نفساني - عرض مشاركة واحدة

01-11-2002, 10:01 PM

أختي الكريمة الصابرة ..

لقد تعرضتي للكثير مما قد لا أفهمه لأنني لم أجربه ..
لكن معاناتي علمتني أن أحترم الأنين ..
لأنه لا أنين دون ألم ..
و لا ألم دون سبب ..

حقاً انها مصيبة ..
عندما تتحول لغة التفاهم بين الأب و أبنائه الى ضرب .. !!!
بالتأكيد له من الآثار النفسية السيئة ما نعجز عن وصفه ..

لكن أخيتي الصامدة بإذن الله ..
لستِ لتوقفي أسلوبه ذاك و لستي لتغيري قناعاته .. و انما
ليس لكِ الا ان تتكيفي مع الوضع ..

أقصد .. ان والدك لم يكن ليمدد يده دون سبب ..
و مهما كان هذا السبب تافهاً و غير منطقي و لا يستحق الضرب من أجله ..
فما عليك الا اجتناب ذاك السبب ..
مهما تكبدتي من خسائر في سبيل ذلك ..

و أما ان كان يضرب بدون سبب
فليس لكِ الا أن
تتحملي جهله
و تصبري على ظلمه ..
فالأجر العظيم ينتظرك ..
بحول المولى العلي القدير

نعم .. لقد هدموا بأسلوبهم الجائر ما هدموه داخلكِ .. لكن !
لا زال هناك في نفسك .. شيء صامد بقوة
هو الذي دفعكِ لتكتبي ما كتبتيه هنا ..
و هو الذي مهما تكاثرت الأنقاض من حوله ..
سيظل واقفاً بشموخ بإذن الله
و هو الذي كلما نظرتي اليه ..
أعطاكِ الدافع .. لتزيلي تلك الأنقاض ..
التي كانت و كانت و كانت ..
و لتبني مكانها .. ما يفوقها صلابةً و علواً و جمالاً ..

و الذي يؤكدُ هذا الكلام أكثر ..
هو انه : ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ
كونك تتعذبين و تحسين بالألم
فهذا يعني ان مشاعرك لم تمت
بل هي تنبض بالحياة

الكثير من الأهل يخطئون في حق بناتهم و يظلمونهن لجهلهم ..
لسنا لنغير ذلك ..
لسنا الا لنصبر ..

أخيتي الغالية .. لستُ أستغرب ما ذكرتيه من أعراض ..
فجسدكِ يشارككِ همكِ .. و يشاطركِ ألمكِ ..
الا أنه له طريقته الخاصة التي يعبر بها ..

هو يستحق منا العناية كل العناية
كيفَ لا و هو مسكنُ أرواحنا
فيهِ تستقر مؤقتاً .. الى أجلٍ مسمى
حينها تغادره .. لتكملِ رحلة الخلود التي أرادها لها الله
فإما خلودٌ في نعيم
أو خلودٌ في عذاب

أخيتي ..
الشحوب و الهالات السوداء
و ضيق التنفس و الاحساس بضعف القلب
و الكتل المتورمة في العنق
ما هي الا أعراض للاكتئاب الرهيب الذي عشتيه طويلاً
ليست سرطان تلك الكتل أبداً بإذن الله

لأطمئنكِ أكثر ..
احدى قريباتي ظهرت لها كتلة متورمة صغيرة في ثديها
جزعت و ارتعبت اذ ظنتها سرطان
لكن الطبيب طمأنها بأنها ليست الا ورم حميد
سببه الاكتئاب الحاد الذي تعانيه

أخيتي العزيزة ..
الله
الله يا أخيتي لا يرضى عليكِ هذا
فكيف ترضينه على نفسك

انّ لبدنك عليك حق
لستِ لتتركي جسدكِ يتأوه ..
دون أن تسعفيه بالعلاج

أخيتي العزيزة
لم يكن سبحانه ليكلفنا فوق طاقتنا
لذا ثقي
ثقي تماماً أن المصائب التي تأتينا بغير ارادتنا
انما نحن مؤهلون للتعامل معها و قادرون على تحملها
و أما ما يأتينا بسبب أخطائنا
فهو اذن نتيجة حتمية للناموس الذي ارتضاه الله لنا في هذه الحياة
فالمذنب لابد أن يُعاقَب .. الا أن يتجاوز الله عنه ..
و كونه عوقب في الدنيا .. فلله حكمة في ذلك
قد يكونُ سبحانه يريدُ أن يمحص عنه ذنبه
حتى يلقاهُ طاهراً من ذلك الذنب
و الله أعلم

انما ما نعرفه كمسلمين
انّ الله لا يأتي الا بخير
و قضاؤه دائما خير

تذكري .. يا أختي العزيزة
تذكري انّ الله بجبروته و عظمته
الله الذي خلق هذا الكون الكبير
انما هو قريب يجيب دعوة الداع اذا دعاه

لسنا لنقف في طابور
و لا لنضربَ رقما على هاتف و ننتظر من يرفع
و لا لنتحرى مواعيد
انما هو سبحانه
موجود دائماً و أبداً
نناجيهِ متى أردنا ..
في الساعة التي نختار ..
و في اللحظة التي نرغب

تُرى ..
كيف كانت ستكون حياتنا دون مصائب ؟
من سيلجأ عندها الى الله .. من سيفكر في عبادته ؟
من سيفكر في دعائه ؟
انما المصائب هي التي تقربنا منه سبحانه
و كلما ازدادت شدة
ازددنا قربا

ألسنا نحب الله ؟
اذن لنصبر و نتحمل ابتلاءه
لنثبت أننا نحبه
لنثبت لا لهُ سبحانه
و انما لأنفسنا
أننا نحبه

أنتِ مكرّمة عند الله
( و كرّمنا بني آدم )
أليس كذلك ؟
لم يكن سبحانه ليخلقنا ليعذبنا أو ليهيننا
تعالى الله عن ذلك
و انما لنا في الحياة طريقين
لا ثالث لهما على الاطلاق
أحدهما يقود الى عزة ما بعدها عزة
و الآخر يقود الى اذلال ما بعده اذلال
و لنا بينهما حرية الاختيار

أخيتي العزيزة
كما قالت أختي وردة جدة
نحن هنا اخوة و اخوات لك
لن نمل من سماعك أبداً

أدعو الله العلي القدير
أن يخفف عنك
و يرزقكِ الصبر و الأجر العظيم

التحايا كل التحايا لأختي " الصامدة "