أرض قاحلة ، لا ماء فيها و لا عشب ، يسكنها أناس يدعون الرضا بحالهم ، و سيدهم ذلك الأعمى زرع في النشء منهم فكرة كونهم فئة فاضلة ، خالية من كل رذيلة و رجس ، كبروا على ما زرع في عقلهم ، و توارثوا الفكرة أباً عن جدٍ ، حتى تكونت قاعدتهم التي تدَّعي العصمة من أن تتأثر بعوامل التعرية و الرياح الترابية الحاملة في طياتها أغبرة تزيد من العين عماءً ، صار حالهم ليس كسواهم ، حتى الفئات القاطنة جوارهم ابتدأوا بالانسحاب عن قربهم ، و ثارت ثائرة القوم من فعل الجار و هموا في البحث عن مكمن الخلل و العيب أهو بهم أم بهم !!
مع كل يوم يمض تزداد حيرتهم ، و تكثر الاسئلة المطروحة بينهم ، و لا مجيب عليها و لا ناصر لهم ، فقط هم بحالهم داخل القوقعة ، و لن يستفيقوا و يصلح حالهم حتى تكون غايتهم زرع البذور بعناية و حصدها بعناية أكبر ، و إلى أن تتسع عقولهم للرأي و المشورة ، و فعل الحق بصمتٍ ، و اشعال النور في كل مكان !!