عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2008, 06:26 PM   #29
دمعة خيانه
V I P


الصورة الرمزية دمعة خيانه
دمعة خيانه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21073
 تاريخ التسجيل :  08 2007
 أخر زيارة : 18-03-2013 (05:34 AM)
 المشاركات : 6,409 [ + ]
 التقييم :  56
لوني المفضل : Cadetblue


فصل‏:‏ والمقصود‏:‏ العلاج النبوي لهذه العلة

وهو أنواع، وقد روى أبو داود في سننه عن سهل بن حنيف، قال‏:‏ مررنا بسيل، فدخلت، فاغتسلت فيه، فخرجت محمومًا، فنمي ذلك إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال‏:‏ ‏(‏مروا أبا ثابت يتعوذ، قال‏:‏ فقلت‏:‏ يا سيدي ‏!‏ والرقى صالحة‏؟‏ فقال‏:‏ لا رقية إلا في نفس، أو حمة أو لدغة‏)‏‏.‏

والنفس‏:‏ العين، يقال‏:‏ أصابت فلانًا نفس، أي‏:‏ عين‏.‏ والنافس‏:‏ العائن‏.‏ واللدغة ـ بدال مهملة وغين معجمة ـ وهي ضربة العقرب ونحوها‏.‏

فمن التعوذات والرقى الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ومنها التعوذات النبوية‏.‏

نحو‏:‏ أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق‏.‏

ونحو‏:‏ أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة‏.‏

ونحو‏:‏ أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاورهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل، والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن‏.‏

ومنها‏:‏ أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون‏.‏

ومنها‏:‏ اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك‏.‏

ومنها‏:‏ أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاورهن بر لا فاجر، وأسماء الله الحسنى، ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم‏.‏

ومنها‏:‏ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم‏.‏

وإن شاء قال‏:‏ تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم‏.‏

ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح، والسلاح بضاربه‏.‏

فصل‏:‏ وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين

فليدفع شرها بقوله‏:‏ اللهم بارك عليه، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف‏:‏ ‏(‏ألا بركت‏)‏ أي‏:‏ قلت‏:‏ اللهم بارك عليه‏.‏

ومما يدفع به إصابة العين قول‏:‏ ما شاء الله لا قوة إلا بالله، روى هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا رأى شيئًا يعجبه، أو دخل حائطًا من حيطانه قال‏:‏ ما شاء الله، لا قوة إلا بالله‏.‏

ومنها رقية جبريل عليه السلام للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي رواها مسلم في صحيحه ‏(‏باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك‏)‏‏.‏

ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن، ثم يشربها‏.‏ قال مجاهد‏:‏ لا بأس أن يكتب القرآن، ويغسله، ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة‏.‏ ويذكر عن ابن عباس‏:‏ أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثر من القرآن، ثم يغسل وتسقى‏.‏ وقال أيوب‏:‏ رأيت أبا قلابة كتب كتابًا من القرآن، ثم غسله بماء، وسقاه رجلًا كان به وجع‏.‏

فصل‏:‏ ومنها‏:‏ أن يؤمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه وداخلة إزاره

وفيه قولان‏.‏ أحدهما‏:‏ أنه فرجه‏.‏ والثاني‏:‏ أنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن، ثم يصب على رأس المعين من خلفه بغتة، وهذا مما لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به من أنكره، أو سخر منه، أو شك فيه، أو فعله مجربًا لا يعتقد أن ذلك ينفعه‏.‏

وإذا كان في الطبيعة خواص لا تعرف الأطباء عللها البتة، بل هي عندهم خارجة عن قياس الطبيعة تفعل بالخاصية، فما الذي ينكره زنادقتهم وجهلتهم من الخواص الشرعية، هذا مع أن في المعالجة بهذا الإستغسال ما تشهد له العقول الصحيحة، وتقر لمناسبته، فاعلم أن ترياق سم الحية في لحمها، وأن علاج تأثير النفس الغضبية في تسكين غضبها، وإطفاء ناره بوضع يدك عليه، والمسح عليه، وتسكين غضبه، وذلك بمنزلة رجل معه شعلة من نار، وقد أراد أن يقذفك بها، فصببت عليها الماء، وهي في يده حتى طفئت، ولذلك أمر العائن أن يقول‏:‏ اللهم بارك عليه ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذي هو إحسان إلى المعين، فإن دواء الشيء بضده‏.‏ ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد، لأنها تطلب النفوذ، فلا تجد أرق من المغابن، وداخلة الإزار، ولا سيما إن كان كناية عن الفرج، فإذا غسلت بالماء، بطل تأثيرها وعملها، وأيضًا فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص‏.‏

والمقصود‏:‏ أن غسلها بالماء يطفئ تلك النارية، ويذهب بتلك السمية‏.‏

وفيه أمر آخر، وهو وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها تنفيذًا، فيطفئ تلك النارية والسمية بالماء، فيشفى المعين، وهذا كما أن ذوات السموم إذا قتلت بعد لسعها، خف أثر اللسعة عن الملسوع، ووجد راحة، فإن أنفسها تمد أذاها بعد لسعها، وتوصله إلى الملسوع‏.‏ فإذا قتلت، خف الألم، وهذا مشاهد‏.‏ وإن كان من أسبابه فرح الملسوع، واشتفاء نفسه بقتل عدوه، فتقوى الطبيعة على الألم، فتدفعه‏.‏

وبالجملة‏:‏ غسل العائن يذهب تلك الكيفية التي ظهرت منه، وإنما ينفع غسله عند تكيف نفسه بتلك الكيفية‏.‏

فإن قيل‏:‏ فقد ظهرت مناسبة الغسل، فما مناسبة صب ذلك الماء على المعين‏؟‏ قيل‏:‏ هو في غاية المناسبة، فإن ذلك الماء ماء طفئ به تلك النارية، وأبطل تلك الكيفية الرديئة من الفاعل، فكما طفئت به النارية القائمة بالفاعل طفئت به، وأبطلت عن المحل المتأثر بعد ملابسته للمؤثر العائن، والماء الذي يطفأ به الحديد يدخل في أدوية عدة طبيعية ذكرها الأطباء، فهذا الذي طفئ به نارية العائن، لا يستنكر أن يدخل في دواء يناسب هذا الداء‏.‏ وبالجملة‏:‏ فطب الطبائعية وعلاجهم بالنسبة إلى العلاج النبوي، كطب الطرقية بالنسبة إلى طبهم، بل أقل، فإن التفاوت الذي بينهم وبين الأنبياء أعظم، وأعظم من التفاوت الذي بينهم وبين الطرقية بما لا يدرك الإنسان مقدراه، فقد ظهر لك عقد الإخاء الذي بين الحكمة والشرع، وعدم مناقضة أحدهما للآخر، والله يهدي من يشاء إلى الصواب، ويفتح لمن أدام قرع باب التوفيق منه كل باب، وله النعمة السابغة، والحجة البالغة‏.‏

فصل‏:‏ ومن علاج ذلك أيضًا والاحتراز منه ستر محاسن

من يخاف عليه العين بما يردها عنه، كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة ‏:‏ أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ رأى صبيًا مليحًا، فقال‏:‏ دسموا نونته، لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره‏:‏ ومعنى‏:‏ دسموا نونته‏:‏ أي‏:‏ سودوا نونته، والنونة‏:‏ النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير‏.‏

وقال الخطابي في غريب الحديث له عن عثمان‏:‏ إنه رأى صبيًا تأخذه العين، فقال‏:‏ دسموا نونته‏.‏ فقال أبو عمرو‏:‏ سألت أحمد بن يحيى عنه، فقال‏:‏ أراد بالنونة‏:‏ النقرة التي في ذقنه‏.‏ والتدسيم‏:‏ التسويد‏.‏ أراد‏:‏ سودوا ذلك الموضع من ذقنه، ليرد العين‏.‏ قال‏:‏ ومن هذا حديث عائشة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطب ذات يوم، وعلى رأسه عمامة دسماء‏.‏ أي‏:‏ سوداء‏.‏ أراد الإستشهاد على اللفظة، ومن هذا أخذ الشاعر قوله‏:‏

ما كان أحوج ذا الكمال إلى ** عيـــب يـوقيــه مـن العين

فصل‏:‏ ومن الرقى التي ترد العين ما ذكر عن أبي عبد الله الساجي

أنه كان في بعض أسفاره للحج أو الغزو على ناقة فارهة، وكان في الرفقة رجل عائن، قلما نظر إلى شيء إلا أتلفه، فقيل لأبي عبد الله‏:‏ إحفظ ناقتك من العائن، فقال‏:‏ ليس له إلى ناقتي سبيل، فأخبر العائن بقوله، فتحين غيبة أبي عبد الله، فجاء إلى رحله، فنظر إلى الناقة، فاضطربت وسقطت، فجاء أبو عبد الله، فأخبر أن العائن قد عانها، وهي كما ترى، فقال‏:‏ دلوني عليه، فدل، فوقف عليه، وقال‏:‏ بسم الله، حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس، رددت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، ‏{‏فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 3، 4‏]‏ فخرجت حدقتا العائن، وقامت الناقة لا بأس بها‏.‏


 

رد مع اقتباس