نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   ملتقى المقالات النفسية والأبحاث (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   كيف أصبح العنف الأسري في المجتمع السعودي جريمة مستجدة (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=34899)

د . احمد الحريري 01-08-2006 01:29 AM

كيف أصبح العنف الأسري في المجتمع السعودي جريمة مستجدة
 
كيف أصبح العنف الأسري في المجتمع السعودي جريمة مستجدة

اعتقد أن العنف الأسري المستجد في المجتمع السعودي أو حتى المعتاد ‏لا يعني ، القوة وفرض الإرادة من الطرف الأقوى بمعنى آخر ليس ‏بالضرورة أن يكون العنف صادراً من الأب على ابنه أو الأخ الأكبر على ‏الأخ الأصغر فقد يكون العنف صادراً من الطرف الأضعف أي من الابن ‏على الأب ومن الأخ الأصغر على الأخ الأكبر ومن الزوجة على زوجها ‏وهذه المعادلة المقلوبة الجديدة بدأت تتضح في المجتمع السعودي بشكل ‏واضح واتخذت أشكالاً من الجريمة المستجدة التي لم تعرفها الأسرة السعودية ‏فأصبح الضرب يمارسه الأخ الأصغر على الأخ الأكبر وأساليب الإيذاء ‏يمارسها الابن على والده وكذلك الزوجة على الزوج ووصلت الحالة إلى ‏القتل وإزهاق الحياة فاعتقد أن العنف الأسري في المجتمع السعودي كجريمة ‏مستجدة هو العنف الراجع ‏Refers Abuse ‎‏ إذاً يمكن أن يعرف هذا العنف كجريمة مستجدة بأنه "كل ‏حالة قتل أو ضرب أو إيذاء جسدي أو معنوي يمارسها الأصغر سناً على ‏الأكبر سناً أو الزوجة على زوجها في الأسرة الواحدة داخل المنزل أو ‏خارجه " هذا التعريف من وجهة نظري يبرز التناقض بين المعايير ‏الاجتماعية والدينية التي يتغنى بها المجتمع السعودي وبين الأفعال ‏والسلوكيات التي يمارسها أبناءه من ناحية ومن ناحية أخرى يبرز الوجه ‏الآخر الغير معتاد في المجتمع السعودي وهو ضرب الابن لوالده وضرب ‏الأخ الأصغر لأخوه الأكبر وضرب الزوجة لزوجها بل قتل الابن لوالده وقتل ‏الزوجة لزوجها ففي حين أن المعايير الثقافية المرتبطة بشكل كبير بالمعايير ‏الدينية تأمر بالبر والإحسان من قبل الأبناء للآباء فقد قال تعالى : {وبالوالدين ‏إحساناً } وقال تعالى مخاطباً الابن { ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما ‏قولاً كريماً } وقال تعالى في علاقة الزوجة بالزوج .. {هو الذي خلق لكم من ‏أنفسكم أزواجاً لتسكنو إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} " وقال صلى الله عليه ‏وسلم .. " رفقاً بالقوارير " أي النساء وقال صلى الله عليه وسلم فيما معنى ‏حديثه " لو كنت آمراً المرأة بشيء لأمرتها أن تسجد لزوجها " وقال صلى الله ‏عليه وسلم " ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا " ....المهم أن ثقافة ‏المجتمع السعودي جاءت متشبعة بالنصوص القرآنية والنبوية والسير التي ‏تحث على احترام الوالدين واحترام الزوج والأخ الأكبر فتفلفلت هذه الثقافة ‏في نفوس الأسر السعودية وكان العنف يمارس من جانب واحد هو جانب ‏الطرف الأقوى فيضرب الزوج زوجته ولا ترد وقد يعاب عليها إن شكت . ‏أو أفشت الأمر حتى لأهلها ويضرب الأب ابنه وما عليه إلا أن يطأطأ رأسه ‏وكم سيلومه المجتمع إن رد أو حتى اشتكى وكذلك الأخ الأكبر على أخوه ‏الأصغر وإن استغل الأب ابنه وحرمه أبسط حقوقه فمن حقه لأن هناك نصاً ‏نبوياً يقول : " أنت ومالك لأبيك " عندما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم يشتكي من أبيه أنه يأخذ ماله ربما أن هذا النص فسر في غير ‏محله.... ودلفت الأسرة السعودية وهي تمارس العنف من أعضائها الأقوياء على ‏أعضائها الضعفاء وعندما أقول القوة فلا أقصد القوة البدنية وإنما أقصد قوة ‏المنزلة الاجتماعية أو الأسرية التي فرضها الدين أو التقليد أو حتى النظام ‏لكن هذا العنف والذي أسميته (العنف من جانب واحد) لم يستمر على شاكلته ‏وظهرت ردة فعله الخطيرة والجديدة على ما يبدوا فضاق ذرعاً الابن على ‏أبوه فضربه وضاقت الزوجة ذرعاً على زوجها فضربته أو قتلته وإن ‏احتمالية الضرب في نظري لهي موجودة بكثرة في المجتمع السعودي من قبل ‏الأبناء على الأباء أو من قبل الزوجات على الأزواج لسبب بسيط أن هناك ‏حالات قتل من زوجة لزوجها ومن ابن لوالدة فمن باب أولى أن يوجد ‏الضرب إذ سلمنا أن الضرب استجابة انفعالية أقل من القتل . ‏
ومفهوم الجرائم المستجدة وخصائصها في العنف الأسري فهناك تعريفاً عن الجرائم المستجدة " بأنها أنماط من ‏الجرائم التي لم يخبرها المجتمع في السابق أو أن حجمها قليل جداً ولا ‏يستحق الإشارة وهي جرائم جديدة في نوعها ونمطها وحجمها " ‏
ويتفق هذا التعريف في مفهومه مع جريمة العنف الأسري المستجدة إذ ‏لم يكن تسجل الإحصاءات الأمنية أو حتى المسامع الاجتماعية ابناً يقتل أباه ‏أو زوجة تقتل زوجها وكل ما عرف في هذا المنوال ابناً تمرد على سلطة ‏أبيه أو زوجة تمردت على طاعة زوجها إلى أن ظهر ذلك النوع من العنف ‏الجديد في شكله على المجتمع السعودي والحديث في نمطه رغم أنه قليل في ‏حجمه وانتشاره . وهي بذلك أخذت شكلاً جديداً من الجريمة المستجدة التي ‏تتفق في خصائصها إلى حد كبير مع خصائص الجرائم المستجدة . والتي هي ‏كما يلي : ‏
‏1-‏الاستفادة من الأساليب والتقنيات الجديدة لارتكاب جرائم مستجدة في ‏النوع والأسلوب فلقد كان التطور التكنولوجي والثقافي والذي سبقتنا ‏إليه كثير من الدول المتقدمة سبباً في نشوء ظواهر اجتماعية وثقافية لم ‏تكن معروفة فأصبح هناك وعياً (بالحقوق الشخصية) وكيفية اقتضائها ‏حتى من أقرب الناس مثل الوالدين وتطور مفهوم (الحرية الشخصية) ‏الذي يملي أنه ليس من حق زوجٍ ولا أخٍ أكبر ولا أبٍ أن يتدخل فيه ‏وظهر مفهوم (الانفرادية في اتخاذ الآراء) وما المجتمع السعودي إلى ‏مثل أي مجتمع آخر يشق طريقه نحو التقدم أو التطور التكنولوجي ‏والثقافي بكل إيجابياته وسلبياته فكما ظهر في أمريكا وأوربا ابناً يقتل ‏أباه وزوجة تقتل زوجها وتقاضيه في المحاكم ها هو المجتمع السعودي ‏الآن يخوض التجربة بكل ما تنطوي عليه من جرائم مستجدة . ‏
‏2-‏أصبح الأبناء اليوم منفتحين ثقافياً ومعرفياً بل أصبحوا معلمين لآبائهم وقد ‏استخدمت التقنية العالية والأسلحة من أجل القتل بل استخدمت الغازات ‏والمواد الكيميائية من أجل التسمم والموت فجريمة القتل بحد ذاتها ‏أصبحت تقنية إلى درجة كبيرة لا يقوم بها إلا من لديه الدهاء والذكاء ‏المطلوب . ‏
‏3-‏العنف الأسري كجريمة مستجدة سواءً في القتل أو الضرب أو الإيذاء ‏الجسدي أو المعنوي من قبل الابن على والدة أو الأخ الأصغر على ‏أخوة الأكبر أو الزوجة على زوجها مسألة مستهجنة كثيراً في المجتمع ‏السعودي ومعاقب عليها في التشريع بأشد العقوبات لذلك فإنها تنفذ ‏بأدق السرية وأحكم التخطيطات مثلها مثل أي جريمة مستجدة. ‏
‏4-‏أن القتل والضرب والإيذاء والضرر بكافة أنواعه في جريمة العنف ‏الأسري يهدد بانحلال وتهدم النسق الأسري والقرابي في المجتمع ‏السعودي مما ينبأ بظهور جرائم أخرى جديدة وتكرار أكبر للجرائم ‏الموجودة وهذا كله يؤثر بالطبع على تماسك المجتمع واستقرار منه . ‏
‏5-‏كذلك فإن العنف الأسري المستجد في المجتمع السعودي يحتاج إلى ‏جهوداً حثيثة من جميع قطاعات الدولة التعليمية والتربوية والإعلامية ‏والدينية والاجتماعية والاقتصادية لمواجهة هذا الأثر السلبي ، للتطور ‏والتقدم الحضاري كما يلزم تعاوناً مع الدول التي تعقد معها الاتفاقات ‏الثقافية والإعلامية بمراعاة خصوصية المجتمع السعودي وسلامة ‏أمنه الأسري . ‏
‏6-‏بلاشك أن جريمة العنف الأسري المستجدة والمتمثلة في القتل والضرب ‏والإيذاء من الأضعف في الأسرة على الأقوى تحتاج إلى تكلفة عالية ‏لتنفيذها بحكم ضعف جانبها وهو الابن أو الزوجة أو الأخ الأصغر ‏وقوة المجني عليه من ناحية ومن ناحية أخرى فإن خسارة الأب والأخ ‏الأكبر والزوج ليس من السهل تعويضهاوفي المرة القادمة سوف نتحدث عن القرابين مفرد قربان والضحايا مفرد ضحية في جريمة العنف الاسري


وتحياتي لجميع القراء الكرام >>>>>الدكتور احمد الحريري
[align]

الحوراني 01-08-2006 01:46 AM

دكتور احمد

اهلا بك ،،، رائع ما تكتبه كعادتك دكتورنا الكريم

العلم والمعرفة والمنهجيه العلميه هم اساس نجاحك ،،،،

الى الأمام سيدي الكريم ،،،،

ابراهيم الدريعي 01-08-2006 08:15 AM

أخي الدكتور / أحمد الحريري سلمه الله

اشكرك على هذا المقال الرائع فلقد استمتعت به كثيرا من حيث العرض والأسلوب ، ولكني تألمت كثيرا في نفس الوقت من جراء انقلاب المعايير في مجتمعي الحبيب المجتمع السعودي ، وهذا الانذار الخطير بتفكك أوصاله ، وضياعة ، نتيجة سريان مرض خطير يهدد كيانه وهو انتشار ظاهرة المخدرات التي ساهمت إلى حد كبير في تمرد الابن على والده ، وأخذت في تمزيق أحشاء المجتمع علم من علم وجهل من جهل على الرغم من محاربة الدولة- رعاها الله- لهذا الداء الخطير ، ولكن ثراء المواطن السعودي شجع على ظهور هذه الآفة الخبيثة ، التي دفعت ضعاف النفوس إلى تدمير الشباب السعودي بهذا الداء المدمر 0 شكرا لك سعادة الدكتور مرة ثانية وإلى اللقاء 0


الساعة الآن 06:12 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا