و إذا قلبنا أنظرنا نحو الناحية الأخرى ,, حيث المستقبل ,,فهنا أكاد أن أجزم فـ أقول إننا غارقين في تصورتنا عنه ,,لدرجة أننـا نصنع ( مـُستقبلات ) كثيرة جدًا لا نحصيها عددًا ,,و رغم إختلاقنا لـ تلكَ المُستقبلات و عيشنا معها لساعاتٍ طوال ,,فإنهُ على أرض الواقع لا تتحقق أبدًا ,,إنما الذي يتحقق منها فعلا ً فهو نزرٌ يسير لا يكاد يذكر ,,[ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا ]



لم أذكر ذلكَ ,, بنيّة التحبيط و بنيّة إطفاء شمعة التفاؤل ,,إنما ذكرت ذلكَ ,, لكي ندركَ تلك الفهوة العظيمة التي تفصلنا عن الحقيقة المستقبليّة ..و ليكن شعارانا في نظرتنا نحو علامة الإستفهام التي دعوناها بـ المستقبل ,,[ وقل اعملوا فسى يرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون ]



و إن عدنا إلى تلكَ المساحة الزمنية المتحركة قـُدمـًا مع عقارب الساعات ,,و التي يحلو لنا أن نطلق عليها لقب الحاضر ,,فإدراكنا لكينونتها لا يتعدى سوى ما نحس و نشعر بهِ ماديـًا أو معنويـًا ,,مع عجز كامل -إلا في حالات شاذة غير معتبرة - عن إدراكِ تلكَ المؤثرات الخارجية كإرادة الرب أو الداخليّة كالروح ,,و التي تملكُ دورًا كبيرًا مؤثرًا في حياتنا ,,



بعد هذا العرض الموجز لقائمة ما نجهل من تفاصيل عن ذواتنا ,, لا عجبَ أن نجد أنفسنا غارقين في جهلنا عنها ,, فمعرفتنا بها لا تتعدى فترة زمنية بسيطة جدًا لا تكاد تذكر ,, و لكن عليها يعتمد تقرير مصيرنا في مرحلة خلودنا الأبدي إما في جنة النعيم أو عذاب ٍ مقيم ,, و تفاصيل هذا الخلود تعتمد على مدى تحقيقنا لـ [و ما خلقت الجن و الإنس إلى ليعبدون ]



أختم مقولي هنـا بآيتين عظيمتين افتتح بهما الرب تبارك و تعالى سورة تبارك ,, آيتين اثنتين فقط لكنهما اختصرتا الغاية من وجودنا على هذه البسيطة ببلاغة يعجز عن الإيتان بمثلها الإنس و الجان و لو اجتمعوا ,, قال الله جلّ في علاه