عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-2003, 04:33 PM   #72
أبو مروان
................


الصورة الرمزية أبو مروان
أبو مروان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 328
 تاريخ التسجيل :  07 2001
 أخر زيارة : 28-09-2010 (01:57 AM)
 المشاركات : 3,914 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


لأجل هذا نرفض مسلسل ( طاش )

بقلم : خالد بن عبد الرحمن الشايع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله وحده ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :

فإن مسلسل ( طاش ) الذي تكرر عرضه على مدى عدد من السنين قائمٌ على نقد كثير من الأمور الحياتية المعاصرة أو الموروثة ، وبطبيعة الحال فإن هذا المسلسل يخضع ولا بد للنقد وبيان ما ينطوي عليه من السلبيات ، ولئن ذكر من يعملون في البرنامج المذكور أن له إيجابيات فذلك من وجهة نظرهم ، ومن الطبيعي أن يثنوا عليه لأنه من صنع أيديهم .

لكن كثيراً من الناس قد ضجوا وتضجروا مما حواه المسلسل من السفاهات الكثيرة والجهل العريض ، مما فيه من محادة الله ورسوله وانتقاد التشريعات الإسلامية واتخاذها هزواً ، ولما فيه من إثارة النعرات القبلية والعداوات القبلية ، وقد فزع الناس إلى العلماء وشكوا إليهم ما في هذا المسلسل من الطوام ، فالمسلسلات طالما تضمنت أنواعاً من العبث والسفاهات التي لم يجد إنكارها شيئاً كثيراً ، ولكن لما كان مسلسل طاش مسلسلاً موجهاً نحو مجتمع محافظ آمن ، ويكرّس أفكاره على نقض القيم والمسالك الشرعية فلم يستطع حينها أهل الغيرة والفضل أن يسكتوا عن تلك الإسقاطات .

فقام أهل العلم بمساعيهم ونصحهم على مدى ثمانية أعوام ، وحينها صدرت الفتوى الشرعية المحرمة لكل المسلسلات المتضمنة للمحاذير الشرعية ، مع تحديد هذا المسلسل باسمه لما فيه من الفساد والإفساد والمحادة لعقيدة الإسلام ، وكانت هذه الفتوى عن لجنة علمية يرجع إليها المسلمون في أقطار الأرض كلها ، برئاسة سماحة شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ، وبذلك أدى هؤلاء العلماء ما يجب عليهم من النصح والبيان علانية ، بعد أن بذلوه سراً ولطفاً .

وفي الأسطر التالية وقفات رئيسية مع مواضع سلبية وحساسة ، تضمنتها حلقات( طاش ) ، مع عدم تسليمنا بالأصل للفكرة التمثيلية التي يقوم عليها ، ومع ذلك ففي مسلسل ( طاش ) مواضع سلبية لكونها من المسَلَّمات بين الجميع في شناعتها ، فمن ذلك :



1ـ التعرض للتشريعات الدينية الإسلامية بالنقد والتنقص والاستهزاء :

وهذا الأمر تكرر في أكثر من حلقة ، كما جاء في حلقة التندر بفصل الرجال عن النساء لدى زيارة الأماكن الترفيهية التي يمنع فيها الاختلاط ، وسعى القائمون على المسلسل لمحاربة الحجاب والتنديد بما جاءت به الشريعة من صيانة للمرأة ، بإيجاب المحرم لها عند الخلوة والسفر .

وقد ظهرت صفاقة ذلك في مشهد زيارة حديقة الحيوان ، وكذلك الاستسخار بأهل الفضل والصلاح والإصلاح ، وإظهارهم بمظهر الشره الجنسي الممجوج وذلك في حلقة ( الفياجرا ) .

كما جاء الاستهزاء بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن قام بها في حلقة سابقة لدى تمثيل من يأمر بالصلاة ويحث عليها وإظهارهم بمظهر البلادة والغفلة ، وغير ذلك .

ومن المعلوم لدى جميع المسلمين أن الاستهزاء بالدين أو بشيءٍ من الدين سبب من أسباب الردة عن دين الإسلام ، والأصل في ذلك قول الله تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم .. ) [ الآيتين: 65 ، 66 من سورة التوبة ] قال العلماء : ويستوي في ذلك الجاد والهازل إلا المكره .



2ـ اشتماله على السخرية بتراث أهالي بلاد الحرمين وموروثاتهم :

ويظهر هذا من خلال التندر بالقبائل وأهل المناطق في الحجاز والجنوب والقصيم والشرقية وغيرها .

بل ربما أنه لم تُتْرَك منطقة إلا ونالها نصيبها من التندر والتنقص .

وهذا له أثره البالغ في حصول التباغض بين الناس ،وذلك عندما يشعرون أنهم وبكامل تراثهم قد صاروا محلاً للتندر والسخرية على ملأ من الناس ، علاوة على ما جاء من النهي الصريح في كتاب الله تعالى من أن يسخر أحدٌ من أحد .

وقد عجبت ثم عجبت من ذلك التجاهل لهذا المبدأ الراسخ ، والذي جاء النص عليه في النظام الأساسي للحكم ، حيث جاء في المادة الثانية عشرة ما نصُّه : " تعزيزُ الوحدة الوطنية واجب ، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام " .

فليت شعري ماذا أبقى المسلسل المذكور من دلائل ومضامين هذه المادة ؟!!.

وإن كنت أعلم وأعتقد ـ في قرارة نفسي ـ أن مثل ذلك النقد الساخر الذي تضمنته بعض حلقات المسلسل المذكور تجاه أشخاص محددين ، لن يحط أو يقلل من شأن من قُصدوا به ، فهم أعزة بأنفسهم وبماضيهم وحاضرهم ، وبتراثهم الذي يمثل صوراً من الشهامة والكرامة ، وحسبهم في ذلك انتسابهم لهذه البلدة الطيبة المباركة ، وكونهم تحت إمرة وولاية قياداتٍ وأنفسٍ كريمة لا زالت قائمة بأمر الإسلام .

وأقول : إن من المتعارف عليه لدى دول العالم أجمع أن جميع الأعمال الثقافية والفنية والرياضية وغيرها لدولةٍ ما ، يجب أن تكون معززة ومؤصلة للترابط الوطني بين أفراد الشعب ، ولأجل ذلك فإن وكالات الأنباء تنقل لنا يوماً بعد يومٍ أخباراً عن كثير من الدول يتم فيها تدخل جهة مسؤولة عن الأمن الوطني في شيءٍ من فعاليات الثقافة أو الفن أو الرياضة إذا كان فيها مساس بالوحدة الوطنية لتلك الدولة ، أو أي نوع من التأثير النفسي أو الاجتماعي على الناس وعبر شرائح متعددة .

( انظر ـ على سبيل المثال ـ المقال الذي نشرته جريدة الشرق الأوسط في عددها ( 7665 ) يوم الثلاثاء 15/8/1420هـ حول فيلم تلفزيوني سعى عدد من المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية لمنع إعادة بثه لما ينطوي عليه من المشكلات المشار إليها آنفاً .

بل إن بعض الدول قد سنَّت قوانين خاصة بمثل هذه الأعمال وصنفتها ضمن قائمة ما يسمى " التمييز العنصري " ، وهذه المسألة محل اتفاق بين كل من كان له فضل اطلاع على شيءٍ من تلك المجالات .

وإني لا أستبعد إن استمر هذا المسلسل في سفاهاته أن يفتح علينا من أبواب الشرور والفتن والقلاقل ، ما لا نستطيع صده ولا السيطرة عليه ، وما يجعل الحليم حيراناً ، فإن الله تعالى يقول : ( إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . وهذا يجعلنا نطمع في أن يكون لأهل الحل والعقد وقفتهم الحازمة تجاه الإسقاطات التي يتضمنها مسلسل طاش . حفاظاً على وحدة وطننا ووئام أفراده ومزيد ارتباطهم بولاة الأمر حفظهم الله ووفقهم .

ومما يزيد الأمر شناعةً أن تلك الحلقات لا تعرض على المستوى المحلي ، ولكنها تصل إلى آفاق الدنيا ، فتصور للعالم أن هذه القبيلة أو أهل تلك المنطقة جميعهم على تلك الحال المستسخر منها ، وأنهم على تلك الحال من ضعف الإدراك أو قلة الفهم أو البشاعة في التعامل ، أو نحو هذا مما يتم تمثيله وهو بخلاف الواقع .

وإذا ما أردنا أن نضرب مثالاً يوضح تلك الانعكاسات ؛ فلننظر ما الذي فعلته السينما والأفلام المصرية بسمعة أهل الصعيد في مصر ، حتى جعلتهم مضرباً للمثل في التخلف والتندر ، مع أن منهم العلماء والأطباء والمهندسين وآلاف الفضلاء ، ولكن الحكم على هؤلاء كان عبر ما يعرض عنهم عبر شاشات التلفزة ، لا من خلال إنجازاتهم ومكارمهم .



3ـ اشتماله على حلقات فيها هتك سمت المحافظة والعفاف الذي تميزت به بلادنا :

لا ريب أن المحافظة والحشمة والمروءة سمة سائدة في بلاد الحرمين في مظاهر حياتها العامة ، وعبر وسائل الإعلام فيها ، فنحن في عافية من مظاهر الفحش والعري في حياتنا العامة ، كما أن منهج وسائل الإعلام ونظامها يمنع كل ما يخدش الحياء والعفاف ، ولكن جاءت بعض حلقات ( طاش ) لتهتك هذا المسلك ، كما ظهر ذلك بتصريح ممجوج في الحركات ، وتلميح سيء في الكلام من خلال حلقة ( الفياجرا ) علاوة على التبرج الفاضح للممثلات وتقديمهن مثلاً سافلاً لنسائنا وكريماتنا .

ونحن نعلم أن أكبر شريحة تتابع هذا البرنامج هم الأطفال وذلك لمحبتهم الضحك واللهو ، وهكذا النساء لكون معظمهن في البيوت فترة عرض البرنامج ، فإذا رأى الأطفال ، وهكذا النساء ، وخصوصاً الفتيات اليافعات العفيفات ، إذا رأوا تلك المناظر التي تعرض الوقاحات ، كما جاء في مشهد الشخص الذي تعاطى ( الفياجرا ) وقد غطى نفسه وتكلم مع المرأة لتستعد ، فأول ما سينقدح في الأذهان : لماذا يغطي نفسه ، ولأي شيء يأمر المرأة أن تستعد ؟!.

ومن المفارقات أن مثل هذه المناظر إذا عرضت في شاشات التلفزة العامة في الدول الإباحية فإنها تسبق بتحذير عدم مناسبتها لمن هم دون سن الثامنة عشرة ، ولا تعرض إلا في أوقات غير الذروة .

ثم إن دعوة الممثلين لنسائنا السعوديات أن يشاركن معهم في التمثيل ، مع علمنا بما ينطوي عليه اشتراك النساء في التمثيل من سفاسف الأخلاق وأراذلها ؟! إن ذلك لتوجه سافر لهتك الحياء ومحاولة تغيير ما يتمتع به مجتمعنا من نصيب وافر منه ، ولله الحمد والمنة .

ولنا أن نتساءل بعد ذلك :

ما هي الثمرات التي أتى بها ( طاش ) للمجتمع واستفاد منها ؟.

وما هي الأخلاق الكريمة التي ساعد ( طاش ) في تعزيزها والدعوة إليها ؟.

وكيف كان أثر هذا المسلسل في زعزعة الوحدة الوطنية ؟.

وكيف كان أثره في استفزاز مشاعر الناس وتحدي أعلى هيئة علمية شرعية في العالم ، بما جعل آراءها ومكانتها بعد ذلك مهزوزة مهمشة .

وما هي المكاسب الوطنية التي أشاعها عن بلادنا وشعبنا للعالم ؟.

هل ساهم في تعزيز النظرة الإيجابية لدى الشعوب الأخرى نحونا ونحو الدور الريادي لبلادنا وما لها من مآثر السلام وتوجهات البر والإحسان نحو شعوب العالم أجمع ؟

وما الآثار التي أنتجها المسلسل عبر سنينه المتتابعة في ترسيخ المنهج الشرعي نحو ولاة الأمر وقادة البلاد وإيجاد الترابط بين الولاة والرعية ، حتى يتعزز منهج الطاعة بالمعروف وتعظيم مقام الولاية العامة ؟.

لقد أحسن التلفزيون ظنه في هذا المسلسل ، وأفسح له مجالاً لأجل أن ينجح وعلى مدى سنين عديدة ، ولكن وللأسف الشديد أن ( طاش ) قد خيب ظن المسئولين ، وأدخلهم في نفق مظلم لا يستطيعون معه التراجع ، ولذلك استمر سنين إلى اليوم ، وصار محل استياء من الجميع ، وذلك لأنه عمد إلى التقليل من شأن كثير من الأسس والمبادئ التي يعتز بها الناس من أمور شرعية ، ومن قضايا وطنية ، وتراث يعتز به الجميع ، لقد أراد القائمون على المسلسل أن ينجح ، ولكن مقابل ذلك هو ضعضعة المجتمع وإشاعة الفساد فيه ، وأعظم من ذلك الاستهزاء بدين الله ومحاولة التشنيع على أحكامه وتشريعاته ، ولذا كان وطننا وولاة أمرنا وأهلونا في أرجاء البلاد أهم عندنا من كل السفهاء الذين قاموا على المسلسل وسهلوا له البقاء والعرض عبر الشاشات إلى اليوم ، فكان من اللازم أن توضع النقاط على الحروف غيرةً لله ولدينه ، ونصحاً للمسلمين أئمتهم وعامتهم ، ( معذرةً إلى ربكم ولعلهم ينتهون ) .

وفي الختام نسأل الله للجميع التوفيق والإعانة لما فيه خير المجتمعات وعزها ، وأن يكون هذا هو آخر العهد بطاش ومآخذه السلبية ، كما نسأله سبحانه أن يهدي القائمين على المسلسل وأن يردهم إليه رداً جميلاً ، وأن يعيذهم من نزغات الشيطات ، وأن يعيذ المجتمعات من شرورهم ، وأن يحفظ علينا ديننا وأمننا ، إنه سبحانه سميع مجيب . وصلى الله وسلم على نبينا محمد .



حرره الفقير لعفو ربه

خالد بن عبد الرحمن الشايع

1421/7/15هـ


 

رد مع اقتباس