عرض مشاركة واحدة
قديم 11-06-2009, 09:53 AM   #373
الفجر البعيد
الزوار


الصورة الرمزية الفجر البعيد

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والخمسين بعد الثلاثمائة

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الجارية لما وقع نظرها على علي شار ، نظرته نظرة أعقبتها ألف حسرة وتعلق قلبها به لأنه كان بديع الجمال وألطف من نسيم الشمال ، فقالت :
يا دلال أنا لا أباع إلا لسيدي صاحب هذا الوجه المليح والقد الرجيح الذي قال فيه بعض واصفيه :
أبرزوا وجهك الجميل ........ ولاموا من افتـتـن
لو أرادوا صيانـتـي ........ ستروا وجهك الحسن
فلا يمكنني إلا هو لأن خده أسيل ورضابه سلسبيل وريقه يشفي العليل ومحاسنه تحير الناظم والناثر كما قال فيه الشاعر :
فريق خمر وأنـفـاسـه ........ مسك وذاك الثغر كافور
أخرجه رضوان من داره ........ مخافة أن تفتن الحـور
يلومه الناس على تيهـه ........ والبدر مهما تاه معذور
صاحب الشعر الأجعد والخد المورد واللحظ الساحر الذي قال فيه الشاعر :
وشادن بوصال منـه واعـدنـي ........ فالقلب في قلـق مـنـتـظـره
أجفانه ضمنت لي صدق موعـده ........ فكيف توفي ضماناً وهي منكسره
فلما سمع الدلال ما أنشدته من الأشعار في محاسن علي شار تعجب من فصاحتها وإشراق بهجتها فقال له صاحبها :
لا تعجب من بهجتها التي تفضح شمس النهار ولا من حفظها لرقائق الأشعار فإنها مع ذلك تقرأ القرآن العظيم بالسبع قراآت وتروي الحديث بصحيح الروايات وتكتب بالسبعة أقلام وتعرف العلوم ما لا يعرفه العالم العلام ويداها أحسن من الذهب والفضة فإنها تعمل الستور الحرير وتبيعها فتكسب في كل واحدة خمسين ديناراً أو تشتغل الستر في ثمانية أيام .
فقال الدلال :
يا سعادة من تكون هذه في داره ويجمعها من ذخائر أسراره .
ثم قال له سيدها :
بعها لكل من أرادته .
فرجع الدلال إلى علي شار وقبل يديه وقال :
يا سيدي اشتر هذه الجارية فإنها اختارتك .
وذكر له صفاتها وما تعرفه وقال له :
هنيئاً لك إذا اشتريتها فإنه قد أعطاك من لا يبخل بالعطاء .
فأطرق علي شار برأسه ساعة إلى الأرض وهو يضحك على نفسه ويقول في سره :
أنا لي هذا الوقت من غير إفطار ولكن أختشي من التجار أن أقول ما عندي مال أشتريها .
فنظرت الجارية إلى إطراقه وقالت للدلال :
خذ بيدي وامض بي إليه حتى أعرض نفسي عليه وأرغبه في أخذي فإني لا أباع إلا له .
فأخذها الدلال ، وأوقفها قدام علي شار وقال له :
ما رأيك يا سيدي ؟
فلم يرد له جواباً ، فقالت الجارية :
يا سيدي وحبيب قلبي مالك لا تشتريني ، فاشترني بما شئت وأكون سبب سعادتك .
فرفع رأسه إليها وقال :
هل الشراء بالغصب فأنت غالية بألف دينار .
فقالت له الجارية :
يا سيدي اشترني بتسعمائة .
قال علي شار :
لا .
قالت زمرد الجارية :
بثمانمائة .
قال علي شار :
لا .
فما زالت تنقص من الثمن إلى أن قالت له :
بمائة دينار .
قال علي شار :
ما معي مائة كاملة .
فضحكت زمرد وقالت له :
كم تنقص مائتك ?
قال علي شار :
ما معي لا مائة ولا غيرها والله ما أملك لا أبيض ولا أحمر من درهم ، ولا دينار فانظري لك زبوناً غيري .
فلما علمت أنه ما معه شيء قالت له :
خذ بيدي على أنك تقبلني في عطفة .
ففعل ذلك فأخرجت من جيبها كيساً فيه ألف دينار وقالت :
زن منه تسعمائة في ثمني وابق المائة معك تنفعنا .
ففعل ما أمرته به واشتراها بتسعمائة ودفع ثمنها من ذلك الكيس ومضى بها إلى الدار فلما وصلت إلى الدار وجدتها قاعاً صفصفاً لا فرش بها ولا أواني فأعطته ألف دينار وقالت له :
امض إلى السوق واشتر لنا بثلثمائة دينار فرشاً وأواني للبيت .
ففعل ، ثم قالت له :
اشتر لنا مأكلاً ومشروباً .


 

رد مع اقتباس