عرض مشاركة واحدة
قديم 26-01-2010, 09:13 AM   #19
أبو الفداء
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية أبو الفداء
أبو الفداء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29256
 تاريخ التسجيل :  12 2009
 أخر زيارة : 15-02-2010 (11:47 AM)
 المشاركات : 457 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يقول الخبراء والمختصون ( أقصد خبراء علم الوراثة والطب ) بأن فحص البصمة الوراثية والجينات هو غير دقيق مئة في المئة، ولذلك يجعلها الفقهاء في دائرة الادلة 'ظنية الدلالة' وليس 'قطعية الدلالة' بسبب ما يحدث اثناء التحليل من اخطاء بشرية او مخبرية، وحدوث أي تلوث تتعرض له العينة يؤثر في دقة النتائج، فاحتمال الخطأ وارد.
ثم ان النسب لا يثبت إلا إذا كان هناك زواج شرعي، يقول عليه السلام 'الولد للفراش وللعاهر الحجر' وماء الزنى هدر لا يلحق به النسب ..
وسأذكر أولا ثبوت النسب من الزني في الفقه الإسلامي قبل الكلام في البصمة الوراثية :
لا يخلو حال المزني بها من أحد أمرين :

1. أن تكون فراشاً : يعني أن تكون متزوجة : فكل ولد تأتي به حينئذ إنما ينسب للزوج وليس لأحد غيره ، ولو جَزَمت أنه من غيره ممن زنا بها ، إلا إذا تبرأ الزوج من هذا الولد بملاعنة الزوجة ، فحينئذ ينتفي نسب الولد عن الزوج ويلتحق بأمه وليس بالزاني .. وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2053) ومسلم (1457).
قال ابن قدامة : ( وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل , فادعاه آخر . أنه لا يلحقه , وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش ).

2. أن تكون غير متزوجة : فإذا جاءت بولد من الزنا ، فقد اختلف العلماء في نسب هذا الولد ، هل ينسب إلى أبيه الزاني أو إلى أمه ، على قولين :
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا ينسب إليه.
ونقل عن الحسن وابن سيرين وعروة والنخعي وإسحاق وسليمان بن يسار ، أنه ينسب إليه .
واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
ونقله ابن قدامة رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله ، قال : ( وروى علي بن عاصم , عن أبي حنيفة , أنه قال : لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه , أن يتزوجها مع حملها , ويستر عليها , والولد ولد له ) المغني 9/122
وقال ابن مفلح رحمه الله : واختار شيخنا [ابن تيمية] أنه إن استلحق ولده من زنا ولا فراش لحقه اهـ . الفروع 6/625
وقال ابن قدامة رحمه الله : ( وولد الزنى لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن , وابن سيرين : يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه . وقال إبراهيم : يلحقه إذا جلد الحد , أو ملك الموطوءة . وقال إسحاق : يلحقه . وذكر عن عروة , وسليمان بن يسار نحوه ) .
وقال شيخ الإسلام : ( وأيضا ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا قولان لأهل العلم , والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " الولد للفراش , وللعاهر الحجر " فجعل الولد للفراش ; دون العاهر . فإذا لم تكن المرأة فراشا لم يتناوله الحديث , وعمر ألحق أولادا ولدوا في الجاهلية بآبائهم , وليس هذا موضع بسط هذه المسألة ) الفتاوى الكبرى 3/178
وقد استدل جمهور العلماء على عدم لحوق ولد الزنى بالزاني بما رواه أحمد (7002) وأبو داود (2265) وابن ماجه (2746) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَضَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا ، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لا يَلْحَقُ بِهِ وَلا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ .
والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود ، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند. واستدل به ابن مفلح لمذهب الجمهور.
فقضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ولد الزنى لا يلحق بالزاني ولا يرثه ، حتى لو ادعاه الزاني .
ولاشك أن إلحاق الولد بشخص ما ، أمر عظيم يترتب عليه أحكام كثيرة ، من الإرث ، والمحرمية له ولأقاربه .
والحاصل أن الفتاوى التي صرحت بانتفاء نسب ولد الزنا من الزاني ، موافقة لما عليه جمهور العلماء .
وأما الشيخ ابن جبرين رحمه الله ، فلعله بنى كلامه على القول الآخر الذي ذكرنا أصحابه فيما سبق .
وبناء على قول الجمهور ، فإن ولد الزنا – ذكرا كان أو أنثى – لا ينسب إلى الزاني ، ولا يقال إنه ولده ، وإنما ينسب إلى أمه ، وهو محرم لها ، ويرثها كبقية أبنائها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ( وأما الولد الذي يحصل من الزنا ، يكون ولدا لأمه ، وليس ولدا لأبيه ؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " العاهر : الزاني ، يعني ليس له ولد . هذا معنى الحديث . ولو تزوجها بعد التوبة فإن الولد المخلوق من الماء الأول لا يكون ولدا له ، ولا يرث من هذا الذي حصل منه الزنا ولو ادعى أنه ابنه ، لأنه ليس ولدا شرعيا ) انتهى ، نقلا عن : فتاوى إسلامية 3/370
وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (11/146) : الولد المخلوق من ماء الزاني لا يسمى ولدا للزاني اهـ .

*********

نعود الآن إلى البصمة الوراثية وتخوف العلماء منها في اثبات النسب كما ذكرت ..
ليست القضية هي قضية تخوف .. بل القضية أكبر من هذا ..
القضية أن ولد الزنا في قول جمهور أهل العلم لا يلحق بأبيه كما بينت ولذلك فلا معنى لاقامة هذه الفحوص لاثبات نسبه لانه لا تقوم بها الاثباب ..
بينما لو فقد ولد مثلا أو ضاع ... إلخ فإن ثبوت نسبه يكفي فيه الاقرار من الاب بأن هذا الولد هو ابن له ..
وسأنقل لكم متى يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب من قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة ، في المدة من 21 – 26 / 10 / 1422 هـ الذي يوافقه 5 – 10 / 1 / 2002 م ..
خامساً :
يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية :
1. حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء ، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها ، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه .
2. حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها ، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب .
3. حالات ضياع الأطفال واختلاطهم ، بسبب الحوادث أو الوارث أو الحروب ، وتعذر معرفة أهلهم ، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها ، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين .... .انتهى
وهو قرار قوي واضح ، ونأمل أن يكون ما ذكرناه لك كافياً للامتناع عن نفي نسب ولدك عنك .


 

رد مع اقتباس