عرض مشاركة واحدة
قديم 22-01-2010, 04:28 PM   #3
واثقة بالله
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية واثقة بالله
واثقة بالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26107
 تاريخ التسجيل :  10 2008
 أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
 المشاركات : 9,896 [ + ]
 التقييم :  183
لوني المفضل : Cornflowerblue


– الغفلة ووسيلة ضبطها اليقظة والتذكر :


واليقظة تعني : طرد الغفلة والتفريط الذي يحصل للنفس البشرية ، وقد حذر الشارع الحكيم من الوقوع في ذلك فقال :" واتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله وان كنت لمن الساخرين "


( الزمر :55-56 )


والتفريط يعني : التقصير والتضييع وهو لا يحصل الا بالغفلة والنسيان ، أو التكاسل والاهمال

ولكن هناك أسباب أدت اليه وأوقعت فيه وهي كثيرة منها :ـ

أ ـ الانشغال التام بالدنيا
ب ـ الاقتصار علي بعض مظاهر التدين
ج ـ عدم ادراك قيمة النعم وقدر المنعم
ء ـ التسويف


3 ـ الحسد ووسيلة ضبطه :

مصدر الحسد نفس الانسان ، لقوله تعالي ـ" ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " ( البقرة :109 )

وهو ثاني المعاصي التي وقعت في الكون ، وتمثلت في قتل الانسان لأخيه الانسان ، وسببه النفس الغضبية أو السبعية ،
أي : عدم كظم غيظ النفس والاستسلام لظلمها وسببه الحسد الذي هو خلق في الانسان ويحتاج الي محاربته في نفسه والا أوقعه في النيران

وقد حسد قابيل أخاه هابيل لما قبل قربانه ولم يتقبل منه ، فقتله
كما حسد اخوة يوسف أخاهم وسعوا الي قتله حيث يقول تعالي حاكيا قولهم :" اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين " ( يوسف :9 )


وليس لهذا الداء من ضبط سوي :


الاستعانة بالله اولا ، ثم الصبر وتقوى الله
فمن وجد في نفسه حسدا لغيره فليستعمل معه الصبر والتقوي فيكره ذلك في نفسه


القيام بحقوق المحسود
عدم البغض
:

وفي الحديث :" ثلاث لا ينجو منهن أحد : الحسد ، والظن ، والطيرة ، وسأحدثكم بما يخرج من ذلك : اذا حسدت فلا تبغض ، واذا ظننت فلا تحقق ، واذا تطيرت فامض

* العلم بأن الحسد ضرر علي الحاسد في الدين والدنيا ، ومنفعته للمحسود في الدين والدنيا
* الثناء علي المحسود وبره : قال تعالي :" ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم "


( فصلت :34 )


القناعة بعطاء الله :

قال بعض الحكماء :" من رضي بقضاء الله تعالي لم يسخطه أحد ، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد ، فيكون راضيا عن ربه ممتلئ القلب به ، ويتقين بأن الحرمان أحيانا للانسان خير من العطاء ، وان المصيبة قد تكون له نعمة ، وأن الانسان أحيانا يحب ما هو شر له ويكره ما هو خير له

قمع أسباب الحسد :

فاما الدواء فهو تتبع أسباب الحسد من الكبر وغيره وعزة النفس وشدة الحرص علي ما لا يغني ، فهي مواد المرض ولا يقمع المرض الا بقمع المادة
بالاضافة الي هذه الآفات ، ذكر القرآن مجموعة من الأمراض تسيطر علي النفس وتقودها الي العصيان والخذلان ، منها :
الكبر ، لقوله تعالي - :" أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوي أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون " ( البقرة : 87 )

الشح لقوله تعالي :ـ " وأحضرت الأنفس الشح " ( النساء :128 )

الاغترار بالرأي الشخصي واتباع الظن ، لقوله تعالي : " ان يتبعون الا الظن وما تهوي الأنفس " ( النجم :23 )


· ضوابط أساسية لضبط النفس ومن اهمها :1


- الاستعانة بعبادة الله تعالي :

التقرب الي الله عز وجل بما يحب من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة وخير ما تقرب به المتقربون الي الله الفرائض التي فرضها الله جلا وعلا وعلي رأسها توحيد الله ، ثم ان في النوافل لمجالا واسعا عظيما لمن اراد ان يرتقي الي مراتب عالية عند الله ، كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه :" وما تقرب الي عبدي بشئ أحب الي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتي أحبه فاذا أحببته ، كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ،ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه

" ( رواه : البخاري )
ومن فضل الله علينا أن جاء هذا الدين بعبادات شتي ، تملأ حياة المسلم في كل الظروف والأحوال ، بالليل والنهار ، بالقلب والبدن التي يعتبر أداؤها من اهم عوامل ضبط النفس ، من قيام ليل وصيام تطوع وصدقة وقراءة قرآن ، وذكر لله آناء الليل وأطراف النهار ، لا شك هذه العبادات تقوي الصلة بين العبد وربه ، وتوثق عري الايمان في القلب ، فتضبط النفس وتزكو بها ، وتأخذ من كل نوع من العبادات المتعددة بنصيب فلا تكل ولا تسأم ،


لكن الانتباه لأمور ترد أمر اساسي ومنها :

1ـ الحذر من تحول العبادة الي عادة
2- الحذر من تقديم المهم علي الأهم كالنوافل علي الفرائض ـ كمن يقوم الليل مثلا ثم ينام عن صلاة الفجر
3- تقديم الواجب عند تعارضه مع المستحب
4ـ التركيز علي أعمال القلوب ، وتقديمها علي اعمال الجوارح : لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم :" الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله ، واذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب "

ان استشعار المؤمن المكاره التي تحف بالجنة ، يتطلب منه همة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي للتغلب عليها

وقد قيل للامام أحمد : يا امام ! متي الراحة ؟ فيقول وهو يدعو الي المجاهدة : الراحة عند اول قدم تضعها في الجنة

يقول ثابت البناني : تعذبت بالصلاة عشرين سنة ، ثم تنعمت بها عشرين سنة اخري ، والله اني لأدخل في الصلاة فأحمل هم خروجي منها

هذه هي الصلاة التي تعد رمز الضبط والانضباط قال تعالي - :" واستعينوا بالصبر والصلاة "


( البقرة :45 )


وقوله تعالي :" ان الانسان خلق هلوعا * اذا مسه الشر جزوعا * واذا مسه الخير منوعا * الا المصلين "


( المعارج : 19- 22 )

فالهلع والجزع والمنع نقائص وعيوب ، وعلاجها يكون بالصلاة وعموم الطاعات والعبادات

فهي قيام ومثول بين يدي الله سبحانه وتعالي وحقها حضور القلب وخشوع الجوارح ، قال الله تعالي " فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون "


( الماعون :4- 5 )

لكن كم من مصلي ليس له من صلاته الا التعب والنصب ! كم من مصلي يصلي الصلاة ما يكتب له منها الا النصف او الثلث ! وأن ليس للانسان من صلاته الا ما عقل منها
ثم ان الصلاة مضبوطة بأزمنة وأمكنة ، فالأزمنة منها ما هو اختياري ومنها ما هو اضطراري ، والأمكنة منها ما هو فاضل كالمسجد الحرام والمسجد الاقصي والمسجد النبوي ، ومنها ما هو عادي كسائر المساجد ، ومن الأمكنة ما تحرم فيه الصلاة أو تكره كالمزبلة والمقبرة والمجزرة

والصلاة مضبوطة بالامام والمأموم ، وتكبيرة الاحرام والتسليم ،وبالركوع والسجود
انها الصلاة التي كانت راحة لرسول الله صلي الله عليه وسلم كما أخبر الصادق المصدوق يوما فقال لصاحبه :"أرحنا بها يا بلال " عكس أبناء الأمة اليوم الذين يقولون "أرحنا منها " وان لم تنطق بها شفاههم ، فان افعالهم بها ناطقة ، أنها مفزع رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث كان " كلما حزبه أمر صلي " وهي قرة عينه صلي الله عليه وسلم كما قال :" حبب الي من دنياكم الطيب والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة "

انها المعين الحقيقي علي تقوية الايمان ، فاقامة الصلاة بأداء أركانها وسننها وهيئاتها في أوقاتها يوصل الانسان الي تحقيق تلك الصلة المطلوبة بين العبد وربه ، وحري بمن فعل ذلك أن يعينه الله ، كما قال عمر في رسالة لعماله :" ان أهم أموركم عندي الصلاة ، من حفظها أو حافظ عليها حفظ دينه ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع "
فهي فريضة لا تسقط ابدا مع جميع الأعذار ، سواء كان مرضا أو خوفا
والعجيب في القرآن أنه عند حديثه عن فلاح المؤمنين ذكر من صفاتهم الست ، الصلاة مرتين ، حيث بدأ بها وختم بها ، فكان البدء بالخشوع فيها والختم بالمحافظة عليها ، فقال الله تعالي " قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون & وفي الاية التاسعة " والذين هم علي صلواتهم يحافظون


( المؤمنون :1-2 -9 )

أنها مضخة الاطفاء التي تطفئ النار المشتعلة الموقدة التي تلفح القلوب والعقول ، وممحاة للذنوب ، حيث يروي لنا سلمان الفارسي رضي الله عنه – أنه كان يوما مع رسول الله صلي الله عليه وسلم تحت شجرة فأخذ منها غصنا يابسا ، فهزه حتي تحات ورقه ، ثم قال : يا سلمان ! ألا تسألني لم أفعل هذا ؟ قلت : ولم تفعله ؟ قال : ان المسلم اذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلي الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق ، ثم تلا :" وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكري للذاكرين "


( هود :114 )

بل انها كالماء الذي يطفئ النار وسوادها ويغسل أثرها من بين جوانح الانسان ، لهذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " ان لله ملكا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا الي نيرانكم التي أوقدتموها فأطفئوها "
وهو ما شرحه ابن مسعود :" تحترقون تحترقون ، فاذا صليتم الصبح غسلتها ، ثم تحترقون تحترقون ، فاذا صليتم العصر غسلتها ، ثم تحترقون تحترقون ، فاذا صليت المغرب غسلتها ، ثم تحترقون تحترقون فاذا صليتم العشاء غسلتها ، ثم تنامون فلا تكتب عليكم حتي تستيقظوا "
ومما يفيد النفس ويضبطها ويزكيها أمام باريها كثرة الذكر والاستغفار لقوله تعالي :" ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "


( النساء :110 )



2 – الاستعانة بمحاسبة النفس :


قال الله تعالي :" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون "


( الحشر :18 )

ومحاسبة النفس تكون قبل العمل ، كما قال الحسن البصري :" رحم الله عبدا وقف عند همه ، فان كان لله أمضاه ، وان كان لغيره تأخر "


3 – تنمية الصفات الطيبة :

وذلك حتي يكون لها الغلبة ، مثل : صفات الحلم والكرم والتواضع والشكر ، ولا يكفي في ذلك قراءة كتاب أو حفظ نصوص ، لكن تحصيلها لا بد له من مجاهدة وتمرن وتدريب، فمثلا من أراد أن يكون حليما ، فهذا ينبغي له أن يقوي ايمانه ويزيد في صبره ويكظم غيظه ويملك نفسه في مواقف الغضب ، قال صلي الله عليه وسلم :" انما الحلم بالتحلم "
وقد أثني الله جلا وعلا ـ علي الكاظمين الغيظ ، فقال الله تعالي :" وسارعوا الي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "


( ال عمران : 133-134 )

فالحديث عن المتقين هنا هو حديث عن صفة مهمة من صفاتهم ، وهي كظم الغيظ ، وهو أحد أهم الوسائل المعينة علي ضبط النفس

قال القرطبي في معناه :"كظم الغيظ رده في الجوف "
ويقال : كظم غيظه أي سكت عليه ولم يظهره مع قدرته علي ايقاعه بعدوه ، فكظم الغيظ هو منعه من ان يقع
ومن خلال ما ذكر نستطيع القول بان ضبط النفس في مثل هذه الحالة ، يكون بمنعها من التصرف خطأ في المواقف الطارئة والمفاجئة التي تتطلب قدرا من الشجاعة والحكمة وحسن التصرف وهناك احاديث عن فضل كظم الغيظ ومن ثم ضبط النفس ، منها : ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" ما من جرعة أعظم عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله "
وبايجاز فضبط النفس يقتضي من المسلم ان يتجاوز مرحلة البناء التي يجب الا تتوقف ، باعتبار استمرارها الي اخر رمق من عمر الانسان لقوله تعالي :"واعبد ربك حتي يأتيك اليقين "
( الحجر :99 )


من مجلة البيان
__________________


 

رد مع اقتباس