عرض مشاركة واحدة
قديم 20-05-2009, 06:54 PM   #56
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


دليل:
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (275) سورة البقرة.
قالوا: معنى الآية أن الذي يأكل الربا يقوم حين يبعث يوم القيامة مثل المصروع الذي يتخبطه الشيطان من المس. والمس عندهم هو سيطرة الشيطان على جسد الآدمي، فيجعله يتخبط مصروعاً.
والجواب عليهم هو في قوله تبارك وتعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} (41) سورة ص. فهل الشيطان تلبس أيوب عليه السلام؟ وهل يجوز عندهم أن يسيطر الشيطان على جسد نبي من المرسلين فيجعله يتخبط كالمجانين (والعياذ بالله)؟ وماذا يقولن أيضاً عن قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (201) سورة الأعراف؟ وهل هؤلاء تلبسهم الشيطان؟!
وقد اختلف المفسرون في تفسير تلك الآية. فمنهم من فسرها كما سبق. ومنهم من فسرها بأن المس هو وسوسة الشيطان وتزيين الباطل لهم، وبذلك تكون الآية تتحدث عن الحياة الدنيا وليس الآخرة. ومنهم من فسر المس بأنه التخبط والصرع والجنون، لكنهم جعلوها كذلك في الحياة الدنيا، وهو ظاهر الآية وليس من قول مرفوع صحيح يخرج المعنى عن الظاهر. قال رشيد رضا في تفسير المنار: «وأما قيام آكل الربا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، فقد قال ابن عطية في تفسيره: "المراد تشبيه المرابي في الدنيا بالمتخبط المصروع كما يقال لمن يصرع بحركات مختلفة: قد جن". أقول: وهذا هو المتبادر، ولكن ذهب الجمهور إلى خلافه، وقالوا: "إن المراد بالقيام القيام من القبر عند البعث، وأن الله تعالى جعل من علامة المرابين يوم القيامة أنهم يبعثون كالمصروعين". ورووا ذلك عن ابن عباس وابن مسعود. بل روى الطبراني من حديث عوف بن مالك مرفوعاً: "إياك والذنوب التي لا تغفر: الغلول، فمن غل شيئاً أتي به يوم القيامة، والرباـ فمن أكل الربا بعث يوم القيامة مجنونا يتخبط". والمتبادر إلى جميع الأفهام ما قاله ابن عطية، لأنه إذا ذكر القيام، انصرف إلى النهوض المعهود في الأعمال. ولا قرينة تدل على أن المراد به البعث. وهذه الروايات لا يسلم منها شيء من قول في سنده، وهي لم تنزل مع القرآن، ولا جاء المرفوع منها مفسراً للآية. ولولاها لما قال أحد بغير المتبادر الذي قال به ابن عطية، إلا من لم يظهر له صحته في الواقع. وكان الوضاعون الذين يختلقون الروايات، يتحرَّون في بعضها ما أشكل عليهم ظاهره من القرآن، فيضعون لهم رواية يفسرونه بها. وقلَّما يصح في التفسير شيء».
ومنهم من قال أن ربط الشياطين بمسألة الصرع، قد جاء ليكون تصوير المرابي على أبشع صورة عند العرب. جاء في "تفسير البحر المحيط" لأبي حيان: «وأبدى لأكل الربا صورة تستبشعها العرب على عادتها في ذكر ما استغربته واستوحشت منه، كقوله: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءوسُ الشَّيـاطِينِ}. وقول الشاعر: "ومسنونة زرق كأنياب أغوال". وقول الآخر: "خيلاً كأمثال السعالي شرّباً". وقول الآخر: "بخيل عليها جنّة عبقريّة". ولا ضير في ذلك، لأنه مجرد تشبيه خالٍ عن الحُكمِ حتى يكون خطأً غير مطابقٍ للواقع. وقد ورد نظير ذلك فيما حكاه الله عن أيوب (عليه السلام) إذ قال: {أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} وإذ قال: {أني مسني الضر وأنت ارحم الراحمين}. والضر هو المرض، وله أسبابٌ طبيعية ظاهرة في البدن. فنسب ما به من المرض –المستند إلى أسبابه الطبيعية– إلى الشيطان».
وإلى قريب من هذا ذهب الزمخشري في "الكشاف" فقال: «{لاَ يَقُومُونَ} إذا بعثوا من قبورهم {إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ} أي المصروع. وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع. والخبط الضرب على غير استواء كخبط العشواء، فورد على ما كانوا يعتقدون. والمس: الجنون. ورجل ممسوس، وهذا أيضاً من زعماتهم، وأن الجنيَّ يمسه فيختلط عقله، وكذلك جن الرجل: معناه ضربته الجنّ ورأيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات. فإن قلت: بم يتعلق قوله: {مِنَ الْمَسِّ}؟ قلت: بــ{لاَ يَقُومُونَ}، أي لا يقومون من المسّ الذي بهم إلا كما يقوم المصروع. ويجوز أن يتعلق بيقوم، أي كما يقوم المصروع من جنونه. والمعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين، تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف. وقيل الذين يخرجون من الأجداث يوفضون، إلا أكلة الربا فإنهم ينهضون ويسقطون كالمصروعين، لأنهم أكلوا الربا فأرباه الله في بطونهم حتى أثقلهم، فلا يقدرون على الإيفاض».
قال الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب": «أما قوله تعالى: {لاَ يَقُومُونَ} فأكثر المفسرين قالوا: المراد منه القيام يوم القيامة، وقال بعضهم: المراد منه القيام من القبر. واعلم أنه لا منافاة بين الوجهين، فوجب حمل اللفظ عليهما. أما قوله تعالى: {إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ففيه مسائل: المسألة الأولى: التخبط معناه الضرب على غير استواء. ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه: إنه يخبط خبط عشواء. وخبط البعير للأرض بأخفافه. وتخبطه الشيطان إذا مسّه بخبل أو جنون، لأنه كالضرب على غير الاستواء في الادهاش. وتسمى إصابة الشيطان بالجنون والخبل خبطة، ويقال: به خبطة من جنون. والمس الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس وبه مس. وأصله من المس باليد، كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه، ثم سمي الجنون مساً، كما أن الشيطان يتخبطه ويطؤه برجله فيخبله، فسمي الجنون خبطة، فالتخبط بالرجل والمس باليد. ثم فيه سؤالان: السؤال الأول: التخبط تفعل، فكيف يكون متعدياً؟ الجواب: تفعل بمعنى فعل كثير، نحو تقسمه بمعنى قسمه، وتقطعه بمعنى قطعه. السؤال الثاني: بم تعلق قوله {مِنَ الْمَسِّ}. قلنا: فيه وجهان أحدهما: بقوله {لاَ يَقُومُونَ} والتقدير: لا يقومون من المس الذي لهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان والثاني: أنه متعلق بقوله {يقوم} والتقدير لا يقومون إلا كما يقوم المتخبط بسبب المس. المسألة الثانية: قال الجبائي: الناس يقولون المصروع إنما حدثت به تلك الحالة لأن الشيطان يمسه ويصرعه وهذا باطل، لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناس وقتلهم. ويدل عليه وجوه: أحدها: قوله تعالى حكاية عن الشيطان {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} (إبراهيم: 22) وهذا صريح في أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والقتل والإيذاء (...). الرابع: أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم لا يصرع جميع المؤمنين ولم لا يخبطهم مع شدة عداوته لأهل الإيمان، ولم لا يغصب أموالهم، ويفسد أحوالهم، ويفشي أسرارهم، ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد.
واحتج القائلون بأن الشيطان يقدر على هذه الأشياء بوجهين الأول: ما روي أن الشياطين في زمان سليمان بن داود -عليهما السلام- كانوا يعملون الأعمال الشاقة، على ما حكى الله عنهم أنهم كانوا يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات (قال محمد الأمين: قدرتهم على ذلك لا تعني قدرتهم على صرع الإنسان، فتأمل). والجواب عنه: أنه تعالى كلفهم في زمن سليمان، فعند ذلك قدروا على هذه الأفعال، وكان ذلك من المعجزات لسليمان عليه السلام. والثاني: أن هذه الآية وهي قوله {يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ} صريح في أن يتخبطه الشيطان بسبب مسّه. والجواب عنه: أن الشيطان يمسّه بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع، وهو كقول أيوب عليه السلام {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} (ص: 41). وإنما يحدث الصرع عند تلك الوسوسة: لأن الله تعالى خلقه من ضعف الطباع وغلبة السوداء عليه، بحيث يخاف عند الوسوسة، فلا يجترىء، فيصرع عند تلك الوسوسة، كما يصرع الجبان من الموضع الخالي. ولهذا المعنى لا يوجد هذا الخبط في الفضلاء الكاملين وأهل الحزم والعقل، وإنما يوجد فيمن به نقص في المزاج وخلل في الدماغ (يعني المرضى النفسيين). فهذا جملة كلام الجبائي في هذا الباب. وذكر القفال فيه وجه آخر، وهو أن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى الجن، فخوطبوا على ما تعارفوه من هذا. وأيضاً من عادة الناس أنهم إذا أرادوا تقبيح شيء، أن يضيفوه إلى الشيطان، كما في قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ} (الصافات: 65).
المسألة الثالثة: للمفسرين في الآية أقوال. الأول: أن آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنوناً، وذلك كالعلامة المخصوصة بآكل الربا، فعرفه أهل الموقف لتلك العلامة أنه آكل الربا في الدنيا. فعلى هذا معنى الآية: أنهم يقومون مجانين، كمن أصابه الشيطان بجنون. والقول الثاني: قال ابن منبه: يريد إذا بعث الناس من قبورهم خرجوا مسرعين -لقوله {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً} (المعارج: 43)- إلا آكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون، كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس. وذلك لأنهم أكلوا الربا في الدنيا، فأرباه الله في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم. فهم ينهضون، ويسقطون، ويريدون الإسراع، ولا يقدرون. وهذا القول غير الأول لأنه يريد أن آكلة الربا لا يمكنهم الإسراع في المشي بسبب ثقل البطن، وهذا ليس من الجنون في شيء. ويتأكد هذا القول بما روي في قصة الإسراء أن النبي  انطلق به جبريل إلى رجال كل واحد منهم كالبيت الضخم، يقوم أحدهم فتميل به بطنه فيصرع، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}. والقول الثالث: أنه مأخوذ من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (الأعراف: 201). وذلك لأن الشيطان يدعو إلى طلب اللذات والشهوات والاشتغال بغير الله، فهذا هو المراد من مس الشيطان. ومن كان كذلك كان في أمر الدنيا متخبطاً، فتارة الشيطان يجره إلى النفس والهوى، وتارة الملك يجره إلى الدين والتقوى. فحدثت هناك حركات مضطربة، وأفعال مختلفة. فهذا هو الخبط الحاصل بفعل الشيطان. وآكل الربا لا شك أنه يكون مفرطاً في حب الدنيا متهالكاً فيها، فإذا مات على ذلك الحب، صار ذلك الحب حجاباً بينه وبين الله تعالى. فالخبط الذي كان حاصلاً في الدنيا بسبب حب المال، أورثه الخبط في الآخرة، وأوقعه في ذلّ الحجاب. وهذا التأويل أقرب عندي من الوجهين اللذين نقلناهما عمن نقلنا».
دليل:
جاء في حديث جابر في البخاري: «خَمِّروا الآنية وأَوكوا الأسقية وأجيفوا الأبواب وَاكْفِتُوا صبيانكم عند العشاء فإن للجن انتشاراً وخَطفة. وأطفئوا المصابيح عند الرُّقاد (النوم) فإن الفُوَيْسِقَةَ (الفارة) ربما اجترَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت». وهذا الحديث فيه أن شياطين الجن تنتشر في الليل وقد تتشكل بشكل حيوانات مؤذية أو بأشكال بشرية فتؤذي بني آدم، أو أنها قد تدل دواب الأرض على إيذاء البشر. قال ابن حجر في الفتح: «والأصل في جميع ذلك يرجع إلى الشيطان، فإنه هو الذي يسوق الفأرة إلى حرق الدار».
على أن البعض توهم معنى الحديث بأن الجن تخطف البشر في الليل! واستشهدوا بقصة طويلة رواها العراقيون (باختلاف ألفاظهم) عن أبي نضرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسلاً، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلاً من الأنصار (أي الصحابة) خطفته الجن وهو ذاهب لصلاة العشاء! وتذكر الأسطورة تفاصيل حول سبي الجن له لسنين إلى أن أتاه جن أنس فأعتقوه. (منقول بتحفظ)


 

رد مع اقتباس