عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2009, 01:34 AM   #71
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue



الحديث الذي يستشهد به معظم الناس ويزعمون، من خلاله، بأن الشيطان يتجسد في صورة إنسان، فهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي ورد فيه: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة"، قال: قلت يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: "أما إنه قد كذبك، وسيعود"، فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه سيعود"، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أباهريرة ما فعل أسيرك؟" قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال: "أما إنه كذبك، وسيعود"، فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}. حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما فعل أسيرك البارحة؟" قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: "ما هي؟" قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟" قال: لا، قال: "ذاك شيطان" .

وفي حديث معاذ بن جبل من الزيادة «وخاتمة سورة البقرة: آمن الرسول إلى آخرها.» وقال في أول الحديث: «ضم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر الصدقة فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: هو عمل الشيطان فارصده، فرصدته فأقبل في صورة فيل، فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب في غير صورته، فدنا من التمر فجعل يلتقمه، فشددت علي ثيابي فتوسطته» وفي رواية الروياني: «فأخذته فالتفت يدي على وسطه فقلت: يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته وكانوا أحق به منك، لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفضحك» وفي رواية الروياني: «ما أدخلك بيتي تأكل التمر؟ قال: أنا شيخ كبير فقير ذو عيال، وما أتيتك إلا من نصيبين، ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك، ولقد كنا في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان تفرقنا منها، فإن خليت سبيلي علمتكهما. قلت نعم، قال: آية الكرسي وآخر سورة البقرة من قوله: آمن الرسول إلى آخرها»، وأما قوله: «صدقك وهو كذوب» في حديث معاذ بن جبل، فمعناه «صدق الخبيث وهو كذوب» وفي رواية أبي المتوكل: «أو ما علمت أنه كذلك».

قوله: «ذاك شيطان» كذا للجميع، أي شيطان من الشياطين، والشياطين يدخل فيها شياطين الإنس والجن، ووقع في فضائل القرآن: «ذاك الشيطان» واللام فيه للعهد الذهني، وقد وضع أيضا لأبي بن كعب عند النسائي وأبي أيوب الأنصاري عند الترمذي وأبي أسيد الأنصاري عند الطبراني وزيد بن ثابت عند ابن أبي الدنيا قصص في ذلك، إلا أنه ليس فيها ما يشبه قصة أبي هريرة إلا قصة معاذ بن جبل التي ذكرت، وهو محمول على التعدد، ففي حديث أبي بن كعب أنه: «كان له جرن فيه تمر وأنه كان يتعهده، فوجده ينقص، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم، فقلت له: أجني أم إنسي؟ قال: بل جني» وفيه أنه قال له: «بلغنا أنك تحب الصدقة وأحببنا أن نصيب من طعامك، قال: فما الذي يجيرنا منكم؟ قال: هذه الآية، آية الكرسي، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدق الخبيث.» وفي حديث أبي أيوب:« أنه كان له سهوة ـ الصفةـ، فيها تمر، وكانت الغول تجيء فتأخذ منه، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا رأيتها فقل باسم الله أجيبي رسول الله، فأخذها فحلفت ألا تعود، فذكر ذلك ثلاثا فقالت: إني ذاكرة لك شيئا: آية الكرسي اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره.» وفي حديث أبي أسيد الساعدي: أنه لما قطع تمر حائطه، جعلها في غرفة، وكانت الغول تخالفه فتسرق تمره وتفسده عليه، فذكر نحو حديث أبي أيوب سواء وقال في آخره: «وأدلك على آية تقرأها في بيتك فلا يخالف إلى أهلك، وتقرأها على إنائك فلا يكشف غطاؤه، وهي آية الكرسي، ثم حلت استها فضرطت»، وفي حديث زيد بن ثابت أنه: «خرج إلى حائطه فسمع جلبة فقال: ما هذا؟ قال: رجل من الجن، أصابتنا السنة، فأردت أن أصيب من ثماركم. قال له فما الذي يعيذنا منكم؟ قال: آية الكرسي».

وقد روى النسائي في اليوم والليلة عن إبراهيم بن يعقوب، عن عثمان بن الهيثم، من وجه آخر، عن أبي هريرة بسياق آخر قريب من هذا. قال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: إن أبا هريرة كان معه مفتاح بيت الصدقة، وكان فيه تمر، فذهب يوما ففتح الباب، فوجد التمر قد أخذ منه ملء كف، ودخل يوما آخر فإذا قد أخذ منه ملء كف، ثم دخل يوما آخر ثالثا، فإذا قد أخذ منه مثل ذلك، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «تحب أن تأخذ صاحبك هذا؟» قال: نعم، قال «فإذا فتحت الباب فقل سبحان من سخرك لمحمد» فذهب ففتح الباب فقال: سبحان الذي سخرك لمحمد، فإذا هو قائم بين يديه، قال: يا عدو الله، أنت صاحب هذا، قال: نعم، دعني فإني لا أعود، ما كنت آخذا إلا لأهل بيت من الجن فقراء، فخلى عنه، ثم عاده الثانية، ثم الثالثة، فقلت: أليس قد عاهدتني ألا تعود؟ لا أدعك اليوم حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لا تفعل، فإنك إن تدعني علمتك كلمات إذا أنت قلتها، لم يقربك أحد من الجن، صغير ولا كبير، ذكر ولا أنثى، قال له: لتفعلن؟ قال نعم، قال ما هن؟ قال: الله لا إلاه إلا هو الحي القيوم قرأ آية الكرسي حتى ختمها، فتركه فذهب فلم يعد، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما علمت أن ذلك كذلك» ، وقد رواه النسائي، وقد روي لأبي بن كعب كائنة مثل هذه أيضا، فهذه ثلاث وقائع.

في الحديث، يقول ابن حجر ، فوائد كثيرة منها أن الشيطان قد يعلم ما ينتفع به المؤمن، وأن الحكمة قد يتلقاها الفاجر فلا ينتفع بها وتؤخذ عنه فينتفع بها، وأن الشخص قد يعلم الشيء ولا يعمل به، وأن الكافر قد يصدق ببعض ما يصدق به المؤمن، ولا يكون بذلك مؤمنا، وبأن الكاذب قد يصدق، وبأن الشيطان من شأنه أن يكذب، وأنه قد يتصور ببعض الصور فتمكن رؤيته، وأن قوله تعالى: إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم  (الأعراف/27) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها، وأن من أقيم في حفظ شيء سمي وكيلا، وأن الجن يأكلون من طعام الإنس، وأنهم يظهرون للإنس لكن بالشرط المذكور، وأنهم يتكلمون بكلام الإنس، وأنهم يسرقون ويخدعون، وفيه فضل آية الكرسي وفضل آخر سورة البقرة، وأن الجن يصيبون من الطعام الذي لا يذكر اسم الله عليه، وفيه أن السارق لا يقطع في المجاعة، ويحتمل أن يكون القدر المسروق لم يبلغ النصاب، ولذلك جاز للصحابي العفو عنه قبل تبليغه إلى الشارع، وفيه قبول العذر والستر على من يظن به الصدق، وفيه اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على المغيبات، ووقع في حديث معاذ بن جبل أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمه بذلك، وفيه جواز جمع زكاة الفطر قبل ليلة الفطر وتوكيل البعض لحفظها وتفرقتها...




 

رد مع اقتباس