عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-2002, 01:10 PM   #4
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


معاناتهم داخل الاســر البديلـــة


مفهوم الأسرة البديلة : هي ما يسمى بالأسرة الحاضنة التي تقوم باحتضان الطفل المجهول والمحروم من الأبوين، بدلا من العيش داخل مؤسسة إيوائية ـ رغبة في الثواب من الله تعالى ـ لتعويضه عن أسرته الطبيعية التي حرم منها، ليكتسب منها ما ينقصه من الاحتياجات الفردية والضرورية في تكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الدينية والأسرية، والمفاهيم الاجتماعية العامة، التي لا يمكن أن يحصل عليها في المؤسسة الإيوائية.

تعد الأسر البديلة من أهم الوسائل لرعاية اليتيم من ( مجهولي الهوية ) لتعويضه عن أسرته الطبيعية وبيئتها التي حرم منها، ليكتسب منها ما ينقصه من الاحتياجات الفردية، الضرورية لتكوينه الاجتماعي والنفسي، ويستقي منها المبادئ والقيم الأسرية، والمفاهيم العامة للمجتمع، لتصبح شخصيته مستقرة وصالحة من جميع النواحي. وما إيداع اليتـيم الذي فقد أسرته في دار للحضانة، إلا كحل بديل، لابد منه في حالة عدم تيسر الأسرة المناسبة لاحتضانه، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن المؤسسات الإيوائية يمكنها أن تشبع حاجاته الضرورية، ولو جـزءاً يسيراً منها، فـي مقابـل وجوده داخـل أسرة بديلة، تكون بمثابة أسرته الطبيعية، التي يمكن أن توفر له أغلب الاحتياجات.
وفي ذات الوقت الذي تعد فيه الأسر البديلة من أهم برامج رعاية الأيتام (مجهولي الأبوين) فإنها لن تستطيع تحقيق النتائج الإيجابية والأهداف المرجوة لمن تحتضنهم، والاستفادة من معطياتها؛ إلا بقدر وعيها بما يواجهها من عقبـات ومنعطفات حادة تعترض طريقها مع المحتضن ومحاولة تخطيها، فالأمر لا يتوقف على مجرد ضم الطفل المحتضن للعيش بداخلها، بل الأمر من أكثر الأمور تعقيداً، بالنسبة للمحتضن لا للأسرة الحاضنة فقط، حيث تواجه الأسر البديلة في فترة الاحتضان كثير من الإشكاليات الصعبة، والعقبات، التي تحتاج إلى أن تتعامل معها الأسر بعناية فائقة وبحكمة بالغة، حيث فشلت حالات احتضان؛ بسبب هذه المشاكل والعقبات التي تقع فيها الأسر البديلة، عندما لم تحسب أبعادها وحساسيتها؛ ومن هذه الإشكاليات التي تعاني منها هذه الأسر والمحتضنين ما يلي :

كثيراً ما يشعر االمحتضن في الأسرة البديلة بحاجته إلى من يفهمه ويقدر شعوره، ويقدر موقفه الحرج؛ الناتج عن حرمانه الأصلي من الأسرة الطبيعية، لذلك هو بحاجة إلى العطف المغدق المنضبط، الذي يعوضهالحرمان العاطفي الناتج من عدم وجود أبوين حقيقيين في حياته، ويحدث العكس عندما يكون سبب إقدام الأسرة على الحضانة أنها لم ترزق بأطفال، فتغدق العطف والحنان غير الموجه على المحتضن، وتدلـله وتلبي له كل طلباته، ولا تعاقبه على أخطائه وسوء تصرفاته، بدون نظر لعواقب هذا التدليل، أو يكون هذا التدليل والتغاضي بسبب الرحمة والشفقة عليه نظراً لوضعه الاجتماعي، فتسئ إليه من حيث تظن أنها تحسن، وعندما يصل إلى مرحلة المراهقة تسوء أخلاقه وتصرفاته، ولا تعلم أنها السبب في ذلك، فتتخلى عنه في فترة هو أحوج ما يكون إليها.

بعض الأسر تحتضن طفلاً لأسباب مختلفة، فتتفاعل معه في مرحلة الطفولة البريئة وتتقبله، وتشبع شيئاً في نفسها، وعندما يكبر ويصل إلى مرحلة المراهقة ويدخل مرحلة الإدراك، وتتغير نفسيته وتضطرب مشاعره وتضعف، تتخلى عنه بمبررات واهية، أو لاعتراضات من بعض أفراد العائلة، دون أن تدرك عواقب هذا الترك وأثره عليه، عندما يودع في المؤسسة الإيوائية. أو إنها تهمله بدون متابعة ولا مسئولية ضابطة، لعدم وجود ما يربطها به من أواصر النسب أو المشاعر القوية، وكان يجب أن تعلم أهمية دورها العظيم، وأثره في حاضر اليتيم ومستقبله، وخطورة التخلي عنه في الفترة التي هو أشد ما يحتاجها فيها.

كثيراً ما يفسر سلوك هذه الفئة من الأيتام، على أساس آخر غير الأساس الذي تفسر عليه تصرفات الآخرين من الأطفال والمراهقين في بيوتهم الطبيعية، وكثيراً ما يشوب تصرف الأسر الخوف وتوقع الشر لأن الطفل ليس طفلهم، ويخشون تورطه في سلوك مضطرب، أو غير مشرف ضد نفسه أو ضد المجتمع، وذلك بسبب الفكرة السيئة غير الحقيقية عن نشأته، وعن استعداده لهدم القيم الخلقية - هذا من وجهة نظر الأسرة- كما فعل أبويه من قبل.
فتتجه الأسرة نتيجة لأفكارها وآرائها الخاصة إلى شدة الحرص على الناشئ، فيضيقون عليه الخناق، ويقيدون حريته، مما يجعله يصطدم معهم في مرحلة المراهقة، فيتأكد في ذهنهم أن ما توقعوه حدث فعلاً، ولم تعلم الأسرة الحاضنة وخاصة منها من لم ترزق بأبناء، بأن مرحلة المراهقة من أصعب المراحل تربوياً وأكثرها تعقيدا، وهناك من الأسر الطبيعية التي تعاني من أبنائها الحقيقيين، وهم يعيشون في كنفها ودفئها في أفضل الحالات الأسرية والاجتماعية، تعاني هذه الأسر من أبنائها أضعاف ما تعاني الأسر البديلة من الذين تحتضنهم في وضع اجتماعي غير طبيعي، الذين مهما منحوا من رعاية لا يمكن أن تعوضهم هذه الأسر البديلة ما فقـدوه من أسرهم الحقيقية.

تعاني بعض الأسر من تصرفات من تحتضنهم فتتحملها على مضض وتخفيها عن الجهات المسئولة عن متابعة المحتضن، لانتمائه لها عاطفيا، إلى أن تظهر تلك التصرفات في الوقت غير المناسب، بعد أن وصلوا إلى حالة سيئة لا ينفـع فيها العلاج بعد فوات الأوان، وذلك بسبب سوء فهم الأسرة الحاضنة وتهيبها من أن يسحب الناشئ منها في أي وقت من الأوقات، من قبل الجهات المسئولة.

قد تفسد بعض الأسر علاقة الناشئ بالشئون الاجتماعية، عندما يهددونه من آن لآخر إذا تصرف بما يغضبهم؛ بأنهم سيقومون بتسليمه لإيداعه في المؤسسة الإيوائية، ليرهبوه بذلك، مما يشعره بعدم الأمن والاستقرار، و‘يضعف مشاعره تجاه الأسرة، وأيضاً يجعله هذا لا يتقبل أي طرف من الجهات المعنية به لمتابعته في المستقبل.

في حالات كثيرة يعير الناشئ بأهله ونشأته مما يؤلم مشاعره ويجعله ينطوي على نفس منكسرة تشعره بالنقص والذنب والنقمة على الذات، مما يشعره بعظم الفارق بينه وبين الآخرين، فينقم على الحياة وعلى الناس، بتصرفات عدوانيـة، والأسرة لا تعـرف عن هذا السبب.

عندما يصل الناشئ إلى درجة كافية من الوعي والتفكير في المستقبل، فإن تفكيره ينصرف إلى التفكير في نشأته وأهله وتاريخهم وتخليهم عنه، وما إلى ذلك مما يحيط بموقفه في الحياة، ويصطحب هذا التفكير قلق زائد ومخاوف متنوعة، وتزداد هذه المشاعر كلما كان هذا اليتيم غير آمن ولا مستقر، أوكان يفتقر إلى الشعور بالانتماء إلى الأسرة الحاضنة. والأسرة لم تحسب لهذه المرحلة حسابها.

من حق الناشئ أن يعرف تاريخ حياته وأصله ونشأته وهذه هي القاعدة، وإنما لابد من اختيار الوقت المناسب لإخباره بحقائق حياته بصورة مبسطة، وبفكرة مقبولة أدبياً وتربوياً، وأنسب الأوقات ما كان توازنه العاطفي فيها غزيراً، وكان في مرحلة من الحياة لا يدرك فيها المعاني بعمق، أي في مرحلة الكمون قبل أن يكتمل نموه العقلي، ويجب إخباره بطريقة طبيعية، ولا يجب حجب هذه الحقائق عنه فإنه لابد سيكتشفها، وقد يكون هذا الاكتشاف في وقت غير مناسب، وغير معلوم، وفي حالة نفسية غير مستقرة، مما يتسبب عنه فقد الاتزان الوجداني ومواجهة صراع عنيف يؤثر في حياته تأثيراً سيئاً في حاضره ومستقبله. وليست الأسـر في معظمها قادرة على القيام بعملية الإخبار بالأسلوب المناسب والصحيح، وبعضها يجتهد خطأً، فيحرص على إخفاء حقيقة وضع المحتضن عنه منذ أخذها له، رغبة منها في عدم إيذاء مشاعره أومن شدة حبها وتعلقها به، أو تعتقد بأنه إذا عرف الحقيقة ستكون سبباً في عدم تقبلها والبعد عنها والنفور منها، والمشكلة تزداد إذا أوحت له بأنها أسرته الحقيقية، ويعلم فيما بعد كذب ذلك.

إن هذه الإشكاليات والعقبات، التي تتعرض لها الأسر مع الذين تحتضنهم، كانت سبباً رئيساً في انهيار عملية الاحتضان لدى كثير من المحتضنين، في الوقت الذي لم يوجد من يتابعها ويعمل على علاجها واستئصالها بالأسلوب الصحيح قبل أن تستشري، فكانت النتيجة: إما التخلي عن المحتضن أو تدهور حالته النفسية والسلوكية أو فشل في دراسته أو إهمال الأسرة له مما يدفعه إلى الانحراف.

من أجل أن تنجح الأسر البديلة في تحقيق رسالتها تجاه هؤلاء الأيتام، يجب عليها عندما تواجهها أي مشكلة أو صعوبة مع المحتضن أن تتصل بالمختصين في الجهات المسئولة عن الاحتضان لطلب المساعدة في علاجها، فهم أكثر معرفة وخبرة للتعامل مع الموقف أو المشكلة.



تقبلوا احترامي


البتار


 

رد مع اقتباس