عرض مشاركة واحدة
قديم 10-01-2010, 02:36 PM   #2
واثقة بالله
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية واثقة بالله
واثقة بالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26107
 تاريخ التسجيل :  10 2008
 أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
 المشاركات : 9,896 [ + ]
 التقييم :  183
لوني المفضل : Cornflowerblue


* آفتا النفس البشرية *:


فالنفس معرضة لأفتين ذكرهما القرآن – وبمعرفتهما يستعان علي تحقيق الضبط والانضباط لنفس الانسان ـ هما الخطأ والنسيان ، وهما مستمدان من آية يعلمنا فيها الخالق أن ندعوه ونسأله عدم المؤاخذة فيهما في
قوله تعالي :" ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا "


( البقرة :286 )
حيث ان أول معصية وقعت في الكون من قتل الانسان كانت بسبب النسيان ، لقوله تعالي " ولقد عهدنا الي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما "


( طه :115 )
ووساوس الشيطان لا تنتهي ، كيف وقد أقسم الشيطان بعزة الرحمن أن يغرر بالانسان ويوقعه في جملة من المعاصي والآثام ، حيث ذكر القرآن علي لسانه :" قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين "

( الاعراف :16-17 )
وقوله :" وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا * ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "


( النساء :118: 119 )

والهدف هو ان يقع الانسان في نسيان ذكر الله ، كما قال تعالي :"استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله "

( المجادلة : 19)

ومن الطبعي أن تقع النفس البشرية في الخطأ ، لقوله صلي الله عليه وسلم :" كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون "


( سنن الترمذي )
بل لو لم تخطئ لغيرها الله بغيرها من أجل التوبة والمغفرة ، لقوله صلي الله عليه وسلم :" لو لم تذنبوا لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم "


( صحيح مسلم )
والخطأ يصدر عن النفس بدلائل من القرآن ،منها :

قوله تعالي :" أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم "

( ال عمران :165 )
وقوله تعالي :" وما أصابك من سيئة فمن نفسك "


( النساء :79 )
وما ورد علي لسان الأبوين آدم وحواء عليهما السلام :" قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "


( الاعراف : 23 )
وقوله علي لسان ملكة سبأ :" قالت رب اني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين" : ( النمل : 44 )

وقوله علي لسان موسي كليم الرحمن :" قال رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له " ( القصص :16 )

وقوله علي لسان امرأة العزيز :" وما أبرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي " ( يوسف : 53 )

وقوله تعالي حكاية لقول الشيطان حين القضاء بين العباد :" وقال الشيطان لما قضي الأمر ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان الا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي اني كفرت بما أشركتموني من قبل ان الظالمين لهم عذاب أليم" " ( ابراهيم : 22 )


* وسائل ضبط النفس وانضباطها* :


ضبط النفس ليس بالأمر الهين ، اذ الصراع داخلي مائة بالمائة ، ولكن آثاره وبوادره داخلية وخارجية ، ولكن لحسن السير ، وتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة ، لا مفر من بذل مجهود مضاعف يستطاع به ضبط أمراض النفس ، ولن يتم ذلك الا بأمور ، منها :


1 ـ الاعتراف بعيوب النفس والتعرف عليها :

ويتم ذلك باتباع توجيهات القرآن التي سماها بالبصائر في قوله تعالي :
" قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه "


( الأنعام :104 )

فاذا أراد الله بعبده خيرا بصره بعيوب نفسه ، ومن كملت له بصيرته لم تخف عليه عيوبه ، واذا عرف عيوبه أمكنه علاجها
فالانسان يلاحظ كثيرا علي غيره ، ولكنه لا يجرؤ علي النظر في عيوبه ، أو يبحث عنها ، الكل يري القذي في عين أخيه ، ولكنه لا يري ما في عينيه ، ما يحصل للانسان هو نفسه ما يحصل للجمل الذي يري ما علي ظهر أخيه من تقوس واعوجاج ، ولكنه لا يعلم ان الاعوجاج عام في بني جنسه


ولتحقيق هذا الاستبصار وجب سلوك سبيلين :

أـ أن يطلب ذلك بالجد والاجتهاد والاخلاص ، ولا يتم ذلك الا بمراقبة من يعلم السر وأخفي ، علي مستوي القول والفعل والسلوك ، مع الاستعانة بمد يد الرجاء الي الله تعالي

وحتما بهذا الفعل ستكون النتيجة هي الاهتداء لقوله تعالي :" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "

( العنكبوت :69 )

ب ـ مراقبة أحوال وأقوال وأفعال الأخرين ، ليقف علي السيئ منها فيلحظه في نفسه ليتجنبه ، باعتبار تقارب طباع الناس ، فيتفقد نفسه ويطهرها في ضوء ما يراه مذموما في غيره ، وقد قيل قديما :" العاقل من أتعظ بغيره ".

فالاعراض عن معرفة العيوب هو ضعف ونقص وفقدان للشجاعة في مواجهة النفس ، ولهذا الاعراض سبب أساسي يوقع فيه وهو : اعتقاد الانسان أنه بلغ مرحلة من الصلاح ، مع أن كل انسان معرض للنقصان والخطأ ، ورحم الله عمر القائل :" أحب الناس الي من رفع الي عيوبي "
2 ـ

مجاهدة أمراض النفس وأخطائها وصفاتها الذميمة :

أخطاء النفس كثيرة ، لا يستطيع عدها أو حصرها ، وان كانت الاشارة اليها والتنبيه علي أهمها امرا أساسيا

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في ( الفوائد ) : بعض أخطاء النفس فقال :
" في النفس كبر ابليس ، وحسد قابيل ، وعتو عاد ، وطغيان ثمود ،وجرأة نمرود، واستطالة فرعون ، وبغي قارون ، وقحة هامان
( اي لؤم)، وهوي بلعام ( عراف أرسله ملك ليلعن بني اسرائيل فبارك ولم يلعن )،وحيل اصحاب السبت ، وتمرد الوليد ،وجهل أبي جهل

وفيها من أخلاق البهائم حرص الغراب ، وشره الكلب ، ورعونة الطاووس ، ودناءة الجعل ، وعقوق الضب ،وحقد الجمل ،ووثوب الفهد،وصولة الاسد ، وفسق الفأرة ،وخبث الحية ، وعبث القرد ،وجمع النملة ،ومكر الثعلب ، وخفة الفراش ،ونوم الضبع


* أهم اخطاء النفس :

1 ـ الشهوة ووسيلة ضبطها :

يقول الله تعالي ـ: " زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب "

( ال عمران :14 )

وخطورتها تكمن في كون طريقها يؤدي الي النار حيث يقول صلي الله عليه وسلم :" حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات "

( صحيح مسلم )

وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" لما خلق الجنة قال لجبريل :اذهب فانظر اليها ، فذهب فنظر اليها ثم جاء فقال : أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها ، ثم حفها بالمكاره ، ثم قال : يا جبريل اذهب فانظر اليها ، فنظر فيها ثم جاء فقال :أى رب وعزتك لقد خشيت ألا يدخلها أحد ، قال : فلما خلق النار قال : يا جبريل اذهب فانظر اليها ،فنظر اليها ثم جاء فقال :أي رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها ، فحفها بالشهوات ثم قال : يا جبريل اذهب اليها فانظر اليها ، فذهب فنظر اليها ثم جاء فقال : أي رب وعزتك لقد خشيت الا يبقي أحد الا دخلها "


( سنن أبي داود ، وصحيح ابن حبان )


فالشهوة ما تشتهيه النفس وتتمناه وترغب في تحقيقه مهما كان المقابل خطيرا . وقد جبلت النفس علي حب الشهوات التي لن تتجاوز ما ذكر في القرآن ، ويمكن أن تطلق علي الآيات السابقة أصول الشهوات التي يتفرع عنها غيرها

فأصل الشهوات النساء كما أكد علي ذلك الرسول صلي الله عليه وسلم في قوله :" ما تركت بعدي فتنة في الناس أضر علي الرجال من النساء "


( صحيح مسلم )

وقد يحصل الشذوذ والانحراف فتنقلب الشهوة الي نمط آخر ، كما قال تعالي :" انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء "

ويتبعها البنون ، لقول الرسول صلي الله عليه وسلم :"ان الولد مبخلة مجبنة محزنة "


( سنن ابن ماجه ، وصححه الألباني )
ثم القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث : لقول النبي صلي الله عليه وسلم :" ان لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال "


( سنن الترمذي )

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" ان مما أخشي عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن " وفي رواية " ومضلات الهوي "

ووسيلة ضبطها " أي الشهوات " ذكرها بعد سردها كلها فقال سبحانه :" قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد * الذين يقولون ربنا اننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار * الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار "


( ال عمران :15-17 )
وهذا يدل علي الاعتقاد الجازم بقضاء الله ،وأن محل تحقيق شهوات النفس – دون الوقوع فيما يغضب الله – حيث يقول تعالي :" وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون "


يتبع,,,


 

رد مع اقتباس