عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-2002, 04:06 PM   #1
§الـقـريـشـيـه§
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية §الـقـريـشـيـه§
§الـقـريـشـيـه§ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2744
 تاريخ التسجيل :  10 2002
 أخر زيارة : 30-12-2004 (03:20 PM)
 المشاركات : 2,855 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
التسوّق بين الفتنة والمتعة................



التسوّق بين الفتنة والمتعة


كان من الصحابة من يأتي السوق لإقامة ذِكـرِ الله حال الغفلة .

فقد كان ابن عمر يقول : إني كنت لأخرج إلى السوق وما لي حاجة إلا أن أُسلِّم ويُسلَّم عليّ . رواه ابن أبي شيبة .

وكان بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يُكبر ويُسبِّح ويذكر الله تعالى ، فقال له رجل : يا أبا بكر في هذه الساعة ؟ قال : إنها ساعةُ غفلة .

وكانت الأسواق تُذكرهم بالآخرة ، فإن ابن مسعود رضي الله عنه ما خرج إلى السوق فمرّ على الحدادين فرأى ما يُخرجون من النار إلا جعلت عيناه تسيلان .

وكان طاووس اليماني إذا مرَّ في طريقه على السوق فرأى تلك الرؤوس المشوية لم ينعس تلك الليلة .

وكان عمرو بن قيس إذا نظر إلى أهل السوق بكى ، وقال : ما أغفل هؤلاء عما أُعِـدّ لهم .

وإنما كانوا يحرصون على إقامة ذكر الله في الأسواق لأنها مواطن غفلة ولغو ولهو ، ويعظم أجـر الذّاكرِ لله في مواطن وأوقات الغفلة ، ولذا كانت صلاة الضحى تعدل 360 صدقة ، كما في حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يُصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ؛ فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى . رواه مسلم .

ومن هذا الباب عِظم أجر الذاكر في السوق .

قال محمد بن واسع قدمت مكة فلقيت بها سالم بن عبد الله بن عمر فحدثني عن أبيه عن جده عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لـه الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير . كَتَبَ الله له ألفَ ألفَ حسنة ورفع له ألفَ ألفَ درجة ، وبَنى له بيتا في الجنة قال محمد بن واسع : فقدمت خراسان فأتيت قتيبة بن مسلم فقلت : أتيتك بهدية ، فحدثته الحديث . قال : فكان قتيبة يركب في موكبه حتى يأتـيَ السوق ، فيقولَها ، ثم ينصرف .
قال الذهبي : هذا إسناد صالح غريب . والحديث حسنه الألباني .

وروى ابن أبي شيبة عن أبي قلابة : قال التقى رجلان في السوق ، فقال أحدهما لصاحبه : يا أخي تعال ندعو الله ونستغفره في غفلة الناس لعله يُغفر لنا ، ففعلا ، فقُضيَ لأحدهما أنه مات قبل صاحبه ، فأتاه في المنام ، فقال : يا أخي أشعرت أن الله غفر لنا عشية التقينا في السوق .

وقال عبد الله بن أبي الهذيل : إن الله ليحب أن يُذكر في الأسواق ، وذلك لِلَغطِ الناس وغفلتِهم ، وإني لآتي السوق ومالي فيه حاجة إلا أن أذكرَ الله .

قال حميد بن هلال : مثل ذاكر الله في السوق كمثل شجرة خضراء وسط شجر ميت .

ولما دخل الحسن بن صالح السوق فرأى هذا يخيط وهذا يصنع ، بكى ، ثم قال : انظر إليهم يُعللون حتى يأتيَهم الموت .

وكان مالك بن دينار يقول : السوق مكثرة للمال مذهبة للدِّين .

هكذا كانوا مع الأسواق .


--------------------------------------------------------------------------------

فكيف أصبحت أحوالنا مع الأسواق

أصبحنا نُسمّيها :
((( متعة التسوق ))) !!!

فنعوذ بالله من أحوال أُناسٍ لا يجدون الراحة والمتعة إلا في مواضع الفتنة . فيُسمّونها : مُتعة التّسوّق !
يجودن راحتهم في الأسواق التي هي أبغضُ البلاد إلى الله .

قال عليه الصلاة والسلام : أحب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها . رواه مسلم .
وما ذلك إلا لأن المساجد أماكن العبادة وذِكرِ الله عز وجل .
بينما الأسواق هي أماكن الغفلة .
قال الإمام النووي - رحمه الله - : أحب البلاد إلى الله مساجدها ؛ لأنها بيوتُ الطاعات ، وأساسُها على التقوى . وقوله : وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ؛ لأنها محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله ، وغير ذلك مما في معناه ... والمساجد محل نزول الرحمة ، والأسواق ضدها .
وحذّر رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم من المنازعات والخصومات التي تقع في الأسواق فقال : إياكم هيشات الأسواق . رواه مسلم
قال النووي : أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إن التجار هم الفجار . قيل : يا رسول الله أوَ ليس قد أحلَّ الُله البيع ؟ قال : بلى ، ولكنهم يُحدِّثون فيكذبون ، ويحلفون ويأثمون . رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني .
وحذّر السلف من كثرة دخول الأسواق .
قال سلمان – رضي الله عنه – : لا تكونن – إن استطعت – أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته . رواه مسلم .
وقال ميثم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه على آله وسلم : يغدو الملك برايته مع أول من يغدو إلى المسجد فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل بها منـزله ، وإن الشيطان ليغدو برايته مع أول من يغدو إلى السوق . قال ابن عبد البر : وهذا موقوف صحيح السند .

وقال أبو عثمان : إن السوق مبيض الشيطان ومفرخه ، فإن استطعت أن لا تكون أول من يدخلها ولا آخر من يخرج منها فافعل .
وفي الأسواق تجتمع الشياطين للتحريش بين الناس وحملِهم على المفاسد سواء ما كان منها في التعامل والمعاملات ، أو ما كان منها في فساد الأخلاق وشَيْن الطبائع .

ومن عجبٍ أن أفضل الأوقات وأحبها إلى الله تُقضى في الأسواق ، فيقضون ليالي رمضان في الأسواق والتّسوّق .
وإذا قيل لهم في ذلك .
قالوا : تُريدوننا نحضر الأعياد بملابس قديمة !
لا . لا نُريد لكم ذلك ، ولكن هلاّ كان ذلك قبل ذلك ؟
أي قبل مواسم الخيرات .

وأشدّ ما تكون فتنُ الأسواق في العشر الأواخر من رمضان ، في تلك العشر التي هي أفضل ليالي الشهر بل أفضل ليالي العام فتضيع تلك المواسم بين السوق والمطبخ .
وتتدافع النساء في تلك الأيام على شراء ملابسِ العيد .

ووالله إن الواحد مِنّـا ليدخل لتلك الأسواق ، فما يجد قلبه الذي كان يجده قبل دخول الأسواق !
فيكون الرجل أو المرأة بين بيته ومسجده ومصحفه في أيام وليالي رمضان ثم تعرض له الحاجة فيدخل السوق ، فيتغيّر عليه قلبه .
وقد يقول بعض الناس إنه لا يجد ذلك ولا يُحسّ به !
فالجواب ما قاله ابن القيم – رحمه الله – : مرض القلوب لا يُشعر به غالباً .
أو قوله : وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يعرف به صاحبه لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها ، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته ، وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح ولا يوجعه جهله بالحق ، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألّم بورود القبيح عليه ، وتألّم بجهله بالحق بحسب حياته . وما لجرح بميت إيلام . انتهى .
وللحديث بقية..........


كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
وصلني عبر الايميل
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس