل والشرب طلب أن يغسل يديه فغسل من الطعام وتوضأ وصلى المغرب والعشاء وجلس .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 02:35 PM   #236
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قمر الزمان ابن الملك شهرمان جلس على السرير يقرأ القرآن فقرأ سورة البقرة وآل عمران ويس والرحمن وتبارك والملك والمعوذتين وختم الدعاء واستعان بالله ونام على السرير فوق طراحة من الأطلس المعدن لها وجهان وهي محشوة بريش النعام ، وحين أراد النوم تجرد من ثيابه وخلع سرواله ونام في قميص شمع رفيع وكان على رأسه مقنع مروزي أزرق فصار قمر الزمان في تلك الليلة كأنه البدر في ليلة أربعة عشر ، ثم تغطى بملاءة من حرير ونام والفانوس موقد تحت رجليه والشمعة موقدة تحت رأسه ولم يزل نائماً إلى ثلث الليل ولم يعلم ما خبئ له في الغيب وما قدر عليه علام الغيوب ، واتفق أن القاعة والبرج كانا عتيقين مهجورين مدة سنين كثيرة ، وكان في تلك القاعة بئر روماني معمور بجنية ساكنة فيه وهي من ذرية إبليس اللعين واسم تلك الجنية ميمونة ابنة الدمرياط احد ملوك الجان المشهورين .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 02:36 PM   #237
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن اسم تلك الجنية ميمونة ابنة الدمرياط أحد ملوك الجان المشهورين فلما استمر قمر الزمان نائماً إلى ثلث الليل طلعت له تلك العفريتة من البئر الروماني وقصدت السماء لاستراق السمع فلما صارت في أعلى البئر رأت نوراً مضيئاً في البرج على خلاف العادة وكانت العفريتة مقيمة في ذلك المكان مدة مديدة من السنين فقالت في نفسها :
أنا ما عهدت هنا شيئاً من ذلك .
وتعجبت من هذا الأمر غاية العجب وخطر ببالها أنه لا بد لذلك من سبب ثم قصدت ناحية ذلك النور فوجدته خارجاً من القاعة فدخلتها ووجدت الخادم نائماً على بابها ، ولما دخلت القاعة وجدت سريراً منصوباً وعليه هيئة إنسان نائم وشمعة مضيئة عند رأسه وفانوس مضيء عند رجليه فتعجبت العفريتة ميمونة من ذلك النور وتقدمت إليه قليلاً قليلاً وأرخت أجنحتها ووقفت على السرير وكشفت الملاءة عن وجهه ونظرت إليه واستمرت باهتة في حسنه وجماله ساعة رومانية وقد وجدت ضوء وجهه غالباً على نور الشمعة وصار وجهه يتلألأ نوراً وقد غارت عيناه واسودت مقلتاه واحمر خداه وفتر جفناه وتقوس حاجباه وفاح مسكه العاطر كما قال فيه الشاعر :
قبلته فاسودت المقـل الـتـي ........ هي فتنتني واحمرت الوجنات
يا قلب إن زعم العـواذل أنـه ........ في الحسن يوجد مثله قل هاتوا
فلما رأته العفريتة ميمونة بنت الدمرياط سبحت الله وقالت :
تبارك الله أحسن الخالقين .
وكانت تلك العفريتة من الجن المؤمنين فاستمرت ساعة وهي تنظر إلى وجه قمر الزمان وتوحد الله وتغبطه على حسنه وجماله وقالت في نفسها :
والله إني لا أضره ولا أترك أحداً يؤذيه ومن كل سوء سوف افديه فإن هذا الوجه المليح لا يستحق إلا النظر إليه والتسبيح ولكن كيف هان على أهله حتى نسوه في هذا المكان الخرب فلو طلع له أحد من مردتنا في هذه الساعة لأعطبه .
ثم إن تلك العفريتة مالت عليه وقبلته بين عينيه وبعد ذلك أرخت الملاءة على وجهه وغطته بها وفتحت أجنحتها وطارت ناحية السماء وطلعت من دور تلك القاعة وصعدت ولم تزل صاعدة في الجو إلى أن قربت من سماء الدنيا وإذا بها سمعت خفق أجنحة طائرة في الهواء فقصدت ناحية تلك الجنحة ، فلما قربت من صاحبها وجدته عفريتاً يقال له دهنش فانقضت عليه انقضاض الباشق فلما أحس بها دهنش وعرف أنها ميمونة بنت ملك الجن خاف منها وارتعدت فرائصه واستجار بها وقال لها :
أقسم عليك بالاسم الأعظم والطلسم الأكرم المنقوش على خاتم سليمان أن ترفقي بي ولا تؤذيني .
فلما سمعت ميمونة من دهنش هذا الكلام حن قلبها عليه وقالت له :
إنك أقسمت علي بقسم عظيم ولكن لا أعتقد حتى تخبرني من أين مجيئك في هذه الساعة ?
فقال لها دهنش :
أيتها السيدة اعلمي أن مجيئي من آخر بلاد الصين ومن داخل الجزائر وأخبرك بأعجوبة رأيتها في هذه الليلة فإن وجدت كلامي .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 02:36 PM   #238
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة التاسعة بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجن قال للجنية :
فإن وجدت كلامي صحيحاً فاتركيني أروح إلى حال سبيلي بخطك في هذه الساعة أني عشيقك في هذه الساعة حتى لا يعارضني أحد من رهط الجن الطيارة العلوية والسفلية والغواصة .
قالت له ميمونة :
فما الذي رأيته في هذه الليلة يا دهنش فاخبرني ولا تكذب علي وتريد بكذبك أن تنفلت من يدي وأنا أقسم لك بحق النقش المكتوب على فص خاتم سليمان بن داود عليه السلام إن لم يكن كلامك صحيحاً أنتفت ريشك بيدي ومزقت جلدك وكسرت عظمك .
فقال لها العفريت دهنش بن شمهورش الطيار :
إن لم يكن كلامي صحيحاً فافعلي بي ما شئت يا سيدتي .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 02:37 PM   #239
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة العاشرة بعد المئتين

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن دهنشاً قال :
خرجت في هذه الليلة من الجزائر الداخلة في بلاد الصين وهي بلاد الغيور صاحب الجزائر والبحور السبعة قصور فرأيت لذلك الملك بنتاً لم يخلق الله في زمانها أحسن منها ولا اعرف كيف أصفها لك ويعجز لساني عن وصفها كما ينبغي ولكن أذكر لك شيئاً من صفاتها على سبيل التقريب أما شعرها فكليالي الهجر وأما وجهها فكأيام الوصال وقد أحسن في وصفها من قال :
نشرت ثلاث ذوائب من شعرها ........ في ليلة فأرت ليالي أربـعـا
واستقبلت قمر السماء وجههـا ........ فأرتني القمرين في وقت معا
ولها أنف كحد السيف المصقول ولها وجنتان كرحيق الأرجوان ولها خد كشقائق النعمان وشفتاها كالمرجان والعقيق وريقها أشهى من الرحيق يطفئ مذاقه الحريق ولسانها يحركه عقل وافر وجواب حاضر ولها صدر فتنة لمن يراه فسبحان من خلقه وسواه ومتصل بذلك الصدر وعضدا من مرجان كما قال فيهما الشاعر الولهان :
وزندان لولا أمسكا بـأسـاور ........ لسالا من الأكمام سيل الجداول
ولها نهدان كأنهما من العاج يستمد من إشراقهما القمران ولها بطن مطوية كطي القباطي المصرية وينتهي ذلك إلى خصر مختصر من وهم الخيال فوق ردف ككثيب من الرمال يقعدها إذا قامت ويوقظها إذا نامت كما قال فيه بعض واصفيه :
لها كفل تعـلق في ضعـيف ........ وذاك الردف لي ولها ظلوم
فيوقـفني إذا فـكـرت فـيه ........ ويقعدها إذا همت تـقـوم
يحمل ذلك الكفل فخذان كأنهما من الدر عمودان وأما غير ذلك من الأوصاف فلا يحصيه ناعت ولا وصاف ويحمل ذلك كله قدمان لطيفتان صنعة المهيمن الديان فعجبت منهما وكيف كانا يحملان ما فوقهما .


 

رد مع اقتباس
قديم 16-05-2009, 02:37 PM   #240
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الحادية عشر بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العفريت دهنش ابن شمهورش قال للعفريتة ميمونة :
وأما وراء ذلك فإني تركته لأنه تقصر عنه العبارة ولا تفي به الإشارة وأبو تلك الصبية ملك جبار فارس كرار يخوض بحار الأقطار في الليل والنهار لا يهاب الموت ولا يخاف القوت لأنه جائر ظلوم وقاهر غشوم وهو صاحب جيوش وعساكر وأقاليم وجزائر ومدن ودور واسمه الملك الغيور صاحب الجزائر والبحور والسبعة قصور وكان يحب ابنته هذه التي وصفتها لك حباً شديداً ومن محبته لها جلب أموال سائر الملوك وبنى لها بذلك سبعة قصور كل قصر من جنس مخصوص ، القصر الأول من البلور والقصر الثاني من الرخام والقصر الثالث من الحديد الصيني ، والقصر الرابع من الجزع والفصوص والقصر الخامس من الفضة والقصر السادس من الذهب ، والقصر السابع من الجواهر وملأ السبعة قصور من أنواع الفرش الفاخرة وأواني الذهب والفضة وجمع الآلات من كل ما تحتاج إليه الملوك وأمر ابنته أن تسكن في كل قصر مدة السنة ثم تنقل منه إلى قصر غيره واسمها الملكة بدور .
فلما اشتهر حسنها وشاع في البلاد ذكرها أرسل سائر الملوك إلى أبيها يخطبونها منه فزاودها في أمر الزواج فكرهت ذلك وقالت لأبيها :
يا والدي ليس لي غرض في الزواج أبداً فإني سيدة وملكة أحكم على الناس ولا أريد رجلاً يحكم علي .
وكلما امتنعت من الزواج زادت رغبة الخطاب فيها ، ثم إن جميع ملوك جزائر الصين الجوانية أرسلوا إلى أبيها الهدايا والتحف وكاتبوه في أمر زواجها فكرر عليها أبوها المشاورة في أمر الزواج مراراً عديدة ، فخالفته وغضبت منه وقالت له :
يا أبي إن ذكرت لي الزواج مرة أخرى أخذت السيف ووضعت قائمه في الأرض ودبابه في بطني واتكأت عله حتى يطلع من ظهري وقتلت نفسي .
فلما سمع أبوها منها هذا الكلام صار الضياء في وجهه ظلام واحترق قلبه عليها غاية الإحتراق وخشي أن تقتل نفسها وتحير في أمرها وفي أمر الملوك الذين خطبوها منه ، فقال لها :
إن كان ولا بد من عدم زواجك فامتنعي من الدخول والخروج .
ثم إن أباها أدخلها البيت وحجبها فيه ، واستحفظ عليها عشر عجائز قهرمانات ومنعها من أن تذهب إلى السبع قصور وأظهر لها أنه غضبان عليها وأرسل يكاتب الملوك جميعهم وأعلمهم أنها أصيبت بجنون في عقلها ولها الآن سنة وهي محجوبة .
ثم قال العفريت دهنش للعفريتة :
وأنا يا سيدتي في كل ليلة فأنظرها وأتملى بوجهها وأقبلها بين عينيها ومن محبتي لها لا أضرها ولا أركبها لأن جمالها بارع وكل من رآها يغار عليها من نفسه ، وأقسمت عليك يا سيدتي أن ترجعي معي وتنظري حسنها وجمالها وقدها واعتدالها وبعد هذا إن شئت أن تعاقبيني أو تأسريني فافعلي فإن الأمر أمرك والنهي نهيك .
ثم إن العفريت دهنشاً أطرق رأسه إلى الأرض وخفض أجنحته إلى الأرض فقالت له العفريتة ميمونة بعد أن ضحكت من كلامه وبصقت في وجهه :
أي شيء هذه البنت التي تقول عنها فما هي إلا قوارة بول فكيف لو رأيت معشوقي والله إن حسبت أن معك أمراً عجيباً أو خبراً غريباً ، يا ملعون إني رأيت إنساناً في هذه الليلة لو رأيته ولو في المنام لنفلجت عليه وسالت ريالتك .
فقال لها دهنش :
وما حكاية هذا الغلام ?
فقالت له العفريتة ميمونة :
اعلم يا دهنش أن هذا الغلام قد جرى له مثل ما جرى لمعشوقتك التي ذكرتها وأمره أبوه بالزواج مراراً عديدة فأبى ، فلما خالف أباه غضب عليه وسجنه في البرج الذي أنا ساكنة فيه فطلعت في هذه الليلة فرأيته .
فقال لها دهنش :
يا سيدتي أريني هذا الغلام لأنظر هل هو أحسن من معشوقتي الملكة بدور أم لا ، لأني ما أظن أن يوجد في هذا الزمان مثل معشوقتي .
فقالت له العفريتة ميمونة :
تكذب يا ملعون يا أنحس المردة وأحقر الشياطين فأنا أتحقق أنه لا يوجد لمعشوقي مثيل في هذه الديار .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:48 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا