لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ | قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ |
جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِهِ | مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ |
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً | مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ |
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ | فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ |
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ | مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ |
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ | رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ |
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ | مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ |
إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً | وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ |
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه | للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ |
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ | رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ |
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ | لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ |
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى | مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ |
وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت | بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ |
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه | إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ |
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً | بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ |