عرض مشاركة واحدة
قديم 16-01-2014, 06:36 PM   #1
"الفارِسة"
عضو نشط


الصورة الرمزية "الفارِسة"
"الفارِسة" غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 45833
 تاريخ التسجيل :  01 2014
 أخر زيارة : 13-10-2022 (07:34 AM)
 المشاركات : 84 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue
الكوميديا الجنية .. قصة قصيرة بقلمي



السلام عليكم و رحمة الله ..

القراء الأعزاء في منتدى نفساني، هذه أول قصة قصيرة كتبتها في حياتي، كانت تقريبًا قبل نصف سنة .. لعل الكثيرين يختلفون معي في مضمونها .. و لكنها كانت من واقع تجربة .. و عليه فأريد أن أنبّه على أمور. أولا، السّخرية ليست موجَّهة إلى الرقية الشرعية أو إلى جميع المشايخ القرّاء .. بل على من يمارسها ممارسة دجل و تكسّب و هو حاصل بكثرة. ثانيًا، أردت أن أذكر أن موضوع التلبّس أو المسّ مسألة خلافية قديمًا بين العلماء، و اتسع الخلاف مع تطوّر الطبّ النفسي في العصر الماضي .. و أنا حقيقة ممن لا يميلون كثيرًا إلى القول بالتلبّس، كون الأعراض متشابهة بين الممسوس و المريض النفسي .. هذا آخر ما توصّلتُ إليه ببحثي و قراءتي المتواضعتين.

بعد هذه المقدمة، أقدّم لكم القصة، و هي من الأدب الساخر .. و كما قلتُ مستوحاة من تجربتي مع مرض الفصام. قراءة ممتعة :)

***
اجتمع نفرٌ من الجنِّ في ديوانٍ يومًا، فتذاكرا متاعب الحياة و مشاغل العمل، إلى أن غشيتهم غمامة الحزن و الضّجر، فقال أحدهم: “ما رأيكم لو يحدثنا واحد منكم عن موقفٍ ظريفٍ اتّفق له عسى أن تتبدّد عنّا سحابة الشّتاء!” فنهض أخفّهم ظلًّا و أطرفهم فكاهةً فقال: “و أيُّ شيء أدعى للضحك، و أطرد للكآبة من بني آدم! ذاتَ مرة كنتُ في الحمّام أتنزّه، ثم بعد أن قضيتُ وطري، و بينما أنا أتمشّى إلى غرفة خالد، أتمتم أغنيتي المفضّلة، ناسيًا همومي، مقبلًا على الحياة، فتحتُ الباب، فإذا الرجل طريح وحيد في داره، قد استجمع كل صوته للصراخ، و فرّق كلّ شعره بالشّدّ، و هو على ذلك يركل ركلًا شديدًا، و يشهق شهيقًا كثيرًا، و ترى جذع جسده يعلو و يهبط كسمكة أُخرجت من البحر! فقلتُ في نفسي ‘يا ساتر! أيُّ شيء أصاب هذا الرجل! عافانا الله!’”

“أكمل أكمل ماذا حدث بعد هذا!” رد المجلس.

“جاءت العائلة من أبٍ و أمٍ و إخوان حتى شكَّلوا سياجًا حوله، إلا الأم طبعًا، كانت في شُغُلٍ بالبكاء و العويل “ابني ماذا حل بابني!”

في بادئ الأمر انشلّت العائلة عن الحركة، ثم أخذ أخوه الأكبر يحاول أن يهدئه و لكن بلا جدوى، أبوه حاول أن يمنعه من الركل فأخفق، حتى سُقط في أيديهم، هنا أفاقت الأم على فكرة، أن تتصل بوالدتها! تسابقت خطواتها إلى الهاتف لتتصل بأمها، “يما أدركيني! ولدي لا أدري ما أصابه، غادر عن الغداء مسرورًا فانقلب علينا الآن مسعورًا!” ثم طفقت تخبرها عن الأعراض فردّت عليها، بلا جمجمة، و لا إحجام، و لا تردّد. “يا بنتي أيش بكِ أنتِ، الله يخلف عليكِ، الأمر لا يحتاج إلى فضل ذكاء، ولدنا قد تلبسه جنِّيٌّ!” هنا أنا استغللتُ الفرصة في خضمِّ هذا الصراخ و العويل لأستلقي على قفاي كهذا الولد، هو مصروعٌ من المرض، و أنا مصروعٌ من الضحك!”

ارتجف المجلس بالقهقهة حينها، “هؤلاء معشر الإنس، كلّ شيء أرادوا أن ينجوا من تبِعاتِه، و يرتاحوا من التفكير به، و يطمئنوا من العجز عن تفسيره، ألقَوه علينا!” “تابع أرجوك!”

تابع الظريف: “كان الولد لا يزال في هيجانه، حين جاءت الوالدة و نقلت لهم تشخيص الجدة المطمئنْ، فالكل احترم مقام هذه الجدة، و امتثل لتشخيصها، “يبا أتذكر الشيخ أبا وائل الذي قابلوه في أكثر من برنامج تلفزيوني، هو قارئ معتمد عندنا في الكويت!” رد الأب: “يا ابني ماذا تنتظر! ابحث عن رقمه ثم اتصل به بسرعة!” و بالفعل هذا ما حصل، فقد طلّ علينا الشيخ أبو وائل، كث اللحية، قصير الثوب، متجهم الوجه، فقال بصوتٍ مُثلَّج، “أروني مريضكم”، ثم أخذ يقرأ عليه بعض الآيات القرآنية المعروفة، و هو يضرب على رأسه بإصبعه كما يضرب الهدهد جذع الشجرة بمنقاره، هاتفًا: “اخرج يا عدوّ الله!”

ارتجَّ المجلس بالضحك مرة أخرى، “و أصبحنا من أعداء الله أيضًا!” “ثم ماذا حصل؟”

“ثم ماذا! أفتى شيخنا أبو وائل أن به ستة من الجنّ ركبوه لذلك كانت أعراضه عنيفة! و بعدها استأذنهم أن يأتي غدًا، بعد قراءة ساعةٍ استرخى فيها “الملبوس” قليلًا و قد شخصت عيناه إلى السقف!

ثم سمعتُ الوالد يقول له قبل أن يغادر: “الله يجزاك خيرًا يا شيخ، لولاك لبقينا مكتوفي الأيدي مُسمَّري العين.”



هذا آخر ما رأيتُه من الموقف، لا أرانا الله مكروهًا!”

“ما دخلنا نحن بمكروههم!” علّق أصدقاؤه، “هو فكاهة عندنا، و إن نسبوا التهمة لنا!”

أغلق الشيخ أبو وائل الباب من ورائه فإذا بهاتفه يرنّ: “ألو، نعم أنا الشيخ أبو وائل، أعتذر، أنا مزحوم هذا الأسبوع، ربما أكون متفرِّغًا الأحد القادم” و هو يركب السّيّارة، داست قدمه على إعلان في صفحة جريدة ملقاة على الأرض، مكتوب فيه:

“عيادة الدكتور عادل الربيع، استشاري الطب النفسي

25737582″.


المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس