أذكر تلك اللحظات بإستحضار لا يحتمل... و كأنني أعيشها الآن في لحظة الكتابة...
خرجت... ذلك الفتى النحيل من منزلنا قاصدا مسجدا ليس ببعيد عن منزلي.... يا اللللللللللله ما أصعب صوت الأذان؟!!!!! الله أكبر الله أكبر ..... و

كأنها ملائكة الموت تحلق فوقي؟!!!!!!!! كنت أقول "ملائكة الموت" و كانت في تصوري متعددة و هي في هيئات و صور..... لست أدري حتى اللحظة كيف تكون ذاك الشعور المزلزل و العنيف في داخل أوصالي .... بل هذا الشعور

المزلزل و القاسي الذي أستحضره الآن.... لست أدري كيف تكون.... حين نزلت للمتوضأ ....
أرضية مببلة و صنابير تنز نقاطا من الماء و عندها رجلين عجوزين كل منهما مشمر عن ساعديه يتوضئان.... أول ما خطر في بالي عند

تلك الجزئية من اللحظة هو ماء غسيل الموتى!!!!! وقفت في الصلاة ......
أردت أن أصلي ركعتي تحية المسجد......
تحية من ؟؟؟؟؟؟!!!!!! لمن أنا أقف؟!!!!!!
لماذا أقف هنا؟!!! ما هذا البلاء الرهيب؟!!!
كيف لي أن أعرف صحة الذي أفعله ....
أنظر لهذا و ذاك ..... من الكبير إلى الصغير ...... لم جاؤوا ...... من علمهم هذا ؟!!!
من وضع في أدمغتهم أصابعه العشرة .... و أقحم في وجدانهم لقمة جاهزة لاكها بين أسنانه و فطمته أمه عليها .... فخرج "مؤمنا"!!!

"موحدا" ؟!!!!! من أين جاؤوا بفكرة وجود هذا الخاااااااااااااااااالق؟!!!!
و كلهم يصلون و يسلمون على ذلك و ذاك؟!!! و يستشعرون في قلوبهم مراكز و مناصب و ألقابا لسنا ندري من أي عقل جائت و أي مخترعين نتجت؟!!!!

أنظر لهؤلاء الكهول؟!!! يمسكون بهذا الكتاب الذي عند كل أكشاش الكتب في عمان كتب مثله؟!!! يقرأون و يهتزون و يسجدون؟!!!!!! هم لا يختلفون عن أي هندي أو أوروبي في الهيئة كبشر ....
لا هم من نور و لا من ضياء؟!!! وبالعكس.....
هم في هيئتهم أقل وسامة و أقل طولا و أقل لطفا و ثقافة و علما؟!!!!
أنظر لهذه الكوفية أو تلك؟!!!! هذا الثوب أو الدشداشة أو تلك الطاقية؟!!!! من هم هؤلاء؟!!!! جهلاء في قلب جهلاء؟!!!!! يتضاحكون و يطلقون

فكاهات وقحة و من ثم يتوضئون و يصلون؟!!!!!!!! و يشربون الفكرة المصبوبة شربا و لا يناقشون؟!!!
من علمهم هذا ؟ آبائهم...... من عظم هذا و ذاك في أبصارهم؟؟؟ مجتمعهم؟؟!!! من صنع هذا المسار الذي هو في وجدانهم

أساس الحياة و يتناقشون فيما بينهم في مواضيع مثل :
" هذا أبو محمود و الله يا رجل حجة و علامة ..... هذا قارئ كل كتب التفاسير ..... خلينا نروح نسأل أبو محمود عن الحوت اللي في قصة موسى ..... نعال نسأل أبو قتيبة عن

رأيه في تفسير الظلال"؟؟؟!!! ينااقشون مسائل في نظرهم هي قمم المسائل و ينسون أن يسألوا عن أصل الفكرة الأم .....الفكرة الأساس ...... من أين جائت؟!!!!!!!
إنها مثل لون العينين أو الصوت أو اللغة او اللهجة..... وراثة في وراثة؟!!!!!!
ملايين الهند الهندوسيين هم أكثر من كل المسلمين؟!!!!!!!!!
فهل هؤلاء بدون عقل؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!! هم الآخرون شربوا من ينبوع وردت عليه آبائهم و أجدادهم ......
إذا هم مثلنا و نحن مثلهم ..... مؤمنون بما نؤمن به

بالوراثة و تحت تأثير المجتمع و حسه العام و ما أصبح فيه من مسلمات لا تقبل النقاش.... لا لشئ .... فقط لأن المجتمع بني على هذا ......
و أنت إذا حاولت مجرد المحاولة ......أن تعرف كيف كان من الممكن أن تكون عليه الأمور لو

أن هؤلاء ولدوا في سيريلانكا ؟!!!! لاختلت روحك ..... فلقد غدى ما توارثته عن أجدادك ..... جزئا من روحك إذا تزعزع و لو قليلا .... إختلت روحك؟!!!!!!!