عرض مشاركة واحدة
قديم 31-10-2009, 02:33 PM   #63
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


استكمالا لما سبق حول سؤال هل الكلب الاسود شيطان حقيقة أم مجازا?



فلنفترض أن الكلب الأسود شيطان حقيقة:


يقول الحافظ في الفتح:

"وقد علم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلي لم تفسد صلاته كما سيأتي في الصحيح " إذا ثوب بالصلاة أدبر الشيطان فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه " الحديث , وسيأتي في " باب العمل في الصلاة " حديث " إن الشيطان عرض لي فشد علي " الحديث . وللنسائي من حديث عائشة " فأخذته فصرعته فخنقته " ولا يقال قد ذكر في هذا الحديث أنه جاء ليقطع صلاته ; لأنا نقول : قد بين في رواية مسلم سبب القطع , وهو أنه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه , وأما مجرد المرور فقد حصل ولم تفسد به الصلاة" أ.هـ.

وهذا تعليل يستفاد منه عدم لزوم أن يكون الكلب الأسود شيطاناً حقيقة لأنه لو مرّ الشيطان من أمام المصلي فإنه لا يقطع صلاته.

وقال النووي في شرح مسلم:

احتج به (أي حديث الكلب الأسود شيطان) أحمد بن حنبل وبعض أصحابنا في أنه لا يجوز صيد الكلب الأسود البهيم , ولا يحل إذا قتله لأنه شيطان , إنما حل صيد الكلب . وقال الشافعي ومالك وجماهير العلماء : يحل صيد الكلب الأسود كغيره , وليس المراد بالحديث إخراجه عن جنس الكلاب , ولهذا لو ولغ في إناء وغيره وجب غسله كما يغسل من ولوغ الكلب الأبيض"

وتعليل الشافعي ومالك أقوى ها هنا وكذلك اعتبارهما الكلب الأسود من جنس سائر الكلاب.

وهناك تعليل آخر يمكن سياقه وهو مستنبط من قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا سمعتم نباح الكلاب، ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنهن يرين ما لا ترون، وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل؛ فإن الله عز وجل يبث في ليله من خلقه ما يشاء، وأجيفوا الأبواب، واذكروا اسم الله عليها؛ فإن الشيطان لا يفتح بابا أجيف وذكر اسم الله عليه، وغطوا الجرار، وأوكؤا القرب، وأكفؤا الآنية"
(صحيح الجامع).

ولفظ "الكلاب" في الحديث يعم الأسود وغيره ومع ذلك فرق بين الكلاب ووجود الشيطان فأمر بالتعوذ من الشيطان. ولو افترضنا أن أغلب أو بعض هذه الكلاب سوداً وبالتالي "شياطيناً" لكان هناك أمر بالاستعاذة منها كذلك ، ولكن هذا لا يستقيم لعطفه نهيق الحمير على نباح الكلاب والحمير ليست شياطيناً.

وبالتالي يحمل المعنى على وجه آخر من الدلالة اللغوية. قال ابن منظور في اللسان ، مادة (ش ط ن) :

((والشيطان كل عاتِ متمردّ من إنسٍ أو جن أو دابَّةٍ .

قال جرير:

أيام يدعونني الشيطان من غزلٍ === وهنَّ يهوينني إذ كنت شيطانا

والعرب تسمّي الحيَّة شيطانًا. ومنهُ قول بعضهم يصف ناقةً

تلاعب مَتْنَى حضرمي كأنهُ === تعمُّج شيطانٍ بذي خروعٍ قفرِ)) انتهى كلامه.

وعلى هذا يكون المعنى المتمرد العاتِ من الكلاب. وهو أمر معروف و مشاهد في مملكة الكلاب.

المراد به أن الكلب الأسود شيطان الكلاب فإن كل جنس من أجناس الحيوانات فيها شياطين وهي ما عتا منها وتمرد كما أن شياطين الإنس عتاتهم ومتمردوهم والإبل شياطين الأنعام

قال الشبلي في آكام المرجان (ص 46):
إنما قال ذلك على طريق التشبيه لها بالجن لأن الكلب الأسود أشر الكلاب وأقلها نفعا.
والله أعلم


 

رد مع اقتباس