الموضوع: المشنقة..
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-2009, 01:20 AM   #8
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


** 5 **
أعتقد أن علي أن أبدأ من جديد.. مرة أخرى:
أبي لم يكن قدوة صالحة... ولا حكومتي أيضا... هم قالوا بأنهم جاؤوا ليصححوا الوضع، وينشروا بعض الأمن... لكن عندما يقول النظام، أي نظام: "علي أن أحافظ على الأمن"، فهو يعني أمنه هو وحده... عليه إذن أن يدور حول محوره، مثل كوكب مجنون، حتى ينفجر... ومن ينعش عندها كوكبا ميتا؟
أفترض أن هذه المعادلة تحتاج إلى شرح الآن، لكني لست على استعداد لذلك، ولا وقت لدي... فقط يمكن أن أضيف بأن "محرك النظام" عليه أن يتزود بمكابح لحالات الطوارئ، خاصة عندما يتموقع فوق منصة "بلازما"... عليه أن يتأقلم مع الكابوس... مع البركان الرابض أسفل منه، حتى يوقف المسار باتجاه الجنون...
ليلة البارحة انتشر الجراد في دول الساحل...
ليلة البارحة غرقت إحدى غواني هوليود في حمام سباحة...
ليلة البارحة كانت العاصفة الرعدية التي اجتاحت الحدود، وجلدتني أمطارها هذا الصباح... وكنت كمن صعقه تيار كهربائي...
كان كل شيء عاديا، بما تحمله كلمة عادي، بالنسبة لرجل عادي، من معنى... يؤدي عمله الممل الثقيل بشكل عادي... ويتلقى اللوم والتعنيف بشكل عادي أيضا... وفي الليل يتخيل "أنثى" من اختياره على سريره، ممتدة بأنوثتها العارية... يدخن سجائره... ويطفئ نزواته في منفضتها، ويلعن حظه العاثر...
كانت هذه حياته، قبل الخميس، أقصد خميسنا الأسود، أما بعده فقد تغير كل شيء...
هذه قصته، وهو يبحث عمن يساعده على قتله.. على قتل كل عادي فيه.. عبر موته...
لكن هو لا يعرف بأني أعرف كل شيء عن دوامة القدر المجنونة التي سأزج به داخلها... لأنه مجرد شخصية مجنونة في عملي الروائي هذا.. وليس علي أن أخبره بجنونه لأني لا أرى فائدة من إخباره... ثم لا شأن له بما أعرفه إلا بالقدر الذي أريد له أن يتحرك فيه... لكني أعده بأن أكون صادقا معه.. فلن أزج به في قصص ليست له... ولن أتخيل له ميتة على طريقتي، في محلول حمضي مثلا، أو حياة على طريقتي، مع أنثى يكرهها مثلا أيضا...
- لا أريد ضمانا منك... فقد كنتُ، مذ وعيت، نكرة في وطن على هامش العالم، حيث تعلمت ألا أحلم... والجزء المفقود من روحي، نصفي الآخر، قد أضعته... أو لم يكن لي حظ فيه أصلا... والقرف، في هذا الوطن، لم أكن أراه من فرط كثرته، وأنا أتقيأه منذ طفولتي...
- وطنك، إنه قدرك... ولا يمكنك أن تلتحق بواحد كما تلتحق بمخيم كشفية صيفي...
- وماذا عني؟ أنا الذي كنت أبدا بلا وطن... منذ البداية كنت الذليل، وكنت الحقير، وكنت النكرة الذي لم يكن هناك أبدا... "الصفر"... هل علي أن أواصل تعقيد حياتي ثملا كما العادة؟
منذ البداية، إن كانت هناك بداية أصلا، لم أعامل ككائن بشري، ولدت وأنا ثمل... الجميع يخرج من رحم، أما أنا فخرجت من "خمارة" ولم يكن لدي أي حلم... فكان لا بد أن أصنع لي واحدا كي أصنع لي حياة... والحظ السعيد لم أكن يوما بحاجة إليه، وهو لم يسعفني أيضا، فابتدأت الحكاية الطويلة، للروح الهائمة بلا معنى... هكذا كأني خرجت من العدم، من بؤرة الشر، طيفا لِطيفٍ هارب من الذاكرة... وكل ما يلمسه يستحيل إلى قذارة، لكنه يكره أن يكون مزيفا...
كنت أريد أن أصنع لي حلما.. فصنعت لي كابوسا...
" "
" "



(يتبع.. مع فصل ثان...)


 

رد مع اقتباس