عرض مشاركة واحدة
قديم 15-03-2024, 06:20 PM   #101
بخير رغم كل شيء
( عضو دائم ولديه حصانه )
خطوات في معترك الحياة


الصورة الرمزية بخير رغم كل شيء
بخير رغم كل شيء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 61414
 تاريخ التسجيل :  01 2021
 أخر زيارة : 24-04-2024 (05:15 AM)
 المشاركات : 2,323 [ + ]
 التقييم :  129
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Blueviolet


🌴قال ﷺ :
يا شداد بن أوس، إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة, فاكنز هؤلاء الكلمات:
*"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبَاً سَلِيمَاً، وَلِسَانَاً صَادِقَاً، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ".*

📓سلسلة الأحاديث الصحيحة.

هذا الدعاء العظيم المبارك, في غاية الأهمية, فقد اشتمل على أعظم مطالب الدين, والدنيا, والآخرة, ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم شداد بن أوس, والصحابة رضي الله عنهم بالإكثار من هذا الدعاء بأجمل الألفاظ، وأجلّ المعاني .

ومما يدل على أهمية هذه الدعوات الطيبات أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها في صلاته، أي أنه كان يُكثر من هذه الدعوات في أعظم الأعمال، وهي الصلاة.

📝 المفردات:

🍃الكنز: أصل الكنز المال المدفون تحت الأرض؛ فإذا أخرج منه الواجب عليه لم يبق كنزاً, وإن كان مكنوزاً، والكنز: هو الشيء النفيس المُدَّخر, ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا حول ولا قوة إلا باللهِ كنز من كنوز الجنة) أي المدخر لقائلها، والمتصف بها، كما يدخر الكنز.

🍃العزيمة: العزم والعزيمة: عقد القلب على إمضاء الأمر, يقال : عزمتُ الأمر, و عزمت عليه, واعتزمت, قال اللهُ تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ﴾.

🍃الرشد: الرَّشَدُ والرُّشْدُ: خلاف الغَيّ, وهو الصلاح والفلاح والصواب.

🍃القلب السليم: هو الخالي من الشِّرك والكُفر والنفاق والإثم وكل وصفٍ ذميم.

📜 شرح الحديث:

🌿((اللَّهم إني أسألك الثبات في الأمر)): سأل اللهَ تعالى الثبات في الأمر, وهي صيغة عامة يندرج تحتها كل أمر من أمور الدنيا والدين والآخرة؛ فإن الثبات عليها يكون بالتوفيق إليها بالاستقامة والسداد, وأعظم ذلك الثبات على الدين والطاعة، والاستقامة على الهدى، وأحوج ما يكون العبد لهذه الاستقامة عند الاحتضار من نزغات الشيطان وإغوائه, والثبات في سؤال المَلكين, وعند المرور على الصراط وقد جمع اللهُ تبارك وتعالى كل هذه الأمور, في قوله: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾، فتضمّنت هذه الدعوة الجليلة الثبات في كل الأحوال والأوقات والأماكن.

🌿((والعزيمة على الرشد)): سأل اللهَ تعالى عزيمة الرشد، وهي الجِّد في الأمر, بحيث يُنجِز كل ما هو رشد في أمور معاشه وآخرته, ولا قدرة للعبد على ذلك إلا باللهِ تعالى, قال اللهُ تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾.

🌿((وأسألك موجِبات رحمتك)): موجبات: جمع موجبة، وهي ما أوجبت لقائلها الرحمة من أيّ قربةٍ كانت, أي: نسألك من الأفعال والأقوال والصفات التي تتحصَّل بسببها رحمتك, والتي تُوجِب بها الجَنة التي هي أعظم رحماتك.

🌿((وعزائم مغفرتك)): أي أسألك أن ترزقنا من الأعمال والأقوال والأفعال التي تعزم وتتأكد بها مغفرتك, وهذا الدعاء من جوامع الكلم النبوية, فإنه سأله أولاً أن يرزقه ما يوجب له رحمة اللهِ عزّ وجلّ، ثم سأله أن يهب له عزماً على الخير يكون به مغفوراً له.

🌿((وأسألك شُكر نعمتك)): أي أسألك التوفيق لشكر نعمك التي لا تُحصى؛ لأن شكر النعمة يوجب مزيدها وحفظها واستمرارها على العبد، كما قال اللهُ تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾، والشكر يكون: بالقلب, واللسان, والأركان, فالشكر بالقلب: ذكرها، وعدم نسيانها، والشكر باللسان :الثناء والحمد بالنعم، وذكرها وتعدادها والتحدث بها، والشكر بالأركان, أن يستعان بنعم اللهِ تعالى على طاعته, وأن لا يستعملها في شيء من معاصيه.

🌿((وحسن عبادتك)): يكون بإتقانها، والإتيان بها على أكمل وجه، ويكون ذلك بالإخلاص للهِ تعالى فيها، والمتابعة فيما جاء في الكتاب والسنة.

🌿((وأسألك قلباً سليماً)): هو القلب النقيُّ، السليم من الشرك الجلي والخفي, ومن الأهواء والبدع، ومن الفسوق والمعاصي: كبائرها، وصغائرها، الظاهرة، والباطنة، قال اللهُ تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ۞ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

🌿((ولساناً صادقاً)): أي محفوظاً من الكذب والإخلاف في الوعد.

🌿((وأسألك من خير ما تعلم)): هذا سؤال جامع لكل خير ما علمه العبد وما لم يعلمه، فما من خير إلا وقد دخل فيه؛ لهذا أسنده إلى ربه تعالى العليم, الذي وسع علمه كل شيء, في العالم السفلي والعلوي.

🌿((وأعوذ بك من شر ما تعلم)): وهذه الاستعاذة شاملة من كل الشرور: صغيرها، وكبيرها, الظاهر منها، والباطن, حيث قيَّد الاستعاذة من الشرور التي يعلمها سبحانه؛ لأن الرب تبارك وتعالى يعلم كل شيء, وهذا في غاية التلطُّف، والأدب، والتعظيم للرَّب حال الدعاء.

🌿((وأستغفرك لما تعلم)): ختم الدعاء بطلب الاستغفار الذي عليه المعوَّل، والمدار؛ فإنه خاتمة الأعمال الصالحة, كما في كثير من العبادات، ومن الذنوب ما ينساه العبد ولا يذكره وقت الاستغفار, فيحتاج إلى استغفار عامٍّ من جميع ذنوبه، ما علِم منها، وما لم يعلم, والكل قد علمه اللهُ وأحصاه.

🌿((إنك أنت علام الغيوب)): ثم ختم دعاءه بأحسن ختام من صفات اللهِ تعالى العظام التي تدل على سِعة العِلم؛ فإن (علَّام) صيغة مبالغة لكثرة العلم وشموله, فهذا تَوَسُّلٌ جليلٌ لهذا المقام العظيم, فيه غاية الأدب والتعظيم للرب الجليل.

فانظر إلى جلالة هذه الكلمات في هذه الدعوات والمقاصد والمطالب والمضامين المهمّة، لذا أمر صلى الله عليه وسلم باكتنازها؛ لأنها هي الكنز الحقيقي الذي ينمو في ازدياد من الخير في الدار الدنيا والادِّخار في الدار الآخرة.

📚 الكَلِم الطَّيب 📚


 

رد مع اقتباس