عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-2010, 12:43 AM   #2
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


هل سيحتاج الإنسان إلى الكتابة بعد ذلك ؟

الرجوع إلى الأصل فضيلة كما يقال، فبعد أن تطورت الكاتبة و بلغت قمتها ومداها وأدت مهمتها على أكمل وجه آن الأوان لها أن تنحصر وتترك المجال لغيرها لأننا سوف لن نحتاج إليها في المستقبل بهذا الشكل الذي هي عليه فكما بدأت منذ مئات السنين فسوف تختفي بعد عشرات السنين...
وهذا هو شأن سائر الصنائع، فإنها تبتدئ قليلا قليلا، ولا تزال تزيد حتى تصل إلى غاية، هي منتهاها، ثم تعود إلى النقصان، فيؤول أمرها إلى الغيبة، في مهاد النسيان.
الغاية والمنتهى
فالكتابة هي كباقي الصناعات والوسائل التي استعملها الإنسان: الحصان مثلا قد استعمل في زمن ما وأدى وظيفته ولكنه اختفى اليوم في المدن الكبرى فلن تجد ه في باريس أو نيويورك أو حتى في المدن الصغرى. ولم يبق إلا في مجالات ترفيهية أو رياضية وكديكور ورمز في السيارات التي تحسب قوتها بعدد الأحصنة... كذلك كان الشأن بالنسبة للسيف الذي لم يكن يفارق الإنسان في فترة من الفترات لكنه لم يعد اليوم إلا كرمز أو وسيلة رياضية في المناسبات. وكما اختفت الريشة وعوضت بالقلم وبدأ القلم يعوض بلوحة المفاتيح...
لقد بدأ الإنسان يعوض الرمز بالصورة كما فعل الفراعنة (لكن الصورة اليوم هي متحركة وهذا هو المكون الأساسي الذي يظهر لنا المتكلم وظروفه وأحواله...كما هو) ثم الصوت (المكون الثاني في الكلمة المسموعة في تسلسلها الزمني بنبراتها، بصعودها وهبوطها...)
ما هي الوسائل التي سنستعملها عوض الكتابة الحالية؟
لقد بدأ الحديث منذ مدة عن الكتاب الإلكتروني و الجريدة الإلكترونية، بدأت منذ مدة الكتابة الالكترونية تأخذ مكانها أمام الكتابة الورقية، بدأت الرسالة الالكترونية تعوض الرسالة العادية( message- e-mail…)، بدأ الإنسان اليوم يستعمل الوسائل المتعددة الوسائط، وبدأت الثورة التكنولوجية تأخذ مكانها اللائق بها في بيت القرن 21، وفي المدرسة والمعمل والشارع ...
لم يعد الناس اليوم يكتبون الرسائل الورقية كما كان الشأن قبل 20 سنة لأن الهاتف أدى هذه المهمة بطريقة مباشرة وإلى أبعد الحدود وبأرخص الأثمان ومكننا من ربح الوقت الوفير. في الماضي كنا نكتب الرسالة وننتظر أسبوعا أو أكثر لتصل إلى هدفها ثم أسبوعا آخر لنتوصل بالرد واليوم يمكنك التحدث مباشرة إلى من ترغب وتوصل إليه ما تريد من الرسائل الصوتية والمرئية دون أية وساطة بينك وبينه...
لقد قضى الهاتف الخليوي بالفعل على الكثير من الرسائل المكتوبة واليوم يستعمل بدلها الرسائل الإلكترونية لا لعشق في الكتابة ولكن لأن الرسالة الصوتية لا تزال مرتفعة الثمن في العديد من الدول ، لكن حالما يهبط ثمنها فإننا لن نتوانى عن الاعتذار للكتابة، وحتى تليفونات المستقبل فلن تكون مرتكزة على الكتابة بل سوف تعتمد على الصوت والصورة فقط، إنك في المستقبل القريب لن تحتاج لكتابة رقم صديق بل ستتلوه على الهاتف ويقوم بتسجيله صوتيا، وحينما تريد الاتصال به فما عليك إلا أن تنطق اسمه ليتم الاتصال وسوف تراه أمامك في شاشة الهاتف دون المرور بالكتابة.
وفي المستقبل القريب أيضا سوف تتمكن من الحصول على أفلام وثائقية بالصوت والصورة في أي وقت شئت تحدثك عن أغرب وأروع الأشياء والتجارب...تماما كما كنا نقرأ في الكتب والموسوعات...
لقد اخترع الإنسان اليوم آلات متنوعة يكلمها وتكلمه (اخترع الألمان منذ مدة ألة غسيل تتواصل معها ربة البيت بالكلمات والأوامر دون استعمال الأزرار)، وأجهزة أخرى لا تحتاج فيها إلى كتابة اسمك أو رقمك السري بل تتعرف عليك من خلال صورتك أوصوتك أو من خلال بؤبؤ عينك أو بصمة إبهامك....هكذا يبدو لي عالم الغد، عالم بدون كتابة عالم لا يحتاج فيه الفرد لقطع المسافات الطوال ليصل إلى الآخر عالم يقربك من جارك القاطن بجوارك كما يقربك من ابن عمك الساكن هناك وراء المحيط....
خلاصة
ماذا نستفيد من نهاية الكتابة؟ وماذا يترتب عن ذلك؟
إذا رجعنا قليلا إلى الوراء إلى عهد الكتاب التقليدي إلى عهد القصة المكتوبة، في ذلك العصر كان التلميذ مرغما على أن يدرس القصة والشعر والمسرح وكان الدرس يرتكز أساسا على الكتابة وحولها، وكان التلاميذ يعانون الأمرين للتلفظ بالكلمات الصعبة ثم محاولة نطقها نطقا صحيحا وبعد ذلك يأتي الفهم، أما في المستقبل بعد غروب شمس الكتابة، فسوف يدرس الصوت والصورة، سوف لن يقرأ القصة بل سيشاهدها فيلما أو مسرحية على الشاشة أو الخشبة مباشرة، سوف لن يقرأ الشعر بل سيسمع الشاعر/الأغنية ويراه كما كان في القديم في سوق عكاظ... سيكون الإمضاء هو المؤلف بشحمه ولحمه، وهو الذي سيروي لنا سيرة حياته كما عاشها وبصور متحركة ومعبرة عن أدق التفاصيل كما يفعل اليوم عندما يقدم لنا زعيم أو فنان أو عالم أو أديب...
قبل عدة سنوات كنا ندرس التاريخ، وكان الأستاذ يحدثنا عن هتلر وما قام به في أوربا. لم نكن نعرفه كان كل واحد منا يتخيله بشكل أو بآخر بعيدا عن الحقيقة، أما اليوم فبإمكان التلميذ أن يرى الشخصيات التاريخية بالصوت والصورة كما لو أنها لا تزال حية ترزق...
وبالنسبة للتجارب الشخصية: قبل زمن لم نكن نعرف إلا أسماء أجدادنا وبعض ما قاموا به، ولم نعرف صورهم ولا أصواتهم... أما في المستقبل فبإمكان أحفادنا وأحفاد أحفادنا أن يروننا بالصوت والصورة ويمكن أن نكلمهم ونترك لهم رسائل ووصايا يسمعونها في المستقبل...
وفي مجال التربية يتساءل المربون عن سبب عزوف شباب اليوم عن القراءة، لماذا لم يعد الشباب يحب القراءة؟ والجواب بسيط لأن شباب اليوم هو جيل تربى على الصوت والصورة فمنذ ولادة الطفل وهو أمام التلفاز... لذلك يجب علينا أن نساير العصر ونغير نظامنا التربوي من نظام كتابي إلى نظام شفهي/بصري...
-----------------------------------


 

رد مع اقتباس