عرض مشاركة واحدة
قديم 22-04-2010, 12:17 PM   #2
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


كيف نشأت هذه الخرافة
على أي حال نحن نقول : إن المسلمين عندما قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلّم كانت عقيدتهم نزيهة ، عقيدتهم نقية ، عقيدتهم صافية، عقيدتهم قرآنية، عقيدتهم نبوية، ولكن كما قلت هناك أمم دخلت فيما بعد في الإسلام ولعلها كانت متلبسة ببعض الأفكار من هنا أو من هناك، ربما دخل أناس في الإسلام وهم متلبسون ببعض الأفكار اليهودية أو الأوهام اليهودية ، أو بعض الناس كانوا متلبسين بالأفكار المجوسية ، أو البعض كانوا متلبسين ببعض الأفكار الجاهلية الأولى، فلذلك ترعرعت هذه الأمور في الأوساط الإسلامية، ولا ريب أن البعد عن القرآن والبعد عن هدي النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام هو الذي دفع بالناس دفعاً إلى مثل هذه الترهات ، فعميت البصائر وتلوثت السرائر وماتت الضمائر ، وأصبح الناس في فوضى من أمرهم، لا يُفرّقون بين الضب والنون، ولا يفرقون بين الذئب والحمل، ولا بين التمر والجمر، فلذلك مع كثرة الجهل، ومع وجود كثير من العلماء الذين ربما روّجوا لبعض هذه الخرافات واستساغوها شاعت هذه الخرافات في أوساط الناس .

كثير من العلماء وجدنا فيما يؤثر عنهم - والله أعلم بحقيقة الأمر، لا أستطيع أن أُحمّل أحدا - شاعت عندهم مثل هذه الخرافات أشياء كثيرة مما لا يمكن أن يكون مقبولاً عقلاً ولا أن يكون ثابتاً نقلا .


* ما تأثير الإسرائيليات في عقيدة المسلمين ؟
** الإسرائيليات أثّرت في المسلمين آثاراً عظيمة، يكفينا أن نقول : إنها أثّرت من حيث الإرجاء ومن حيث التشبيه .

إذا جئنا إلى عقيدة تشبيه الله تبارك وتعالى بالخلق، هذه عقيدة إسرائيلية، لو أخذنا نطابق ما بين ما نجده في أقوال المُشَبِّهة وما جاء في التوراة المحرفة لوجدنا أنهم استمدوا من هذه التوراة أو استمدوا من هذه العقلية التوراتية هذا الفكر الذي قبلوه واعتنقوه وجعلوه ديناً يدافعون عنه، ومنهم من يحتج بهذه التوراة المحرفة ، ويجعلها حجة ودليلاً على ما يذهب إليه من تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه .

كذلك إذا جئنا إلى عقيدة الإرجاء ، النصوص القرآنية واضحة صريحة في هذا بأن هذه العقيدة استُمدت من الفكر الإسرائيلي، الله سبحانه وتعالى يقول (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا) (الأعراف:169)، يعني يستهينون بمعاصي الله سبحانه وتعالى مهما فعلوا من مخالفة الحق والبعد عنه، يرجون مغفرة الله سبحانه وتعالى ويقولون سيُغفر لنا، وهكذا شاع عند المسلمين بأن الله سبحانه وتعالى إذا وعد وفى، وإذا توعد عفا، مع أن الله سبحانه وتعالى في معرض ذكر الوعيد يُحذّرُ من التعلق بهذه الأماني فيقول (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِّلْعَبِيدِ) (ق :29)، ويقول تعالى (لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ) (يونس:64)، ويقول سبحانه وتعالى (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً) (النساء :123)، فالتعلق بهذه الأماني ورجاء المغفرة مع ارتكاب الموبقات كلٌ من ذلك إنما هو تأثر بهذه العقيدة، وهذا مما دل عليه القرآن الكريم .

دخلت في التفاسير الكثير من الإسرائيليات أدت إلى تعطيل جانب كبير من البحث في حقائق القرآن الكريم، مثلاً بلقيس تلك المرأة التي ذكر الله تعالى أنها أطلقت حكمة أيدها الله تعالى بقوله (... وكذلكَ يَفْعَلُونَ) (النمل : 34)، تجد عدداً من المفسرين يخوض في أمها هل كانت جنية ؟ وما هي حقيقة بلقيس؟ وكيف نشأت؟ ولم يذكروا شيئاً مما كانت قد أطلقتها من حِكَمْ فإنها بالمقارنة مع فرعون مثلاً هي تقول على سبيل المثال (مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِالنمل : 32 ) ، وفرعون يقول (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى) (غافر:29)، ورغم ذلك فهذه المقارنة لم تجد شيئاً من الاهتمام .. ما رأيكم؟

على أي حال قضية أمها جنية هذا كلام خرافة ليس له أصل ثابت ولا دليل عليه، ويبعد أن يكون هنالك تناسل ما بين الإنسي والجني مع اختلاف النوعين ومع اختلاف الطبائع، يبعد كل البعد ذلك، كما أنه يبعد أن يكون تناسل ما بين الإنسي والحيواني ، فأبعد أيضاً أن يكون تناسلا ما بين الإنسي والجني، مع كون للجن طبائع خاصة وللإنس طبائع خاصة ، هذا في منتهى البعد وفي منتهى المصادمة للعقل والمصادمة للواقع .

ولكن الذي أريد أن أقوله هناك قضايا هي أهم من هذا كله ، هناك أشياء حُشِرت بها التفاسير ، وحُشِرت من أجلها الروايات ، وهذه الروايات مصادمة للعقل ومصادمة للنصوص القاطعة من القرآن الكريم، لو جئنا إلى قصة يوسف عليه السلام لوجدنا من الروايات ما تقشعر منه الجلود أن يوسف عليه السلام قعد من امرأة العزيز معقد الرجل من امرأته يحاول أن يرتكب الفحشاء وقد خلع إزاره إلى آخر ما نُسب إليه، وقالوا : إنه ظهرت له آية ، ظهر له يعقوب عاضاً على يده أو ظهرت له كف كما يقول بعض الناس، هذه الآيات لو ظهرت لرجل فاسق لتراجع عن فسقه في ذلك الموقف ، كيف يقال في نبي من أنبياء الله ذلك ، وأنا أعجبت بقول أحد المفسرين يقول بأن من نسب إلى يوسف عليه السلام مثل هذا الذي نُسب إليه فإنه قد كذّب قول الحق تبارك وتعالى ، وكذّب يوسف نفسه ، وكذّب امرأة العزيز ، وكذّب النسوة ، وكذّب الشيطان .

أما تكذيبه لله سبحانه وتعالى فلأن الله تعالى قال (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف :24)، مع قوله سبحانه (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) (الحجر : 42)، فالمقصود بالعباد الذين ليس له عليهم سلطان هم عباد الله المُخْلَصون، وقد أخبر عن يوسف عليه السلام أنه من عباده المُخْلَصين ، وأنه بسبب ذلك صرف عنه السوء والفحشاء .

وأما تكذيبه ليوسف عليه السلام فيوسف عليه السلام حكى الله تعالى عنه أنه قال (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) (يوسف :33)، فكيف يُقدم على مثل هذا الأمر ومن أول الأمر رفض.
وتكذيبه لامرأة العزيز لأنها قالت (وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَيوسف:32) ، أي امتنع ولم يُدان أبداً هذا الأمر .

وأما تكذيبه للنسوة فإنهن قلن(حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ) (يوسف :51)
وأما تكذيبه للشيطان فقد برّأه الشيطان فإنه قال: (لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص :83-84)، بنفسه استثنى عباد الله المُخْلَصين، فمعنى ذلك أن يوسف لا يدخل فيمن يغويهم الشيطان .

فكيف يقال : إن يوسف عليه السلام قعد من هذه المرأة مقعد الرجل من امرأته يريد أن يمارس معها ما يمارسه الرجل مع أهله، هذا كلام في منتهى البعد عن الحق فهذه خرافات مُلئت بها مع الأسف كتب التفاسير لا سيما التفاسير التي تُعنى بالروايات الباطلة، فيجب على المسلم أن يتنبه لذلك .

...


 

رد مع اقتباس