عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-2009, 05:45 AM   #42
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


ثم قام حسن بدر الدين فمشى قليلاً إلى باب ثان ونظر وغدا هو في البيت الذي انجلت فيه العروسة ، ورأى المخدع والسرير ورأى عمامته وحوائجه ، فلما نظر ذلك بهت وصار يقدم رجلاً ويؤخر أخرى وقال في نفسه :
هل هذا في المنام أو في اليقظة .
وصار يمسح جبينه ويقول وهو متعجب : والله إن هذا مكان العروسة التي انجلت فيه علي ، فإني كنت في صندوق .
فبينما هو يخاطب نفسه وإذا بست الحسن رفعت طرف الناموسية وقالت له :
يا سيدي أما تدخل فإنك أبطأت علي في بيت الجلاء .
فلما سمع كلامها ونظر إلى وجهها وضحك وقال : إن هذه أضغاث أحلام .
ثم دخل وتنهد وتفكر فيما جرى له وتحير في أمره وأشكلت عليه قضيته ولما رأى عمامته وسرواله والكيس الذي فيه الألف دينار ، قال :
الله أعلم أني في أضغاث أحلام .
وصار من فرط التعجب متحيراً ، فعند ذلك قالت له ست الحسن :
مالي أراك متعجباً متحيراً ما كنت في أول الليل ?
فضحك وقال : كم عام لي غائب عنك ?
فقالت له : سلامتك بسم الله حواليك أنت إنما خرجت إلى بيت الراحة لتقضي حاجة وترجع فأي شيء جرى في عقلك .
فلما سمع حسن بدر الدين ذلك ضحك وقال لها : صدقت ولكنني لما خرجت من عندك غلبني النوم في بيت الراحة ، فحلمت أني كنت طباخاً في دمشق وأقمت بها عشرة سنين وكأنه جاءني صغير من أولاد الأكابر ومعه خادم وحصل من أمره كذا وكذا .
ثم أن حسن بدر الدين مسح بيده على جبينه فرأى أثر الضرب عليه . فقال :
والله يا سيدتي كأنه حق لأنه ضربني على جبيني فشجه فكأنه في اليقظة .
ثم قال : لعل هذا المنام حصل حين تعانقت أنا وأنت ونمنا ، فرأيت في المنام كأني سافرت إلى دمشق بلا طربوش ولا عمامة ولا سروال وعملت طباخاً .
ثم سكت ساعة وقال : والله كأني رأيت أني طبخت حب رمان وفلفله قليل ، والله ما كأني إلا نمت في بيت الراحة فرأيت هذا كله في المنام .
فقالت له ست الحسن : بالله وعليك أي شيء رأيته زيادة على ذلك ؟
فحكى لها جميع ما رآه ، ثم قال : والله لولا أني انتبهت لكانوا صلبوني على لعبة خشب .
فقالت له : على أي شيء ؟
فقال : على قلة الفلفل في حب الرمان ورأيت كأنهم خربوا دكاني وكسروا مواعيني وحطوني في صندوق وجاؤوا بالنجار ليصنع لي لعبة من خشب لأنهم أرادوا صلبي عليها فالحمد لله الذي جعل ذلك كله في المنام ولم يجعله في اليقظة .
فضحكت ست الحسن وضمته إلى صدرها وضمها إلى صدره ثم تذكر وقال : والله ما كأنه إلا في اليقظة فأنا ما عرفت أي شيء الخبر ولا حقيقة الحال .
ثم إنه نام وهو متحير في أمره فتارة يقول رأيته في المنام وتارة يقول رأيته في اليقظة ، ولم يزل كذلك إلى الصباح ، ثم دخل عليه عمه الوزير شمس الدين فسلم عليه فنظر له حسن بدر الدين ، وقال :
بالله عليك أما أنت الذي أمرت بتكتيفي وتسمير دكاني ، من شأن حب الرمان لكونه قليل الفلفل .
فعند ذلك قال الوزير : اعلم يا ولدي أنه ظهر الحق وبان ما كان مختفياً ، أنت ابن أخي وما فعلت ذلك حتى تحققت أنك الذي دخلت على ابنتي تلك الليلة ، وما تحققت ذلك حتى رأيتك عرفت البيت وعرفت عمامتك وسروالك وذهبك والورقتين التي كتبتهما بخطك والتي كتبها والدك أخي فإني ما رأيتك قبل ذلك وما كنت أعرفك ، وأما أمك فإني جئت بها معي من البصرة .
ثم رمى نفسه عليه وبكى فلما سمع حسن بدر الدين كلام عمه تعجب غاية العجب وعانق عمه وبكى من شدة الفرح ، ثم قال له الوزير :
يا ولدي إن سبب ذلك كله ما جرى بيني وبين والدك .
وحكى له جميع ما جرى بينه وبين أخيه ، وأخبره بسبب سفر والده إلى البصرة ، ثم إن الوزير أرسل إلى عجيب فلما رآه والده قال :
هذا الذي ضربني بالحجر .
فقال الوزير : هذا ولدك .
فعند ذلك رمى نفسه عليه وأنشد هذه الأبيات :
ولقد بكيت على تفرق شملـنـا ........ زماناً وفاض الدمع من أجفاني
ونذرت أن أجمع المهيمن شملنا ........ ما عدت أذكر فرقـة بلسانـي
هجم السرور علي حتـى أنـه ........ من فرط ما قد سرني أبكانـي
فلما فرغ من شعره التفتت إلى والدته وألقت روحها عليه ، وأنشدت هذين البيتين :
الدهر أقسـم لا يزال مـكـدري ........ حنثت يمينك يا زمـان فـكـفـر
لسعد وافى والحبيب مسـاعـدي ........ فانهض إلى داعي السرور وشمر
ثم إن والدته حكت له جميع ما وقع لها بعده ، وحكى لها جميع ما قاساه فشكروا الله على جمع شملهم ببعضهم ثم أن الوزير طلع إلى السلطان وأخبره بما جرى له فتعجب وأمر أن يؤرخ ذلك في السجلات ليكون حكاية على مر الأوقات .
وهذا ما كان من أمر الوزير شمس الدين وأخيه نور الدين .
فقال الخليفة هارون الرشيد : والله إن هذا الشيء عجاب .
ثم إن شهرزاد قالت :
وما هذا بأعجب من حكاية الخياط والأحدب واليهودي والمباشر والنصراني فيما وقع لهم .
قال الملك : وما حكايتهم ؟
قالت : بلغني أيها الملك السعيد ، أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان في مدينة الصين رجل خياط مبسوط الرزق يحب اللهو والطرب وكان يخرج هو وزوجته في بعض الأحيان يتفرجان على مرائب المنتزهات فخرجا يوماً من أول النهار ورجعا آخره إلى منزلهما عند المساء ، فوجدا في طريقهما رجل أحدب رؤيته تضحك الغضبان وتزيل الهم والأحزان فعند ذلك تقدم الخياط هو وزوجته يتقوزان عليه ثم أنهما عزما عليه أن يروح معهما إلى بيتهما لينادمهما تلك الليلة فأجابهما إلى ذلك ومشى معهما إلى البيت فخرج الخياط إلى السوق وكان الليل قد أقبل ، فاشترى سمكاً مقلياً وخبزاً وليموناً وحلاوة يتحلون بها ثم رجع وحط السمك قدام الأحدب وجلسوا يأكلون فأخذت امرأة الخياط جزلة سمك كبيرة ولقمتها للأحدب وسدت فمه بكفها وقالت :
والله ما تأكلهما إلا دفعة واحدة في نفس واحد .
ولم تمهله حتى يمضغها فابتلعها وكان فيها شوكة قوية فتصلبت في حلقه ، لأجل انقضاء أجله فمات


 

رد مع اقتباس