عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-2002, 12:29 AM   #37
Fatma
عضو مميز جدا وفـعال


الصورة الرمزية Fatma
Fatma غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 271
 تاريخ التسجيل :  07 2001
 أخر زيارة : 30-04-2012 (09:42 AM)
 المشاركات : 1,583 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


دعوة وتمرّد

قال أبو ذر: فانطلقت حتى أتيت منازل قومي، فلقيني أخي أنيس فقال: ما صنعت؟!

قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت، فما لبث أن شرح الله صدره، وقال: ما لي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت أيضًا، ثم أتيا أمهما فأسلمت هي الأخرى.

ومنذ ذلك اليوم انطلقت الأسرة المسلمة تدعو غفار حتى أسلم خلق كثير، فأقيمت الصلاة فيهم، وقال فريق منهم نبقى على ديننا حتى إذا قدم النبي أسلمنا، فلما قدم النبي عليه الصلاة والسلام أسلموا، فقال عليه الصلاة والسلام: "وغفار غفر الله لها، و"أسلم" سالمها الله".

أقام أبو ذر في باديته حتى مضت بدر وأحد والخندق، ثم قدم إلى المدينة وانقطع إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستأذنه أن يقوم على خدمته، فأذن له ونعم بصحبته وسعد بخدمته.

ولما لحق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرفيق الأعلى لم يطق أبو ذر صبرًا على الإقامة في المدينة؛ فرحل إلى بادية الشام، وأقام فيها مدة خلافة الصديق والفاروق رضي الله عنهما وعنه.

الفقراء أولى

وفي خلاقة عثمان رأى من إقبال الناس على الدنيا وانغماسهم في الترف ما أذهله ودفعه لاستنكار ذلك، وكانت له دعوة يحث بها الأغنياء على مواساة الفقراء والجيران والتنازل لهم عما زاد عن الحاجة حتى ولع الفقراء بمثل هذا وأوجبوه على الأغنياء، حتى شكا الأغنياء ما يلقون من الناس.

فشكا معاوية بدوره إلى الخليفة عثمان رضي الله عنهما؛ فاستقدمه عثمان إلى المدينة ودار بينهم حوار، قال عثمان: يا أبا ذر، ما لأهل الشام يشكون ذربك؟ -أي كثرة كلامك-

فأخبره أبو ذر: بأن الأغنياء تزيد أموالهم عن حاجتهم والفقراء في حاجة.

فقال عثمان: يا أبا ذر، عليّ أن أقضي ما عليّ، وآخذ ما على الرعية، ولا أجبرهم على الزهد وأن أدعوهم للاجتهاد والاقتصاد، ولكن أبا ذر يرى أنه لا يجب الاكتفاء بالزكاة الواجبة والأمة فيها جياع وفقراء لا يجدون ما يسد حاجتهم.

فأبو ذر المعتمد في دعوته على الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية التي يراها ملزمة للناس أن يخرجوا عما زاد عن حاجتهم ولو أدوا زكاة أموالهم فهذا زهد ودرجة من التقرب إلى الله، ولكن ليس للحاكم أن يجبر الناس على هذه الدرجة العالية من الزهد؛ فأمره عثمان بالانتقال إلى "الربذة"، وهي قرية صغيرة من قرى المدينة فرحل إليها وأقام بها بعيدًا عن الناس، زاهدًا بما في أيديهم مستمسكًا بما كان عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحباه من إيثار الباقية على الفانية.

وبكت زوجته وهو يموت فقال: لِمَ تبكين؟

قالت: تموت وليس عندي ثوب يسعك كفنًا.

فقال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:

" ليموتن رجل منكم بفلاة تشهده عصابة من المؤمنين، فكلهم مات ولم يبقَ غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت فراشي الطريق، كان هذا في السنة الثانية والثلاثين للهجرة، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأبي ذر " تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك".


 

رد مع اقتباس