عرض مشاركة واحدة
قديم 09-04-2006, 02:19 AM   #17
بسمة فرح
عضو شرف


الصورة الرمزية بسمة فرح
بسمة فرح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7203
 تاريخ التسجيل :  10 2004
 أخر زيارة : 08-09-2010 (04:26 AM)
 المشاركات : 577 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


قد يصف كثيرون قدرة شخص ما على " العطاءالمادي الفائض " بالسذاجة , و يصل البعض الآخر في التفسير الخاطئ لهذه الخصلة الجميلة إلى وصفها بكلمة " الهبل " التي في وقعها تكون اشد تجريحا من الكلمة الأولى .
و بالرغم من أن هذا الفهم الخاطئ للعطاء المادي الفائض والاستغلال له شيئان مؤسفان إلا أن المؤسف اكثر هو ما يمس العطاء الروحي الفائض .
ولنأخذ مثالا عن العطاء الروحي والذي يندرج تحته ( الحب , الحنان , الثقة , الأمان , ...... الخ ) , لنقل مثلا الحب ; فالحب عندما يمنح بفيض من طرف (ا) لطرف (ب) نجد أن (ب) دائما يطمح في المزيد , و كلما اخذ المزيد طلب الأزود .. فماذا عن (ا) ؟؟
هناك من يعطى بلا شك عطاءا متبادلا , فإذا كان عطاء (ب) ل (ا) عطاءا يعادل عطاء الأخير فان المعادلة لا تختل و يحتفظ الحب بقوته و كيانه ولا يشعر (ا) بالغبن أو الألم أو الاستغلال لعطاءه الروحي من قبل الطرف الآخر الذي يمثل له بلا شك الكثير الكثير لان هذا هو الحب .
لكن المصيبة غالبا أن طرفي المعادلة لا يتساويان , و دائما ما يطالب (ب) بالمزيد من الحب و ما يترتب على الحب من تضحيات و عطاءات أخري و تنازلات دون استيعاب أن ل (ا) قدرة محدودة أو حدا مهما تناءت مسافاته إلا انه موجود ولابد أن يصل (ا) يوما ما إلى مشارفه أو يقاربها , وإذا ما حدث ذلك فيكون (ب) هو الخاسر , و تكون ردة فعله " لم يعد يحبني " .. " لم يعد يهتم بي " .. " تبدل قلبه " .. " لا أستطيع أن اكمل معه المسيرة لانه تغير " .. و غير ذلك من التحليلات دونما يكلف (ب) نفسه عناء مراجعة القضية بتفاصيلها و إيجاد التفسير الحقيقي لما حدث .
النفس البشرية بطبعها متطلبة و طامعه , و كما يقول المثل الشعبي " بنى أدم عينه ما يملاها إلا التراب " أي إن الإنسان يبقى متطلبا و طماعا حتى يدخل إلى قبره , لكن بالرغم من هذا فان لدى كل منا قدرة على أن نهذب الطمع الفطري لانه في النهاية رغبة ضعيفة كالعديد من الرغبات التي لابد أن تخضع لقانون التهذيب . لابد أن ننظر إلى صفة " العطاء الفائض " نظرة الاحترام , و لحامل هذه الصفة نظرة الإكبار لان النفس التي تستطيع حمل هذه الصفة والتي هي جزء من الكرم المحمود هي نفس شفافة تحررت من أنانيتها و من إيثار النفس على الغير و استطاعت أن تعطى و العطاء صعب بشكليه في وقتنا الحاضر .
يجب علينا أن ننظر إلى النفس المعطاءة بفيض سواء مادي أو روحي نظرتنا لمن يهب عضوا من جسده ليحيا به الغير وهو نوع عظيم من الهبة لا يدركه إلا من احتاج يوما إلى جزء من الغير ليستطيع أن يواصل الحياة المكتوبة عليه بشكل يحفظ كرامته الإنسانية .
كما انه علينا في كل الأحوال أن نتعلم صفة العطاء الروحي و نروض عليها أنفسنا لنستطيع دائما أن نوازن معادلة العطاء المقدم لنا سواء ماديا أو روحيا , و هذا ليس صعبا . ليس صعبا أو مكلفا لان نظرة امتنان صادقة أو كلمة شكر بحب من القلب لا تكلفنا الكثير لكنها تساوى طرفي المعادلة بسهولة فلا يختل توازن الحياة,,

لأننا نجهل كيف نتعامل بلطف وذوق مع من يغدق علينا من مشاعره فأننا نخسره ونخسر عطاءه,
بكل بساطه نحن نستحق ان يبخل علينا , نستحق مانعيشه من ألم نفسي ,لأننا ايضا وبكل بساطه بخلاء , نجهل كيف نحافظ على علاقاتنا إذن نستحق مانحن فيه, لن يزول التصحر اللذي نعيشه الاحينما نقرر ان نستخرج من باطن تلك الصحاري,تلك المياه العذبه,وحينما نجد في العمل على استخراجها ونيسر لها سبل الخروج فأنها سوف تخرج وسوف ننهل منها ونرتوي,وان تراخينا فسوف تطول لحظات التصحر .

أخي عمران أشكرك على طرح الموضوع الرائع والذي لم يعطى حقه من الاهتمام لدى الكثير من الناس.
وتقبل مني أرق تحيه وأصدق دعوه.


 

رد مع اقتباس