عرض مشاركة واحدة
قديم 22-04-2010, 12:33 PM   #3
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


إيحاءات
* إذن لا تجدون شيئاً في النصوص يدل على أن الجن يتحدث على لسان الإنسي؟
- نعم، ليس هنالك نص يدل على ذلك، أما قول الله تبارك وتعالى (كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ) (البقرة: من الآية275)، فليس هو نصاً في الموضوع، وإنما كل ما يمكن أن يُفَسَر به ما يتفق مع قول الله تبارك وتعالى ( وَإما يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (الأعراف:200-201).

* وما تصدر من أصوات على لسان المريض؟
- هذه إيحاءات لا أكثر.

* معنى ذلك أن الإنسان الصحيح يمرض بمثل تلك الأفكار من قِبَلِ بعض المعالجين؟
- نعم.

* ما هو الوزر الذي يتحمله المعالجون في هذه الحالة؟
- أما إذا كان المعالج يغرس في الإنسان هذه الأفكار لا ريب أنه يبوء بالأوزار، وأكثر من ذلك أن يكون مُفَرِّقاً بين الأقربين وغارساً للعداوة بين الناس، بحيث يقول له أنت أصبت بجني بسبب سحر ساحر، وقد يوهمه أن هذا الساحر قريب له، قد يتحدث بأوصاف معينة كما يُملي عليه الشيطان، والشيطان له دور في هذا الإملاء لأجل أن يغرس العداوة بين الناس، فيتصور ذلك المريض بأن ذلك الموصوف إنما هو قريب له. وحسب ما سمعت منذ سنين كثيرة أن أحداً من الناس ذهب به بابنه إلى أحد العرافين والعياذ بالله - وإتيان العرافين من أكبر المخاطر فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أتى عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد. لأن تصديق ذلك ينافي النص الصريح وهو قول الله تبارك وتعالى ( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) (النمل:65)، فالعرافون لا يبالون أن يزعموا أنهم يعلمون الغيب، يقولون على الله ما لا يعلمون، يَدّعون ما يَدّعون، ويغرسون العداوات بين الناس، فذلك الرجل أتى بابنه الطفل إلى عراف، وذكر له بأن امرأة عجوز سحرته وصِفَتُها كذا وكذا، فتصور الرجل أن أمه هي الساحرة، ولما عاد إلى بيته بالطفل استقبلته أمه بحنانها وتريد أن تحتضن حفيدها، وإذا بأبي الطفل - ولدها -يَدُعُّها دعّا ويدفعها برجله ويرميها في حفرة، هكذا بسبب هذه الإيهامات التي تحصل من خلال مطالعة هؤلاء العرافين وتصديقهم. فنحن ندعو من كان حقاً يعالج باسم الله وبكتاب الله وبآيات الله سبحانه وتعالى ندعو هؤلاء أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وأن يقولوا قولاً سديداً، وأن لا يحاولوا غرس العداوة بين الناس.

ليس كل ما يعلم يقال
* كما ذكرتم الآن أن مفاسد كثيرة تترتب على القول القائل بدخول الجني في جسم الإنسان، وأن الناس سيوسعون دائرتها وسيستغلون وسيبتزون أموالهم.
العلماء درجوا فيما بينهم على مجموعة قواعد منها (ليس كل ما يعلم يقال)، ودرء المفاسد كذلك أصل من الأصول الفقهية. ما دامت الأدلة لا تشهد بقطعية هذا الموضوع وهي أدلة محتملة، ولا تشهد، ألا يُستحب لعدد من الذين يقولون بدخول الجني في جسم الإنسان أن يسكتوا عن هذا الموضوع أو يمحوه على اعتبار المفاسد الكثيرة التي تترتب عليه؟
- لا ريب أن مفاسد كثيرة تترتب على هذا، فعدم تشجيعهم الناس على سلوك هذا السبيل وعلى اتباع هذا النهج أمر لا بد منه.

* هل يمكن أن يسمع الإنسان صوتاً من قبر على اعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلّم مر بقبرين فقال إنهما يعذبان؟.
- أولاً علينا أن نعرف أن حال النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ يختلف عن حالنا نحن كلنا، لأنه يوحى إليه، إذ لم يقل عليه أفضل الصلاة والسلام بأنه عرف التعذيب من خلال سماع صوت المعذبين. ونحن نطمئن ونثق أن ما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلّم - مع ثبوت ذلك عنه - هو حق، لا يمكن أن يُخبر بخلاف الواقع، النبي صلى الله عليه وسلّم مُبرأ من الوهم ومبرأ من كل ما يطرق البشر من الأمور التي تجعل تصديق خبره أمراً مشكوكاً فيه.
ومع كون الحديث أحادياً، والقضايا العقدية تحتاج إلى يقين لكن مهما كان نقول بأن هذا محتمل ولو كان خبره أحادياً، محتمل أن يكون ذلك واقعاً من خلال الإيحاء إلى النبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
الحديث فيه جانبان:
جانب عملي وهو وضع الجريدة على القرب هذا عملي، والجانب العملي مقبول يؤخذ فيه بالحديث الأحادي ما لم يعارض ما هو أقوى منه. وجانب عقدي وهو القطع بأنهما كانا يعذبان وأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بلغة التعذيب، القطع نسكت عنه، أي اعتقاد ذلك، لا نقطع بهذا الأمر نقول بأنه من المحتمل، لأن العالم الأخروي أو عالم الغيب نحن نؤمن بما ثبت من أخباره مع كوننا لا نستطيع أن نَتَكَيَّفَه، لا نستطيع أن نتصوره تمام التصور، وإنما نَكِلُ ذلك إلى الله سبحانه وتعالى وإلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما يخبرنا بخبر نصدقه، لا ريب أننا نصدقه عندما بخبرنا بخبر لا سيما إن كان الخبر عنه صلى الله عليه وسلّم بلغ مبلغ اليقين.

* الدليل الظني يُرَدّ إذا خالف القطعي من الكتاب والسنة والحقائق العلمية التي تثبت يقينا. هناك أمور جاءت في النصوص الشرعية لم يستطع العقل إلى الآن أن يجد لها تفسيراً مقبولاً كالعين أو الحسد وتأثير الرقية الشرعية في العلاج.
كيف يمكننا أن نفهم هذه الظواهر التي أثبتتها الشريعة بدليل ظني مع مخالفتها للسنن الكونية؟
- على أي حال الأحاديث هي كما قلنا أحاديث ظنية، ولكن أيضاً لا نتسرع في ردها، التسرع في رد الأحاديث مع وجود احتمال الصحة أرى فيه خطورة.
نحن نوقن أن الله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، ونوقن بأن الله يخلق ما يشاء ويفعل ما يريد. لو جئنا إلى الأشياء المادية، والأشياء المادية على كل حال جربناها وعرفناها وأصبحنا نصدق بها لا نشك فيها ولا نتردد فيها مع أننا لا نستطيع أن نتصورها، على سبيل المثال هذا الجهاز الذي أمامك الآن قد ترى فيه رسالة تأتيك من أقصى الشرق أو من أقصى الغرب وإذا بك تراها رأي العين، هل يمكنك أن تتصور كيف انتقلت هذه الرسالة من الولايات المتحدة الأميركية أو بريطانيا أو من اليابان أو من فرنسا أو من المملكة المغربية أو من الجزائر أو من الصين أو من أي بقعة من هذا العالم ؟ ذلك أمر لا نقدر أن نتكيفه، فإذا كان هذا الجهاز صنعه مخلوق وهو بنفسه لا يستطيع أن يتصور كيف هذه الطاقة التي أمكن من خلالها أن يرى الإنسان رسالة تأتيه من بعد عبر هذا الجهاز، وفي نفسي بأن هؤلاء الذين استخدموا هذه الطاقة من غير أن يعرفوا كيفية تأثيرها، ولربما استخدموا أشياء لا يعرفون كيفية التأثير، استطاعوا أن يستغلوها من غير أن يعرفوا مدى تأثيرها، الكهرباء لا يعرفونها ولكنهم استغلوا الطاقة الكهربائية، كذلك بالنسبة إلى كل الأشياء التي في هذا الكون الخفية، فالذرة هم لم يروها ولكن مع ذلك استخدموا الطاقة الذرية، فإذن مع هذا كله لا نستغرب أن تكون هناك طاقات روحانية، هذه الطاقات الروحانية تخرج عن تصور الإنسان حتى لا يتسرع الإنسان إلى رد رواية جاءت من حيث إنه عجز فهمه عن تصورها.
فإذا كانت هذه الأشياء التي وضعها البشر وتوصل إلى وضعها البشر لا نستطيع الآن أن نتصورها تمام التصور كما هي، فكيف بأمر خلقه الله سبحانه وتعالى، على ما وضعه البشر إنما هو استغلال لسر من أسرار الكون الذي خلقه الله سبحانه وتعالى وأوجد فيه ما أوجد من هذه الطاقات وهذه العجائب وهذه الأسرار. فالتسرع إلى رد هذه الروايات بسبب أن تأثير العين مثلاً أمر لم يتوصل إليه العلم، وكثير من الأمور مثلها، الله تعالى ( وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً الإسراء: من الآية85).
وكذلك تأثير الحسد، وكذلك بالنسبة إلى الرقية القرآنية، إن الله على كل شيء قدير، ناط المُسَبَبَات بالأسباب، هذه المُسَبَبَات جعلها لها أسبابا، من الأسباب ما هو غامض لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ونحن نؤمن بأن في كلام الله سبحانه وتعالى بركة، وفي كلام الله سبحانه وتعالى رحمة، فما الذي يدفعنا إلى أن ننكر ذلك ونقول بأن هذا غير مقبول أو هذا مرفوض، هذا التسرع هو تهور في الحقيقة.



 

رد مع اقتباس