عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-2005, 04:01 PM   #1
الحوراني
الرئيس
الرئيس


الصورة الرمزية الحوراني
الحوراني غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  05 2001
 أخر زيارة : 29-05-2024 (08:16 PM)
 المشاركات : 25,709 [ + ]
 التقييم :  396
 الدولهـ
Jordan
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Blue
عندما كنا جياع ، كانت الألفه ....



عندما كنا جياع .. كانت الألفه ...

قد اكون بالغت بالعنوان ، لكنها الحقيقه ، فلم يكن كل شيء متوفر في ذاك المكان ، قرية صغيره ، بيوتها من الطين المجبول بالتبن وشوارعها من الطين ، بين البساتين كانت قريتنا ، في سفح الجبل كنا نسكن ، وهناك بيت عمي وذاك لخالي ، كلنا اقرباء ، وكلنا بيوتنا من الطين المجبول بذات التبن ، وكلنا نسكن على حافة قناة الماء التي تروي بساتيننا ، وكلنا نعاني من ذات الطين وذات الشارع وذات الماء المعكر ، كنا اطفال في ذاك الزمان ، ونشرب من قناة الماء والماعز هناك يشرب معنا ، وقطيع من الأبقار على أول القناة يشرب ، ونساء يغسلن ما خلفه اطفالهن في حفائظهم ولم تكن ( بامبرز ) ، كانت قطع قماش بيضاء اللون خشنه ، وما كنا والحمدلله نمرض ،
كل القرية لا تزيد عن اربعين بيتا ، ولم يكن بين البيوت من يمتلك تلفازا ، والكثير منهم لا يمتلكون حتى مذياع ، ليس هناك كهرباء وليس هناك ماء ، اقصد ماء غير ماء القناة التي تروي بساتيننا وابقارنا وماعزنا وبقايا اوساخ تخلفه النساء .
كنا نسهر على مهباش جدي ، وقهوة جدتي ، ويتسامر كبار القرية ، يعزفون الربابة وينشدون ما طاب من الكلام ، كل يوم يتسامرون في احد البيوت ، صبفا شتاءا ،، قهوة لا تبرد ، رائحتها تشدني الى اليوم لذاك المكان ، وكنا اطفال لا نشرب القهوة ، فهي للكبار فقط ، واليد قصيرة فلا يستطيعون تعميم القهوة كالشاي ، حتى الشاي ما كنا ندمنه ، وكنا نتمناه مرة واحدة في النهار .
كانت الحياة ألفة بين الناس ، قريبون من بعضهم ، يشعرون بآلام بعضهم ، يفرحون ، يزرعون ويحصدون ويشربون القهوة ويعزفون الربابة ، يد واحدة كنا في ذاك الزمان ، فجاء التطور ، واختلف البنيان ، رحلنا من اماكننا الى قرية تطورت ، بيوتها من الحجر المزخرف ، بيوت مضيئه بالكهرباء وصنابير تضخ الماء ، ويرن الهاتف ، يأخذ موعدا لشرب الشاي مع جدي ، وجدي يقول اعتذر الليله ، فأنا مشغول بعض الشيء ، ( وكان جدي يود أن يتابع حلقة من مسلسل عربي ) ، ما اعظم شغلك يا جدي !!!! اغلقو ابوابهم ، وتسمرو امام اجهزة التلفاز ، لم تعد النساء كما كانت ، اصبحن يتعبن من ايقاد النار للخبز وللطبيخ ، ورفضن قطع القماش لأطفالهن ، فلم تعد هناك قناة ماء ، اصبحو يشترون الخبز بعد أن كانو يعدوه في مواقدهم ، ودخل البامبرز ، تسلخت جلود الأطفال لهذه النعومة الرائعه ، لم يتعودو بعد ، سيرتاحون عليه ، هكذا كانت تقول جدتي ، وكل جلسات النساء كانت تلعن ذاك العوز السابق ، ناسين الألفة وكرم المكان ، كل شيء تغير ، فما عادو يرون بعضهم كل ليلة ، وما عادو يشربون القهوة ، ( محماسة ) جدي اصابها الصدأ ، وأباريق القهوة منتشرة حول بيوت الحجر وبين التراب ، لم يعد لها حاجة ، فاليوم يتسامرون كل على حدة ، متسمرون امام مسلسل عربي ، ويقولون نعتذر نحن اليوم مشغولون .
المصدر: نفساني



 
التعديل الأخير تم بواسطة الحوراني ; 01-06-2007 الساعة 10:53 PM

رد مع اقتباس