عرض مشاركة واحدة
قديم 29-03-2008, 03:59 PM   #1
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
ضرورة العقاب ولكن.



يفهم أسلوب العقاب غالباً على أنه شيء مؤذٍ وقبيح، وقليلاً ما يفهم على أنه طريقة من طرائق الرقابة السلوكية ولعدة سنوات فإن الباحثين يتأسفون لاستخدام العقاب المؤدي إلى نتائج جانبية غير مرغوبة. ولهذا فإن البعض يستخدم أسلوب التعزيز الإيجابي كبديل لأسلوب العقاب.

إن العقاب هو إحدى الوسائل المستخدمة كمثير لتعديل السلوك، وكما أننا نكافأ على تحقيق النجاح في طفولتنا فكذلك نتلقى العقاب مقابل فشلنا، والعقاب ذو مدى متدرج القسوة يتراوح بين مجرد استخدام كلمة "لا" بنغمة معينة، إلى التوبيخ الشديد أو استخدام الصفعة كما نفعل مع الأطفال عندما يخطئون.والعقاب كمعدل للسلوك يستخدم في المدارس كما يفعل المدرس عندما يعاقب التلميذ بإخراجه من الصف، أو يستخدم الضرب بالعصا (وهو أمر غير تربوي على الإطلاق) وفي جميع المجتمعات فإن العقاب هو جزء مهم في قوانينها وأنظمتها، حيث تتمكن الحكومة بواسطته من حماية الناس من المجرمين والخارجين عن القانون. والسؤال المطروح هنا هو مدى فعالية العقاب وتأثيره، إذا كان لا يحدد ماهو السلوك البديل لذلك السلوك الذي تعرض للعقاب.وقد كان الإجماع لسنوات طويلة هو أن العقاب غير مُجْدٍ أو مؤثر على الإطلاق، وقد اعتمد هذا الرأي على التجربة التالية: أعطي مجموعة من الطلاب الذين ليس لهم سابق معرفة باللغة الأسبانية بعض الكلمات الأسبانية، وخمس كلمات باللغة الإنجليزية، وطلب منهم تخمين أي الكلمات الإنجليزية تقابل أو تعني ما تعنيه الكلمات الأسبانية، فإذا كان التخمين موفقاً قيل لهم كمكافأة وبحماس "صح" وإن كان التخمين خاطئاً قيل لهم "خطأ" بطريقة مزعجة. وكانت النتيجة أن الاستجابة المعززة بكلمة "صح" كانت تكتسب وتعاد. أما العقاب فلم يكن مشجعاً على عدم إعادة الإجابة الخاطئة. هل هذا يعني أن العقاب غير مؤثر في جميع الحالات؟ والجواب عن هذا السؤال هو النفي، لأن تجربة أخرى على الفأر ترينا أنه عندما يوضع في مدخل متاهة فإنه يتعلم أن يلتفت يميناً لاشمالاً إذا كان يعاقب بالصدمة الكهربائية في حالة التفاته إلى الشمال، ويكافأ بإعطائه الطعام إذا التفت يميناً. وزيادة على ذلك، فإن السلوك قد يتكرر استجابة لمثير مشابه للمثير الأصلي، وهذا النوع من الاستجابة يسمى "التعميم" وكما يقال في الأمثال الشعبية (من لدغته الحية خاف من الحبل). وتبعاً لذلك فإن أي سلوك يتبعه رد فعل غير مرغوب فيه، فإن نسبة تكرار هذا السلوك تكون ضعيفة.وقد يأتي العقاب مبالغاً فيه إلى درجة تجعله بلا تأثير، فاللص الذي يسرق تفاحة من السوق المركزي، لا تستطيع أن تحكم عليه بالسجن مدة خمس سنوات ثم تتوقع أن يؤدي به ذلك إلى الاستقامة، والطفل الذي يصرخ في وجه أخيه لا يعاقب بالحرمان من الطعام مدة ثلاث أيام، هناك دائماً حاجة للتوازن بين السلوك والعقاب، فمستوى العقاب وتوافقه مع نوع السلوك له أهمية بالغة في تحديد النتيجة، وأحياناً ينظر البعض إلى العقاب كأسلوب غير مرغوب فيه بسبب ما يتضمنه من سلبيات منها أن العقاب يوقف السلوك السلبي، ولكنه لا يشجع على السلوك المرغوب ولا يؤدي إليه. ولا شك أن خبرة أولياء الأمور لها ما يبررها بالنسبة لكيفية التعامل مع الأطفال، فهم في صراع بين العاطفة والعقل، فالطفل يلعب أحياناً في البيت بأدوات قد تكون خطراً عليه، وهنا تحتار الأم ماذا تقول؟ هل تترك لطفلها الحرية في اللعب لأن اللعب وسيلة من وسائل التعليم؟ أم تحرمه من ذلك -مع أهميته - خوفاً عليه؟ وإذا أخطأ الطفل، فهل يعاقبه الأب لأنه غير مؤدب، ومن أجل تربيته تربية سليمة يجب معاقبته وإفهامه أين الصح وأين الخطأ، أم يتغاضى الأب عن ذلك لأنه يحب طفله ولا يريد إزعاجه؟ وفي بيئة العمل تمر بالرئيس حالات كثيرة تتطلب اتخاذ قرار بعقاب أحد العاملين ويكون أمامه عدة خيارات منها: الإنذار الشفوي، الإنذار الكتابي، الخصم من المرتب، النقل إلى إدارة أخرى، الحرمان من الترقية، الفصل من الوظيفة. ورغم وجود لوائح وأنظمة تحكم هذه الأمور وتضع لكل مخالفة ما يقابلها من إجراء، ويمكن للرئيس أن يطبق هذه اللائحة كما هي إلا أن ذلك غير كاف، فاللوائح لا يمكن أن تحصر جميع المخالفات، كما أن الرئيس يتردد في اختيار العقاب المناسب ويحتاج أحياناً إلى تشكيل لجان لإعداد تقرير وتوصيات. إن بعض المديرين بحاجة أحياناً إلى دراسة علم النفس، ومدى أهميته للإدارات، وكيف يمكن الاستفادة منه في إدارة الناس وعلى سبيل المثال هل من المناسب دخول مدير القسم على مجموعة من الموظفين في غرفة واحدة ثم يتحدث إلى أحدهم مؤنباً إياه أمام زملائه؟ ويضاف إلى ذلك أسلوب التعامل وقضية الحوافز ومتى تقدم ومتى تحجب؟ والفروق الفردية وغير ذلك من الجوانب السلوكية. إن عقاب الموظف ليس هو الفصل الوظيفي، أو الخصم من الراتب فقط، فهناك أساليب غير مرئية تمثل عقاباً مستمراً وملازماً ولا يشعر به إلا من يعانيه، وكثير من المديرين يعاقبون موظفيهم بشكل يومي وذلك عن طريق: 1-عدم إسناد أعمال مهمة لهم. 2-عدم دعوتهم للمشاركة في القرارات. 3-عدم توجيه خطابات شكر لهم عند تحقيقهم لإنجازات ممتازة. 4-الحرمان من الترقية. 5-ضغط العمل. 6-عدم التحدث إليهم. 7-نقل الموظف إلى عمل لا يتناسب لا مع قدراته ولا مع رغباته. 8-البحث عن أخطائهم ونقدهم بعنف. 9-الشك فيهم. 10-العمل تحت ظروف صحية سيئة (المبنى، التهوية، الإضاءة... إلخ). هذه بعض الأمثلة على أساليب العقاب التي يمارسها بعض المديرين مع الموظفين - عن قصد أو غير قصد - وهي نوع من الإحباط ، والتثبيط الذي يحرم الموظف من تحقيق ذاته لأنه نتيجة لكثرة اللوم والتقريع يداخله شعور بالشك في قدراته وعدم الثقة في نفسه. إن مثل هذه الأساليب تؤدي إلى سلوكيات غير مرغوبة مما يستدعي اللجوء إلى المواد النظامية لاختيار عقاب نظامي لا أحد يستطيع الاعتراض عليه. وهنا نلاحظ أن أسلوبنا في الإدارة قد أدى بالموظف إلى سلوك يستحق عليه العقاب، ولكن: أليس سلوكه هذا الذي نعاقبه عليه هو نتيجة حتمية لسلوكنا؟ إن علينا احترام اللوائح والأنظمة وتطبيقها بجانبيها الإيجابي والسلبي، فالعقاب النظامي يجب الأخذ به إذا استدعى الأمر ذلك، ولكن المشكلة تتمثل في استخدام أنظمة اجتهادية، وأساليب غير مرئية والتي ضربنا لها بعض الأمثلة. وحبذا لو أتحنا الفرصة لسماع أطراف أية مشكلة تحدث داخل المنشأة قبل اتخاذ قرار بنقل موظف، أو تجميده. إن بعض الموظفين يشعرون أنهم معاقبون "مجمدون مثلاً" بدون ذنب اقترفوه وهذا أحد المؤشرات على أن الإدارة إما أنها لا تعرف هؤلاء الموظفين معرفة دقيقة، أو أن لديها فكرة جيدة عنهم ولكنها تمارس معهم أسلوب "المقاطعة" أو المعاقبة عن طريق "عدم العمل" إن صح التعبير. ولا شك أن حرمان الموظف من العمل يجعله لا يختلف عن قطع أثاث المكتب وهذا منتهى القسوة، وعقاب لا يقبله منطق، وعندما يسود الشعور بالخوف، والقلق بين الموظفين، فإن الأفكار والمقترحات الإيجابية ستكون حبيسة الأذهان، ولن يكون للإبداع مجال للظهور، وتصبح قنوات الاتصال غير الرسمية هي المسيطرة، ويقل الشعور بالانتماء والولاء، وتصبح المنشأة قضية تحتاج إلى دراسة وحل.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس