عرض مشاركة واحدة
قديم 25-12-2009, 06:39 AM   #9
واثقة بالله
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية واثقة بالله
واثقة بالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26107
 تاريخ التسجيل :  10 2008
 أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
 المشاركات : 9,896 [ + ]
 التقييم :  183
لوني المفضل : Cornflowerblue


الصبر على القضاء

ليس في التكاليف أصعب من الصبر على القضاء ،
و لا فيه أفضل من الرضى به .


فمن ذلك أنك إذا رأيت مغموراً بالدنيا قد سالت له أوديتها حتى لا يدري ما يصنع بالمال ،

ثم يرى خلقاً من أهل الدين ، و طلاب العلم ، مغمورين بالفقر و البلاء ،


فحينئذ يجد الشيطان طريقاً للوسواس ، و يبتدئ بالقدح في حكمة القدر .

فيحتاج المؤمن إلى الصبر على ما يلقى من الضر في الدنيا ، و على جدال إبليس في ذلك .

و كذلك في تسليط الكفار على المسلمين ،
و الفساق على أهل الدين .

و أبلغ من هذا إيلام الحيوان ،
و تعذيب الأطفال ،

ففي مثل هذه المواطن يتمحض الإيمان و مما يقوي الصبر على الحالتين النقل و العقل .

أما النقل فالقرآن و السُنّة ،

أما القرآن فمنقسم إلى قسمين :

أحدهما :

بيان سبب إعطاء الكافر و العاصي ،

فمن ذلك قوله تعالى : ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ) .
( و لولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ).

( و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) .
و في القرآن من هذا كثير .


و القسم الثاني :

ابتلاء المؤمن بما يلقى

كقوله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ).
( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء و زلزلوا ) .
( أم حسبتم أن تُتركوا و لمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ).
و في القرآن من هذا كثير .



و أما السُنّة فمنقسمة إلى قولٍ و حال .

أما الحال : فإنه صلى الله عليه و سلم كان يتقلب على رمال حصير تؤثر في جنبه ،
فبكى عمر رضي الله عنه , و قال : كسرى و قيصر في الحرير و الديباج ،
فقال له صلى الله عليه و سلم : " أفي شك أنت يا عمر ؟ ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة و لهم الدنيا " .

أما القول فقوله عليه الصلاة و السلام :
" لو أن الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " .


و أما العقل : فإنه يقوِّي عساكر الصبر بجنودٍ منها :
أن يقول : قد ثبت عندي الأدلة القاطعة على حكمة المُقدِّر . .
فلا أترك الأصل الثابت لما يظنه الجاهل خللا .


و منها أن يقول :

أليس قد ثبت أن الحق سبحانه مالك ،
و للمالك أن يتصرف كيف يشاء ؟
أليس قد ثبت أنه حكيم و الحكيم لا يعبث ؟

وأنا أعلم أن في نفسك من هذه الكلمة شيئاً ،
فإنه قد سمعنا عن جالينوس أنه قال : ما أدري ؟ أحكيم هو أم لا .

و السبب في قوله هذا ، أنه رأى نقضاً بعد إحكام ،
فقاس الحال على أحوال الخلق ،
و هو أن من بنى ثم نقض لا لمعنىً فليس بحكيم .

و جوابه أن يُقال :
بـماذا بان لك أن النقص - من موت و مرض الأطفال و غيرها - ليس بحكمة ؟

أليس بعقلك الذي وهبه الصانع لك ؟

و كيف يهب لك الذهن الكامل و يفوت هو الكمال ؟


و هذه هي المحنة التي جرت لإبليس .
فإنه أخذ يعيب الحكمة بعقله ،
فلو تفكر على أنَّ واهب العقل أعلى من العقل،
و أن حكمته أوْفَى من كل حكيم ،
لأنه بحكمته التامة أنشأ العقول .

فهذا إذا تأمله المرء زال عنه الشك .

و قد أشار سبحانه إلى نحو هذا في قوله تعالى : ( أم له البنات و لكم البنون ).
أي أَجَعَل لنفسه الناقصات و أعطاكم الكاملين ؟

فلم يبق إلا أن نضيف العجز عن فهم ما يجري إلى أنفسنا .

و نقول هذا فعل عالمٍ حكيمٍ و لكن ما يَبِينُ لنا معناه .

فما المانع أن يكون فِعْل الحق سبحانه له باطنٌ لا نعلمه ؟

و لو لم يكن في الابتلاء بما تنكره الطباع إلا أن يقصد إذعان العقل و تسليمه لكفي .
.
.
.
.
.

و أزيدها بسطاً فأقول :

أترى إذا أُريد اتخاذ شهداء ،

فكيف لا يخلق أقوام يبسطون أيديهم لقتل المؤمنين ،

أفيجوز أن يفتك بعمر إلا مثل أبي لؤلؤة ؟
و بعليّ مثل ابن ملجم ؟؟
أفيصح أن يقتل يحيى بن زكريا إلا جبار كافر ؟

و لو أن عين الفهم زال عنها غشاء العشا ،
لرأيت المسبب لا الأسباب ،
و المُقَدِّر لا الأقدار ،

فصبرت على بلائه إيثاراً لما يريد ،
و من ههنا ينشأ الرضى .

.........


 
التعديل الأخير تم بواسطة واثقة بالله ; 25-12-2009 الساعة 06:43 AM

رد مع اقتباس