عرض مشاركة واحدة
قديم 24-04-2008, 07:11 PM   #26
بلاعنوان
عنوان التفاؤل


الصورة الرمزية بلاعنوان
بلاعنوان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8506
 تاريخ التسجيل :  05 2005
 أخر زيارة : 03-09-2017 (10:51 PM)
 المشاركات : 1,455 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الخجل هو الامتداد المرضي للحياء ، فالحياء صفة محمودة ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءاً من العذراء في خدرها. ولكن الخجل زيادة في هذا الحياء المحمود ، تصبح مصدراً للحرج والألم النفسي والمعاناة ، وقد تعيق المرء عن ممارسة حياته بشكل طبيعي. والحياء والجراءة طرفين لسمة واحدة من سمات الشخصية ، فمن الناس من هو أميل للحياء ومنهم من هو أميل للجراءة. لكن البعض قد يأخذ الحياء أو الجراءة دليلاً على ضعف الشخصية أو قوتها غير مدركين أن الشخصية القوية في مكان أو زمان ما قد لا تكون كذلك في مكان آخر أو زمن آخر ...
وبالتالي فليس هناك مصطلح علمي إسمه الشخصية القوية أو الضعيفة ، بل هناك سمات سلبية و سمات إيجابية تزيد و تنقص في بعض الناس دون بعض. و الخوف هو الشعور المسيطر علىالذين يعانون من الحياء المرضي أو الرهاب الإجتماعي.
و الشعور بالخوف يعد من التجارب الإعتيادية التي لا يمكن لأحد تجنب المرور بها. و لا يقتصر الشعور بالخوف على مجتمع بعينه و لا حتى على الإنسان، بل يتعداه إلى عموم الكائنات الحية صغيرة كانت أو كبيرة. فالخوف عبارة عن عاطفة تنتج عن إستشعار الكائن الحي لخطر واضح أو كامن يتربص به، مما يدفعه لتجنب هذا الخطر و الحفاظ على حياته أو صغاره ممتلكاته أو غير ذلك مما يعتبر مهماً لهذا الكائن أو ذاك.
و بذلك فإن للخوف وظيفة حيوية جداً إذا ما كان للحدود الطبيعية. بل إن البعض قد يتلذذ بشعور الخوف جراء الإنخراط في ممارسة بعض الرياضات الخطرة مثلاً، و ما يصاحب ذلك من الشعور بالنشوة عند السيطرة على أنفسهم و حركاتهم أثناءها و النجاح في تجاوز لحظات الخطر.
و من قدرة الله تعالى و حكمته أن هيأ أجهزة الجسم المختلفة لتؤدي وظيفة الحماية المطلوبة للبقاء و الدفاع عن النفس؛ فتتسارع نبضات القلب و تزداد سرعة التنفس لتوفير أكبر كمية من الأوكسجين تكفي لحاجة الجسم في هذا الوضع المتحفز. كما يزيد إفراز العرق من غدده لتبريد الجسم و تسهيل الهرب و التملص من الخطر، و تتسع حدقة العينين لإعطاء مجال أوسع لرؤية المكان بهدف تحقيق الإستفادة القصوى مما هو موجود في متناول اليد و استغلال المخارج للنجاة.
و في حين أن الخوف عاطفة آنية موجهة للتعامل مع الخطر الحاضر المنظور، فإن القلق عاطفة تحمل نفس مواصفات الخوف و لكنها موجهة للمستقبل و التعامل مع الخطر المحتمل لا الواقع. و في هذه الحالة فإن الإنسان يتوقع خطراً مستقبلياً يهدده، فيعتريه شعور كاسح بأنه لن يكون قادراً على السيطرة على نفسه و حمايتها من هذا الخطر المتوقع. و يستمد القلق جذوره من غريزة الحفاظ على الذات و حب البقاء، و هذه غريزة جوهرية إن فقدها كائن حي فإنه يكون مهدداً بالفناء أو حتى إنقراض فصيلته بأكملها.
و لكن الإنسان بما حباه الله من قدرات على التفكير و الإدراك و الوعي و التخيل و التعلم، قد يقع فريسة لتصورات و توقعات مخيفة من نسج خياله لم تحدث فعلاً على أرض الواقع. و ينتج عن ذلك الشعور بالقلق الذي يزداد كلما إزدادت إحتمالات وقوع الخطر أو قرب وقته و موعده. وهكذا فإن التوقع و التوجس سمتان أساسيتان لعاطفة القلق.
و يمكن أن نستنتج مما سبق أن إضطرابات القلق هي البعد المرضي لعاطفة القلق الطبيعية و أن هذه الإضطرابات من أكثر الأمراض النفسية شيوعاً بين بني البشر. و لعل من أشد أشكال القلق إلتصاقاً بالإنسان ما يسمى بالرهاب الإجتماعي.
ولكي تتضح الصورة بشكل أكبر فإن القلق النفسي يتضح في صورته عند معرفة الفرق بينه و بين الخوف. فالإنسان عندما يخاف فإن خوفه يكون موجهاً لشيء أو موقف خارجي محسوس. و يكون مصدر الخوف في حدود الممكن. فقد تخاف أن تفوتك رحلة الطائرة أو أن ترسب في الإمتحان أو أن لا تستطيع تسديد الأقساط المستحقة عليك هذا الشهر أو أن تفشل غي كسب ود من تحب... إلخ. و لكنك في المقابل عندما تشعر بالقلق لا تستطيع تحدي سبب قلقك أو مصدره، حيث يكون غالباً في داخلك لا في خارجك. وهو في الغالب إستجابة لخطر مبهم أو بعيد أو حتى متوهم. قد يقلقك تفكيرك في إحتمال عدم ضبط نفسك في موقف ما أو السيطرة على الموقف بشكل جيد. قد تشعر مثلاً بقلق مبهم و كأن شيئاً سيئاً سيحدث.
و القلق يؤثر في المصاب به بشكل كل النواحي الفسيولوجية (الحيوية) و السلوكية و النفسية. على المستوى الفسيولوجي تشمل أعراض القلق الإستجابات الجسمانية مثل: سرعة نبضات القلب، جفاف الحلق الفم، توتر العضلات و التعرق. بينما يمكن أن يخرب القلق على المستوى السلوكي قدرتك على الفعل، التعبير عن نفسك، او حتى التعامل مع المواقف اليومية المعتادة. أما على المستوى النفسي فإن القلق حالة نفسية داخلية من الخوف و التحفز وعدم الإرتياح، قد تؤدي في أسوء درجاتها إلى الشعور بالغربة و الإنفصال حتى عن نفسك أو الشعور بالموت أو الجنون.
و قد يظهر القلق بأشكال مختلفة و بدراجات مختلفة من الشدة في المواقف المختلفة. و يتراوح الشعور بالقلق بين مجرد الإحساس بمجرد لفحة من عدم الإرتياح إلى نوبة فزع طاغية يكون من أعراضها: الخفقان، الشعور بالضياع و الرعب الشديد. و يسمى القلق الذي يأتي بدون مقدمات و لا يرتبط بسبب محدد ب"القلق العائم"، و إن كان شديداً فهو "نوبة فزع". و للتفريق بين النوعين فإن وجود أربع أعراض من المجموعة التالية أو أكثر في نفس الوقت يدل أكثر على وجود الفزع:
· الكتمة ضيق النفس
· الخفقان أو تسارع ضربات القلب
· الرعشة أو إهتزاز اليدين
· التعرق
· الإختناق
· الغثيان و إضطراب الأمعاء
· التنميل
· الدوار أو عدم الإتزان
· الشعور بما يشبه الحلم أو الإنفصال عن الذات
· نوبات من الحرارة او القشعريرة في الجلد
· الخوف من الموت
· الخوف من الجنون أو فقدان السيطرة
أما عندما يظهر القلق نتيجة مواقف معينة فإنه يدعى القلق الموقفي أو القلق الرهابي. و يختلف القلق الموقفي عن المخاوف اليومية الإعتيادية في كونه غير منطقي و لا يتناسب مع حجم الموقف الذي يؤدي إليه. فعلى سبيل المثال ليس من المنطقي أن يخاف الشخص من قيادة السيارة في الطريق أو الخروج من المنزل أو الحديث مع الناس. كما أن هذه الأمور ليست مخيفة لكثير من الناس و حجم الخوف الذي تحدثه في مثل هذه الأمثلة لا يتناسب مع حقيقتها. أما عندما يصل الأمر على درجة تجنب هذه المواقف فيتوقف الشخص عن قيادة السيارة أو الخروج من المنزل أو الإختلاط بالآخرين أو الظهور في المناسبات الإجتماعية فإن الحالة تصبح رهاباً.
و يعد الرهاب الإجتماعي أحد الأنواع الرئيسة و الشائعة للرهاب. و يتمثل بشكل مبسط في الخوف من الإحراج أو الظهور للغير بمظهر الضعف أو الإرتباك. و هذا الخوف أكثر بكثير من مجرد الرهبة التي قد يشعر بها الشخص العادي عند ما يطلب منه الحديث او عمل شيء ما أمام الآخرين، مما يؤدي إلى تجنب هذه المواقف و التهرب منها بشكل مستمر.
أكثر أشكال الرهاب الإجتماعي شيوعاً هو الخوف من الحديث أمام جمع من الناس، مثل الموظفين الذين يحتاجون لتقديم عروض عن إنجازاتهم و الطلاب الذين يطلب منهم تقديم بعض المواضيع أمام زملائهم و أساتذتهم. و لكن هناك أشكال أخرى مثل الخوف من الأكل مع الناس (الخوف من الغصة) أو إستخدام دورات المياه العامة أو التقدم لإمامة الناس بالصلاة. غير أن المخاوف قد تكون أقل تحديداً فترتبط بأي شكل من أشكال الظهور الإجتماعي أو مجرد الإحساس بأن الشخص محط الأنظار. و كل هذه الأشكال تؤدي للتجنب أو حتى العزلة الشديدة و عدم الثقة بالنفس.
و مع أنه قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن الرهاب الإجتماعي ما هو إلا الخجل المعروف، و مع ما في هذه المقولة من قدر كبير من الصحة، إلا أن الفرق الجوهري بين الحالتين يكمن في شدة القلق و الإنسحاب اللذان يحدثان في المواقف الإجتماعية و ما يصاحبهما من أعراض نفسية و جسمانية. و قد دلت الدراسات على أن الطفل الخجول الذي يتهيب المواقف الإجتماعية و الظهور بين أقرانه يكون أكثر إستعداداً للإصابة بالرهاب الإجتماعي عندما يكبر.
و الرهاب الإجتماعي هو ذلك الصنف من القلق الذي يحدث في المواقف الإجتماعية وعند التعامل مع الناس، مما يؤدي إلى شعور تلقائي بالخوف و مراقبة الجسم و ما يصدر عنه من إشارات تنم عن إدراك خطر وشيك. و يزيد من تفاقم هذا القلق، شعور الشخص بأنه تحت المجهر و أن الآخرين قد ينتقدونه أو يحكمون عليه بشكل سلبي مما يؤدي إلى الشعور بالنقص و الإحراج و الفشل و الحزن. هذه السلسلة من الأحاسيس و التفاعلات و الأفكار يرتبط حدوثها بمقابلة الناس و التعامل معهم.
و مع أن هذه المشكلة شائعة ومنتشرة بشكل كبير، إلا أنه لم يتم التنبه لها من قبل المختصين في الأمراض النفسية إلا في السنوات الأخيرة مما حدا بالبعض إلى الكتابة عنها و تسميتها ب"المرض المنسي". هناك ملايين البشر يعانون بشكل مستمر من هذا القلق و ما يسببه من ألم النفسي كل يوم من حياتهم لأنهم ببساطة شديدة يرهبون التعامل مع بني جنسهم. هؤلاء الملايين يتألمون يومياً و يبرعون في إخفاء معاناتهم حتى عن أقرب الناس لهم لشعورهم بالخجل من حتى أنفسهم. و لعلنا نسرد هنا بعض المواقف التي تثير في المصابين بالرهاب الإجتماعي الرعب و الخجل و الإستياء، و هي على سبيل المثال لا الحصر:
· عندما تقديمهم إلى شخص أو أشخاص آخرين.
· عندما يمازحهم أحد أو ينتقدهم.
· عندما تتركز عليهم الأنظار.
· عندما يراقبهم أحد أثناء عمل شيء ما، مثل تقديم القهوة أو الشاي.
· عند مقابلة مسئول أو شخص مهم.
· عند إلقاء كلمة قصيرة أمام الناس.
· عندما يصلهم الدور للتعريف بأنفسهم في إجتماع ما.
· في معظم التفاعلات الإجتماعية، خاصة مع من لا يعرفونهم جيداً.
كان هناك نادي للرهاب لم يشد الاعضاء كرابطتك احييك اختي
واحيي فيك جرئتك ..


 
التعديل الأخير تم بواسطة الحوراني ; 24-04-2008 الساعة 09:51 PM

رد مع اقتباس