عرض مشاركة واحدة
قديم 20-10-2002, 02:55 AM   #154
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


فإلــــــى أيــــن يــــــــا قلب؟

وعن بكر بن عبدالله المزني رضي الله عنه قال:
يا ابن آدم ..إن أردت أن تعرف قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك.
أغمض عينيك وتخيل لأنك تعيش طوال عمرك في هذه الظلمة..لن ترى أحبتك.. ولن تقرأ كتبك..ولن تنعم بالنظر لما حولك .. ولن تعرف السير وحدك..
فلله درك ..كيف تعلق قلبك بغيره.. وأنس بالبعد عنه..

فإلــــــى أيــــن يــــــــا قلب؟

بل إن الله عز وجل حتى إن منع العطاء عن العبد فذلك من نعمه على ذلك العبد، قال أحدهم : " منع العطاء عنك هو عين العطاء".
فالله عز وجل من رحمته بك علم ما يصلحك فأعطاك ما فيه خير لك ومنع عنك ما فيه شر لك وسيبدو لك مكمن الخير في المنع ولو بعد حين، وإن لم يفهم العبد المقصود من المنع فليس له أن يتذمر أو يشتكي..
أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا ابتلى الله العبد بحبيبتيه فصبر لم يكن له جزاء إلا الجنة".
وما كان هذا العبد ليصبر إلا بفضل من الله عز وجل..

وذكر النعم يجعل القلب يقبل على الله عز وجل ويتعلق به .. من الذي دعاه فرده .. ومن الذي رجاه فصده ..

فأين أصحاب الحاجات .. أين المرضى .. أين المضطرون .. أين المهمومون .. أين التائبون .. أين المعسرون..
أين هم عمن ناداهم في كتابه :
" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان"
وأنت أيها العبد.. أتتذلل للعبيد..وأنت واجد عند مولاك كل ما تريد..
قال عليه الصلاة والسلام :" من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل".
وإذا اتجه العبد إلى عبد مثله فأحس في قلبه رحمة ووجد منه ألفة.. ألا يسأل نفسه.. بأن هذا حال المخلوق .. فكيف بالخالق.. أليس أولى بالمحبة..

ورحمة الله لا تعز على طالب كائنا من كان..في أي زمان ومكان وحال ومآل .. وجدها إبراهيم في النار .. ووجدها يوسف في الجب وفي السجن .. ووجدها يونس في بطن الحوت في ظلمات ثلاث .. ووجدها موسى في اليم وهو طفل صغير .. ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في الدور والقصور..ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والأعداء من حولهم..
ويجدها كل مؤمن أوى إليها يائسا ممن سواها .. قاصدا باب الله وحده .. من دون الأبواب..
ولكن ما بالنا إذا ضاق صدر المرء منا نسي مولاه واتجه للعبيد..وتذلل لهم .. وكان يكفيه أن يفتح كتاب الله ويقرأ آية واحدة.. " والضحى ، والليل إذا سجى ، ما ودعك ربك وما قلى ، وللآخرة خير لك من الأولى ، ولسوف يعطيك ربك فترضى "

ولا شيئ أعظم من هذا الوعد .. ولسوف يعطيك ربك فترضى ..

به تطمئن النفوس وتركن إلى ربها وحبيبها الأجل والأعظم..
والحديث عن نعم الله تعالى لا تكفيه هذه الأسطر القليلة .. بل لا يكفيه مداد العمر كله.. قال تعالى : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ".
فلو أفرد العبد عمره كله للعبادة لما أوفى الله حقه على نعمة واحدة من نعمه.. ولو جر ابن آدم على وجهه منذ ولدته أمه إلى يوم موته لما أدى الله حقه..

فإلــــــى أيــــن يــــــــا قلب؟

ألا يستحق هذا الرب منا أن تذوب القلوب في محبته.. وتهوى الأفئدة إلى ذكره.. وتهفو الأرواح إلى لقائه..

نعم..

تهفو الأرواح إلى لقائه وتستوحش البعد عنه ..
وهو عز وجل إلى لقائها أشد شوقا..
قال عليه الصلاة والسلام : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه " .
وإذا أحب الله لقاء العبد.. فمــــــاذا..
انظر ماذا أعد الكريم لمن يحب وماذا جهز لهم..
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فاقرؤوا إن شئتم " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون".

فإلــــــى أيــــن يــــــــا قلب؟

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن شهيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا وتنجنا من النار ، قال : فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم".
وقال تعالى " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"
فماذا يريد هؤلاء.." يريدون وجهه".
هذه هي أقصى درجات المحبة ..هذا غرض المحبين .. وهذا غاية ما يريدون..
ومحبة الله عزوجل إذا تمكنت من قلب العبد طردت منه الخوف والقلق وكل أمراض القلوب .. وتركته نقيا طاهرا مقبلا على العبادة والطاعة .. زاهدا في الدنيا وما فيها من فناء.. متجها إلى الله في كل حال..

مع الله في سبحات الفكر .. مع الله في لمحات البصر
مع الله حال احتدام الخطى .. مع الله في الرهط والمؤتمر
مع الله في حب أهل التقى .. مع الله في كره من قد فجر..

مع الله .. مع الله .. مع الله ..

عبد ذاهب عن نفسه .. متصل بذكر ربه .. قائم بأداء حقوقه . ناظر إليه بقلبه .. فإن تكلم فبالله .. وإن نطق فعن الله .. وإن تحرك فبأمر الله .. وإن سكن فمع الله ..
فهو بالله ولله ومع الله..

ثم انظر إلى حال المحبين كيف قاموا لمن يحبون..

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتورم قدماه .. فتقول إحدى أمهات المؤمنين :" ألم يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ " ..
فيقول :" أفلا أكون عبدا شكورا".
نعم .. لقد عرف حق المحبوب عليه..
فلما أن جاءت لحظة وفاته خير بين الدنيا والبقاء فيها .. وبين لقاء الله تعالى .. فقال :
" بل الرفيق الأعلى .. بل الرفيق الأعلى "
هكذا حال المحبين .. يستوحشون من الدنيا ولا يأنسون إلا بمولاهم..
ومن لم يأنس بالله فلا أنس..

قال أحدهم : دخلت على محمد بن النضر الحارثي فرأيته كأنه ينقبض ، فقلت : كأنك تكره أن تؤتى ، فقال : أجل ، فقلت : أوما تستوحش ؟ ، فقال : كيف أستوحش وهو يقول : " أنا جليس من ذكرني ".
وآخر يسأل عن الجنة: ماذا تقول في الجنة ؟ فيقول : الجار ثم الدار..

وغيره ينادي : واشوقاه .. إلى من يراني ولا أراه..

فليتك تحلو والحياة مريرة ... وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ... وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب

وأخيرا .. لنا تذكير بأهم الأسباب الجالبة لمحبة الله عز وجل حتى يكون حديثنا متكاملا:
1. قراءة القرآن بتدبر وتأمل معانيه .
2. التقرب بالنوافل بعد الفرائض فهي سبيل إلى إعلاء درجة العبد " وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".
3. دوام ذكر الله على كل حال فمن أحب أكثر من ذكر من يحب .. وكان نصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.
4. إيثار محاب الله عز وجل على محاب العبد ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
5. مطالعة القلب لأسمائه وصفاته وحسن المعرفة بالله عز وجل .. فإن الحب يأتي بالمعرفة.
6. التأمل في آيات بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة.
7. السبب السابع وهو من أعجبها.. انكسار القلب بين يدي الله عز وجل .. والخلوة به ومناجاته وحسن دعائه.
8. اتباع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام .. وهذا دليل عظيم على المحبة ..قال تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله".
9. أن يكون شفيقا بالمسلمين رحيما بهم .. شديدا على أعداء الدين.

فيا قلب اعقل وانظر مدارج صلاحك فارتق فيها .. وابعد هواك عن كل زائف فانه يفسد عليك دنياك وآخرتك..
إلهي..
لا تعذب جمعا التقى على ذكرك..
ولا أفئدة تهفو إلى لقائك..
ولا ألسنة تدعو إليك..

اللهم اجعلنا من المرحومين ولا تجعلنا من المحرومين..
اللهم اجعلنا ممن تنعم عليهم بلذة النظر إلى وجهك الكريم..
واجمعنا في جناتك جنات النعيم مع نبينا عليه أفضل الصلاة والتسليم
وأصحابه الغر الميامين..
وتقبل منا أعمالنا كما تتقبل من عبادك الصالحين ..
واغفر لنا ولأبائنا ولعامة المسلمين.. الأحياء منهم والأموات و التابعين بإحسان إلى يوم الدين..
ولا تخزنا يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتاك بقلب سليم.

سبحانك اللهم وبحمدك.

منقووووووووووول


البتار


 

رد مع اقتباس