عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-2022, 06:23 PM   #236
ستوكا
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ستوكا
ستوكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 40364
 تاريخ التسجيل :  09 2012
 أخر زيارة : 25-11-2022 (02:32 PM)
 المشاركات : 797 [ + ]
 التقييم :  34
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Black


إلى ظل وسكون وأنا ( الوحيدين المتابعين لما أكتب ).


قبل سنوات طويلة طال سهري وعجزت أن أنام فخرجت أتمشى في القرية منتصف الليل في ضوء القمر وبعد قليل صادفت رجل عجوز ينكش في الأرض ..استغربت واقتربت منه وسألته :?

شو بتعمل ياعم؟

توقف عن النكش وقال : انتا شو شايف!

قلت : عم تنكش في الأرض.

قال : تمام .. مادام عارف ليش عم تسأل؟

قلت : أقصد ليش عم تنكش في هذا الوقت .. يعني بالليل والعتمة ما حدا ينكش بالأرض.

قال : وانتا شو دخلك إذا الناس نكشت بالليل أو بالنهار.

قلت : العفو منك .. يعني مو بس الوقت يلي عم تنكش فيه غريب .. المكان يلي عم تنكش فيه كمان غريب لأنك عم تنكش بمنتصف الطريق وممكن أي حدا يقع بالحفرة يلي نكشتها لأن الشارع عتمة ومافيه إنارة متل مو شايف.

قال : سأقوم بإغلاق الحفرة المنكوشة قبل أن أغادر.

قلت : مادام بدك تغلقها .. ليش عم تنكشها؟

نظر لي نظرة حادة وقال : وحضرتك شو بتعمل هون بنص الليل!!

قلت : عم أتمشى.

قال بسخرية : في حدا يتمشى هون .. وبهذا الوقت!

قلت : ضجران وعندي أرق وما قدرت أنام.

قال : مغرم وولهان!!

قلت : لا ..مو هيك .. نسيت وما جبت معي تربتيزول من الشام.

قال : اذا هيك معك حق.

قلت له : ليش انتا بتعرف التربتيزول!!

قال : أي أعرفه .. وان شاء الله ماعاد تحتاجه.

قلت : كيف .. ما أقدر أنام بعمق بدونه.

قال : لا .. خلص رح تنام بدونه وبعمق عميق جداً.

قلت : والله يا عم عبارة (عمق عميق) لحالها راحة نفسية، ماشاء الله عليك ..الله يزيدك ويفتح عليك يارب (:

بس عنجد ما قلت لي ليش عم تنكش هون.

ضحك وقال : عم أنكش قبر.

تفاجأت وخفت وقلت له : هون بنص الطريق .. قبر! .. ليش؟.. ولمين؟

قال : حتى الآن ما بعرف مين صاحب النصيب!

قلت مستغربا : ومتى ستعرف؟

قال : يصير خير بس أنتهي من النكش ويجهز القبر.

قلت له : طيب ليش القبر بمنتصف الطريق وأرض الله واسعة.

قال : في أشياء كثيرة في حياتنا غريبة وغير منطقية وليس لها سبب أو تفسير وهذا القبر وصاحبه ومكانه من هذه الأشياء الغريبة .

وتابع : أسئلتك أنت أشغلتني ولولاها كنت خلصت نكش وصار القبر منكوش وجاهز الآن.

قلت له : طيب ما بدي أشغلك أكثر .. رح أكمل مشي وانتا كمل نكش .. يعطيك العافية .. فرصة سعيدة!!!

مسكني العجوز من يدي وقال : لا .. لاتروح .. خليك معي إلى أن أنتهي من نكش القبر.

شعرت بخوف شديد وقلت له بصوت متهدج :
أولا : القبر يُحفر ولا يُنكش?
وثانياً: أنا نعست الآن ولازم أرجع لبيت جدي وأنام.

قال : وأنا استغربت إنك بتقول نكش بدل حفر وكنت بدي أنبهك بس قلت لحالي كله زي بعضه نكش بنكش.
على كل حال ستبقى معي لأنني أحتاج مساعدتك بس يجهز القبر؟!

قلت : أنا..!!? بشو بدي أساعدك!!؟؟.

قال : بدي تنزل فيه دقيقة عشان أزبط المقاس لأن مقاس صاحب النصيب نفس مقاسك بالضبط.

قلت بخوف : طيب .. رح أنزل الآن .. وشوف المقاس وخليني أنكش .. أقصد أمشي من هون.

قال : لا .. ماخلص الآن .. باقي .. لازم يصير بعمق عميق جداً .. بعدين بتنزل ونزبط المقاس.

لا أعرف لماذا شعرت بخوف شديد عندما سمعت هذه العبارة .. عمق عميق .. وكأنني سمعتها قبل سنوات طويلة جدا .. وهربت راكضا بأقصى سرعة ودون أن ألتفت إلى الخلف ولم أتوقف عن الجري حتى وصلت إلى بقالة القرية وكانت تفتح ٢٤ ساعة في اليوم لإنها الوحيدة .. دخلت البقالة وأنا مرعوب أرتجف وألهث .. أجلسني صاحب البقالة على كرسي صغير وقال خير .. خير ان شاء الله : شو صاير معك يا فلان .. وكان يعرفني .

لم أستطع الرد عليه لأني كنت ألهث.

فأحضر لي علبة كولا وفتحها وأعطاني ياها وأعدتها له وقلت : أنا لا أشرب كولا ..?
وحكيت له وأنا أرتجف ومرعوب نبذة عن أضرار الكولا.. وبينما أشرح أضرارها على المدى الطويل دخل علينا فجأة ذلك العجوز ماغيره .

تركت الكرسي واحتميت خلف صاحب البقالة.
استغرب وقال : ايش بيك .. اهدى يا ابن الحلال.

قلت مشيرا للعجوز الواقف بباب البقالة : هذا العجوز بده يدفني وأنا حي وبعمق عميق كمان.

قال : اذكر الله .. هذا أبو شلاش النكاش .. زلمة كبير وعالبركة.

قلت : انو بركة!! كان يحفر قبر!!? وعلى مقاسي كمان!!

قال : هذا عنده حالة نفسية اسمها ( النكشة القهرية من درجة العمق العميق ) بتخليه ينكش في الأرض دائماً وخاصة بالليل ولازم ينكش لعمق عميق جداً لتخف الحالة وتتركه ويرتاح وعشان هيك الناس سموه ( النكاش ).

وقام صاحب البقالة وأجلس أبو شلاش على كرسي صغير وأحضر له علبة كولا وفرح بها العجوز كثيرا كما يفرح بها الاطفال .

قلت لصاحب البقالة : أول مرة أسمع بهذه الحالة النفسية .
قال : هذه الحالة لها درجات ودرجة أبو شلاش صعبة الله يعينه .. لي قريبة عندها نفس الحالة لكن من الدرجة الخفيفة .. تصحى بنص الليل وتطلع تنكش ١٠ دقائق بالحوش وترجع تنام.
أهلها باعوا بيتهم واشتروا بيت فيه حوش عشان تنكش فيه وما تطلع تنكش بالشارع مثل ابو شلاش.

قلت لصاحب البقالة : طيب وين ابنه شلاش!! ليش تارك أبوه سارح ينكش بالشوارع؟

قال : ماعنده أولاد لا شلاش ولا غيره .. مو فاضي يتزوج ويجيب أولاد لأن حياته كلها راحت بالنكش وعشان هيك الناس سموه النكاش .. وبعدين أسموه ابو شلاش عشان تزبط مع لقب النكاش .. يا رجل ناس فاضية ...
وهنا انتهى ابو شلاش من شرب الكولا وقال لصاحب البقالة : عندك شي أنكشه؟


خلص النكش .. النكش مو سهل وماتعرف لوين ياخدك .


 

رد مع اقتباس