نفساني

نفساني (https://www.nafsany.cc/vb/index.php)
-   ملتقى المقالات النفسية والأبحاث (https://www.nafsany.cc/vb/forumdisplay.php?f=41)
-   -   التحليل النفسي للقول الشائع " ربنا مع الغلابة " (https://www.nafsany.cc/vb/showthread.php?t=51583)

أد. عادل خضر 05-07-2009 02:28 PM

التحليل النفسي للقول الشائع " ربنا مع الغلابة "
 
التحليل النفسي للقول الشائع
" ربنا مع الغلابة "

[font=Arial][color=#00008B][size=4]أ د. عـادل كمـال خضـر
أستاذ علم النفس الإكلينيكي
كلية الآداب _ جامعة بنـها


كثيراً ما كنت أستمع إلى هذا القول " ربنا مع الغلابة " دون أن يستثير بداخلي معنى معين . وربما لإحساسي ضمناً بأن الله هو بالفعل مع " الغلابة " ، مع الناس البسطاء الذين يعيشون على الكفاف ، إنه مع الفقراء والمحتاجين والبؤساء ، والذين قست عليهم الحياة بشكل عام ..
ولكن دفعني إلى تحليل هذا القول ما سمعته من طالبة في المرحلة الثانوية تقول لزميلتها : لقد خشيت أن أتأخر عن المدرسة ، ولكني وجدت سيارة أوصلتني في الميعاد لأن " ربنا مع الغلابة " .
استوقفني هذا القول وكأني أسمعه لأول مرة .. ماذا يعني هذا القول ؟ ومتى ننطق به ؟ وهل هؤلاء الناس المعتقدين بهذا القول يذكرون الله دائماً أم يذكرونه في حالة كونهم " غلابة " ؟
رجعت إلى نفسي أتساءل : هل الله " مع الغلابة " فقط ؟ أم أنه مع الجميع ؟ وإذا كان الله هو بمقتضى عدله مع الجميع ، فلماذا يستشعر الإنسان " الغلبان " أن الله معه ؟
مما لاشك فيه أن الله هو إله لكل الناس وهو معهم جميعاً : أغنياء وفقراء ، أقوياء وضعفاء ، علماء وجهلاء .. ولكن كثير من الناس الأغنياء والأقوياء والعلماء بسبب ما يمتلكون من مصادر قوة قد يغفلون عن ذكر الله وطاعته ، وربما لا يلتمسون إعانة من الله إلا في حالة ضعفهم ، فالنعمة التي تلف بالإنسان قد تجعله يعرض عن الله ، فإذا ما أصاب الإنسان الشر وطاف به اليأس ، وأصبح فقيراً بعد غنى أو ضعيفاً بعد قوة أو مريضاً بعد صحة أو شقياً بعد هناء ، تحول بين يوم وليلة إلي فئة " الغلابة " الذين ليس لهم من ملجأ إلا الله ، فدخلوا إلى هذه الزمرة يلتمسون المدد من الله عز وجل ..
أما الذين هم فقـراء ، جهلاء ، ضعفاء ، فهم منذ البداية في زمام " الغلابة " ، وأنه بسبب كونهم " غلابة " فهم أقرب إلى الله أو هم مع الله .. أي أنهم يكونون مع الله ليس لذات الله ولكن لشعورهم أنهم " غلابة " فهم في حاجة إلى قوة تدعمهم لتعينهم على الحياة .. وأنه ربما لو تحسنت بهم الحياة وأصبحوا يمتلكون المال والعلم والقوة ، لأعرضوا عن الله واغتروا بقوتهم وعلمهم وأموالهم .. وصدق الله عز وجل إذ يقول : " وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا ( الإسراء : 83 ) . ويقول في آية أخرى : " وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ " ( فصلت : 51 ) .
إذن يمكن لنا أن نقول أن ما يجعل كثير من الفقراء والتعساء والضعفاء من الناس أن يلجئوا إلى الله هو حالة كونهم " غلابة " ، وأنه في حالة تحسن أحوالهم إلى الغنى والسعادة والقوة ربما أعرضوا عن الله ، غير أن هؤلاء الناس لا يريدون أن يفصحوا لأنفسهم أنهم يلجئون إلى الله أو يستشعرون أنه معهم بسبب ضعفهم وبؤسهم وقلة حيلتهم ولكن يلجئون إليه لذاته . غير أن الحقيقة عكس ذلك ، فهم لأنهم " غلابة " يلجئون إلى الله ويستشعرون أنه معهم .
ويمكن بناء على ما سبق أن نصيغ هذه القضية من زاوية التحليل النفسي على النحو التالي :
( 1 ) أن الغلابة مع الله لأن الأقوياء انشغلوا بقوتهم عن نصرة الضعفاء ، وأصبح لا يعين " الغلابة " إلا الله ، فلذلك يلجأ الناس الغلابة ــ الكثير منهم ــ
إلى الله بسبب قلة حيلتهم وضعفهم وليس لذات الله .
( 2 ) أن الإنسان " الغلبان " الذي لجأ إلى الله بسبب قلة حيلته وضعفه وليس لذات الله يواجه صراعاً داخلياً أنه لم يلجأ إلى الله لذاته ، وهذا يؤدي به إلى أن ينكر داخل نفسه أنه قد لجأ إلى الله لضعفه كإنسان ( ميكانيزم الإنكار ) .
( 3 ) بعد أن ينكر الإنسان أنه لجأ إلى الله لضعفه كإنسان ولكن لجأ إليه أو أصبح معه لذات الله ، فإنه يريد أن يتخلص من كل أثر لهذه القضية فيبادر بأن يسقط هذا الإنسان الغلبان مضمون هذه القضية إلى ذات الله . فتتحول القضية من " الغلبان مع الله " إلى " الله مع الغلبان " ( ميكانيزم الإسقاط ) .
( 4 ) إن القضية وإن وصلت إلى حد من التمويه على الذات ــ حتى يمكن لها التعامل مع إطارها الخارجي ــ إلا أن الذات مع ذلك مازالت قريبة من محورها ، فقد وصلت القضية إلى كون " الله مع الغلبان " ولكن ما زال الأمر يستدعي مزيداً من التمويه لذلك تم استبدال لفظ الجلالة " الله " حيث وضع مكانه لفظ " ربنا " ، وكذلك تم استبدال اللفظ المفرد " الغلبان " حيث وضع مكانه اللفظ الجمع " الغلابة " .. وذلك لأن أثر كونه " غلبان " فرد يعود مباشرة إليه هو ، وهنا نلاحظ " ميكانيزم التعميم " ، فكأن لسان حال الإنسان الغلبان يقول : إن ربنا ليس مع الغلبان بشخصه ، لأنه مع الغلابة بشكل عام .. حيث يقدم الشخص على تعميم القضية ليمحو كل أثر شخصي لها ، وعلى هذا تتحول القضية من " الله مع الغلبان " إلى " ربنا مع الغلابة " .

أمورة نفساني 05-07-2009 03:47 PM

الله يعطيك العافيه ..

ماقصرت أستاذي

أم عبدالله 06-07-2009 09:13 PM

لذالك قال الله تعالى (واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنه وان الله عنده اجر عظيم )

شكرا جزيلا لك أد.عادل ونفع بك .

أد. عادل خضر 07-07-2009 08:30 PM

أمورة نفساني

الأولى

لكما التحية على المرور والمداخلة


الساعة الآن 11:08 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا